محمد أبي سمرا: شكوى قضائية ضد حرّاس برّي وأنصاره يردون بالروح بالدم/بتول خليل: حرس عين التينة.. خيرة أوادم “الأستاذ

245

حرس عين التينة.. خيرة أوادم “الأستاذ”
بتول خليل/المدن/11 كانون الأول/2019

شكوى قضائية ضد حرّاس برّي.. وأنصاره يردون”بالروح بالدم”
محمد أبي سمرا/المدن/11 كانون الأول/2019
ما أن شاهد حراس قصر رئيس مجلس النواب في عين التينة، ورئيس “حركة أمل”، مسيرةً احتجاجية سيّارة تعبر في شارع فردان منتصف ليل الثلاثاء -الأربعاء 10 – 11 كانون الثاني الجاري، متوجهة إلى منزل وزير الأشغال العامة السابق الجنبلاطي غازي العريضي في فردان، حتى دبّ الذعر في حراس القصر الرسمي.

حراس القصر الهائجون
ذعر هو صنو قوة الحقد في صدور حراس الرئيس، على المحتجين منذ 17 تشرين الأول الماضي، على سلطانه وسلاطين المحميات اللبنانية من أمثاله. وهاجم حراس القصر الهائجون – وهم شطر من شرطة مجلس النواب الرسمية، الذين كانت كثرة منهم من عناصر حركة الرئيس الميليشياوية، واختارهم ليصيروا حراسه الخلّص المدربين والمؤتمنين – الشبان والصبايا في مسيرتهم السيارة على وزراء الأشغال العامة في لبنان (ومنهم غازي العريضي)، احتجاجاً على الطوفان المطري الذي غمر طرقاً وشوارع كثيرة في بيروت وضاحيتها الجنوبية، وجعلها بحيرات طوال نهار الإثنين 9 كانون الأول الجاري.

هاجم حراس الرئيس سيارات المحتجين/المحتجات، وحاصروهم فيها ومنعوهم من الفرار، وراحوا يحطمونها، ويخرجون منها من وصلت أيديهم “المباركة” إليهم وإليهن، وانهالوا عليهم/عليهن بهراوات حراس التشريع وقصره. حطموا سيارات كثيرة وجرحوا عدداً من الشبان والصبايا. وصبيحة الأربعاء 11 كانون الأول الجاري، بادرت “لجنة المحامين المتطوعين للدفاع عن المتظاهرين” منذ 17 تشرين الأول الماضي، إلى تقديم شكوى في مقر سرية بيروت الإقليمية التابعة لقوى الأمن الداخلي في الرملة البيضاء، بناءً على إشارة الرئيس غسان عويدات مدعي عام التمييز في بيروت. وتحمل الدعوى صفة الإدعاء الشخصي على المعتدين “المجهولين”، والذين تعرف المحتجون على أحدهم، المدعو قاسم شعبان، بواسطة صوره وما كتبه على صفحته الفيسبوكية عن الموقعة التي اعتز بها، بصفته الرسمية في عداد حرس رئيس المجلس النيابي في قصره المفدى.

وحضر إلى مخفر قوى الأمن الداخلي في الرملة البيضاء عدد من المعتدى عليهم وعليهن، مزودين بأشرطة الفيديو المصورة عن الغزوة الليلية التي قام بها شعبان وأمثاله على موسيقى قتالية واكبتهم في خروجهم من قصر عين التينة وهجومهم على موكب المحتجين.وحذف شعبان صفحته على فيسبوك، بعدما علم بالدعوى القضائية الموثقة بصورته وما كتبه عن الغزوة الليلية.

جنرالات إمارة بري
في 5 – 12 – 2017، كتبت ناشطة على صفحتها في فيسبوك عن “جنرالات إمارة بري” بعد نحو خمسة أشهر من حادث اعتداء شرطة مجلس النواب على متظاهرين إثر محاولتهم التوجّه نحو مجلس النواب للإعتراض على إقرار قانون الانتخاب. وجاء في ما كتبته الناشطة أن جهاز أمن رئاسة مجلس النواب تعود الأمرة الأولى فيه للرئيس بري، وكذلك التوظيفات فيه، وأدواره في تأمين الحماية الشخصية لرئيس مجلس النواب وعائلته ومقرات إقامته ومواكبة تنقلاته.

ويتألف الجهاز ثلاثة أقسام: شرطة مجلس النواب، سرية من قوى الأمن، وسرية من الجيش.
“الشرطة” معنية بتأمين أمن الرئيس والمحيط الداخلي لمجلس النواب، فيما تشمل صلاحيات سرية الجيش وسرية قوى الأمن (مع شرطة المجلس أحياناً كثيرة) حماية أمن الرئيس وعائلته والمحيط الخارجي اللصيق لمجلس النواب ومداخله، إضافة الى مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة والمصيلح ومنزل بري في الجناح، والمراكز التابعة لرئاسة مجلس النواب والمهرجانات والمناسبات وفي كل مكان يتواجد فيه “دولته” أو عائلته.
وتخضع قيادة شرطة مجلس النواب في كل ما يتعلق بالترقيات والتعيين والراتب لسلطة رئيس مجلس النواب مباشرة وأمرته، ويطبق عليها ما يطبق على قوى الأمن الداخلي لناحية الرواتب والتعويضات…
يبلغ عديد شرطة المجلس حالياً ما يقارب 430 عنصراً. بينهم 17 ضابطاً، إثنان منهم برتبة عميد وهما عدنان الشيخ علي ويوسف دمشق الملقب بـ “أبو خشبة”، المحصورة مسوؤلياته بأمن مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة. لكن عديدهم لامس الـ 525 عنصراً في سنوات سابقة. والغالبية الساحقة من العناصر ليسوا فقط من الشيعة بل من الموالين أو المنتسبين لـ “حركة امل”.  وأول من رقيّ إلى رتبة عميد هو “أبو علي” يوسف دمشق الذي نزعت صلاحية أمن مبنى مجلس النواب من يده قبل سنوات عديدة، فعيّنه بري مسؤول أمن عين التينة حصراً. أما سرية الجيش في جهاز حماية مجلس النواب فعديدها 320 عنصراً، وهي حالياً برئاسة العميد عماد صعب، وسرية قوى الأمن برئاسة العقيد عمار حاطوم وعديدها 220. وهما يتبعان لأمرة رئيس الجهاز.

مسيرة الوفاء للإمارة
وصبيحة الأربعاء 11 كانون الأول الجاري، وُزع بيان يدعو إلى “مسيرة الوفاء لدولة الرئيس نبيه بري” في الساعة السادسة مساء. وذلك نصرة لشرطته المعتدية على المتظاهرين. وجاء في البيان – النداء:
“يا أبناء الإمام القائد السيد موسى الصدر
يا أبناء روح الله الموسوي الخميني
يا شرفاء الأمة…
ندعوكم لمسيرة وفاء لقائد مسيرة التنمية و التحرير الذي أسقط جميع المؤامرات عن الوطن، و لطالما كان درع المقاومة والمنتصر الدائم من أجلها.. دولة الرئيس نبيه بري.
تنطلق القافلة من الضاحية الجنوبية من ساحة المشرفية في تمام الساعة السادسة مساءً.
سنحيي القائد النبيه ورجال حرس مجلس النواب المقاومين
وسنردد الهتافات التي تربينا عليها “بالروح بالدم نفديك يا نبيه”.
وهكذا، تتأكد أبدية الرئيس بالأرواح وبالدماء.. شاء من شاء وأبى من أبى!

اضغط هنا لمشاهدة مقطع من فيديو يبين وحشية وهمجية شبيحة وزعران بري المرتدين اللباس الرسمي العسكري

حرس عين التينة.. خيرة أوادم “الأستاذ”
بتول خليل/المدن/11 كانون الأول/2019
خلال دراستي الجامعية، دفعتني مقولة صادمة لأحد أساتذتي بأنّ “العدو الإسرائيلي قوة رحيمة مقارنة بتاريخنا الإجرامي في حق بعضنا البعض”، إلى نبش مقالات وتقارير والكتب عن كلّ ما يتعلق بصراعات الساحة اللبنانية في التاريخ الحديث، لأكتشف أن حرب الأخوة، التي جرت بين تنظيمات وأحزاب وقوى من الطائفة والمذهب نفسهما، بل والثقافة والمنطقة وحتى البيت الواحد، لا سيما حرب التصفيات بين التنظيمات الفلسطينية والاغتيالات وحرب الالغاء المسيحية، كانت الوحشية فيها أبشع وأكثر تجلياً.

لكن أكثر ما هالني وقتها اكتشافي، أن حرب الأخوة بين “حركة أمل” و”حزب الله” لم تكن أقل دموية وبشاعة، ولعلّها إحدى الحروب الوحيدة التي قتل فيها الأخ أخيه. وليس التعبير مجازياً هنا، إنما هو تعبير حرفي. إذ شهدت هذه الحرب على أنّ الأخوة، الذي تربوا وعاشوا في المنزل نفسه، ومن الأم والأب نفسهما، قتل أحدهم الآخر في تلك الحرب.

أهل الحروب والمعارك باتوا اليوم أنفسهم أهل السلطة والمسؤولين عنا، والذين تقف الثورة في مواجهتهم، فيما ندعمها بكل وجداننا وعقلنا. نحن الذين أخبرنا أهلنا بأنه، وحتى المستقبل القريب، كانت قداسة اسم الزعيم، أهم من حياتنا وأماننا وإحساسنا بإنسانيتنا وحقنا في التعبير. إذ كان يكفي لأي طرف، إذا ما اختلف مع أحدهم على موقف سيارة أو على سعر كيلو البطاطا، أن يصيح لرفاقه أو أبناء حيّه بأن فلاناً قد سبّ “الأستاذ”، وهذا هو المفتاح السحري وكلمة السرّ لإهدار دمه وممتلكاته وسحق روحه وعجن جسده.

وهذه النغمة المعروفة استمرت بفاعلية لسنوات طوال، حين ألصقت هذه التهمة، التي كانت تُعتبر الذنب الأعظم والجرم الأكبر، بمئات الأشخاص الذين تحطمت محالهم وسُحقوا تحت الأقدام وتم سحلهم، ليس لأنهم بالفعل قد شتموا “الأستاذ”، إنما لمجرّد أن أحدهم قد نسب إليهم هذه التهمة التي لا تغتفر. وهذا النهج، الذي كان سائداً في أيام الحرب، استمر حتى في أيام الدولة في مناطق نفوذ “حركة أمل” ومحيطها، خصوصاً في حيّ اللجا غربي بيروت.

حوادث بالعشرات بل بالمئات وثّقت في سجّل الحركة وأنصارها. ويُحكى أنه أثناء أحداث السابع من أيار، وفي حين كانت عناصر “أمل” تجتاح البيوت وتحرق المراكز الحزبية وترتكب السرقات والتجاوزات، التي كانت أكثر من تُحصى، وباتت معروفة وموثّقة، اتصل أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله، برئيس مجلس النواب، نبيه بري، قائلاً له إنّ ممارسات بعض العناصر غير مقبولة، وإنه كان من المفترض إبعاد هؤلاء الشبيحة والزعران عن المشاركة في هذه المعركة. فما كان من بري إلا أن سارع إلى الرد: وراس الإمامو علي يا سيّد، نزلتلك عالشارع خيرة الأوادم والحجاج”.

فهل من أحد أخبر الثوار الذين توجّهوا إلى محيط عين التينة، ما يفعلون بأنفسهم؟ فالأحداث التي شهدتها منطقة فردان مساء أمس، أعادت إلى ذاكرتي نقاشنا القديم مع أستاذنا الجامعي حول القوة الرحيمة. وأدركت كم كان حرس قصر عين التينة رحيماً ومسالماً وحضارياً في التعامل مع المتظاهرين. إذ إن مجرّد تهشيم وجه أو تحطيم أسنان أو تكسير سيارات وزجاجها، يُعبّر فعلاً عن أقصى درجات ضبط النفس والتعامل الحضاري من قبلهم، هم الذين عاملوا المتظاهرين بالاسلوب الألطف، لمجرّد أنهم تركوهم على قيد الحياة، بعدما اشتبهوا في أنهم قد يتوجهون إلى مقرّ الأستاذ، في حين أنّ عين التينة لم تكن وجهتهم أساساً، بل صودف مرورهم في محيطها وتلقوا نصيبهم من الاعتداء لمجرّد الشبهة.

أما الشامتون، الذين علت قهقهاتهم في مواقع التواصل تجاه المتظاهرين السلميين، الذين تمّ الاعتداء عليهم، فإنّ كلامهم نابع من خلفيات مفهومة، كونها ممزوجة بالإحساس بالتفوّق وفائض القوة والحقد. في حين أنّ مواقفهم الشامتة تُمعن في تعريتهم من إنسانيتهم ومواطنيتهم، وتُعبّر عن تحقير ذاتهم مقابل تعظيم الزعيم والقائد، الذي سقط مفهومه في معظم أرجاء العالم الحر، ولم يعد موجوداً سوى في بضعة بقع سوداء في خريطة هذا الكون، في أماكن مثل كوريا الشمالية وإيران وسوريا وهنا في لبنان، حيث أن الوطن والشعب يفدون الزعيم وخلود بقائه وتعظيم شأنه، ومراعاة شعوره وتجنّب إزعاجه بنقدٍ أو صرخة وجع. هنا تُسحق شعوب وتهدم أوطان، فقط كي يرتشف الزعيم قهوته بهدوءٍ كل صباح.

ومن لم يبلّ يده بالمتظاهرين أمس قرب عين التينة، استلحق نفسه عبر مواقع التواصل، ليساهم بمزيد من التعنيف والاستهتار والسحق والشماتة والسخرية، والإصرارعلى مخاطبة مواطن مثله، يعيش على الأرض نفسها ويقاسمه المعاناة والهموم ذاتها، بالتوجه إليه من أعلى إلى أدنى، وبخطاب القوي إلى الضعيف.

هؤلاء ومن هم على شاكلتهم، يسرحون ويمرحون أمام الكاميرات وأجهزة الأمن، ممعنين في ضرب المتظاهرين وشجّ رؤوسهم ومطاردتهم بالهروات وسلب ممتلكاتهم وحرق خيمهم، من دون أن تقول لهم السلطة “يا محلا الكحل بعينك”! بينما تشحذ الأجهزة الأمنية همّتها وتشدّ أزرها في ملاحقة المتظاهرين والقبض على من يتسنّى لها، لتزجّهم في السجون لأسباب وأفعال تُعتبر في مقياس الثورة أقل من تافهة. كلّ هذا الصيف والشتاء تحت سماء لبنان الواحدة.

وكلّ هذا، وهناك من لا يزال يسأل: لمَ الثورة؟! ولمَ الإصرار على التمسّك بها؟!وهي التي لا نرى فيها سوى أملنا وخشبة خلاصنا الوحيدة.

اضغط هنا لمشاهدة مقطع من فيديو يبين وحشية زعران بري