شارل الياس شرتوني: حسن نصرالله، لسنا في جمهوريتك الاسلامية ولن نكون/Hassan Nasrallah, nous ne sommes pas dans ta république islamique et nous ne le serons jamais/Hassan Nasrallah, We are not in your Islamic Republic and will never be

131

حسن نصرالله، لسنا في جمهوريتك الاسلامية ولن نكون
شارل الياس شرتوني/06 تموز/2020

Hassan Nasrallah, nous ne sommes pas dans ta république islamique et nous ne le serons jamais
Hassan Nasrallah, We are not in your Islamic Republic and will never be

لا بد من تبديد بعض الالتباسات التي تتغذى منها سياسة حزب الله وتشجعه على المضي قدما في هدم ما تبقى من الهويه الوطنية اللبنانية، ومن قدرة الدولة اللبنانية الاسمية على ادارة الواقع اللبناني المتداعي على وقع الساعات والايام:

أ- على حسن نصرالله ان يفهم ان كلامه موجه الى من ارتضى من الشيعة خيار الجمهورية الاسلامية التي يدفع بها حزب الله، وان بقية اللبنانيين هم خارج هذا الحيز التواصلي وغير عازمين على التجاوب معه لا من قريب ولا من بعيد. ان التهويل بالعنف والافقار والتهجير مقابل سياسة الانصياع الارادي والاستسلام لهذا الارهاب المتعدد الوجه، هو رؤية وخيار خاطئين لانهما سوف يستحثان ممانعة تأخذ البلاد الى احوال لا احد يرغب بها سواء لجهة الدخول في دوامات نزاعية نهيلية، ام في حلقات العنف الجهنمية التي تلف الجوار الاقليمي القريب والبعيد، ام الاذعان لمقولاته. نحن لان نرغب فيك شريكا لا صفة دستورية له في الحياة الوطنية يفرض نفسه بقوة السلاح، وبوحي من شريعة دينية تعنيه ولا تعني سواه، واذا ما ارتضى الشيعة ذلك فهذا شأنهم لا شأن سواهم، واذا ما اراد استعمال الاكراه سبيلا لاستباحة كرامة وحقوق وحريات اللبنانيين الاخرين، فليعرف انه كما خياراته مفتوحة فخيارات اللبنانيين الاخرين مشرعة ( بما فيهم الشيعة المعارضين لنهج حزب الله )، فلا ولاء الا لحريتنا بعد اليوم.

ب- ان الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتضافرة لم تعد تتحمل الاقفالات التي يضعها حزب الله واصناؤه داخل التحالف الاوليغارشي الانتهازي. ان تعثر التفاوض مع صندوق النقد الدولي عائد الى احتجاز حرية التواصل مع المجتمع الدولي والجوار الاقليمي من قبل حزب الله، الذي يسعى الى تقويض المقومات السيادية اللبنانية وفرض خيارات استراتيجية تتعلق بسياسات النفوذ الشيعية التي تديرها ايران في المنطقة، والمصالح الريعية واقتصاد الجريمة المنظمة التي تقودها على خطوط تواصلية داخلية وخارجية. ان واقع التبعية الذي يوصف اداء الحكومة الحالية لا يؤهلها متابعة التفاوض مع المؤسسات الدولية ولا مع الدول المانحة، وبالتالي اصبح خيار التبديل الحكومي لا مفر منه، اذا ما اردنا الخروج من هذه الانفاق المتداخلة التي تضعنا فيها حسابات سياسة السيطرة الشيعية. ان موقف الغموض حيال الملفات الاصلاحية الذي يكتنف موقف رئيس الجمهورية وتبعيته لسياسات حزب الله، تضعانه في خانة الاقفالات الواجب ازاحتها. اما الوضعية اللادستورية لاداء نبيه بري، لجهة عدم شرعية ولايته الممدة على ثلاثة عقود خارجا عن اية حيثيات دستورية وميثاقية ناظمة، وما نشأ عنها من تعد بين على مبدأ فصل السلطات، واستعمال وقح للسلطة الاجرائية من اجل تطويع العمل النيابي في مجالس متعاقبة لا قوام معنوي لها ( ١٩٩٠-٢٠٢٠ )، وتحويل ادارات الدولة وقدراتها الى مشاعات لترفيد سياساته الريعية والزبائنية وسيطرته على روافع المقاولات العامة، تشكل بحد ذاتها الغاءا فعليا لموجبات الميثاق الوطني، ودولة القانون التي ينص عليها الدستور . ان اقفالات سياسات النفوذ الشيعية التي يديرها حزب الله وملحقاته على مستوى السلطات الثلاث، ليست بحادثة بقدر ما تهدف الى تقويض ما تبقى من الكيان الوطني والدستوري للجمهورية اللبنانية.

ج- تتطلب معالجة الازمات البنيوية التي تجتاح بلادنا كجائحة مميتة نقلات نوعية في ادارتها وايجاد حلول لها على المستويات التالية :

01- التغيير الحكومي الفوري والاتيان بفريق عمل متجانس في استقلاليته المعنوية والادائية، وكفاءاته المهنية العالية، وعلاقاته الدولية النافذة، من اجل وضع سياسات اصلاحية سريعة على خط التواصل بين المجتمع والمؤسسات الدولية والدول المانحة حاضرا ومستقبلا؛

02- العودة الى التفاوض مع الصندوق الدولي على قاعدة محاسبية موحدة، وخيارات واضحة لجهة استرداد الاموال المهربة والمنهوبة وتنسيب المسؤوليات الجنائية في مجال اقتطاع الفوائد، وتحمل مسؤولية الخسائر، من قبل الذين خططوا ونفذوا وافادوا من السياسات الريعية، التي اسست على مدى عقود ثلاثة لسياسة الانهيار المالي الحالية؛

03- وضع خلاصة ناجزة لكل سياسات التحقيق المالي الجنائي واستعمالها قاعدة لاعداد قرار مواز لقرار قيصر، ورفع دعاوى امام القضاءات الدولية واللبنانية من اجل رفع السرية المصرفية عن كل الاشخاص المثبتة شراكتهم في اعمال نهب الاموال العامة، ومقاضاتهم ومصادرة اموالهم والمنقولة وغير المنقولة واحالتها الى صندوق سيادي.

04- المباشرة الفورية في الاصلاحات البنيوية لجهة تصفية الزبائنية والتضخم في الادارات العامة، وضبط جباية الاموال العامة عبر استعادة التحصيل الضرائبي، وتنويع تطبيقاته ( التصاعدية، والتوزيعية والتحفيزية، والرادعة )، واموال الجمارك عبر تنزيه اداراتها وتفعيل الاجهزة الرقابية واقفال المعابر البرية والبحرية والجوية على كل اشكال التهريب ؛

5- اعادة هيكلة النظام المصرفي على قاعدة الدمج والتملك المهنية والخارجة عن سياسات النفوذ الشيعية وردائفها، وعودة المصارف الدولية الكبرى، واستعادة الاموال المهربة، وترميم الثقة بالنظام المصرفي اللبناني من خلال عودة الاستقرار السياسي والامني الذي يحفز عودة اموال المواطنين المسحوبة من المصارف واكتتاباتهم، واستعادة التوظيفات الاغترابية والاستثمارات الدولية، وتطبيق اتفاقيات بازل الثلاث لجهة شروط الرسملة، وادارة المخاطر، وتوحيد المعايير الناظمة، واعادة هيكلة المصرف المركزي على قاعدة استئصال دوره غير المشروع في ادارة حركة الاستثمارات الاقتصادية، وتوزعاتها القطاعية، وعودته لدوره الاساسي في حماية النقد، ومراقبة و ضبط اداء المصارف، وتثبيت التوازنات الاقتصادية الكلية.

06-اعتماد مخطط اصلاحي شامل من اجل تفكيك ركائز الاقتصاد الريعي، لحساب سياسة اقتصادية قائمة على التداخل بين الاقتصادين المعلوماتي والاخضر وتطبيقاتهما في كل المجالات الصناعية والزراعية والخدماتية؛

07- اجراء عملية فك ارتباط بين اولويات سياسات النفوذ الشيعية واملاءات السياسات الاصلاحية، ومنع استعمال الورقة المالية-الاقتصادية في المقايضات السياسية الاقليمية والدولية ؛

08- اعتماد خطة تداخلية في مجال معالجة الملفات التربوية والصحية والبيئية والاجتماعية، تضع حدا للمآسي التي نعيشها والتي يعبر عنها تفشي الانتحار كسبيل للخروج من ازمات حياتية تهدد العقود الاجتماعية والبنى التضامنية، وتحيل الاشخاص الى احساس الوحدة القاتلة، وتفتح باب الاصلاحات الهيكلية التي نحن قادرون على صياغتها وانفاذها.

09- اصلاح القضاء اللبناني لجهة تماسكه العلمي والمهني والمناقبي، وتنزيه مناخاته، وتصفية المداخلات السياسية وواقع التبعية لمراكز النفوذ الاوليغارشية السياسية والمالية النافذين في اوساطه.

ان حدة الاوضاع التي نعيشها تملي علينا انعطافات سياسية كبرى تطال النظام السياسي والخيارات الناظمة لحياة الجمهورية والسياسات العامة، والتموضعات في السياسات الاقليمية والدولية. هذا الواقع يملي علينا الخروج عن واقع الالتباسات التي لفت واقعنا الوطني والسياسي على عقود، والخروج باعلانات توافقية ناظمة للاجتماع السياسي اللبناني وهذا ما يجب ان يفهمه حسن نصرالله وسياسات النفوذ الشيعية ومداراتها.

ان اقامة الجمهورية على تخوم الدولة واللادولة والدولة الفعلية والدولة الاسمية، وخطوط تقاطع واختلاف المصالح الاوليغارشية، ونقاط التموضع المتحركة لسياسات النفوذ الاقليمية، والطلاق الفعلي بين دوائر النفوذ السلطوية ومؤسسات المجتمع المدني، لم يعد مقبولا وغير قابل للحياة اذا ما اردنا اعطاء الجمهورية حيثية فعلية على عتبة المئوية الثانية.