طوني بولس/”نصر الله” الرجل الإيراني الثاني.. “الدولة العميقة” في أميركا اتخذت قرار تصفية سليماني

296

“نصر الله” الرجل الإيراني الثاني.. “الدولة العميقة” في أميركا اتخذت قرار تصفية سليماني
طوني بولس/موقع نيوزكيت/09 كانون الثاني/2020

في أول اطلالة له بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، أعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله باسم “محور المقاومة” الحرب على الولايات المتحدة الأميركية، معطياً الضوء الاخضر للفصائل الموالية لإيران في مختلف الدول العربية الشروع بتنفيذ مهمة استهداف القوات الأميركية في الشرق الأوسط.

ولم يخف نصر الله الدور المباشر لقاسم سليماني في انشاء ودعم وتوجيه فصائل في اليمن والبحرين وسوريا والعراق ولبنان، والذي يعتبر بالنسبة للقوانين والمواثيق الدولية تدخلاً فاضحاً وزعزعة لاستقرار عدد من الدول العربية.

اعلان الحرب من لبنان
وتعليقاً على تصعيد نصر الله وإعلانه الحرب على الولايات المتحدة من لبنان أشارت مصادر ديبلوماسية غربية بأنه منذ اغتيال سليماني تلقت شخصيات رسمية لبنانية نصائح من مراجع دولية بإبقاء لبنان بعيداً من المواجهة المحتملة بين إيران وأميركا، لأن المشهد الاقليمي يؤشر الى انّه فُتح على تداعيات غير محمودة تبعاً لتصاعد التوتر.

وفق المصادر فإن الاميركيين لن يكتفوا باغتيال سليماني، وقد وجهوا رسائل حاسمة لإيران بأن أي تصعيد سيقابله ردا لم تشهده إيران سابقاً وقد تم نقل الرسالة الى القيادة الايرانية عبر القطريين والسويسريين، متخوفتاً من ان يكون نصر الله بإعلانه الحرب من لبنان قد وضع الدولة اللبنانية رسمياً بمواجهة شاملة مع المحور الأميركي وادخله في عمق الصراع الإقليمي، في ظل صمت رسمي تام من جانب الحكومة ورئاسة الجمهورية اللبنانية.

نصر الله الثاني في إيران
وفي السياق تقول بعض الأوساط السياسية “انه لو كان أمين عام حزب الله حسن نصر الله ايرانياً لكان بالنسبة لعلي خامنئي الشخصية الأولى لخلافة قائد فيلق القدس قاسم سليماني”، وتعتبر ان فيلق القدس هو الذراع القوية للنظام الإيراني القائم على أيديولوجيا “تصدير الثورة” حول العالم والقرار الفعلي في إيران ينطلق من الخامنئي ويمر عبر الحرس الثوري وليس عبر الرئيس والمؤسسات الرسمية.

وترى الأوساط ان حزب الله هو الركن العربي لفيلق القدس الإيراني والذي توكل اليه مهمات عديدة في العالم العربي والإسلامي، ولديه ايضاً منظمة للأمن الخارجي لتنفيذ مهمات في مختلف دول العالم، مضيفة بأنه وفق التراتبية في فيلق القدس كان سليماني النقطة المحورية بين حزب الله والمرشد الأعلى الإيراني ومع مقتله بات نصر الله اللصيق الأول بالرغم من تعيين خلفاً ادارياً لسليماني.

نصر الله “يرث” سليماني
من ناحيته رأى المحلل السياسي اللبناني توفيق الهندي، انه وبالرغم من تعيين العميد إسماعيل قيآني قائداً لفيلق القدس خلفا لقاسم سليماني، الا ان الوريث الفعلي لنشاط سليماني خارج إيران هو امين عام حزب الله حسن نصر الله الذي سيقوم بقيادة “محور المقاومة”، معتبراً ان سليماني هو الرجل الثاني في إيران بعد المرشد علي خامنئي، وهو يتقدم شأناً على الرئيس الإيراني حسن روحاني وباقي المؤسسات والشخصيات، وهو مرتبط مباشرة بخامنئي.

واشار الى ان فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني يرتكز على الفصائل التابعة له في عدد من الدول العربية وعلى رأس هؤلاء حزب الله اللبناني، وكون حسن نصر الله هو من أبرز اركان المنظومة الإيرانية وقد نشأ على العقيدة الإيرانية واثبت قدرته على تلبية التطلعات الإيرانية منذ توليه الأمانة العامة للحزب عام 1992، إضافة الى نشاطات حزب الله التي باتت تتخطى الحدود اللبنانية، وبالتالي هو الوحيد القادر على التنسيق بين الفصائل المختلفة التابعة لفيلق القدس.

ورأى الهندي ان فصل نصر الله بين الرد الإيراني على مقتل سليماني ورد “محور المقاومة”، معاكسا القول الأميركي أن إيران هي المسؤولة عن أفعال “محور المقاومة” ومتخطيا” حقيقة أن إيران هي رئيسة هذا المحور، يؤكد على ان نصر الله بات من يحدد الاستراتيجيات العامة في هذا المحور، ويعزز ذلك حديثه عن “القصاص العادل” لأميركا بإخراجها عسكريا من المنطقة، مما يعني إعلان الحرب العسكرية رسمياً على الولايات المتحدة الاميركية.

“الدولة العميقة”
من جانبه يعتبر امين عام المؤتمر الدائم للفدرالية الدكتور الفريد رياشي ان هنالك إعادة رسم للسياسات الاستراتيجية للشرق الاوسط ومن ضمنها الدور الايراني الذي تعاظم في السنوات الأخيرة، معتبراً ان الاستراتيجيات والتكتيكات تتبدل مع تغيير الإدارات في الولايات المتحدة، الا ان الرؤية والأهداف لا تتبدل بل تخضع للتقييم كل فترة كون “الدولة العميقة” هي من يرسم الرؤية والأهداف.

ويرى ان لدى الادارة الاميركية مقاربة استراتيجية جديدة انطلاقاً من التوازنات المستجدة في المنطقة والقائمة على الثنائية الـ “سنية” والتي تنقسم إلى محورين متناقضين:
١- المحور السعودي- الاماراتي- الاردني- المصري، حيث يمكن لأي مراقب ان يلاحظ صعود الدور المصري كما السعودي وما واكبه من تغييرات على البنيان العضوي للمنظومة الاجتماعية في السعودية، كما توسع نفوذ كل من الإمارات ومصر.
٢- المحور التركي- القطري حيث يلاحظ ايضاً تنامي نفوذ البلدين وخاصة تركيا والذي وصل تدخلها الى النزاع في ليبيا بالرغم من بعد المسافة الجغرافية، وعدم وجود عوامل سياسية أو ثقافية مشتركة بين البلدين، الا ان الهدف التركي الاساسي تهديد الأمن الداخلي المصري.

تصفية “الصقور”
ويشير رياشي الى ان وفق هذه المقاربة باتت الاستراتيجية الأميركية ترتكز، على اضعاف التمدد الايراني “الشيعي” والذي أصبح قوة تهدد هذه التوازنات الشرق أوسطية، وعلى استهداف الشخصيات النخبوية المؤذية والتصدّي ضد وكلاء إيران، الامر الذي دفع بواضعي السياسات الاستراتيجية في اميركا Policymakers الى اتخاذ القرار بتصفية قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني باعتباره المحرك الاول للأذرع الإيرانية، معتبراً ان هذا الاغتيال يتطابق مع وجهة نظر تعتبر بأن هنالك قوى إصلاحية في إيران تتذرع بعدم قرتها على ابرام اي اتفاق يجنب إيران المواجهة المباشرة بوجود الصقور الممثلين بالحرس الثوري الإيراني وحلفائه.

عنف يسبق الاستسلام
اما عن التداعيات تصفية سليماني، يقول: “سنشهد في الوقت الراهن تصعيد في المواجهة وأعمال العنف والتي قد تكون مكلفة للمحاور المتعددة بانتظار إرساء معادلة جديدة”، مضيفاً “شعور إيران بالتهديد الجدي قد يجعلها مستعدة للقبول بالعروض من ضمن الشروط الاثني عشر التي حددها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو في مقابل عدم ضرب المكامن الحيوية للنظام الايراني كما عدم القيام بالمزيد من عمليات الاغتيال ضد الرموز الأساسية للنظام، والسعي لرفع العقوبات الاقتصادية والتي أثرت كثيراً على مكونات الشعب في إيران وشكلت ضغطاً على الحكومة والمنظومة الحالية”.