الأب سيمون عساف/بين الكفر والإيمان … لا الكفر بالله حاشايَ من ذلك! ولكن الكفر بقيادات في البلاد نتنة فاسدة باشكال بشرية متلبسة صور الأبالسة.

80

بين الكفر والإيمان … لا الكفر بالله حاشايَ من ذلك! ولكن الكفر بقيادات في البلاد نتنة فاسدة باشكال بشرية متلبسة صور الأبالسة.
الأب سيمون عساف/26 تشرين الأول/2020

ان تؤمن بالله او لا تؤمن، تلك مسالة بحت شخصية لا علاقة للناس بخصوصياتك والقناعات، طالما لم تفرض بشائرك ووصاياك بالعنف والقوة. انت حر ان تعتقد بالرب ام بالصنم لا ضير في ذلك شرط ان تبادل الآخر بالاحترام.

اما ان تكفر وتعلن للملأ عن آفات كفرك، فهي قضية مغموزة مجحفة بين الشخصي والمجتمعي، شرُّ انعكاسها اشرس من انحجاب الخير.

فالنفاق والزندقة ومرادفاتهما احتفظ بهما لنفسك من دون ان تمارس على الآخرين جحودك والكفران.

وانا مستغرق في انزوائي بين زوايا الدير اتوغل في مناجاتي مسترسلا في التوسل الى الله بصفاء ذهن ونقاوة ضمير، مستعطفا حنانه والرحمة من لدنه على ابناء بلادي، تطن اصوات الجياع والفقراء والمقهورين كالانفجارات على ابواب الدير والجدران. فتنقلني أصداء الوجع والذل والحاجة من كواكب الإيمان الى مواكب الكفر اللعين المُشين المُهين.

لا الكفر بالله حاشايَ من ذلك! ولكن الكفر بقيادات في البلاد نتنة فاسدة باشكال بشرية متلبسة صور الأبالسة.

كلما حاولت الخروج من هذه المعمعة الوجدانية تصفعني ويلات اهلي – وكل الناس هم اهلي- في لبنان.

ما ان اعود الى استكمال صلواتي والابتهالات عبثا احاول. عذاب ابناء وطني يهيبون بي ان انظر الى الله فيهم فهو ليس فقط في السماء، انما في عويلهم والمجاعات ومراثيهم وبؤس الحال وانينهم والمناحات.

عندما انصت اليهم واصغي الى صراخهم المسلوخ من اعماق اعاميقهم، اشاطرهم حينذاك المآسي والويلات والطِّف بسماعي اياهم حشرجات البقايا من حياتهم، واكون فعلا مؤمنا بالله عز وجل وكافرا بمسؤولين لصوص جرّدوا انسان وطني من ابسط مقومات كرامته ومكتسبات حقوقه. حتى الكفر في حد ذاته بات يمجهم ويقرف منهم لأن “لهم آذان ولا يسمعون وعيون ولا يبصرون” حسب قول الكتاب متى 13/13.

ما اجمل ان نكفر بالإجرام واصحابه واعمال السوء واتباعه لتجليس المعوَّج ورفض الغلط والتخليص من اغتصاب المقتنيات. اليس لأننا نؤمن بقيمة المخلوق وقدرة الخالق؟ قيادات ارتكبوا مجازر معنوية وحتى اخلاقية باعتدائهم على ودائع الناس ونهب المدَّخرات. وهم بالقوة يسيطرون على مقدرات الوطن وما بالإمكان استبعادهم لأنهم سرَّاقون قتلة بالبطش يسطون، شرعوا ونصبوا ذواتهم حكاما حتى اصبحوا هم الدولة، واية دولة افلسوها وجردوا لحمها عن عظمها.

باي حال، منطق القوة ليس دائما مُحق وان كان الواقع هو هكذا بانتظار تغيير الظروف والاوضاع حسب قول الشاعر:
دع المقاديرَ تجري في أعَنّتها ولا تبيتنّ إلا خاليَ البالِ
ما بين غَمضةِ عَين وانتباهتها يغيّر الله من حالٍ