طوني بولس: أذرع حزب الله تمتطي الثورة ضد المصارف والجيش والطابور الخامس يتحرك لإنقاذ السلطة/بيروت ترد التحية إلى بغداد… انتفاضة بوجه أذرع إيران

120

بيروت ترد التحية إلى بغداد… انتفاضة بوجه أذرع إيران
طوني بولس/انديبندت عربية/20 تشرين الأول/2019

أذرع حزب الله تمتطي “الثورة” ضد المصارف والجيش… “الطابور الخامس” يتحرك لإنقاذ السلطة
طوني بولس/انديبندت عربية/19 تشرين الأول/2019
“الشعب يريد إسقاط النظام” هو الهتاف الأبرز الذي ميّز الانتفاضات في بعض الدول العربية منذ موجتها الأولى في أواخر عام 2010، انطلاقاً من تونس، واستمر ذلك مع انطلاق الموجة الأحدث هذا العام إثر انفجار ثورة الشعب اللبناني ورفعه الهتاف ذاته مع إضافات تعطي الحراك الشعبي بعده المحلي.
نصر الله يهدد اللبنانيين
ودخل أمين عام حزب الله حسن نصر الله في إطلالته التلفزيونية اليوم في ذكرى أربعينية الحسين، على خط الاشتباك الحاصل موجهاً رسائل محلية ودولية في مختلف الاتجاهات، وفق تعليق مصادر سياسية لبنانية، اعتبرت أن كلامه يشكل تهديداً مباشراً للراي العام اللبناني وإمعاناً بسحق السيادة اللبنانية واختصار رأي الشارع اللبناني، وتحديداً بقوله “أنتم تضيعون وقتكم لا يمكنكم إسقاط العهد”. ولفتت المصادر ذاتها إلى أن كلام نصر الله اختصر طريق الـ 72 ساعة التي أعطاها رئيس الحكومة سعد الحريري، وأظهر نفسه في موقع المقرر الأول والنهائي في لبنان، ووضع الحريري في موقع المنتظر لتعليمات السيد ليبني على الشيء مقتضاه. وشددت على أن الحريري وضع نفسه حتى الآن في خانة الشريك لسلطة حزب الله والتيار الوطني الحر (حزب رئيس الجمهورية)، مضيفةً “إذا أنت مش قدها (غير قادر على مسك زمام الأمور) انسحب نحن لن نعطي حزب الله و(وزير الخارجية) جبران باسيل انتقالاً هادئاً وسنواجههم في الشارع وبالسياسة، لبنان بلد عربي، ولن يكون تابعاً لولاية الفقيه، ولن نقبل أن نكون ضحية لمغامرات حزب الله”.
اختراق الثورة
مصادر أمنية لبنانية كشفت عن مشاركة ملموسة لمناصرين لحزب الله في التظاهرات الاحتجاجية، حيث لاحظت قيام عناصر حزبية تملك خبرات ميدانية بلعب أدوار مشبوهة ضمن صفوف المتظاهرين، مشيرةً إلى أن هذه العناصر حاولت في أكثر من مناسبة تحويل التظاهرات الشعبية باتجاهات عدة أبرزها:
أولاً، ومنذ بداية التحركات صباحة الجمعة دخلت في صفوف المتظاهرين في منطقة الحمرا مجموعات بدأت تطلق شعارات معادية للقطاع المصرفي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتدعو المتظاهرين إلى مهاجمة مبنى مصرف لبنان، ما استدعى انتباه المتظاهرين بخاصة بعد تدخل القوى الأمنية لحماية المصرف المركزي.
ثانياً، كان لافتاً إعلان مصادر قيادية في حزب الله انها تترك الحرية لقاعدتها الشعبية في التحرك للمطالبة بأمور اقتصادية معيشية، الأمر الذي رأت فيه المصادر محاولةً للتشويش على المعارضة الشيعية المتعاظمة والتعتيم على حجمها الكبير ضمن البيئة الحاضنة للحزب، بحيث تظهر الاحتجاجات وكأنها ليست معارضة للحزب، إلا أن الأمر لم يجر كذلك على الأرض، إذ استطاع معترضون فك طوق حزب الله ومهاجمة مراكز تابعة له ولحركة أمل، إضافة الى الهتافات التي نددت بشكل واضح بنصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري. ثالثاً، اعتبرت مصادر أمنية أن عمليات الشغب التي رافقت التظاهرات في وسط بيروت كانت نتيجةً لاختراق عناصر مدربة على الشغب ومهاجمة القوى الأمنية، صفوف المحتجين، بهدف افتعال إشكال معها وبالتالي ضرب صورة التظاهرات وحرفها عن مسارها السلمي، تمهيداً لفضها بالقوة من قبل العناصر الأمنية. وأضافت المصادر بأن تلك العناصر قطعت الطرقات في مناطق إستراتيجية لمنع وصول المتظاهرين إلى نقاط التجمع الرئيسية والدفع في اتجاه بقاء المواطنين في منازلهم تحت ذريعة قطع الطرقات احتجاجاً على الأوضاع، مشيرةً إلى أنه لا يمكن تعميم هذه الظاهرة فأكثرية التحركات كانت عفوية وبعيدة كل البعد من أي أهداف ونوايا خبيثة.
“القومي” أداة الحزب في المناطق المسيحية
وعن مشاركة الحزب القومي السوري الاجتماعي الحليف الرئيس لحزب الله والتيار الوطني الحر ودعوته الصريحة إللى ركوب الموجة الشعبية، اعتبرت المصادر أنها تأتي في سياق أمر العمليات الصادر من حزب الله باختراق الثورة وإسقاطها، ففي المناطق المسيحية التي لا وجود فاعل للحزب والتيار الوطني الحر محرج بالتحرك في الشارع يلعب القومي الدور نيابة عن المرجعة الأولى والهادفة لمصادرة الحراك وإسقاطه. على المقلب الآخر، أشارت مصادر غربية إلى أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب تحركات الشعب اللبناني وأداء الجيش اللبناني الذي لا يزال حتى الساعة يقوم بدوره في حماية المقرات الرسمية وتأمين المواطنين والمتظاهرين، من دون المس بالحريات العامة وحق التظاهر السلمي، مشيرة إلى حكمة قائد الجيش العماد جوزف عون بإدارة الأمور ميدانياً بشكل جيد.
استهداف قائد الجيش
ولم تخف المصادر مخاوفها من عمل “الطابور الخامس” المعلوم والمجهول، من أخذ الأمور في اتجاه العنف واستجلاب مواجهات مع الجيش اللبناني للتشويش على قائد الجيش، حيث تشير المصادر إلى أن رغبة بعض السياسيين الطامحين للرئاسة تشكل حساسية مع قائد الجيش الذي يحظى باحترام وإجماع على الساحة الداخلية ويتمتع بعلاقات جيدة مع المجتمعين العربي والغربي، لافتةً إلى أن العماد جوزف عون يتعرض لضغوط كبيرة للتشويش عليه من مراجع وزارية تابعة لتحالف حزب الله والتيار الوطني الحر.
الثورة مستمرة
من ناحية أخرى، أقرّت مصادر المتظاهرين بأنها تلحظ تحركات مريبة ضمن صفوفها تسعى إلى تغيير مسارها. وأشارت إلى أنها تحاول قدر الإمكان منع “المندسين” وطردهم من صفوفها ولذلك فهي تحاول عدم القيام بتحركات مركزية في بيروت إنما تتجه إلى تعزيز الحراك المناطقي حيث يسهل التعرف على “الدخلاء” والعابثين، مشددةً على استمرارها على الرغم من كل المحاولات التي باتت مكشوفة ولن تتراجع عن مطالبها الثلاثة بإسقاط رئيسَي الجمهورية والحكومة وحل المجلس النيابي تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة. وشددت المصادر على اعتبار عناصر القوى الأمنية جزءاً من حراكها مستنكرة كل أوجه التعدي عليهم وعلى الممتلكات العامة، متهمةً من سماهم وزير الخارجية جبران باسيل بأنهم “طابور خامس”. وانتقدت محاولات التنفيس التي أعلن عنها التيار الوطني الحر بأنه سيرفع السرية المصرفية عن حسابات وزرائه ونوابه، معتبرةً أن هدف هذه الخطوة هو تشتيت الرأي العام لأن الكل يعلم أن الأموال المنهوبة وُضعت في مصارف أوروبية وغربية أو بأسماء مقربين وشركات وهمية.

بيروت ترد التحية إلى بغداد… انتفاضة بوجه أذرع إيران
طوني بولس/انديبندت عربية/20 تشرين الأول/2019
بوادر خلاف بين حزب الله وحركة أمل في التعاطي مع ما يحصل على الأرض
من بيروت إلى بغداد الشعب يصرخ “لا للطائفية نريد دولة مدنية”. وفي بيروت يكتب الشعب السطر الأخير من عصر 14 مارس (آذار) 2005، الذي أنتج خروج جيش النظام السوري من لبنان ليكتب السطور الأولى من ولادة جديدة للبنان تبدأ في 20 أكتوبر (تشرين الأول) 2019. 14 عاماً بين 14 مارس 2005 و20 أكتوبر 2019 يجمع بينهما ثورة شعبية عفوية عارمة ملأت الساحات والشوارع في قلب العاصمة ومحيطها، وتمددت إلى مختلف المناطق اللبنانية. فجّرها قلق على مستقبل ومصير، وعلى سيادة ولقمة عيش كريمة.
الشيعة ينتفضون على نصر الله
بين بغداد وبيروت عاد الشريك الشيعي بشكل واضح كاسراً حاجز الخوف والتهديد. ففي بغداد قتل قناصة العشرات من العراقيين ولكن بقيت الثورة هادرة ولم تستكِن. أما في بيروت، فنزلت الملايين إلى الساحات لترد على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي توعد اللبنانيين والسياسيين بعظائم الأمور فكانت الرسالة مدوية وصادمة. المدن والبلدات ذات “اللون الشيعي” قالت كلمتها “لا للثنائية المتجسدة في حزب الله وحركة أمل”، وواجه المتظاهرون بصدور عارية الرصاص والعراضات المسلحة. وهنا لا بد من التوقف أمام جملة من العوامل التي أدت إلى خروج البيئة الشيعية عن العباءة الإيرانية.
أولاً – احتكرت ثنائية “حزب الله – حركة أمل” كل الوظائف المخصصة للطائفة الشيعية، وقد استطاعت على مدى 30 سنة الماضية توظيف عشرات الآلاف من المناصرين في الدولة، لكن في السنوات الماضية وبسبب وضع الدولة المالي بدأ هذا الأمر يتقلص إلى حدوده الدنيا لينضم عشرات الآلاف من الشبان الشيعة إلى جيش العاطلين من العمل، ما زاد حالات الفقر والتململ في المناطق الشيعية بشكل غير مسبوق.
ثانياً – الأزمة المالية التي يعاني منها حزب الله بسبب العقوبات الأميركية التي خنقت داعميه الإيرانيين انعكست بشكل كبير على تقديماته للمناصرين والمحازبين، والمؤسسات التابعة له والتي تضم الآلاف من المواطنين الشيعة. فهذا الحزب الذي ربط أكثر من مليون شيعي خلال العقود الماضية بمؤسسات تابعة له لم يعد قادراً على استكمال تمويلها.
ثالثاً – مارس الحزب السطوة والاستبداد في بيئته تحت شعار “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” وخوّن كل من عارضه. ولا يخفى أن الضيق الاقتصادي والمعيشي والشكوى من سياسة السلطة، يطال كل الفئات والطوائف. ونظراً إلى انخراط حركة أمل وحزب الله في السلطة فإن الاتهامات وجهت إليهما من قبل المناصرين بالمسؤولية عن الأوضاع الاقتصادية المزرية.
حزب الله يرمي كرة النار على “أمل”
مصادر شيعية معارضة تشير إلى أن هول الصدمة الشعبية دفع بحزب الله باتجاه محاولة التنصل من تحمل المسؤولية الاجتماعية الاقتصادية ورميها على “شريكه” في الثنائية حركة أمل في محاولة لركب موجة النقمة المتصاعدة ضد السلطة وإظهار نفسه شريكاً في مطالبة السلطة وتحميلها وزر الانهيار الاقتصادي-الاجتماعي، مشيرة إلى أن الصراع الخفي بين الحزب والحركة بدأ بالخروج إلى العلن بشكل واضح.
ولفتت المصادر إلى أن مندسين من حزب الله اخترقوا صفوف المتظاهرين في المناطق الشيعية وحاولوا التصويب باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري والعمل على تحييد حسن نصر الله، مضيفة أن الرسالة وصلت إلى بري حيث وللمرة الأولى بتاريخها، امتنعت قناة NBN التابعة لبري عن نقل خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وهي الوحيدة بين الشاشات اللبنانية التي لم تنقل الخطاب، في وقت كانت تبث مسيرة تضامن مع الرئيس بري في صور.
وشدّدت المصادر نفسها على أن محاولات نصر الله رمي كرة النار على حركة أمل واستمالت المتظاهرين فشلت وكشفت عن ارتباك واضح بين استرضاء الجمهور الغاضب وحرصه على أن تبقى الأمور كما هي، بإعلان دعمه بقاء الحكومة والبحث عن حلول “بروح جديدة ومنهجية جديدة”.
نصر الله يتمسك بالحريري
ورأت المصادر أن نصر الله سيستميت لإبقاء الوضع الراهن كما هو، حيث يعتبر أن التركيبة الحالية هي الخط الدفاع الأول عن مشروعه الممتد من طهران إلى بيروت. وتضيف أن رئيس الجمهورية يغطي مشروعه الإقليمي والحكومة التي يرأسها الحريري باتت أداة بيده لتسويق سياساتها محلياً ودولياً بلباس شرعي ومجلس نيابي وفق توازنات تعطيه هامش الإمساك بتوازنات السلطة، معتبرة أن نصر الله بات مدافعاً شرساً عن الرئيس الحريري.

في المقابل، تشير مصادر سياسية لبنانية إلى أنها تدرك أن تريث الحريري بتقديم استقالته مرتبط بتوازنات واتصالات دولية ومن ضمنها فرنسا، التي تربطها مصالح مع إيران ولديها قنوات اتصالات فاعلة مع حزب الله، إلا أنها تعتبر أن على الحريري أن يختار بين الزعامة والحكومة.
نصر الله يهدد جنبلاط؟
وأشارت المصادر إلى أن الشارع السني بأكثريته الساحقة تموضع بشكل واضح في ساحتَي رياض الصلح والشهداء وسط بيروت وبقية المناطق اللبنانية، وأنه لا يزال ينتظر انضمام الحريري إلى صفوف المتظاهرين، مشيدة بموقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي اتخذ قرار الاستقالة من التسوية المدمرة للبنان.
وتخوّفت المصادر من أن يكون رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد تلقى رسائل تهديد دموية من النظام السوري أو حزب الله، ما يدفعه للتريث والتراجع عن الشراسة الذي بدأها في الأيام الماضية، مذكرة أن جنبلاط كان أول من أطلق شعار “العهد الفاشل” وهو أول من نزل على الأرض للتحرك ضد عهد ميشال العون، داعية جنبلاط إلى كسر حاجز الخوف وتسجيل اسمه على لائحة الشرف التي ستقود المرحلة المقبلة من تاريخ لبنان الجديد.