موقع المدن: ملايين الدولارات من أميركا مقابل معلومات عن سبعة من قادة حزب الله/تقرير فرنسي عن حزب الله في أوروبا: تبييض أموال وأمونيوم

191

تقرير فرنسي عن الحزب بأوروبا: تبييض أموال وأمونيوم
المدن/الخميس 10 حزيران 2021

ملايين الدولارات مقابل معلومات عن سبعة من حزب الله
سامي خليفة/المدن/11 حزيران/2021

أعلن برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأميركية، عن جائزة مالية تصل إلى 10 ملايين دولار، لقاء معلومات عن “ممولي حزب الله الرئيسيين والميسرين” والذين صنفتهم وزارة الخزانة الأميركية سابقاً على أنهم “إرهابيون عالميون محددون بشكل خاص”.

مكافأة لاستهداف الممولين
وقد نشر موقع “مكافآت من أجل العدالة”، ملصقاً إعلانياً تعرض فيه الخارجية الأميركية مكافأتها، والذي عللته باعتماد الحزب على شبكات التمويل لدعم العمليات وشن الهجمات على مستوى العالم. وجاء في نص الإعلان “يكسب حزب الله ما يقرب من مليار دولار سنوياً، من خلال الدعم المالي المباشر من إيران، والشركات والاستثمارات الدولية وشبكات المانحين والفساد وأنشطة غسيل الأموال. ويستخدم هذه الأموال لدعم أنشطته الخبيثة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك انتشار أفراد مليشياته في سوريا لدعم ديكتاتورية الأسد. والقيام بعمليات لإجراء المراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية في الولايات المتحدة؛ وتعزيز قدراته العسكرية حتى أنه بات يدّعي امتلاكه صواريخ دقيقة التوجيه”.

وحسب البرنامج، يتم تمويل هذه العمليات الإرهابية من خلال شبكة حزب الله الدولية من المؤيدين. ويتلقى الحزب كمية كبيرة من الأسلحة والتدريب والتمويل من إيران، التي صنفتها وزارة الخارجية على أنها دولة راعية للإرهاب. علماً أن وزارة الخارجية الأميركية صنفت حزب الله كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO) في تشرين أول 1997، وباعتباره منظمة إرهابية عالمية “مُحددة بشكلٍ خاص” (SDGT) في تشرين أول 2001 بموجب الأمر التنفيذي 13224.

وحدد الموقع سبعة شخصيات تعمل على تقديم الدعم المالي للحزب، وتعمل على تسهيل عملياته المهمة وتدير الأعمال التجارية والاستثمارات التي يملكها أو يسيطر عليها، نعرضهم وفق التعريف الأميركي:

محمد قصير

 

ولد محمد جعفر قصير في بلدة دير قانون النهر جنوب لبنان في 12 شباط 1967، وهو يُعرف بعدة ألقاب أهمها “الحاج فادي”. يُعتبر قصير “ممولاً رئيسياً لحزب الله، يوفر التمويل لعمليات الحزب، من خلال عدد من أنشطة التهريب والمشتريات غير المشروعة، وغيرها من المؤسسات الإجرامية. إنه قناة مهمة للإنفاق المالي من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني الذي يتم استخدامه لتمويل أنشطة حزب الله”.

وحسب البيان الأميركي: “يساعد قصير في الإشراف على العديد من الشركات الأمامية المستخدمة لإخفاء دور فيلق القدس في بيع النفط والمستخلصات الأخرى، التي تُعد مصدر دخل حاسم لحزب الله والحرس الثوري الإيراني ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، وكذلك الجهات الفاعلة الأخرى غير المشروعة. كما يقود أيضاً الوحدة 108 التابعة لحزب الله، والتي تسهل نقل الأسلحة والتكنولوجيا وأنواع الدعم الأخرى من سوريا إلى لبنان بالتنسيق الوثيق مع فيلق القدس”.

وصنفت وزارة الخزانة الأميركية قصير على أنه إرهابي عالمي “محدد بشكلٍ خاص” بتاريخ 15 أيار 2018، ويخضع من حينها لعقوبات وفقاً للوائح العقوبات المالية على حزب الله.

محمد قاسم البزال

 

ولد محمد قاسم البزال في 26 آب 1984 في مدينة بعلبك اللبنانية، وهو مسؤول بارز في حزب الله، وتشمل مسؤولياته موازنة المحاسبة المالية بين حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وهو أيضاً أحد مؤسسي مجموعة “تلاقي Talaqi” التي تتخذ من سوريا مقراً لها، ويشرف على مؤسسات تمويل الإرهاب الأخرى، مثل “حقول إس أيه إل أوفشور Hokoul S.A.L Offshore” و”نغم الحياة”. وبصفته رئيس مجلس إدارة مجموعة “تلاقي”، يشرف البزال على الشؤون المالية للشركة وإجراءاتها وإدارتها وعقودها. ومنذ أواخر عام 2018، استخدم مجموعة “تلاقي” وشركاته الأخرى لتمويل وتنسيق وإخفاء العديد من الشحنات النفطية غير المشروعة المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني. كما أشرف على شراكة مجموعة “تلاقي” مع شركة “ألوميكس ALUMIX” ومقرها لبنان، لشحنات الألمنيوم إلى إيران.

ووضعت وزارة الخزانة الأميركية مجموعة “تلاقي” على قائمة الرعايا “المحددين بشكلٍ خاص” والأشخاص المحظورين، ما جعلها عرضة لعقوبات اقتصادية. وفي أوائل عام 2019، سعى البزال إلى إزالة اسمه كمالك ومساهم من جميع وثائق شركة مجموعة “تلاقي”، على الأرجح من أجل التهرب من العقوبات الأميركية.

وصنفت وزارة الخزانة الأميركية البزال على أنه إرهابي عالمي “محدد بشكلٍ خاص” بتاريخ 20 تشرين الثاني 2018؛ ويخضع من حينها لعقوبات وفقاً للوائح العقوبات المالية على حزب الله.

علي قصير

 

ولد علي قصير في بلدة دير قانون النهر جنوب لبنان في 29 تموز 1992، وهو ممثل حزب الله في إيران والميسر الرئيسي للأنشطة المالية والتجارية التي تفيد فيلق القدس وحزب الله. وهو أيضاً ابن شقيق محمد قصير المسؤول في حزب الله، والذي يعمل معه عن كثب لتسهيل الأنشطة المالية بين الحرس الثوري الإيراني وحزب الله.

يُعد علي قصير أيضاً العضو المنتدب لشركة مجموعة “تلاقي” الوهمية المرتبطة بحزب الله، والتي تمول شحنات النفط لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني. وهو يكلف السفن البحرية بتسليم الشحنات للحزب بناءً على توجيهات فيلق القدس.

تشمل مسؤوليات قصير التفاوض على أسعار بيع البضائع وتسوية المدفوعات المتعلقة بسفن الشحن. وقد أشرف هذا الأخير على مفاوضات أسعار المبيعات وتعاون لتغطية النفقات وتسهيل شحن النفط الإيراني من ناقلة النفط الإيرانية “أدريان داريا 1” لصالح الحرس الثوري الإيراني. ويمثل قصير شركة “حقول إس أيه إل أوفشور Hokoul S.A.L Offshore” ومقرها لبنان، في مفاوضات بشأن إمداداتها من النفط الخام الإيراني إلى سوريا. إضافةً إلى ذلك، خطط وعمل مع آخرين لاستخدام مجموعة “تلاقي” لتسهيل بيع الفولاذ بقيمة عشرات الملايين من الدولارات.

وصنفت وزارة الخزانة الأميركية قصير على أنه إرهابي عالمي “محدد بشكلٍ خاص” بتاريخ 4 أيلول 2019؛ ويخضع من حينها لعقوبات وفقاً للوائح العقوبات المالية على حزب الله.

محمد كوثراني

 

ولد محمد كوثراني في محافظة النجف العراقية، يحمل الجنسيتين اللبنانية والعراقية ومسجل لدى السلطات الرسمية تحت اسميّ “محمد كوثراني وجعفر الكوثراني” ولا تاريخ محدد لفترة ولادته. يُعد كوثراني قائداً بارزاً لقوات حزب الله في العراق. وتولى بعض أعمال التنسيق السياسي للجماعات شبه العسكرية المتمركزة في العراق والمتحالفة مع إيران، والتي كان يشرف عليها سابقاً الجنرال في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي اُغتيل في كانون الثاني 2020 في غارة عسكرية أميركية.

يسهل كوثراني عمليات الجماعات الخارجة عن سيطرة الحكومة العراقية التي قمعت الاحتجاجات بعنف، وهاجمت البعثات الدبلوماسية الأجنبية، وشاركت في أنشطة إجرامية منظمة على نطاق واسع. وكعضو في المجلس السياسي لحزب الله، عزز جهود الحزب لتوفير التدريب والتمويل والدعم السياسي واللوجستي للجماعات الشيعية العراقية المتمردة. كما ساعد كوثراني المتطرفين العابرين إلى سوريا لدعم نظام الأسد.

وصنفت وزارة الخزانة الأميركية كوثراني على أنه إرهابي عالمي “محدد بشكلٍ خاص” بتاريخ 22 آب 2013؛ ويخضع من حينها لعقوبات وفقاً للوائح العقوبات المالية على حزب الله.

أدهم حسين طباجة

 

ولد أدهم حسين طباجة في بلدة كفرتبنيت جنوب لبنان بتاريخ 24 تشرين أول 1967، وهو عضو في حزب الله وله علاقات مباشرة مع عناصر تنظيمية بارزة في الحزب، بما في ذلك العنصر التشغيلي لجماعة الجهاد الإسلامي. يمتلك طباجة أيضاً عقارات في لبنان نيابةً عن الحزب. وهو المساهم الأكبر في شركة “الإنماء للتطوير العقاري والبناء” ومقرها لبنان.

تم تصنيف طباجة ومجموعة الإنماء للأعمال السياحية والشركات التابعة لها على أنهما إرهابيان عالميان “محددان بشكلٍ خاص” في حزيران 2015. كما صنفت المملكة العربية السعودية طباجة وشركاته ككيانات إرهابية بموجب قانونها الخاص بجرائم الإرهاب والتمويل. وتم تجميد أصوله المحتفظ بها في المملكة العربية السعودية، والتحويلات عبر القطاع المالي، وحُظرت أي تراخيص تجارية مرتبطة به.

محمد إبراهيم بزي

 

هو ممول رئيسي لحزب الله، وقد قدم ملايين الدولارات للحزب من خلال أنشطته التجارية. يملك أو يسيطر على “غلوبال ترايدينغ غروب Global Trading Group NV”، “يورو أفريكان غروب Euro African Group LTD”، “شركة أفريقيا الشرق الأوسط للاستثمار القابضة Africa Middle East Investment Holding SAL”، “مجموعة الاستثمار الرائدة Premier Investment Group SAL Offshore”. وصنفته وزارة الخزانة الأميركية والشركات التابعة له على أنهم إرهابيون عالميون “محددون بشكلٍ خاص” في أيار 2018.

علي يوسف شرارة

 

ولد علي يوسف شرارة بتاريخ 25 أيلول 1968، في عاصمة الجنوب صيدا. هو ممول رئيسي لحزب الله وكذلك رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة الاتصالات اللبنانية “سبكتروم إنفستمنت غروب القابضة ش.م.ل Spectrum Investment Group Holding SAL”.

تلقى شرارة ملايين الدولارات من حزب الله لاستثمارها في مشاريع تجارية تدعم الحزب مالياً. وصنفته وزارة الخزانة الأميركية مع شركته “سبكتروم إنفستمنت غروب القابضة ش.م.ل Spectrum Investment Group Holding SAL”، على أنهما إرهابيان عالميان “محددان بشكلٍ خاص” في كانون الثاني 2016.

 

تقرير فرنسي عن الحزب بأوروبا: تبييض أموال وأمونيوم
المدن/الخميس 10 حزيران 2021
نشرت “لو بوان” الفرنسية تحقيقاً مطوّلاً حول نشاط حزب الله في فرنسا والاتحاد الأوروبي، ونشاطاته على مستوى تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات لتمويل نشاطاته، ومنها تخزين نيترات الأمونيوم في بلدان أوروبية عديدة. وهنا ترجمة لأهم ما جاء فيه:
لن يكون قرار الحكومة الفرنسية القاضي بتسليم الموقوف اللبناني مازن الأتات، المتّهم بالعمل لصالح حزب الله، إلى السلطات الأميركية بلا عواقب. فلحزب الله، الذراع العسكرية لإيران في الشرق الأوسط، وجود وتشعّب في أوروبا وفرنسا. كما أنّ نشاطات الحزب زادت على نحو مقلق خلال الأعوام الأخيرة. ويبقى الأهم، أنّ هذه النشاطات تتعلّق بتبييض الأموال والدعاية السياسية وجمع الأموال والاتجار بالمخدرات وتخزين نيترات الأمونيوم، حسب ادعاءات المسؤولين الأميركيين. ونترات الأمونيوم خطرة، وكانت عنوان الانفجار الضخم الذي دمّر العاصمة اللبنانية يوم 4 آب 2020 وقتل أكثر من 200 ضحية وخلّف آلاف الجرحى. وإذا ارتبطت هذه النشاطات إلى حد كبير ووثيق بحزب الله، ينفي الأتات أي علاقة له بهذه الأمور.
تبييض أموال.. كولومبيين
يستقبلنا مازن الأتات في منزله في باريس بلحيته مشذبة وشعر مسرّح، ووشم مخفي بساعة يد أنيقة. يضع ثلاث أجهزة خلوية بقربه على الطاولة، يجلس الرجل الأربعيني وقد صفّى حساباته مع القضاء الفرنسي. إذ سبق وتمّت إدانته للمشاركة بأعمال جنائية لصالح “Lebanese connection” المتّهمة بتبييض الأموال لصالح تجّار مخدرات كولومبيين. فقد أدان القضاء نهاية عام 2018، 13 شخصاً من بينهم الأتات، وصدرت بحقّهم أحكام تتراوح بين السجن لعامين و9 أعوام. وعمد هؤلاء على جمع أموال التجارة بالمخدرات، وشراء مجوهرات وساعات يد وسيارات فخمة، ليعيدوا بيعها في لبنان أو في أفريقيا الغربية ويقوموا بإعادة تحويل الأموال التي تم تبييضها إلى الكولومبيين، مقابل حصة من الأرباح. وهذه الأعمال كان تدخل ملايين اليورو كل عام، ومنها 20% على الأقلّ لصالح حزب الله.
سكرتاريا.. وعشيقة
كشفت إدارة المخدرات الأميركية هذه الشبكة، من خلال العمل مع نظرائها في فرنسا. وقد أطلق على العملية اسم “عملية الأرزة”. والمحققون الأميركيون على قناعة تامة بعلاقة عدد من المتورطين في هذه الشبكة بحزب الله. وبين المتورطين أيضاً، محمد نور الدين، والذي حكم عليه بالسجن لمدة 7 أعوام. كما أنه مهدّد بالتسليم للولايات المتحدة، على الرغم من أن موكله القانوني ينفي أي علاقة له بحزب الله. يقول مازن الأتات أنه تم جزّ اسمه بالملف لكونه مقرباً من نور الدين، “كنت أقدم له خدمات سكريتاريا، وفي بعض الأحيان أتلقى اتصالاته، لا لشيء سوى لأنه كان لمحمد عشيقة، وكنت أغطي على هذا الأمر حين تتصّل زوجته به”.
تسميم البئر
في سياق آخر، يشير كوانتين ماغ، وهو أحد ضباط الشرطة الفرنسية التي توّلت “عملية الأرزة”، إلى أنه “في فرنسا، نحن نعمل وفق مبدأ الوقائع والاثباتات”. يضيف أنه “بالطبع كان لدى الأميركيين معلومات لم تكن بحوزتنا”، مشدداً على ارتباط المال بالعمل السياسي والديني. كما يلفت إلى الغطاء الذي يمكن أن يعمل بعض المجمرمين في ظلّه، أو حتى المصالح التي يسعى آخرون إلى تحصيلها. يقول إنه “خلال المحاكمة، عندما تم لفظ اسم حزب الله، كأنّ صقيعاً ضرب الغرفة”، في إشارة إلى واقع الصدمة. وفي حين أعدّ ماغ كتاباً مؤخراً حول الشبكات العالمية لتبييض الأموال، يلفت إلى أنّ هذه الأعمال “أشبه بتسميم بئر، منظمات كحزب الله يعملون على إضعاف أعدائهم، ونحن أعداؤهم. ينشرون المخدرات بين أطفالنا ويجنون أموالنا”. ويشدّد المحقق الفرنسي على أنّ الاعتداءات التي نفذّها تنظيم القاعدة في مدريد عام 2004 كان الاتجار بالمخدرات مصدر تمويلها الأساسي.
ترنّح فرنسي
وعلى مستوى آخر، يؤكد أحد القضاة الموكلين في “عملية الأرزة”، بودوان توفنو، على أنه “في هذه العملية لم يتمكّن القضاء الفرنسي من تثبيت عناصر الإرهاب، إذ لم يكن بحوزتنا أدلة دامغة”. يضيف بوديان أنه “لا يمكن جزم العلاقة المباشرة لحزب الله والإرهاب في هذه العملية، كما لا يمكن نفيها في الوقت نفسه”. وفي لبنان، حيث يمسك حزب الله بزمام الأمور، لم يتم إجراء أي تحقيق في هذا الإطار. فماغ يعتبر أنه “من الأفضل لو يتم العمل على ملف محكم في التحقيقات والمسار القضائي بدل الوقوع في أفخاخ التخمين”.
الملاحقة الأميركية
لدى خروجه من المحكمة، استدعي مازن الأتات، فاكتشف أنه تم تسطير مذكرة دولية لتوقيفه من قبل الولايات المتحدة. يعلّق بالقول: “شعرت بصدمة كبيرة”. ويعمل اليوم وكيله القانوني المتخصص بالقانون الجنائي الدولي، وليام جوليه على محاولة إبطال هذه الإجراءات الأميركية. في حين يصرّ قضاة أميركيون على ضرورة مثول الأتات أمام المحاكم الأميركية، لكونه متورطاً بنشاطات تمويل حزب الله. أما جوليه فيؤكد من جهته أنّ “الأميركيين لم يقدّموا أي دليل إضافي على الأدلة الموجودة لدى القضاء الفرنسي، لارتباط الأتات بأشخاص من الجناح العسكري في حزب الله”.
فرنسا.. والقرض الحسن
في فرنسا، تعمل جمعيات ومنظمات مقرّبة من حزب الله على جمع الأموال لصالحه. ففي 29 كانون الأول 2020، تمكّن عدد من المقرصنين من خرق نظام جمعية “القرض الحسن” التي تضعها الولايات المتحدة على لوائح العقوبات وتعتبر أنها أبرز الأدوات التمويلية للحزب، ونشاطاته الإرهابية. كما فرضت وزارة الخزينة الأميركية، الشهر الماضي، عقوبات جديدة على 7 شخصيات جديدة تعمل لصالح القرض الحسن وحزب الله. والأهم، أنه من بين أكثر من 100 ألف من الحسابات التي كشفها المقرصنون، يعود عدد من هذه اللحسابات إلى أشخاص أو مجموعات موجودة في فرنسا.
محاذير الجناحين
وذكرت “يوروبول”، وهي وكالة تطبيق القانون الأوروبية، حزب الله في تقريرها لعام 2020، معلنة أنّ “حزب الله مشتبه به بالاتجار بالألماس والمخدرات وبتبييض الأموال من خلال أسواق السياراة المستعملة”. ويتم تحويل هذه الأموال إلى لبنان بواسطة التحويلات المصرفية أو حتى من خلال نقلها شخصياً عن طريق الرحلات التجارية. إلا أنّ التحقيقات في هذا الموضوع تصطدم بغياب البراهين الفعلية لتأكيد أنّ هذه الأموال لصالح الجناح العسكري لحزب الله”. مع العلم أنّ فرنسا والدول الأوروبية لا تزال تفصل بين الجناحين العسكري والسياسي في الحزب، إذ تصنّف الأول فقط إرهابياً. كما يدخل في هذا التصنيف أيضاً الموقف الديبلوماسي والخارجي الفرنسي لحماية القوات الفرنسية العاملة في جنوب لبنان من جهة، وموقف الرئاسة الفرنسية تجاه لبنان وأزمته من جهة أخرى.
شيعة فرنسا
ينتقد ماثيو ليفي، أحد أبرز االخبراء في موضوع حزب الله، ومدير برنامج مواجهة الإرهاب في معهد واشنطن، الفصل من الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله، فيتعبر أنّ “حزب الله يجسّد خطراً دولياً”. ويشير إلى أنّ السنوات الماضية “كشفت أنّ فرنسا وبلجيكا تشكّلان مركزاً لنشاطات حزب الله ولشخصيات تحمل الجنسية اللبنانية وإحدى الجنسيتين الفرنسية أو البلجيكية، وتساهم في نشاطات تمويل الحزب”. ويضيف أنّ فرنسا تشكل قاعدة أساسية لحزب الله نظراً للعلاقات التاريخية بين البلدين، ولوجود 150 إلى 200 ألف من الطائفة الشيعية في فرنسا”. ويؤكد ليفي على أن ليس كل من ينتمون للطائفة الشيعية يدعمون حزب الله، إلا أنّ أنصار الحزب ينشطون في هذه البيئة.
نتيرات حزب الله
لا يواجه حزب الله صعوبة في تجنيد أشخاص يحملون جنسيات أجنبية في تنفيذ بعض الأعمال. فالانتحاري الذي نفذ عمليات بورغاس في بلغاريا عام 2012، يحمل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية. وفي عام 2015، أوقفت السلطات القبرصية أحد الأشخاص المسؤولين عن تخزين ما يزيد عن 8 أطنان من نيترات الأمونيوم في إحدى الفيلات. وفي العام نفسه، ألقت السلطات البريطانية القبض على أحد اللبنانيين الذي يحملون الجنسيتين اللبنانية والبريطانية لتخزينه حوالي 3 أطنان من النيترات. ويستخدم الحزب هذه الخلايا لنقل النيترات بوسائل شرعية، إذ اتّخذت ألمانيا قرار حظر نشاطات حزب الله بعد اكتشاف مخازن لتخزين النيترات جنوبي البلاد. وحسب السلطات الألمانية، تقف وراء هذه العلميات مجموعات شيعية لبنانية. كما كشف منسّق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، ناثان سايلز، أنّ “حزب الله، منذ عام 2012، يعمل على تخزين الأمونيوم في أماكن عدة في أوروبا بوسائط مختلفة، وتم نقل بعض هذه المواد عبر بلجيكا وفرنسا واليونان وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا، كما تم التخلّص من بعض هذه الكميات في فرنسا واليونان وإيطاليا”. ويضيف سايلز أنّ هذه النشاطات لا تزال مستمرة، في حين يشير بعض الخبراء في باريس إلى أنّ “حزب الله يقوم بنشاطات لوجيستية وتحديد أهداف على الأراضي الفرنسية. لكن في حال عملت مجموعات من الإسلاميين على نقل متفجرات فلا يعني ذلك حصراً أن حزب الله هو المتورّط”.
حرب عقيدتين
وفي السياق نفسه، تشير ساريت زيفاهي، مدير معهد ألما للدراسات، إلى تصاعد قوّة حزب الله في الشرق الأوسط وأوروبا خلال الأعوام الماضية. تضيف أنّ الحزب يحاول العمل بالخفاء “فيمكن استخدام منظمات دينية لتنفيذ نشاطات إجرامية من دون استخدام اسم حزب الله”. وتشير زيفاهي إلى أنّ “70% فقط من واردات حزب الله تأتي من إيران. منذ عقد يقوم الحزب بتمويل نفسه. وأوروبا جزء من نشاط الحزب”. وتعتبر أنّ السلطات الفرنسية تقلّل من حجم المخاطر المحدقة بها وتستهين بها، “فحزب الله وحركة حماس ليسا فقط شأناً إسرائيلياً، والحرب هي بين عقيدتين، الأولى يمثلها الغرب الديموقراطي والثانية متجسّدة بالراديكالية الإسلامية الشيعية”.
مركز الزهراء
ويشمل هذا التيار الداعم لإيران الحاضر على الساحة الفرنسية، من خلال جوامع ومراكز ثقافية إسلامية مرتبطة بحزب الله. في غراند سينت، شمالي البلاد، لطالما كان مركز الزهراء مكشوفاً في نشاطاته. مدير المركز، يحيى قواسمي، لم يخف يوماً دعمه للحزب. ويشير محامي قواسمي إلى أنّ “القضاء الفرنسي يدين موكلي لارتباطه بحزب الله المصنف إرهابياً، في حين أنّ هذا الحزب هو حركة مقاومة، تماماً كالمقاومين الفرنسيين الذين قاوموا الاحتلال الألماني عام 1940”. ويهزأ المحامي مشيراً إلى أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “التقى العام الماضي رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، موكلي لم يقدم على خطوة مماثلة”. من يريد دخول مركز الزهراء، يمسح رجليه بالعلم الإسرائيلي. مع العلم أن القواسمي، نظّم تحالفاً معادياً للصهيونية عام 2009 للمشاركة في الانتخابات الأوروبية وكان على رأسها ديودوني وسورال. إلا أنه اليوم تم تصفية كل أعمال القواسم.، ويعمل الأخير على نشر أفكاره الداعمة للجمهورية الإسلامية والإمام الخميني عبر الانترنت. تغيّرت الوسائلة إلا أنّ الأفكار هي نفسها. فرنسا لم تنته بعد من ملف حزب الله.