رندة تقي الدين/فرنسا: الاستعانة بصندوق النقد لا تكون بشروط حزب الله/جيسي طراد: لا ثقة محلية بالخطة الاقتصادية للحكومة اللبنانيةد

77

لا ثقة محلية بالخطة الاقتصادية للحكومة اللبنانية
جيسي طراد/اندبندنت عربية/05 أيار/2020

فرنسا: الاستعانة بصندوق النقد لا تكون بشروط “الحزب”
رندة تقي الدين/نداء الوطن/05 أيار/2020
بينما كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يطلّ على اللبنانييبن ليجدد التأكيد على دعم خطة حكومة حسان دياب “الشمولية” داعياً إلى منح هذه الحكومة “مزيداً من الوقت والفرص”، استرعى الانتباه في كلام نصرالله الحيّز الذي خصصه لإعادة تصويب البوصلة الحكومية في موضوع الاستعانة بموضوع صندوق النقد الدولي تحت سقف الشروط التي يضعها “حزب الله” بحيث “لا نسلّم رقابنا لصندوق النقد” بحسب تعبيره.
غير أنّ هذا الموقف لا يبدو منسجماً في النظرة إلى الأمور مع الوقائع من منظور المجتمع الدولي، خصوصاً وأنّ مصدراً فرنسياً رفيعاً أكد لـ”نداء الوطن” أنّ خطة حكومة دياب “عليها أن تحظى بموافقة صندوق النقد الدولي وليس العكس بمعنى أنّها يجب أن تنال موافقة المساهمين في الصندوق وشروطهم لا أن تكون خطة بشروط حزب الله”.
وأوضح المصدر الفرنسي أنه “ينبغي أن تقدم هذه الخطة الوضوح المطلوب من الحكومة اللبنانية إزاء ما هو أساسي في عملية الإصلاح ومكافحة الفساد وبالتالي لا يمكن للسيد نصرالله ولا لأي مسوؤل آخر في الدولة اللبنانية أن يستمر في الاستفادة على سبيل المثال من هدر الكهرباء على حساب صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا من بين المساهمين في الصندوق”، معرباً في ضوء المستجدات والمواقف الأخيرة والأداء الرسمي في لبنان عن “تشاؤم كبير بالنسبة للمستقبل اللبناني انطلاقاً من التشكيك بقدرة الأغلبية الحاكمة، المتمثلة بأكثرية “حزب الله” وحلفائه، على تلبية الشروط الدولية الهادفة إلى مساعدة لبنان”، وأضاف لافتاً إلى أنّ “حزب الله” قبل بمبدأ الاستعانة بصندوق النقد الدولي “لأن الوضع أصبح صعباً جداً على الحكومة وعلى كل القطاعات التي يستفيد منها الحزب وجمهوره ولكن إذا اعتقد الحزب أنّ بإمكانه تقييد الشروط التي سيتم وضعها من قبل صندوق النقد وأنّ بإمكانه الربح من الصندوق من دون دفع بدل لقاء ذلك فهو يكون مخطئاً لأنّ ذلك ببساطة أمر غير ممكن” .
وإذ رأى أنّ “حلفاء “حزب الله” يقعون في فخه لأن حسابات الحزب مختلفة ولا تصب باهتماماتها في خانة إصلاح الميزانية العامة”، قال المصدر الفرنسي إنّ “موقف باريس الرسمي من حكومة دياب هو الإصرار على وجوب التحرك باتجاه تنفيذ الإصلاح مقابل إبداء فرنسا جهوزيتها لمواكبة المسار الإصلاحي واستعدادها لمساعدة لبنان إذا توصلت الحكومة اللبنانية إلى برنامج عمل مع صندوق النقد الدولي”، مشيراً إلى أنّ “باريس جاهزة للتدخل في سبيل التخفيف من تأثير التبعات الاجتماعية للشروط المطلوبة من الصندوق”، لكنه أردف متسائلاً: “هل بإمكان الجانب اللبناني إبرام التفاهم مع صندوق النقد حول ما ينبغي القيام به وما هو مقبول وما هو مرفوض؟” وأكد المصدر في هذا المجال أنّ “بيان الخارجية الفرنسية بالنسبة لخطة حكومة دياب واضح وهو يمثل موقفاً رسمياً ينتظر تنفيذ الإصلاح من الحكومة اللبنانية، فإذا التزمت مساراً واضحاً وشفافاً من الإصلاحات ستكون هناك ضرورة عندها لمواكبة هذا المسار وإيجاد وسائل لمساعدة لبنان. ولكن من أجل التوصل إلى ذلك تبقى المشكلة هي نفسها منذ أيام حكومة الرئيس سعد الحريري وهي أنّ هناك شروطاً للمساعدة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بمثابة “شيك على بياض” للحكومة اللبنانية”.
وتعليقاً على ما يثار عن تجنب فرنسا وضع “حزب الله” بجناحيه السياسي والعسكري على لائحة الإرهاب مثلما فعلت ألمانيا من أجل الإبقاء على قناة الحوار مع الحزب، أجاب المصدر الفرنسي الرفيع: “هناك آلية أوروبية لمعاقبة الجناح العسكري لـ”حزب الله” أي أنّ بإمكان فرنسا ان تضع أسماء وشخصيات أو مجموعات على هذه اللائحة على أساس معلومات يتم تقاسمها مع الشركاء الأوروبيين”، لكنه شدد في المقابل على أنه “حتى لو وضعت فرنسا “حزب الله” بكامل تنظيمه على لائحة العقوبات الأوروبية فهذا لا يمنع التحاور مع الحزب، لأنّ نظام العقوبات لا يعني وقف الحوار وأكبر مثال على ذلك هو أنّ الاميركيين يتحدثون ويتفاوضون مع حركة طالبان الموضوعة على لائحة إرهاب الأمم المتحدة”، مشدداً على أنّ “سياسة فرنسا تجاه “حزب الله” ليست مرتكزة على مبدأ الحاجة إلى التحاور معه”.

لا ثقة محلية بالخطة الاقتصادية للحكومة اللبنانية
جيسي طراد/اندبندنت عربية/05 أيار/2020
بلحظة وصفت بالتاريخية، وبعد انتظار دام أشهراً، تكشفت معالم الخطة الإنقاذية التي وضعتها حكومة الرئيس حسان دياب. خطة قديمة جديدة أسقطها واقع بات مأزوماً لدرجة لم تعد تكفيه الخطط العريضة والنوايا الحسنة والمبادرات غير القابلة للتطبيق.
فالخطة التي أشبعت درساً بحسب دياب نفسه، وضعت أطراً فضفاضة لعناوين للإصلاح وإعادة الهيكلة، لكن من دون آليات تنفيذية واضحة تعالج مكامن الخلل في لبنان، وتحديداً في الهدر والفساد المستشري الذي ابتلع مقدرات الدولة على مدى أكثر من 30 سنة.
وفيما اختلفت الأرقام بين المسودة المسربة سابقاً والخطة المعلنة لجهة رفع قيمة الخسائر ورسم صورة أفضل للتعافي الاقتصادي المنتظر، تضمنت الخطة أيضاً مخالفات قانونية بالجملة بدّدت الثقة التي تسعى الحكومة لاكتسابها وجعلتها في مرمى المسائلة النيابية والطعن الدستوري.
مجلس الوزراء: الخطة قابلة للتعديل أثناء التطبيق
وكشف مصدر من القصر الحكومي في بيروت لـ “اندبندنت عربية” أن الخطة التي أعلن عنها دياب والتي يتبنى كامل بنودها ليست جامدة وانما متحركة بحسب الظروف وخضعت لنقاشات مع مختلف شرائح المجتمع اللبناني. وبيّن المصدر أن “صندوق النقد الدولي مرتاح للملامح الاولية للخطة التي تقدم بها لبنان للحصول على مساعدات نقدية تصل الى 10 مليارات دولار”، كما أبدى الأوروبيون والفرنسيون خصوصاً ارتياحهم لبنود الخطة وبدأ التحضير لاجتماع قريب للمجموعات المعنية بمؤتمر “سيدر” المخصص لمساعدة لبنان.
وعن الانتقادات التي وجِهت للخطة، جدد المصدر التأكيد على أنها “ليست مُنزلة وقد تطرأ عليها التعديلات قبل الاقرار وحتى اثناء التنفيذ، ويمكن اضافة بنود جديدة بما يخدم مصلحة لبنان واقتصاده”.
وفيما الاصطدام في المجلس النيابي غير متوقع كون المناقشات شملت معظم الأطراف السياسية والاقتصادية في البلد، يؤكد المصدر أن الخطة لا تحتاج إلى البرلمان لاقرارها، “وانما بعض البنود التي وردت فيها قد تحتاج إلى قوانين، وبدأ فريق العمل الحكومي فعلياً منذ نهاية الاسبوع الماضي بوضع آليات لبدء تطبيق بنود الخطة”.
الدولة ترفع قيمة خسائرها
في المقابل، سارعت جمعية مصارف لبنان إلى رفض الخطة النهائية التي طرحتها الحكومة واعتبرتها انفرادية وتهدد ما يقارب 3 ملايين مودع في النظام المصرفي اللبناني. فالمصارف المعنية مباشرة بالأزمة المالية، لم تتم استشارتها أو إشراكها في الخطة، كما اعتبرت الجمعية أن عملية إعادة الهيكلة المحلّية، كما وردت في الخطة، من شأنها الإمعان في تقويض الثقة بلبنان محلياً ودولياً.
وعلقت على عدم وجود استراتيجية فعّالة لمكافحة الفساد كما عدم وضوح آليات إعادة التمويل، إن من صندوق النقد الدولي أو حتى مؤتمر سيدر.
وفي سياق متصل، كشف أمين عام جمعية المصارف مكرم صادر لـ “اندبندنت عربية” أن توجه الحكومة لسد الخسائر المحققة، ما زال يطال أموال المودعين في المصارف اللبنانية وتحديداً الذين يملكون ودائع تفوق 500 ألف دولار، مستغرباً “كيف تحمّل الدولة المصارف التجارية مسؤولية رسملة مصرف لبنان وهو مؤسسة عامة تابعة للدولة اللبنانية”.
تفاصيل وأرقام
– تسعى الخطة المطروحة لاستعادة ما قيمته 105 مليارات دولار من الخسائر من تقديرات سابقة عند 83 مليار دولار.
– تحمّل الخطة 15 مليار دولار من الخسائر لميزانية مصرف لبنان و25 مليار دولار من الخسائر للمصارف عبر رأسمالها وأصولها ليشُطب بذلك كامل رأسمال القطاع المصرفي اللبناني الذي يصبح تقنياً مفلساً.
– 65 مليار دولار هي القيمة المتبقية للخسائر المحققة وتسعى الحكومة إلى تحميلها للمودعين الكبار، وذكر الرئيس دياب أن هؤلاء يشكلون 2 في المئة من إجمالي المودعين أي بحسب أرقام جمعية المصارف 51 ألف مودع، يملكون أكثر من 500 ألف دولار في حساباتهم بقيمة إجمالية تبلغ 85 مليار دولار.
– لحظت الخطة الحكومية استبدال أموال المودعين المشطوبة بأسهم في المصارف، في ما يعرف بمصطلحBail in (مساهمة المودعين برأسمال المصرف) وبشكل اختياري ما يطرح تساؤلات عدة: فمن سيسعى للاستثمار في مصارف شبه مفلسة؟ وبأي سعر ولماذا؟ ومن يستفيد أو يسعى لتغيير ملكية المصارف؟ وما هي الخيارات أمام المودعين الذين لا يريدون أسهماً في البنوك؟ وهل فعلاً يثق اللبناني بصندوق سيادي تديره الدولة الفاشلة التي أوصلت البلاد إلى الانهيار؟
– طرحت الحكومة أيضاً استعادة الفوائد المدفوعة على الودائع التي تفوق 50 ألفاً من دون إيجاد حل لمن سيّل ودائعه عبر شراء عقارات أو مقتنيات أخرى.
وفي ظل عدم اتضاح الصورة حول الآلية الدقيقة لتغطية الخسائر من أموال المودعين، تحذّر جمعية المصارف من شطب الثروات الخاصة وإفلاس البنوك ما من شأنه أن يهدد الاقتصاد اللبناني لأربعين سنة مقبلة.
فالأموال وإن أخذت، لن تكفي ولن يبقى من موارد لتمويل الاقتصاد مستقبلاً للنهوض من الأزمة وعودة عمل الشركات وخلق الوظائف وتخوفت من عودة الاستدانة بظل غياب الإصلاحات الحقيقية ووقف الهدر والفساد ما يبشر بأزمة مشابهة خلال سنوات قليلة مقبلة.
أسعار مبهمة لسعر الصرف
لا تقنع الخطة المقترحة الدكتور جورج نعمة عميد كلية الاقتصاد في جامعة الحكمة الذي وصفها بغير المكتملة، وغير الواضحة وغير القابلة للتطبيق، على الرغم من بعض الطروحات الجيدة التي يضعها في خانة النويا الحسنة.
وبمتابعة لبعض النقاط الأساسية يكشف نعمة ما يلي:
في طرح تغيير سعر الصرف الذي بات حاجة ملحة للقيام بأي إصلاحات اقتصادية، لم تتفق الحكومة على سعر جديد بظل خلافات واضحة وتصويت أحزاب المردة وأمل وحزب الله ضد تحرير سعر الصرف. أما مستوى 3500 ليرة للدولار المطروح في الخطة فهو لا يرتكز على أي أسس علمية، وقد تم اعتماده كمرجعية لاحتساب الأرقام في النسخة الأخيرة للخطة من تقييم بالدولار ورد في المسودة.
وركز نعمة على عدم تضمين الخطة سعر صرف مرن وطرح ما يعرف بمصطلح Crowling Peg أي خفض تدريجي لقيمة العملة التي تبقى مرتبطة بالدولار عند مستويات تحددها السلطات النقدية ما قد يشكل عقبة أمام طلب مساعدة صندوق النقد الدولي.
لم تتطرق الدولة إلى حجم القطاع العام الذي يشكل 30 في المئة من إجمالي القوى العاملة في لبنان بمستويات مرتفعة جداً، مقارنة بحجم قطاع عام لا يتخطى متوسطه 11 في المئة في الدول الأوروبية مثلاً.
وشكك نعمة في صدقية الخطة التي تكلمت عن وقف التوظيف وارتكز على التجارب السابقة في موازنات الأعوام الماضية وإقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب حيث أقرّ وقف التوظيف على الورق فيما ارتفعت بالمقابل أعداد موظفي القطاع العام.
فأكثر من 5000 وظيفة أضيفت بعد إقرار قانون سلسلة الرتب والرواتب كما يبقى في القطاع العام أكثر من 35 ألفاً من الموظفين من دون توصيف وظيفي واضح.
لم تلحظ خطة الإنقاذ آلية واضحة لمكافحة التهرب الضريبي لا بل طرحت بوضوح رفع جديد للضرائب من دون البناء على تجارب الموازنات السابقة. فخلال السنوات الثلاث الماضية أدى رفع الضرائب في اقتصاد يعاني من الركود إلى نتائج عكسية فتراجعت الإيرادات، ورفع الضرائب مجدداً سيشكل ضربة قاضية للمؤسسات والشركات الممتثلة فيما ستبقى الشركات المتهربة عصية على القانون.
– تهدد الخطة المقترحة القطاع التربوي الخاص مباشرة كما مؤسسات أخرى كالمستشفيات أو الجمعيات الخيرية عبر الاقتطاعات التي طرحتها الخطة للودائع التي تفوق 500 ألف دولار ما يهدد شبكة الأمان الاجتماعي. فأموال المؤسسات التربوية في المصارف هي ملك للمستخدمين لديها وأي اقتطاع منها بحسب نعمة يهدّد وجود المدارس والجامعات الخاصة مباشرة، كما يهدّد الاقتطاع من أموال المستشفيات مثلاً أو الجمعيات الأمان الاجتماعي الذي أسهبت الخطة في الكلام عنه إنما من دون آليات واضحة للتطبيق، لا بل تشكل الطروحات التي تضمنتها الخطة الإصلاحية تهديداً مباشراً للمجتمع اللبناني في أمنه التربوي والصحي والغذائي. خطة الحكومة المتكاملة، غير كاملة بحسب أركان السلطة نفسها، فالنائب في التيار الوطني الحر إبراهيم كنعان والمنتمي إلى فريق الرئيس عون وصفها بالخطة غير المنزلة أو الصائبة في كل توجهاتها.
واعتبر أن الكثير مما تتضمنه بحاجة إلى تطوير ونقاش في المجلس النيابي ومع القطاع الخاص. وبانتظار مواقف الكتل السياسية سيبرز أيضاً في الأيام المقبلة موقف صندوق النقد الدولي من الخطة والذي يعول لبنان على مساعادته للخروج من الأزمة.