شارل الياس شرتوني/الفاشيات الشيعية، إرهاب الرعاع، الهمجية، وسياسة الانهيارات المتناسلة

177

الفاشيات الشيعية، إرهاب الرعاع، الهمجية، وسياسة الانهيارات المتناسلة
شارل الياس شرتوني/01 أيلول/2021

إن مشاهدة الفيديوهات العائدة “لغزوة مغدوشة”، وما سبقها ورافقها وتلاها من عنف وبذاءة وخطابات كراهية ومواقف تمييزية بحق سكان بلدة مغدوشة التي ترمز الى الحضور المسيحي في شرق صيدا منذ عقود، تلازمها أسئلة حول مدلولات هذه الحوادث التي تظهر الهمجية والكذب، والخطاب المزدوج الذي يحكم ادءات وإعلانات الرعاع الفاشي والمافيوي الذي خرجته التنظيمات الشيعية على عقود.”شيعة، شيعة، شيعة”, و”اللهم صلي على محمد وآل محمد”، وسبحات الشتائم والتهديدات، وتكسير الرموز الدينية والممتلكات، وموقف الجيش المتفرج على ما يجري دون إي حراك، ومواقف الدجل المعهودة التي يطلقها نبيه بري، لم تعد تنطلي على أحد، وهذا ما عايناه عندما لاحظنا الفرق بين الزيارتين لمغدوشة وعنقون للتهدئة والحؤول دون التوترات، وما قوبل به المطران إيلي حداد من صخب الدعاء “لمحمد وآل محمد”، الذي عبر فيه سكان بلدة عنقون عن صلفهم واستعلائهم وعدم احترامهم لما يمثله الأسقف. تعليقي كما العادة يعلو على الحدث في محاولة لاستقراء مدلولاته: الفاشيات الشيعية من خلال التعبئه الايديولوجية وما يرافقها من هلوسات استعلائية، وتطبيع سلوك الاستباحة لكرامة الآخرين، وأمنهم، وحقوقهم، وأملاكهم، واستخدام الشرع الاسلامي من أجل تشريع الاستباحات، وممارسات النهب، والتطاول على حقوق الآخرين، قد أدخلوا أكثرية شيعية في سياق سلوكي”أنومي”(فقدان المقاييس الاخلاقية) يفسر هذه الهمجيات المتفلتة التي تغذت منذ عقود على تطبيع الخطف والقتل والنهب، التي لم تترك حيزًا في الحياة العامة والخاصة الا أصابته من خلال منظومة الاستباحات المتحركة على وقع المصالح والاطماع، والأهم على ضوء سياسة السيطرة الشيعية التي تتحرك بوحي من السياسة الانقلابية التي تديرها الجمهورية الاسلامية الإيرانية من خلال حزب الله وحلفائه في الداخل الشيعي.

لا يفهم ما جرى في مغدوشة إلا على ضوء هذه المناخات وما ينتج عنها من أداءات، صادرة أم غير صادرة عن المرجعيات السياسية. تظهر أحداث صيدا التنافس المعلن بين حزب الله وأمل الذي يتمظهر من خلال التعاطي مع المسيحيين ككبش محرقة، وتسجيل النقاط في مجال استنهاض العصبية الشيعية من خلال تفعيل سلوكيات القوارض التي تنقض على طرائدها. ما جرى لم ينتج فقط عن مناخات التعبئة والحشد الانفعالي، بل هو تنفيذ لتعليمات تستهدف ترسيخ أجواء عدم الأمان والاستقرار تمهيدا لعمليات تهجير مبطنة عن طريق تثبيت واقع الانهيارات وتعميمها، والمحاصرة العقارية من أجل وضع اليد على الأملاك وشرائها بأبخس الأثمان أو السلبطة، كما هو الحال في أعالي كسروان وجبيل وفي الجنوب والبقاعات والشوف وعاليه، وكما لاحظنا بعد عملية المرفأ الارهابية، حيث تقاطر سماسرة نبيه ورنده بري عارضين شراء الاملاك على السكان المنكوبين في عز مأساتهم. لقد آن أوان مواجهة الفاشيات الشيعية دون مواربة، وطرح السؤال على الأوساط الشيعية حول مدلولات هذه الاداءات وموقفهم منها، إذ لم تعد تكفي الإدانات الكلامية في ظل سياسات التوحش (Ensauvagement)، لأن ما نشهده يتجاوز السلوك الفردي المنحرف ويؤشر لنهج الاستباحة الشرعية المعلنة.

هذه مناخات لا تبني سلما أهليًا ولا تسمح باعادة بناء الايتوس الديموقراطي(نظام القيم)، إذا ما أردنا بقاء لهذا الوطن وما لازمه منذ نشأته من قيم سياسية ترسخ التلازم بين ديمومة الكيان الوطني والثقافة والمؤسسات الليبرالية والتعددية والديموقراطية. إن إرهاب الرعاع الذي مارسه نبيه بري وحزب الله من خلال إطلاق الخردق على أعين متظاهري الحركات المدنية، وهجمات مسلحي الدراجات النارية، والاعتداء بالعصي والسكاكين عليهم، يذكرون بالماضي النازي والشيوعي وما نشأ عنه من أنظمة توتاليتارية. لقد سمعت لتوه حديثا للصحافية الإيرانية-الفرنسية، غزال غولشيري، المراسلة لجريدة الموند في إيران وافغانستان، قارنت فيه عودة الطالبان مع نظام الملالي الايرانيين خلصت فيه، أن المجتمع المدني الافغاني بعد عشرين سنة من التجربة الديموقراطية، أصبح مؤهلا لمواجهة ظلامية طالبان، في حين أن الجمهورية الاسلامية الايرانية قد”خصت” ( التعبير لغزال غولشيري) المجتمع المدني الإيراني بفعل ديكتاتورية دامت ٤٢ سنة. إن مواجهتنا في لبنان مع الفاشيات الشيعية وأصنائها في الأوساط السنية، تشبه الى حد كبير المعاناة الايرانية والافغانية الحالية، مع فارق أساسي هو أن ليبراليتنا معطى أساس في إجتماعنا السياسي، وليست بمعطى ظرفي أو طارىء. إن مقاومة هذه الفاشية منطلق اذا ما أردنا مستقبلا لبلادنا،ولأرث الحريات والحقوق التي كانت في أساس نشأتها.