أحمد عبد العزيز الجارالله/السياسة: باعوا فلسطين وباعونا دعوهم يبحثوا عن حل

79

باعوا فلسطين وباعونا دعوهم يبحثوا عن حل
أحمد عبد العزيز الجارالله/السياسة/03 شباط/2020

دعا وزيرُ الخارجيّة السّعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله في كلمة ألقاها، أمس، أمام الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة إلى “التضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة”.

معالي الوزير نسألك: مع من نتضامن، مع الذين كانت الكويت حاضنة لهم، ومنها انطلقت حركة “فتح” بقيادة ياسر عرفات، وجعلت القضية الفلسطينية قضيتها الأولى، وفرضت التبرعات علينا، ودفعت مئات ملايين الدولارات للفلسطينيين، وعندما غزاها صدام حسين كانوا هم أول من سانده، مطالبين بضمها إلى العراق وجعلها المحافظة 19، كما نكَّلوا بالكويتيين، أكثر مما نكَّل جيش صدام؟

نتضامن مع الذين أواهم الأردن، وبدلا من المحافظة عليه، جعلوه وطنا بديلا لهم، فمارسوا الإرهاب على أرضه بتفجير الطائرات المدنية، وافتعلوا حوادث “أيلول الاسود”، كذلك فعلوا في لبنان، حين اقتطعوا أرضا منه أطلقوا عليها “فتح لاند”، وساهموا بالحرب الأهلية وارتكبوا المجازر ضد اللبنانيين، ولم يُتخلص منهم إلا بعد الاجتياح الإسرائيلي، ونقلوا حينها بالبواخر إلى تونس حيث بدأوا يعملون على إثارة القلاقل فيها؟

هل نتضامن مع الذين قاتلوا إلى جانب القذافي، ومارسوا الإرهاب ضد المصريين، وتحولوا بندقية للإيجار بيد من يدفع أكثر من الأنظمة العربية، أو الذين قاتلوا اليمنيين في حروب الانفصال، ونسوا قضيتهم، أو مع من خطفوا الطائرات وفجروا النوادي والسفارات في العالم؟

وهل نتضامن مع من نكث العهد في جوار الكعبة المشرفة، في اتفاق “حماس” و”فتح”، أم الذين رموا المملكة العربية السعودية وملوكها بأبشع التهم لأنها وقفت موقفا معتدلا، وسعت إلى حل قضيتهم بعيدا عن الشعارات، كما دفعت مئات الملايين، لدعم القضية، فيما قادة الشعب الفلسطيني، والفصائل المسلحة كانوا يعيشون بترف بتلك الاموال، أم نتضامن مع من اغتال وزير الخارجية الإماراتي سيف غباش على أرض الإمارات؟

معالي الوزير، يطلب وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي التضامن مع الفلسطينيين، وقضيتهم، وكذلك فعل وزراء الخارجية العرب أول من أمس، لكن نسأل: ألم يسع الفلسطينيون ذاتهم إلى تصفية قضيتهم من خلال انقساماتهم، ولعبهم على وتر العواطف العربية والابتزاز؟

أليس هم الذين قدموا التنازلات حتى وصلوا إلى هذه الحال، ألم يقتلوا من بعضهم أكثر مما قتلت إسرائيل منهم، وتحول بعض فصائلهم أداة في يد إيران تعيث الفساد والإرهاب والفتن في العالم العربي؟

اسمح لنا يا معالي الوزير أن نقول: القضية الفلسطينية لم تعد قضية العرب الأولى كما كانت الأنظمة توهمنا سابقا، بل هي قضية فلسطينية- إسرائيلية، وحلها يكون بالتفاوض المباشر بين طرفيها، فيما على العرب ألا يبالغوا، فلا هم يستطيعون هزيمة إسرائيل، ولا العالم يسمح لهم، لأنها دولة تتمتع بعلاقات قوية مع الدول الكبرى، ولها تياراتها فيها حيث لا يجرؤ أحد على مقاومتها، فيما العرب ليس لديهم إلا الشعارات، فالفلسطينيون هم الذين خسروا قضيتهم، وما عليهم إلا أن يبحثوا عن الحل بأنفسهم.