شادي علاء الدين/أفيخاي أدرعي الناطق الرسمي باسم مشروع حزب الله في لبنان

143

أفيخاي أدرعي الناطق الرسمي باسم مشروع حزب الله في لبنان
شادي علاء الدين/07 كانون الأول/18

يعمل الناطق الرسمي باسم جيش الدفاع الإسرائيلي أفيخاي أدرعي بكل ما أوتي من مكر على تعميق سطوة زمن حزب الله على لبنان، ربطا بالمشروع الهادف إلى منع أي فصل بين البلد والحزب تمهيدا لشرعنة أي حرب ستشنها إسرائيل عليه.
يقتضي هذا المشروع قبل كل شيء شرعنة ممارسات السياسيين اللبنانيين وشرعنة خطابهم المتماهي مع منطق حزب الله، سواء لناحية التحالف المباشر والسير في ركاب الحزب، أو الاعتراض البارد الطامح إلى انتزاع دور داخل التركيبة العامة التي يهندسها، ويرسم معالمها ويحدد مساراتها.

مؤخرا عمل أدرعي على إطلاق سلسلة رسائل مباشرة إلى اللبنانيين يعتمد فيها الآليات نفسها التي يستخدمها السياسيون اللبنانيون في تراشقهم مع بعضهم البعض، بشكل بدت فيه وكأنها كلام مألوف، ولكنه كان يعلم أن صدوره عنه سيحوله إلى كلام ممنوع.

خاطب أدرعي وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل متهما إياه بأنه معتاد على الكذب على اللبنانيين والاستهتار بهم، داعيا إياه بسخرية إلى تنظيم جولة إعلامية في أنفاق كفركلا.

حين خاطب أدرعي وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل متهما إياه بأنه معتاد على الكذب على اللبنانيين والاستهتار بهم، داعيا إياه بسخرية إلى تنظيم جولة إعلامية في أنفاق كفركلا، فإن جبران باسيل قد تحول لبنانيا وتحت سطوة ضرورة التناقض مع كل ما يصدر عن العدو الإسرائيلي إلى شخص لا يمكن إلا أن يحمل الصفات المناقضة تماما لكل الأوصاف التي أطلقها أدرعي عليه.

الفكرة أن هذه الصفات سبق وأن أطلقت على باسيل من قبل اللبنانيين مباشرة أو غمزاً وتلميحاً وغالباً ما كان الهجوم عليه يتم تحت عنوان الاحتجاج على دعمه لحزب الله والاستكانة أمامه والرضوخ إليه، إضافة إلى الانتقاد الذي يطال ممارساته في وزارة الخارجية وممارسات وزراء التيار الوطني الحر.

بعد تصريحات أدرعي فإن باسيل لم يعد آيلا للكذب ولا للخطأ، بل بات عنوانا للصدق والأمانة والشرف، وتاليا فإن كل سلوكاته التي تصب في صالح تعميق استيلاء حزب الله على الدولة قد باتت مشرعنة، لا بل تمثل البنية التي تنبثق منها الشرعيات.

عمد أدرعي كذلك إلى مخاطبة رئيس الحكومة المكلف باللهجة العامية اللبنانية في تغريدة على موقع تويتر كذلك مبدياً حرصا كبيرا على تصويره في دور المسكين والعاجز قائلا له”أنت قلت هيدي الإشيا عن القرار 1701من زمان ونحنا بدنا نصدقك عنجد بس المشكلة إنو حزب الله بعدو بيكذب عليك وعلى اللبنانيين”، وأشار إلى موضوع الأنفاق واصفا تعامل حزب الله بصيغة ساخرة ” فوق الأرض يكذبون وتحت الأرض يحفرون”.

لعب أدرعي في هذه التغريدة على وضعية رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الحرجة بعد أن بذل جهودا كبيرة في الفترة الأخيرة لكي ينجح في تشكيل الحكومة قبل أن يعمد حزب الله إلى تفجير أزمة توزير ما بات يعرف بسنة 8 آذار، وهو كوكتيل من نواب سنة ستة ينتمون إلى كتل نيابية متفرقة اجتمعوا تحت مسمى اللقاء التشاوري، وعملوا على المطالبة بتمثيلهم بوزير في الحكومة المزمع تشكيلها.

بعد رفض الحريري القاطع لتوزير أحد هؤلاء والذي تم تفجيره كلغم يمنع قيام الحكومة، عمل حزب الله على تصعيد المواجهة عبر عراضات أمنية متنقلة كان أبرزها مؤخرا واقعة قرية الجاهلية، التي فجرها ظهور فيديو للوزير السابق وئام وهاب يشتم فيه الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.

بعد ذلك عمدت قوة من فرع المعلومات إلى محاولة جلب وهاب بعد تمنعه عن الاستجابة للتبليغات القضائية التي صدرت في حقه، وكانت نتيجة العملية سقوط مرافقه محمد أبو ذياب في إطلاق نار حرص على اتهام القوى الأمنية بالمسؤولية عنه، وانتهى الأمر بتبني حزب الله لمنطق وهاب وتأكيده على حلفه معه والدفاع عنه.

ما جرى كان خطيرا للغاية لأنه كشف بوضوح تام عن هشاشة بنية الدولة الرسمية والشرعية في مواجهة التمكن الميليشوي المدعوم من حزب الله
ما جرى كان خطيرا للغاية لأنه كشف بوضوح تام عن هشاشة بنية الدولة الرسمية والشرعية في مواجهة التمكن الميليشوي المدعوم من حزب الله، وأظهر الحريري والسنة في هيئة من لا يستطيعون سوى ابتلاع الإهانة وهضمها تحت عناوين لم تعد قابلة للتسويق داخل هذه البيئة نفسها، لأن عنوان التضحية من أجل الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار والأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لم يعد قائما.

كان الهدف من هذه اللعبة كلها والتي قرأها أدرعي بعين استخبارية ماكرة هو جر الحريري للانصياع لرغبة حزب الله أو دفعه للتصادم معه بحيث يحقق أي من الاحتمالين النتيجة نفسها. التصادم بمعنى رفع وتيرة الصراع مع الحزب أو إعلان مواقف تعارض رغباته بشكل علني سيدفعه إلى أخذ زمام المبادرة والسيطرة المباشرة على الأمور، كما أن الرضوخ لمطالبه وتشكيل حكومة تنطق باسمه بشكل لا مواربة فيه سيصب في خانة دعم الخطاب الإسرائيلي ضد لبنان، والذي يعمل على تصميم نظرة عالمية ترى أن جيشه وحكومته وناسه ليسوا سوى ظلال لمصانع صواريخ حزب الله.