الدكتورة رندا ماروني/التجارة الدامية وسياسة التخزين

414

التجارة الدامية وسياسة التخزين
الدكتورة رندا ماروني/07 تشرين الأول/18

بعد أن روجت معلومات حول نية إيران منح لبنان الأدوية المجانية والمساعدات في حال أسندت وزارة الصحة إلى حزب الله وتم تخطي الإرادة الأميركية في عدم منح الحزب اي من الوزارات الأساسية في عملية تشكيل الحكومة، أشارت مصادر مطلعة لإحدى الصحف المحلية إلى توجه السفارة الأميركية بإعادة تكثيف تهديداتها بتوقيف المساعدات عن أي وزارة يتم إسنادها لحزب الله، ويأتي ذلك في سياق الضغط على المسار الحكومي والمعنيين بهذا الشأن، وأضافت أن الأشخاص من دائرة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري طرح حل وسط يرضي الأميركيين فيما يتعلق بإعطاء وزارة الصحة إلى الحزب وهو عبر إنشاء وزارة دولة للشؤون الصحية تتلقى المساعدات إلا أن هذا الحل جوبه بالرفض القاطع من قبل السفارة الأميركية كما أيضا من حزب الله حيث قالت مصادر من ٨ آذار بأن الحزب الله لن يوافق على هكذا خزعبلات.

وبالرغم من أننا ندين التدخلات من أينما أتت في عملية تشكيل الحكومة، إلا أننا لا نستطيع أن نتغاضى عن إحتساب الربح والخسارة في أي من الخيارين المطروحين، فالولايات المتحدة الأميركية تهدد بوقف المساعدات في حين أن النظام الإيراني يغدق علينا الوعود، وبعد تقص بسيط وجدنا بأن الشعب الإيراني هو الأولى بهذه الوعود لأنه في أمس الحاجة لتلقي المساعدات الإنسانية بعد أن عمد قوات الحرس الثوري الإيراني على نهب المواطنين من خلال سياسة إحتكار الأدوية، فتخزين الأدوية والتلاعب بأرواح المرضى من أساليب النهب المتبعة من قبل قوات الحرس الثوري الإيراني بغية رفع الأسعار وإرغام المرضى على دفع المبالغ المفروضة، هكذا يمكن لقوات الحرس الثوري الإيراني من سلب كمية كبيرة من الثروات والممتلكات المتبقية لدى المواطنين حيث لدى قوات الحرس تجربة كبيرة في هذا الشأن أكان من خلال مشروع المؤسسات المالية والإئتمانية حيث أن 3.4 ملايين شخص نهبت أموالهم لصالح المؤسسات المالية والإئتمانية برأسمال يبلغ 26 ألف مليار تومان ورفع سعر الدولار، كما أن إزالة السيولة من قبل الحكومة بحجة التضخم تسجل رواية عن عملية سلب أخرى للمواطنين المودعين أموالهم بالدولار.

وقد أتت عملية تخزين الأدوية لتسجل وسيلة جديدة من وسائل السلب حيث قال محسن جلواتي وكيل منظمة مراقبة الشفافية والعدالة في قناة ١ للتلفزيون الحكومي،:” واحدة من الشركات المستوردة التي إستوردت الأدوية بسعر 4200 تومان، هددت نائب وزير الصحة بقوله إذا لم تقوموا برفع أسعار الأدوية الخاصة بنسبة 60% فإنني سوف أسحب هذه الأدوية من الجمارك كي تتعرض البلاد للشح الدوائي”.

وبحسب إحصاءات الجمارك تبين وضع استيراد آي. وي آي. جي وآلبومين وفاكتور 8 وأوكسابلكس أن مجموع إستيراد هذه السلع عام 2017 كانت نسبة الاستيراد تصل إلى 19 مليون دولار بينما بلغت هذه النسبة في الأشهر الأربعة الأولى عام 2018، 49 مليون دولار أي بزيادة ضعفين ونصف، وفي الأشهر الستة الأخيرة تم إستيراد هذه السلعة ب88 مليون دولار كما يعني زيادة نسبة الاستيراد. إذا لا شح في وجود الأدوية فما الهدف من عملية التخزين؟

تركز السلطة في تبرير الشح على العقوبات المفروضة لحرف النظر عن الغاية الحقيقة وعن عملية السلب ولكسب نوع من التكاتف العام المجتمعي في مواجهة العقوبات غير أن ما تبغيه السلطة لم يعد لينطلي على المواطنين الذي بات يهتف في المظاهرات التي ينظمها قائلا عدونا هو هنا عدونا هو السلطة، ويرفع يافطات كتب عليها:” لو تنخفض حالة اختلاس واحدة فإن مشكلتنا تنحل”.

غير أن خامنئي لم يتطرق في خطابه الأخير لأي حل واقعي لهذا الاختلاس المنظم بل ألقى اللوم على القوى المتعجرفة وساسة الإمبريالية الأميركية وأشار إلى عيوب مثل فقدان ثقافة التوفير والإسراف، لقد أتى الخطاب بمناسبة إعلان قرار محكمة العدل الدولية ردا على شكوى إيرانية، إتهمت فيها إيران الولايات المتحده بخرق معاهدة الصداقة التي وقعها النظام الإيراني السابق في 1955 وكان وزير الخارجية الإيراني أعلن في منتصف تموز الماضي عن تسجيل شكوى رسمية ضد واشنطن بسبب إنسحابها من الإتفاق النووي وعودة العقوبات ولقد اعتبر خامنئي نفسه منتصرا من خلال هذا الحكم بالرغم من ان ايران لم تحصل على حكم يبطل العقوبات الأميركية المفروضة، إلا أن المحكمة أمرت الولايات المتحدة بضمان عدم تأثر السلع الإنسانية بالعقوبات لقد إعتبرت طهران أنها حققت إنتصارا من خلال هذا القرار فيما إعتبرت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها أن القرار أتى هزيمة للنظام الإيراني حيث أن الولايات المتحده لم تفرض أي عقوبات تتناول سلع تشمل الجانب الإنساني ومنها الأدوية والغذاء ودعا مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي قادة إيران إلى إنفاق الأموال على الشعب الإيراني بدلا من إثارة الرعب في العالم.

في المحصلة دولة لديها هذا الكم من المشاكل الخارجية مع العالم وهذا الكم من المشاكل الداخلية مع مواطنيها الذين يعانون الفقر والعوز والمرض وعمليات السطو والسلب الممنهج بطرق عدة، حيث أن نسبة إرتفاع أسعار الأدوية في إيران بلغت 200 % هذا العام، مثل هذه الدولة وهذا النظام لا ندري مدى وقدر إلتزامه بالوعود عند إطلاقها وما يمكن أن يكون المخطط المرسوم لوزارة الصحة في لبنان في حال تسلمها من قبل حلفاء إيران، في حين أن الشعب الإيراني يهتف منددا بالسلطة واصفا بأنها هي العدو ويتهمها بممارسة التجارة الدامية وسياسة التخزيين.
تجارة دامية
وسياسة تخزين
الرواية دواء
والرب معين
لقوم مستضعف
يتلقى تلقين
إعادة برمجة
يقدم قرابين
على مذبح الفسق
وغدر السنين
يشهد ذلا
وبطش سلاطين
أهدافها حازمة
بقسوةحاكمة
لا ترق ولا تلين
تسلب شعبها
بنهم عتيق
وتحكم الكمين
ظاهرها منافق
باطنها مشين
عجيب أمرها
كغول بدين
يلتهم أخضرا
ويفني يابسا
وكامل التموين
تجارته دامية
سياسته تخزين
والرواية دواء
ختامها حزين.