هكذا أُحرِق المسيحيان بتهمة الإساءة إلى الإسلام
ايلاف/2014 -تشرين الثاني -08
كان المسيحيان، اللذان قتلهما وأحرقهما حشد غاضب بتهمة تدنيس القرآن في الأسبوع الماضي في باكستان، يريدان الفرار من قريتهما هربًا من الموت. لكن صاحب العمل منعهما مطالبًا بتسديد ديونهما في قضية ترقى إلى العبودية، كما قال شهود عيان.
متابعة – إيلاف: كان شهزاد مسيح وزوجته شاما بيبي، الحامل في شهرها الرابع، يعيشان في مكان يملكه صاحب مصنع طوب في البنجاب، ويدفعان كل أجرهما لتسديد قسم من فوائد ديون تتراكم من دون انقطاع لصاحب العمل، مثلهما مثل ملايين آخرين يعيشون في باكستان عيشة العبيد.
عيشة العبيد
وقال جواد قمر، أحد ضباط الشرطة المحلية، إن تهمة الإساءة إلى الإسلام جريمة يعاقب عليها بالإعدام في باكستان، صدرت قبل أيام، بعد موت والد شهزاد، عندما قامت شاما زوجة شهزاد بتنظيف البيت، وألقت بعض أمتعة حماها في القمامة أمام كوخها.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الضابط قمر قوله: “بعد جمع القمامة في اليوم التالي، ذهب الزبال إلى إمام الحي، وقال له إنه عثر على صفحات من القرآن في القمامة أمام منزل شهزاد”.
وشاع الخبر
كان يمكن أن تتوقف الحكاية هنا، لكن سرعان ما شاع الخبر في قرية شاك، على مسافة ستين كلم من لاهور، عاصمة البلاد الثقافية التي يشتد فيها التعصب تجاه الأقليات الدينية.
وأخذ التوتر يشتد في نهاية الأسبوع في القرية وضواحيها بعدما دعا أئمة عبر مكبرات الصوت في المساجد إلى الانتقام من الإساءة إلى الإسلام وقرآنه. وقال إقبال مسيح، شقيق القتيل، إن صاحب مصنع الآجر استدعى الاثنين شهزاد، واحتجزه، ظنًا منه أنه سيفر للنجاة بحياته.
وأكد العديد من الشهود هذه الرواية، لكن ابن صاحب المصنع خوار يوسف نفاها، مؤكدًا: “صحيح أن الزوجين يعملان في المصنع منذ عشرين سنة، لكن أبي لم يحتجزهما أبدًا”.
وزجّوهما في النار
في اليوم التالي، لبّى 1500 شخص نداء رجال دين محليين، وتجمعوا في القرية. وقال المصور مالك عبد العزيز، الذي صوّر المشهد: “انهال الحشد على الزوجين بالعصي والآجر ضربًا مبرحًا، وهو يردد (لبيك يا رسول الله)، وكان الزوجان يصيحان ويطلبان الرحمة، ويقولان إنهما لم يرتكبا معصية، لكن الحشد سحلهما عشرين مترًا، وزجّ بهما في فرن مصنع الآجر حتى احترقت جثتاهما”. ولم يتبين ما إذا كانا على قيد الحياة عندما أدخلا الفرن.
وأعلنت الشرطة المحلية الأربعاء أنها اعتقلت 44 مشتبهًا فيهم في هذه القضية، لكن المتورطين في مثل هذه الهجمات نادرًا ما يدينهم القضاء، لأن القضاة يخشون من انتقام الجماعات الإسلامية.
يجب معاقبتهم
ويشكل القانون الذي يعاقب الإساءة إلى الإسلام في باكستان موضوعًا شديد الحساسية، ويدافع عنه بقوة إسلاميون نافذون، في حين ينتقده المدافعون عن حقوق الإنسان، الذين يعتبرونه غالبًا ما يُستخدم اعتباطًا لتصفية حسابات.
وقال شقيق شهزاد الأربعاء: “نطالب بالعدالة، لكنني متيقن أننا لن ننالها، فالملالي يتمتعون بنفوذ كبير”. غير أن طاهر أشرفي، رئيس مجلس العلماء، وهو من أكبر رجال الدين في البلاد في هيئة قريبة من الحكم، دعا إلى إحالة المشبوهين على القضاء أمام محكمة مكافحة الإرهاب. وقال: “يجب معاقبتهم، بمن فيهم الملا الذي وجّه تهمة الإساءة إلى الإسلام، إذا تبيّن أنهم مجرمون”.
ايلاف