شارل الياس شرتوني/الحكومة الصورية وتداعي التعليم العالي

79

الحكومة الصورية وتداعي التعليم العالي
شارل الياس شرتوني/14 تموز/2020

لا يمر يوم الا ونسأل انفسنا عن سبب بقاء هذه الحكومة القاصرة في رؤيتها وادائها واهلية غالبية اعضائها. لم نتلمس من جانبها استقلالا تجاه سياسات النفوذ التي اتت بها وتحكم اداءها في ادق تفصيلاته، وقدرة على تخريج سياق تدبيري متماسك لجهة ادارة الحياة العامة، وايجاد حلول فعلية للمشاكل التي تتآكلنا يوم بعد يوم ( كهرباء، ماء، معالجة نفايات، تنامي الفقر، تداعي القطاعات التربوية والاستشفائية، الركود الاقتصادي القاتل، البطالة المعممة، وانهيار المداخيل والصناديق الضامنة… )، ووضع رؤية اصلاحية متماسكة ومتعددة الابعاد، والتعاون مع المجتمع المدني من اجل صياغة مسارات انتقالية متوازنة.

ان انعدام الرؤية والقدرة على مواجهة الامر الواقع التربوي، الذي يوصف اداء وزير التربية طارق المجذوب، من خلال تعاطيه مع الملفات المدرسية، والجامعة اللبنانية، والترخيص للجامعات الخاصة ( مثالا لاحصرا )، تعطينا صورة عينية عن اداء اشمل اشار اليه رئيس الجامعة الاميركية فضلو خوري عندما اعتبر ” ان حكومة حسان دياب هي ألاسوأ في تاريخ لبنان في مقاربتها لملف التعليم العالي”.

فعليا سياسة حكومة دياب ما هي الا تكملة لنهج اعتمدته جمهورية الطائف منذ بداياتها، ادى الى دخول مسائل التعليم العالي في سياق انحداري وتمركز سياسات النفوذ في تضاعيف القرارت المهنية العائدة لهذا القطاع، والتضخم السرطاني لمؤسسات التعليم العالي التي اعطيت رخصا مهنية دون اي تقييم لاهليتها وللمعايير المهنية الناظمة لها، وتقدير متوازن لموجبات تقسيم العمل الجامعي وعلاقته مع سوق العمل، ودور التعليم العالي في تطويره من خلال اغناء شبكة النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، على خط التواصل بين الجامعات ومعاهد الابحاث وتوزع الاستثمارات.

ان التفرد باعطاء التراخيص الجامعية بالتكافل مع مراكز القوى المهيمنة، في كل مرحلة من مراحل جمهورية الطائف، وخارجا عن ايجاد مجلس تمثيلي لمؤسسات التعليم العالي يناط به وضع المعايير الناظمة للعمل الجامعي، هو بأساس هذا الانهيار التصاعدي الذي يطبع الواقع الجامعي في لبنان.

ان اعطاء الترخيص للجامعة التابعة لعبد الرحيم مراد ( الجامعة اللبنانية الدولية )، العاملة دون ترخيص فعلي لسنوات على قواعد مهنية غير متماسكة وتفتقد الصدقية الجامعية، على اساس استنسابي قرره الوزير الحاضر، هو تأكيد على الطابع الكاريكاتوري لاداء هذه الحكومة التي لا تنأى بشيء عن سابقاتها، لجهة مرتكزات العمل الزبائني، وتحكم مراكز القوى بحيثيات العمل الاداري والمهني، وتوزع المصالح بين اطرافها.

لقد ظهر اداء طارق المجذوب جانبا اساسيا من اداء الحكومة، وطبيعة الاملاءات التي تعمل بوحيها، واحوال التسيب المهني النافذ على كل مستويات القرار السياسي العائد للتعليم العالي.