العدو ليس “داعش” … بل مناهج التعليم سعود السمكة
جريدة السياسة الكويتية/20 أيلول/14
ما في شك ان هؤلاء الشباب الذين يقاتلون في صفوف “داعش” اليوم في الغالب الأعم هم عرب والغالبية منهم خليجيون وهم صناعتنا نحن العرب, وخصوصاً دول الخليج, أي انهم ضحايا بامتياز!
لقد تحولت دولنا العربية ولاسيما دول الخليج في الثلاثين سنة الاخيرة ما يشبه الورشة الكبيرة لصناعة الارهاب, حيث اصبح المرء لا يسمع فيها الا اعلاماً يتحدث بلغة الارهاب, ولا اماماً إلا يدعو للعنف, ولا كلاماً إلا يحض على الكراهية وإذا خرج للشارع لا يرى إلا رجالاً يسوقون الناس بالقوة إلى الصلاة, كما يساق القطيع الى المذبح, وإذا دخل المدرسة لا يجد إلا منهجا ينضح بالغلو والتطرف ويكرس الكراهية بين ابناء المجتمع الواحد, حيث يبدأ بالتقسيم المذهبي, وينتهي بالتصنيف الايماني وكلاهما يدعو الى نتيجة واحدة إلى الكراهية والعداء وبالتالي إلى القتل! تنظيم “داعش” سيهزم بلا شك بالقوة لكنه لن ينتهي بل سيعود إلى ثكناته ومدارسه التي تخرج فيها ومناهجه التي نهل منها علم الارهاب وثقافة الكراهية, إلى مدارس الدول العربية, والخليجية تحديداً.
لذلك كفى خداعاً للنفس باقناعها ان ما يمارس اليوم في المدرسة والمسجد, وما يسمى حلقات الذكر من تشويه للدين وإفساد للفكر على انه صحيح الدين! فإذا انتم جادون ووصلتم الى حد ان المسألة اصبحت تهديداً وجودياً فليس أمامكم سوى اعلان الحرب ليس على “داعش” فقط, بل على الفكر الذي صنع “داعش” الذي اصبح اليوم في مدارسنا ومساجدنا ومناهج التعليم التي غدت متخصصة في علم الإرهاب وفنون الفتن وعلى جمعيات الاسلام السياسي التي تخصصت بغسل أدمغة النشء. لابد الآن ودولنا الخليجية تواجه خطر تهديد الوجود ان تبدأ من اليوم في اعلان الحرب على هذا الدين الجديد الذي أصبح يحمل كل موبقات الخطابات, وافساد الحياة, هذا الدين البدعة الذي يدعو الى القتل والقتل المضاد والذي بات ينزع البلاغة الاخلاقية السامية عن دين الحق الذي بشر به سيد الخلق محمد “صلى الله عليه وسلم” دين العلم وإعمار الأرض والحفاظ على الحياة, والدفاع عن المثل العليا, وعن حق الحياة للإنسان من دون النظر الى دينه أو جنسه أو لونه أو هويته!
آن الأوان لدول الخليج ان تفتح ملف التعليم وان تنسف جميع المناهج التي من شأنها افساد عقول النشء بسموم الارهاب وشحن ضمائرهم بالحقد وكره الحياة بحجة انها حياة فسق وفجور, وبالتالي عليك أيها الشاب ان تتدرب على الأحزمة الناسفة وعلى القنابل الموقوتة لتقتل بها الطواغيت الذين لا يؤمنون بفكرك ولا يعتقدون بمعتقدك. كفى تساهلاً أيها السادة فقد وصل الأمر الى تهديد الوجود.
العدو ليس “داعش”.. بل ثقافتنا بقلم – سعود السمكة/السياسة
18 أيلول/14
ان تبدأ متأخراً خير من الا تبدأ… تنظيم الدولة الاسلامية لم يأت بفعل ساحر ولا هو صانع لنفسه, بل هو مصنوع من خلال الاجواء والمدارس والتسهيلات التي وظفت لأجله لمواجهة المرحلة المضيئة التي تقدم فيها التعليم في الدول العربية وتصاعدت فيها وتيرة الثقافة وأبدع فيها الفن وازدهرت الحريات وتصاعد النفس الوطني.
“داعش” بدأت فكرته لمواجهة الزمن الجميل الذي تجلت فيه تباشير الدولة المدنية بمبادئها القائمة على العدل والمساواة والتسامح والمحبة وحق المجتمعات في ان تشارك حكامها في صنع قرارها! “داعش” بدأ نثر بذوره حين بدأ الحرب على الدولة المدنية وحين بدأ مصادرة مناهجها التعليمية والتثقيفية, حين تواترت الغارات على الفن وعلى الغناء والموسيقى بحجة الحرام وحين توقف البحث العلمي وحرية التفكير والبحث عن الحقائق العلمية والكونية بحجة الخروج عن الدين!
“داعش” كان حاضرا حين بدأت فلول تنظيم الاخوان المسلمين تغزو دول الخليج والجزيرة تحت تبرير نشر ثقافة الدين, بينما هي تتأبط خارطة الطريق لمشروعها في الوصول الى الحكم, والاعلان عن الدولة الاسلامية التي هي اليوم “داعش”. ان تبدأ متأخراً خير من ألا تبدأ لكن البداية لها شروط واحكام تماما مثل التوبة النصوح اي ان تكون صحوة حقيقية دائمة وصادقة تجب ما قبلها من اثام التدمير التي ارتكبت بحق ذلك الزمن الجميل زمن الوحدة الانسانية الجميلة التي كانت تضم جميع الاديان والملل والطوائف في سيمفونية تسامحية رائعة قائمة على الاعتراف بحق الآخر وحريته بالعبادة والعقيدة. اليوم هناك تحالف دولي لمواجهة تنظيم داعش تشترك فيه دولنا الخليجية وهنا نتمنى على دولنا الخليجية ان تدرك جيدا ان الافعى لا تموت الا بقطع رأسها, والرأس المقصود ليس تنظيم “داعش” فهو جناح من أجنحة الرأس الاساسي الذي من خلاله نبت تنظيم داعش وقبله القاعدة والاساس هو المدارس التي صنعت “داعش” و”القاعدة” وغيرهما من التنظيمات الراديكالية المتطرفة التي موطنها دولنا الخليجية! قد ينجح التحالف الدولي من خلال ما يملك من آلة حربية عملاقة في الانتصار على داعش لكن “داعش” لن ينتهي ما دامت البذور والمصانع موجودة بعدتها وعديدها في دولنا الخليجية وما دامت مناهجنا التعليمية تحض على تصنيف وتقسيم المجتمع الانساني الى ملل ونحل, وتضع خطوطا حمراء تحت الانسان الذي لا يتفق معها في الفكر او المذهب او المعتقد!
وما دامت تضع مقاييس حق العيش في الحياة على مدى انحياز هذا الانسان للمذهب الذي يعتنقه من وضع هذه المناهج! مناهجنا ايها السادة تحض على مشروعية قهر الآخر وتحض على الكراهية وتحرض على قتل أي انسان له دين غير الاسلام, هكذا هم جنود داعش وكوادر القاعدة ليسوا سوى صنيعة مدارسنا التي شكلتهم لكي يصبحوا على هذا النحو من التوحش تحت دعاوى الدين والجهاد وعلمتهم ان قتل الابرياء والتمثيل بهم عمل من التقوى وصحيح الدين الذي يوصل الى الجنة الموعودة في حين ان قتل النفس البريئة عند الله كقتل الناس جميعا. مناهجنا ايها السادة ومدارسنا تعلم كيف ان المرأة عورة وعليكم ايها الشباب ان تحتقروها من الغلاف الى الغلاف فهي في عقلية من وضع هذه المناهج ليس لها مكان الا البيت والحمل والولادة وغير هذا فهي عورة! لذلك اذا كنتم صادقين في تطهير اوطاننا من الارهاب فطهروها أولا من رجس المناهج المتخلفة ومن الثقافة المتوحشة لنصبح كما العالم المتحضر نعيش بسلام وامان. اذا العدو ليس “داعش” بل الذي صنع “داعش” وهي ثقافتنا المتخلفة!