كلوفيس الشويفاتي:هجوم مضاد.. الأميركي باللايزر والسعودي بالعلولا

69

هجوم مضاد.. الأميركي بـ”اللايزر” والسعودي بـ”العلولا”

كلوفيس الشويفاتي/ليبانون فايلز/الجمعة 15 شباط 2019

 لم يتأخر الردّ الخليجي الأميركي على زيارة وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى لبنان.

ولم تهضم واشنطن ولا الرياض ما طرحه الوزير الإيراني وإن لم يلقَ صدى في الأوساط اللبنانية نظراً لارتداداته السلبية على الوضع السياسي الاقتصادي وحتى الأمني.

وفهم من يعنيهم الأمر أن الساحة اللبنانية لا يُمكن أن تكون متروكة ومستباحة لمبادرة من هنا وطرح من هناك يتنافى مع نظام لبنان وعلاقاته الدولية والعربية…

وانطلاقا من أن المبادرات الإيرانية، وإن لم يستجاب لها الآن قد يستجاب لها في المستقبل، نفّذ المحور الأميركي الخليجي هجوماً مضاداً لكسر كلّ مفاعيل الزيارة الإيرانية وإعطاء البديل العملي الواضح والصريح بأن مصلحة لبنان لا يُمكن أن تكون بين يدَي إيران.

الإنزال السعودي السريع تمثّل بزيارة المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا الذي أعلن فور وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي أن “المسار الإيراني مختلف تماماً عن المسار السعودي” ثم سارع إلى القول “هناك أكثر من عشرين اتفاقا بين السعودية ولبنان ستفعّل كلها وكنا ننتظر تشكيل الحكومة والآن بدأنا الحديث معها وبلا مفاجآت نستطيع تفعيل كل الأمور”. وإذ اعتبر أن “الزيارة هي لتهنئة لبنان بتشكيل الحكومة التي تمنّى أن تكون فأل خير على اللبنانيين وعلى كل العرب”، رأى مراقبون أن زيارة العلولا أبعد من ذلك بكثير من خلال نقاط عدّة تؤشّر إلى عودة المملكة بقوّة إلى الساحة اللبنانية وأبرزها:

– إعلان العلولا رفع الحظر الذي فرضته المملكة على سفر رعاياها إلى لبنان مع ما يعنيه ذلك من إيجابيات على المستويَين الاقتصادي والسياسي.

– مشاركة العلولا في حفل أقامته مؤسسة الحريري والسفارة السعودية في لبنان لدعم مسيرة اتفاق الطائف الذي رعته السعودية وأصبح دستور لبنان والذي حشد فيه رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين وسفراء الدول الغربية والعربية لتوجيه رسالة مفادها أن اتفاق الطائف ما زال ثابتة عربية ودولية وطرح أي معادلة جديدة دونها عقبات كبيرة. وتكرر المشهد في ذكرى استشهاد الرئيس الحريري في 14 شباط عندما اعلن الرئيس سعد الحريري بحضور العلولا ان “إتفاق الطائف هو الدستور وصيغة الوفاق الوطني والقاعدة الاساس للعيش المشترك بين اللبنانيين وإذا كان الخروج على الطائف يتم أيام الوصاية السورية. أما اليوم فخامة رئيس الجمهورية وكل القيادات تؤكد التزام الطائف وعدم الخروج عنه لحدود التخلي عن آراء كالمؤتمر التأسيسي وغيرها”.

– العشاء الذي دعا اليه العلولا والسفير السعودي وليد البخاري في فندق فينيسيا وجمع فيه أركان 14 إذار الذين بعّدتهم المسافات والحسابات السياسية والانتخابية والحكومية وهم الرئيس الحريري ووليد بك جنبلاط والدكتور جعجع، ما أوحى أن السعودية هي الوحيدة التي بإمكانها إعادة إحياء جبهة 14 آذار وبثّ الروح فيها من جديد لمواجهة أي مشروع آخر.

حراك العلولا السريع والمكثف فيه رسالة واضحة لإيران ولقوّتها في لبنان بوجود قوّة آخرى لا يُمكن إلغاؤها أو الالتفاف عليها بغفلة من الزمن…

أما في الجانب الأميركي فالأهم بالنسبة لواشنطن هو عدم خسارة التعاون الوثيق بين الجيشَين اللبناني والأميركي والذي أثمر في مكافحة الإرهاب وتجسّد في عدد من الاتفاقيات لتسليح وتدريب الجيش… ولم يستسغ الأميركيون عرض إيران لتزويد الجيش اللبناني بالصواريخ لمواجهة الطيران الإسرائيلي… وردّت واشنطن بسرعة قياسية بالكشف عن شحنة

صواريخ سلّمتها مباشرة للبنان من خلال بيان صحفي صدر عن السفارة الأميركية في لبنان يُفيد بأن الولايات المتحدة سلّمت صواريخ ذكية موجّهة بالليزرAdvanced Precision Kill Weapon System APKWS إلى الجيش اللبناني وتقدّر قيمتها بأكثر من 16 مليون دولار وتمثّل مكوّناً رئيسياً لطائرة A-29 Super Tucano الجديدة التابعة للقوات الجويّة اللبنانية .

وأضاف البيان الأميركي أن تسليم هذه الشحنة يعبّر عن التزام حكومة الولايات المتحدة الثابت والحازم بدعم الجيش اللبناني بصفته المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان.

“إلتزام ثابت وحازم” كلمات سيكون لها الوقع الكبير على الجانب الإيراني وعلى “حزب الله” في لبنان… وقد ذكّر البيان أيضا بأن واشنطن قامت منذ العام 2005 باستثمار أكثر من ملياري دولار في شراكتها القوية مع الجيش اللبناني. هذا التطويق السعودي الأميركي السريع لزيارة ظريف جعل مفاعيلها أثراً بعد عين، وفتح الساحة اللبنانية من جديد على صراع خليجي أميركي بمواجهة تمدّد النفوذ الإيراني في أكثر من منطقة في الشرق الأوسط.

وقد تكون هذه المواجهة الجديدة في لبنان مؤثرة جداً على أمل ألا ينجرّ اللبنانيون إلى مواجهة بعضهم البعض ويتمكّنوا من تفادي التأثيرات الخطيرة على البلد