علي حماده: باشكاتب لعهد بائس/عبد الوهاب بدرخان: البحث عن طرطور للحكومة/A Puppet PM For Occupied Lebanon

128

باشكاتب لعهد بائس 
علي حماده/النهار/06 كانون الأول/2019

البحث عن ”طرطور” للحكومة
عبد الوهاب بدرخان/النهار/06 كانون الأول/2019

****************
باشكاتب” لعهد بائس 
علي حماده/النهار/06 كانون الأول/2019
لا تعفي دعوة الرئيس ميشال عون للاستشارات النيابية الملزمة صاحبها من حكم الناس القاسي عليه بافتقاره الى حس المسؤولية، كونه ترك البلاد في حالة من الفراغ المؤسساتي، والغليان الشعبي لاكثر من ستة أسابيع، من دون ان يغير في سلوكه وبطانته قيد انملة، لا بل ان الرئيس ميشال عون الذي رفع بوجهه رؤساء الحكومات السابقين وبحق بطاقة حمراء انما اضاؤوا على أدائه السيئ في تحمل المسؤولية، كما انهم حددوا موضوعيا ان احد مكامن الخلل في الدولة يعود الى وجود رجل في سدة الرئاسة يفكر ويتصرف بذهنية جنرال سابق على جبهة سوق الغرب او القليعات في زمن الحروب البائسة التي خاضها بالطريقة التي خاضها وللأسباب المعروفة آنذاك. وليس الان وهنا وقت العودة الى ملف حروب ميشال عون البائسة، لأننا الان واقعون كلبنانيين في عين عهد رئاسي بائس وفاشل يسير بالبلاد نحو القعر الذي لا خروج منه. بالطبع لا يقتصر حكم الناس القاسي على الرئيس ميشال عون وعهده البائس الذي يضرب الأرقام القياسية في عمليات الانتحار العابرة للطوائف والمناطق. والمسؤولية الكبرى تقع على رئيس الجمهورية الذي وان لم يكن يمتلك الصلاحيات الرئاسية التي كان يملكها في الجمهورية الأولى، فإنه باعتباره رمزا للسلطة في البلاد، وحاميا للدستور والقوانين، وراعيا للمواطنين دونما تمييز، والأهم مما تقدم، باعتباره القاطرة المعنوية والأخلاقية للشعب، فإنه كان يمكن ان يجنب البلاد الكثير من الويلات التي حلت بها في السنوات الثلاث التي مرت.
نعود الى الاستشارات النيابية الملزمة، فالدعوة الى الاستشارات يوم الاثنين تستبطن مزيدا من خرق روح الدستور، وضرب موقع الرئاسة الثالثة، والأهم انها تستبطن كسب وقت للالتفاف على مطالب الناس، بهدف تشكيل حكومة على نقيض مما طالب به الشعب على مدى أسابيع. يريد عون ومن يسيرون في ركبه ان يشكلوا حكومة يعيدون فيها تدوير القديم في شكل جديد، وبعض الـ”رتوش التجميلي”، ويريدون تنصيب “عصا” على رأس الحكومة مستعدة ان تقبل بكل شيء، وفي كل وقت، لقاء منصب يكاد يصير من يتبوأه مجرد “باشكاتب” عند “حزب الله”. هذا المسار سيئ ومدمر، وهو انقلاب على الثورة ومطالبها ولن يمر كما يتوهمون.
استطراداً نقول للأطراف الآخرين أي الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، والدكتور سمير جعجع، الاّ ينجروا وأن يحاذروا الدخول في حكومة الانقلاب على الثورة، وان يتركوا السلطة لمن يريدون الاستمرار في إدارة البلاد وكأنها سجن كبير، فيتحملوا المسؤولية وحدهم.
وليأتوا بمن شاؤوا من المرشحين لمنصب “باشكاتب” الذي يعدونه للمرحلة المقبلة. فليشكلوا حكومتهم وحدهم، وليتقاسموا في ما بينهم جميع المقاعد الوزارية، وليسموا من يريدون في الحكومة العتيدة. ليواصل هؤلاء التفكير في ذهنية من لا يزال عالقا خلف متراس في جبهة سوق الغرب العام 1988، ومن لم يخرج من زواريب بيروت يوم 7 ايار 2008.

البحث عن ”طرطور” للحكومة
عبد الوهاب بدرخان – النهار
استطاع رئيس الجمهورية أخيراً أن يمارس الصلاحية الكبرى التي يملكها، إذ يحتجز الاستشارات النيابية ويحاول، عبر الوزير جبران باسيل، أن يعثر على رئيس للحكومة ليكلّفه تشكيل ما يشكّله باسيل وتأليف ما يؤلّفه. في أقلّ تقدير يريد العماد ميشال عون وصهره حكومة مشابهة لتلك المستقيلة مع تعديلات يستنسبانها، وبيّنت التسريبات خريطة طموحات باسيل والوزارات التي يريد السيطرة عليها ليضمن أن أي اتهامات بالفساد لن تطاوله لاحقاً لئلا تقضي على مستقبله السياسي، فهو لا يزال يعتبر أن له مستقبلاً سياسياً… وبهذه الطريقة يكون الرئيس والصهر يبحثان عن “طرطور” يسميانه رئيساً للحكومة، شرط أن يرضى بصفته/ وظيفته هذه وألاّ يحاول التذاكي أو الظهور كمَن لديه مشروع أو شروط، فالمشروع الوحيد في هذا العهد الرئاسي كان ولا يزال الإعداد لـ”عهد جبران”.
هذا النهج في إدارة الحكم، بالأحرى إدارة اللاحكم، هو أقرب الى تفكير جماعة/ عائلة وليس الى نهج دولة، وهو يقود الى ما قاد بشار الأسد سوريا إليه، أي الى الكارثة. وبالمعنى الطائفي، لمَن يفكّرون طائفياً فقط، هو نهج مَن يرى أولاً أن طائفته ملزمة بنصرته لأنه يمثّل “مجدها” وتفوّقها، وبالتالي يحقّ له إلزام الطوائف الأخرى بالتطوّع لخدمته، حتى وهو يسيء مثل بشار الأسد الى طائفته والى الطوائف جميعاً. يتناسى الرئيس وصهره أنه سبق لهما أن خاضا أشرس الحملات باسم الدستور و”الميثاقية”، لكنهما كانا آنذاك جنديين في معركة تمكين “حزب الله” من السلطة بمعزل عن أي دستور وميثاقية. أما وقد انعطب “العهد” و”وليّ العهد” ووقعا في فخّ أخطائهما، فقد أوقعا معهما حليفهما “الحزب” الذي وجد فجأة أن لا مصلحة له في التمسّك بمن أصبح عبئاً أكثر مما هو حليف، لكن خياراته الأخرى محدودة.
يعود الفضل الى الانتفاضة الشعبية في انكشاف الوجوه والأدوار، فهي ببساطتها وعظمتها في آن أعادت الى “الوطنية” معنىً ومكانة، وجعلتها معياراً لا يمكن طمسه، الوطنية التي هي نقيض سرقة المال العام، نقيض الفساد بكل أشكاله، نقيض الاستحواذ على الدولة بالسلاح غير الشرعي، نقيض السكوت على هذا السلاح مقابل المناصب والامتيازات، ونقيض صفقات المحاصصة. يكاد الجميع يفهم ما فعلته الانتفاضة، باستثناء “العهد” وصهره وحليفه، إذ يبدو لهم أن الإنكار أقل كلفة من الاعتراف بما حصل وبما يستوجبه من عمل، فالأولوية عندهم لمكاسبهم وليس لإنقاذ البلاد.
على رغم أن الأزمة المالية أصبحت أزمة معيشية متجهة سريعاً الى أن تصبح كارثة، وعلى رغم أن بعض العالم مهتمّ ويطالب بحكومة جديدة يعمل معها على تخفيف آلام الانهيار، إلا أن الأهم عند الرئيس ألّا يفقد الصهر منصبه في الحكومة، والأهم عند “حزب الله” ألّا يفقد وجوده في واجهة الحكم. وكلاهما يريد مساعدات عربية كي يحافظا على عدائهما المكشوف للعرب.