شارل الياس شرتوني/”حكومتي ام الفوضى”، من الحكومة الصورية الى الحكومة المتواطئة

72

“حكومتي ام الفوضى”، من الحكومة الصورية الى الحكومة المتواطئة
شارل الياس شرتوني/20 تموز/2020

لم نعد بصدد تخمين القدر الفعلي لهذه الحكومة، فهذا امر نعرفه حق المعرفة بعد انقضاء ٥ اشهر على بداية عملها، وبعد ان تيقنا اننا قد اضعنا كل هذه الاشهر الثمينة على رهانات وهمية لحكومة فاشلة وقاصرة وتفتقد الحد الادنى من التماسك، سواء لجهة اهدافها ام ادائها. ان تصريح حسان دياب في الديمان الذي اختصرته مقولة، ” حكومتي ام الفوضى ” التي تعبر عن قصور الرجل الاخلاقي والنفسي والسياسي، لما فيها من بذاءة ومكابرة ونرسيسية بدائية، وما توحي به من تبعية عمياء لمن اتى به على رأس هذه الحكومة الصورية التي تعكس القدر الفعلي لجمهورية الطائف، التي تتابع عملها التدميري منذ ثلاثين سنة على مستوى التفكيك المنهجي لكيان لبنان الوطني والدولاتي. كيف يسمح لنفسه هذا المستخدم الوقح اهانة اللبنانيين عبر تهديدهم في سلمهم الاهلي من خلال استلاب ارادتهم المواطنية، والتطاول على حقوقهم الديموقراطية، والتعالي على جراحهم المثخنة، والدوس على امالهم، واعتبار نفسه قدرا لا مفر منه اذا ما رفض اللبنانيون أجواء التضليل والاسترهان والخوف التي يبثها حزب الله .الرسالة التي نقلها المستخدم حسن دياب للبطريرك الماروني، ردا على مطالبته بالحياد اللبناني تجاه سياسات النفوذ الاقليمية التي حولت لبنان، منذ ثلاثة عقود، الى مسرح مواجهات اقليمية مفتوحة ومعطوفة على ديناميكيات التفكك الداخلية، قد وصلت وتحتم ردا حاسما على ايحاءاتها ومدلولاتها.

هذا التصريح البائس والوافر الدلالات يعني ان هذه الحكومة ليست بصدد معالجة المشاكل البالغة الخطورة التي تعاني منها البلاد، بقدر ما هي موجودة لتغطية سياسات حزب الله التي تعمل على تغيير هوية الكيان اللبناني، من جمهورية ديموقراطية وليبرالية الى نظام اسلامي تابع لمنظومة النفوذ الايرانية، وموقعا اساسيا في مجال تخريج السياسات الانقلابية على المستوى الاقليمي. الازمات المالية المدمرة وتداعياتها على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتربوية، ليست في دائرة النظر او الاولويات التي تحكم اداء هذه الحكومة وتوجهاتها، وتفسر افتقادها لاي قدر معنوي يعكسه القصور النفسي والمعنوي والادائي لاعضائها دون تمييز. الحاكم الفعلي هو حزب الله الذي يسعى من خلال سياسة انقلابية مبرمجة الى تبديل هوية البلاد عبر تكسير توازناتها البنيوية، وتغيير جغرافيتها البشرية، والمدينية، والسياسية، على نحو معلن وغير مستتر .

ان التآلف مع هذا الواقع والتغاضي عن مؤدياته، هو مشاركة في التآمر وحض على متابعته، هذا يعني بالتالي على حزب الله ان يعي انه كما خياراته مفتوحة، خيارات الاخرين مشرعة أيضا، وان التوجس الامني المصطنع الذي يختبىء وراءه هو من صنعه وليس نتيجة لاي تآمر مفترض .كما عليه ان يعرف ان بقية اللبنانيين، خارجا عن منعزله الشيعي، ليسوا معنيين لا بحساباته ولا بتوجسه المزعوم ولا باعتباراته، واذا ما اراد خروجا عن الاقفالات الذهنية والنفسية الناشئة عن هذه المناخات المرضية التي استحثتها الفاشية الاسلامية التي تحكم اداءه واداء اصنائه من الاسلاميين السنة، فما عليه الا تطبيع وضعيته من خلال العودة الى قواعد اللعبة الديموقراطية والتعددية، والا فالبلاد ذاهبة لا محالة الى مرحلة الانهيارات النهائية، التي سوف تدخل لبنان في دائرة العنف الاقليمي المغلقة وتحوله الى مستنقع نزاعي مديد.