شارل الياس شرتوني/المطلوب وقف هذه المهزلة وإعلان لبنان دولة فاشلة

80

المطلوب وقف هذه المهزلة وإعلان لبنان دولة فاشلة
شارل الياس شرتوني/01 تموز/2022

إن سقوط اللعبة المؤسسية في هذا الوقت القياسي الذي تلى الانتخابات النيابية، إن دل على شيء فهو على زيف اللعبة الديموقراطية، وتحولها إطارًا فارغًا تستثمره سياسات النفوذ الشيعية لتخريج أداءاتها الانقلابية، واضفاء طابع شرعي على سياسات النهب التي حكمت سلوك الاوليغارشيات السياسية-المالية على تنوع مشاربها. عودة بري الى رئاسة المجلس، وميقاتي الى رئاسة الحكومة، والابقاء على موازين القوى داخل المجلس، وهشاشة الفريق المعارض وضيق هوامشه، وعدم تماسك أداء النواب الجدد وانصياعهم لمراكز القوى الداخلية والخارجية على وجه الاجمال، وإبقاء الحياة السياسية في البلاد على فراغاتها القيمية، فريسة لصراعات القوى المفتوحة على تداعيات كل النزاعات الاقليمية في المنطقة، وغياب أي إحساس بخطورة الأزمات المالية والحياتية المتكاثفة، يحيلنا الى السؤال الأهم، ما هو معنى هذه اللعبة السياسية التي تدور حول مصالح هذه الطبقة السياسية وإقفالاتها، وترسخ واقع التبعية للسياسات الاقليمية التي أوجدتها وحصنتها على مدى العقود الثلاثة المنصرمة.

السؤال المطروح على اللبنانيين ماذا تنتظرون، وعلى ما ومن تراهنون، وأي مستقبل تتصورون في ظل هذا المشهد القابع على صدوركم منذ أكثر من ثلاثين سنة. اللعبة الپسودو-دستورية القائمة ليست إلا صورة عن المهزلة المتكررة التي أمنت إستمرارية هذه الاوليغارشيات، وحمت سياسات النهب التي ركزتها عبر سياسة الديون البغيضة، وإهدار وسرقة أموال إعادة الإعمار بغياب أية خطة إنماء تداخلي، وتدمير الذخر الاجتماعي الذي بنته البلاد على مدى المئوية التي انقضت على إنشائها، وتحويل الاقتصاد اللبناني في مرحلة ما بعد الحرب من اقتصاد متعدد الركائز كما كان هو الحال قبلها، إلى إقتصاد ريعي قائم على العمل الربوي، وفصله عن الاقتصاد المنتج على تعدد نطاقاته، وعن الاقتصاد المعرفي الذي ينتظم على أساسه النشاط الاقتصادي المعاصر على تنوع مضاميره، وموئلا لاقتصاد الجريمة المنظمة، وتبييض أموال الارهاب والأموال العامة والخاصة المنهوبة. لقد انقضت ثلاث سنوات على بدء الازمات المالية والحياتية المفتوحة، ولم تجد هذه الطبقة السياسية الفاسدة أي حل للازمات المتوالية ولم تشعر حتى بضرورة إيجاد حلول لها، في وقت تتلاحق فيه الانهيارات على وقع الساعات والأيام، هذا حتى لا نتكلم عن راهنية هذه الظروف المأساوية لجهة الدفع بإصلاحات بنيوية تخرجنا من دائرة الأزمات الدورية.

إن مجرد مطالعة اليوميات السياسية وجدالاتها البائسة يحيلنا الى تساؤل وحيد، ماذا ينتظر اللبنانيون من هؤلاء بعد اليوم، هؤلاء الذين أدانوهم خلال ثورة ١٧ تشرين المدنية وأجبروهم على الاستقالة. لقد طرحت على ذاتي تحديا عندما طرحت إمكانية جعل الاستحقاق الرئاسي محطة سيادية أخيرة نستعيد معها المبادرة كمواطنين، وها أنا أسائل ذاتي أمام تبلور المشهد الانقلابي، الذي سوف يجعل من هذا الاستحقاق المرحلة النهائية في عملية تثبيت الاقفالات، واستكمال لعبة المقايضات والمحاصصة بين متكافلين تجمعهم المصالح والخيارات الانقلابية. لا حل من ضمن هذه اللعبة الجهنمية المقفلة، ولا مخرج سوى تدويل هذه الأزمة أو انفجارها بفعل ارتباطاتها العضوية بالأزمات الاقليمية التي تحكم مفاصلها. الفاشية الشيعية مشروع “أزمات متناسلة” مفتوحة على صراعات المنطقة برمتها من افغانستان الى سوريا ومرورا بالنطاقات الخليجية، ومدخلا لتحول لبنان الى مساحة مسيبة تستخدم في مجال النزاعات البديلة وإقتصاديات الجريمة المنظمة.