علي الأمين/لماذا سعّر حزب الله حملته على الحريري بعد سنتين من «التسوية»؟

162

لماذا سعّر حزب الله حملته على الحريري بعد سنتين من «التسوية»؟
علي الأمين/جنوبية/27 تشرين الثاني/18

ما صدر من تعريض واهانة للرئيس سعد الحريري في اليومين الماضيين كان مفاجئاً للعديد من المراقبين، ذلك أنه تجاوز الخطاب السياسي الى التخوين، فقد وصف النائب الوليد سكرية الحريري الأب والابن انهما يمثلان المشروع الأميركي الصهيوني في لبنان، هكذا بزعمه كان الشهيد رفيق الحريري، وسار الابن على منواله، فيما المستوى الذي وصل اليه الوزير السابق وئام وهاب في الابتذال تجاه الرئيس المكلف، دفع بتيار المستقبل الى الرد بشكل عنيف عليه وعلى سكرية، وكان سبق الاثنين كلام صدر عن النائب حسن فضل الله اتهم فيه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بالمسؤولية الكاملة حيال ما وصلت اليه البلاد على المستوى الاقتصادي والمالي.

يمكن الربط بين هذه المواقف لجهة أنها تعبر عن حملة تصعيد بدأت من قبل حزب الله وأطلقها النائب فضل الله، ويتوقع أن يستكملها السيد سالم زهران في حلقة تلفزيونية أو في تغريدة تويترية، “الحملة التي أطلقها حزب الله” كما يقول بعض المراقبين، فاجأت أوساط سياسية عدة، وذلك لأن مستوى الخطاب بين تيار المستقبل و”حزب الله” بقي هادئا كلٌ اتجاه الآخر منذ ان جرى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للبلاد، ولم يعد يسمع اللبنانيون طيلة العامين الماضيين أية مواقف عدائية أو تنم عن أن العلاقة بين الطرفين عادت كما كان عليه الحال قبل انتخاب الرئيس وما سميّ آنذاك بـ”التسوية” التي قامت بين الرئيسين عون والحريري بمشاركة حزب الله وموافقته.

وبحسب مصادر سياسية مناوئة لحزب الله، فان الأخير يمارس في تصعيده فعل تعقيد إضافي لمسألة تشكيل الحكومة، لا سيما أن هذه الحملة ضد الحريري، بدأت في “التصعيد والاسفاف” غداة كلام رئيس الجمهورية عن “أمّ الصبي” في إشارة اعتبرت تمهيداً لحل مشكلة الوزراء السنة من قبل رئيس الجمهورية، ولفتت المصادر نفسها، الى أن تصعيد حزب الله يحمل معنيين لا ثالث لهما وكلاهما ينذر بمخاطر كبرى على البلد.

الأول، أن حزب الله لم يزل متعطشاً لتعطيل تشكيل الحكومة وليس في وارد السماح لها بالخروج الى الضوء، لذا ذهب الى دفع أدواته من أجل افتعال ازمة إضافية لمزيد من احراج الرئيس الحريري ودفعه الى عدم الدخول في أي تسوية، علماً أن الرئيس الحريري قال في مؤتمره الصحفي رداً على ما سماه “افتعال حزب الله” لمشكلة توزير سنة 8 اذار، أن المشكلة ليست بالنواب السنة، وأنها لو جرى حلها فان حزب الله سيقوم بافتعال ازمة أخرى لتعطيل الحكومة.

اما المعنى الثاني لتصعيد حزب الله ضد الحريري، فهو كما تقول المصادر “أن ايران التي تعمل على استخدام ما تبقى من أوراق قوتها في المنطقة للرد على العقوبات الأميركية، اتخذت قرارا بالاستيلاء على لبنان بالكامل وإزالة القناع الذي كانت تتخفى وراءه في عملية احكام سيطرتها على البلد، وهي عبر حزب الله تتجه الى تشكيل حكومة يكون أحد النواب الستة رئيسها، وهذا التفسير لتصعيد حزب الله، يستند الى جملة مؤشرات إقليمية تتصل بسياسة حافة الهاوية التي تدفع ايران الى التصعيد في محيط حلب، وفي الحديدة في اليمن، وفي التمسك بالاتيان برجلها فالح الفياض الى موقع وزير الداخلية في العراق.

في كلا الحالين تبدو قراءة الأوساط السياسية المناوئة لحزب الله، أنّ الأخير، يتجه الى خطوة أولية تتمثل في اضعاف الرئيس الحريري، اما عبر استسلامه الكامل لحزب الله وما يريد على صعيد الحكومة، أو اخراجه من موقع الرئاسة الثالثة والاتيان برئيس حكومة طيّع، وهذا يعني فيما لو تحقق اي استسلام الحريري او خروجه، سيجعل من لبنان في موقع الدولة العدوة لأكثر من دولة في العالم وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية، ولا شك أن مثل هذه النتيجة لن تكون خافية لدى حزب الله، لذا لا يستبعد أكثر من طرف لبناني، أن يفتح ذلك شهية اسرائيلية لتوجيه ضربة عسكرية، وليس من الصدفة أن تقوم اسرائيل منذ الأحد بمناورة عسكرية تستهدف الاستعداد لخوض حربين في نفس الوقت واحدة على الحدود الجنوبية في غزة، وثانية على الحدود الشمالية في لبنان.

فبالتوازي مع مصادقة الحكومة الاسرائيلية على تعيين أفيف كوخافي رئيسًا لهيئة الأركان بدأ جيش الاحتلال مناورات كبيرة في الشمال تستمر لمدّة أسبوعٍ. وتأتي هذه المناورات في وقت يزداد فيه الحديث عن احتمال اندلاع حرب مع حزب الله، والطلب الإسرائيليّ المُتصاعِد من عسكريين وسياسيين بضرورة التركيز على الجبهة الشماليّة وليس نسيانها، مقابل التركيز على غزّة باعتبار الخطر الإستراتيجيّ من الشمال حسب هذه الآراء.