الأب سيمون عساف: هل صحيح سُجِّيت الأخلاق في نعش ومشى السياسيون في المأتم مقهقهين؟/أصنام متحركة … يا ليتهم يقفون لحظة تامل عند اطراف المدافن ويرون الى اين هم راحلون وكيف سيصيرون غدا مرعى للحشرات والديدان علَّهم يرتدعون

83

هل صحيح سُجِّيت الأخلاق في نعش ومشى السياسيون في المأتم مقهقهين؟
الأب سيمون عساف/03 تشرين الثاني/2020

أصنام متحركة … يا ليتهم يقفون لحظة تامل عند اطراف المدافن ويرون الى اين هم راحلون وكيف سيصيرون غدا مرعى للحشرات والديدان علَّهم يرتدعون.
الأب سيمون عساف/04 تشرين الثاني/2020

الويل لمن ضميره جيفة تجفل الخنازير من رائحتها الكريهة وتمجها نتانةُ المستنقع الى الضفة.

الويل لأولئك الملطخة اكفُّهم بدماء الضحايا الأبرياء، فانَّ لهم من يثأر: «لِيَ الانتقام وَأَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ.” (رو 12: 19).

يخجل الرُشد ان ينعتهم بتماسيح البر، لانهم لا يشعرون بعويل الناس الذين افقروهم، وانين البائسين الذين سرقوا ودائعهم، وعوز المحتاجين الذين يفترشون الحضيض بسببهم ويبيتون على الطُوى.
ان امثال القدامى المألوفة تصيب الوجدان بنقذة:” بالآخرة ما في كفن في لو جياب”.

لا يعرفون الوصايا ولا القضايا التي عليها سيحاسبون.
يتنعمون بالمفاخر والطيبات على حساب تعاسة المقهورين.
والمنطق لا تمتاز مقابرهم كزعماء عن مقابر العاديين بشيء، عراة من الكرامة والشرف.

فلنسمع الجاحظ يصيح:
هذي قُبورُنا تملأ الرُحبَ فأين القبورُ من عهد عادِ
خفّف الوَطْءَ ما أظنّ أَدِيْمَ الأرض إلا من هذه الأجسادِ
رُب لحدٍ قد صار لحداً مراراً ضاحكٍ من تزاحم الأضدادِ
ودفينٍ على بقايا دفين في طويل الأزمان والآبادِ

تتزاحم الأضداد في خاتمة المطاف الحياتي اذ لا فرق بين غنيٍّ وفقير وعبدٍ وملك فالكلُّ في المرقد سواء. هل اتعظ أُولوا الشأن الذين يعربدون على سدات قصورهم مقهقهين متلذذين بقهر العباد وإذلالهم؟
اما اعتبروا بانهم الى زوال، الى حسرة المثوى وظلام الحفرة الأبدية؟

كان الجاحظ محقا حين قال: فاللبيبُ اللبيبُ من ليس يغتـرُّ بكَونٍ مصيرُه للفسادِ

نعم، حين يخضع العقل الى حقيقة امره يُنيخُه الرضوخ وياخذه العَجَب والذهول. يا ليتهم يقفون لحظة تامل عند اطراف المدافن ويرون الى اين هم راحلون وكيف سيصيرون غدا مرعى للحشرات والديدان علَّهم يرتدعون.

لو قاس صاحب الثراء المصطنع، الحالة التي يعيشها اهلُ بلده، على نفسه، لتبدَّل الوضعُ في يقيني واستقامت المعادلة. لكن للأسف لا يفقهون ولا يفكرون إنما اشبه بتماثيل أصنام متحركة.

هل صحيح سُجِّيت الأخلاق في نعش ومشى السياسيون في المأتم مقهقهين؟
الأب سيمون عساف/03 تشرين الثاني/2020
بياتنا واماتنا واخوه لنا واصحاب فلو قبلنا لعند المسيح
بتذكارهم واجب علينا وحلنا نصليلهم تا يستريحو ونستريح
كيف حالهم يارب اهلي والصحاب تركو حمانا ورفرفو باوسع رحاب
من تحت ظلك اصبحو بعد الرحيل اغمرهم الهي برحمتك فوق السحاب
طرق الباب فصل الشتاء والناس في بيروت وحصرا في الجميزه ومار مخايل يعانون من البرد في بيوتهم المخرَّبة.
مناظر العجزة والدموع تسيل على الخدود يلين الصخور والذين سرقوا اموالهم ينعمون في اسرتهم الهانئة، هذا الوضع المبكي والمخزي لا يهز سوى الفقراء والمقهورين. اما الأغنياء فلا تؤثر فيهم حتى نعرة المسَّاس.
نقف امام هذه المشهد متاملين الذين ادّخروا لآخرتهم فقدوا كل أمل بالدولة والمصارف وارجاع المسلوب. يتأوَّهون من الم بليغ آسفين على بلد لم يعهدوا يوما انه سيكون على ما هو عليه منذور للتداعي والانهيار.
ان الحكام فعلا فاسدون قتلة فاسقون سفلة! لو وُجد من الضمير بقية في القابضين على الزمام لتغير الحال وانفرج الضيق. هل صحيح سُجِّيت الأخلاق في نعش ومشى السياسيون في المأتم مقهقهين؟ اسأل الله ان يلطِّف ساكن السماء ويخفِّف عبء المأساة عن كاهل العجزة الذين يئنون من جع في العظم ناخع.