الأب سيمون عساف/حارت بهِ الفكرُ… انه بالفعل صليب لا يطاق ولا يحتمل نجَّرَه الجلادون لأنهم غلاظ الرقاب قتلة

60

حارت بهِ الفكرُ… انه بالفعل صليب لا يطاق ولا يحتمل نجَّرَه الجلادون لأنهم غلاظ الرقاب قتلة.

الأب سيمون عساف/08 تشرين الثاني/2020

اهل بلادي مساكين يسيرون كالقطعان حالهم حال المساجين والرعيان غافلون.

ينتظرون الفرج كل يوم، وفي النهار القادم الواعد باطلاق سراحهم من السجن الدميم الزري الى الحريه، تصفعهم الخيبات.

أمرُ تسريحهم رهن بالقضاء، والقضاء مفسود لا يربط ولا يحل. كُتب عليهم اذاً العناء والاعتصام بحبل الصبر والانتظار.

ليس في بلادي حكمٌ نزيه وعادل، والطامة الكبرى، في غياب  النزاهة والعدل تكمن المجزرة فيصبح الإنسان الضحية البريئة. ما اكفر ظُلاَّم السجن وظَلامه! وما اجرم السجَّانون العتاق اذ هم لا ينصفون.

ما ذنب لبنان حتى ينوء تحت ضغط هذا الكابوس الثقيل ويرزح كادحا متهالكا على الهلاك منهوكا؟

ما ذنب شعبه يشرب كؤوس الحنظل والعلقم بينما قادته لا يعقصهم نخز ضمير؟

انفلات وفوضى لا يلتفتون الى الغصص المُمض والعراك المُدمّر.

 انه بالفعل صليب لا يطاق ولا يحتمل نجَّرَه الجلادون لأنهم غلاظ الرقاب قتلة.

وكما تُنتهك في السجن كرامة الإنسان كذلك اللبنانيون مُنتهكة كرامتُهم مُحقرة في سجن دولتهم المهترئة.

حكُامها فاسقون وزعماؤها فاسدون قساة قلوب يمسكون بمفاتيح الحكم، ويقفلون ابواب الحلول محولين الوطن الى سجن مظلم. يتفرجون على مآسي الناس وعذابِهم مُعربدين مقهقهين غير مبالين بشعب يعاني من قهر وفقر وفاقة.

هؤلاء ليسوا مسؤولين ولا من الأنس اللطيف لكنهم من الجنّ العنيف المؤذي اللعين. أولئك هم من قرَّعهم المسيح :

“أيها الحيات أنسال الأفاعي، الى اين الهرب من دينونة جهنم” آية (مت 23: 33)، “كيف تقدرون ان تتكلموا بالصالحات وانتم اشرار”؟ ليست هذه شتيمة بل وصف دقيق لوضعهم المريب المعيب.

يكدسون اموالا سرقوها من ودائع واموال المواطنين يتنعمون بها راقصين على تعاسة المعوزين، مُسبِّبين الويل والإفلاس والاذلال والخراب للأمة وللمجتمع.

تحت ظل حكم بني مملوك سيطر الظلم والطغيان واستكمل النهج بنو عثمان حتى ذاق شعبُنا الأمرَّين من القمع والاستبداد، لكن اليوم ندَّعي الاستقلال والحرية ونحن مستعبدون للتعصب الأعمى واسرى شيوخ العشائر.

ذهنية قبلية كهذه لا يمكن ان تكوِّن امَّة لا انسجام فيها لا رؤيا موحدة لا قراءة موضوعية لقيام الكيان. بات من المستحيل ان ينتصب لبنان له مقومات دولة محترمة تخوله ادراج اسمه بين لائحة الدول المتقدمة. هناك افعَوان يجب قطع راسيهما لتغيير الحال فيركن الوطن الى السلام.

مثلَّث اخترع المطهر الأرضي للأبرار قبل ان يموتوا وهذه لعمري اساليب الأبالسة اخصام الملائكة.

ولكن تبقى النعمة مع سر النار تؤمِّل الصُلاَّح بالخلاص وللسفلة الجحيم والوجع الأليم.

شياطين العصر هم حكام لبنان لا يريدون الإصلاح للدولة ولا القيامة للوطن، غير آبهين بحشرٍ عسيرٍ ساعة الحساب.

سينتصر الحق مهما طال الزمن ويستقيم الوطن وتلحق اللعنة باللصوص الخبثاء.

ربما هي المرحلة لتقديس وجدان انسان لبنان واتمام رسوليته باحتمال ما خطّت المشيئة على الأيام بلسان جبران خليل جبران:

الخَيرُ في الناسِ مَصنوعٌ إِذا جُبرُوا وَالشرُّ في الناسِ لا يَفنى وَإِن قُبرُوا

فإن ترفعتَ عن رغدٍ وعن كدر جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ