نسرين مرعب/جنوبية/نصرالله: تنظيم الأسرة محللٌ في إيران مشيطنٌ في لبنان

57

نصرالله: تنظيم الأسرة محللٌ في إيران مشيطنٌ في لبنان
نسرين مرعب/جنوبية/ 22 مارس، 2017

تصريحات السيد حسن نصرالله حول الزواج المبكر أثارت جدلاً واسعاً لبنانياً.
فاجأ السيد حسن نصرالله في يوم المرأة المسلمة جمهوره بما أدلى به عن الزواج المبكر، إذ وصف كل من يعارض هذا الزواج بأنّه يخدم الشيطان وابليس والعدو، وبأنّه أيضاً يخدم تخريب المجتمع.
والواضح أنّ مقصد السيد من كلامه هذا هو زواج من هم دون العشرين عاماً، إذ قال “يستندون في النقاش إلى حالات الطلاق في زواج مبكر، ولكن أستطيع أن أجلب لكم نسب طلاق أكثر لمن هم في العشرينيات والثلاثينيات”.
هذه الثقافة التي يدعو إليها السيد نصرالله والعديد من رجال الدين المسلمين تتعارض مع ما تدعو إليه بعض الجمعيات الناشطة على صعيد تنظيم الأسرة، ومحاولة نصرالله الربط بين نصوص دينية وموقفه قد لا يكون ملائماً فعلى سبيل المثال فإنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية أي النموذج الإسلامي الذي يدعو إليه نصرالله قامت السلطات فيه قبل عقدين من الزمن إلى تبني سياسة تحديد النسل، على رغم وجود نصوص مقدسة لا سيما الحديث النبوي الشريف الذي يدعو إلى التناسل والتكاثر “تناسلوا فأني مباه بكم الأمم يوم القيامة”، فهل حال هذا الحديث النبوي دون اعتماد إيران الإسلامية سياسة تحديد النسل ليتناغم مع السياسات التنموية للدولة بالتأكيد لا؟
وقد اشتهر شعار روجت له الحكومة الاسلامية في إيران وهو: “أولاد أقل حياة أفضل”.
من هنا ألا يمكن لداعش أن يتهم إيران أنّها خالفت سنة نبي الله وأن يكفر حكامها؟ إذا ًلماذا وضع نصرالله من يعارض الزواج المبكر في سياق من يخالف الله أو يتحداه لا سمح الله؟!
وبالعودة إلى أساس الموضوع الجدلي، لا بد أن نسأل المعنيين، ما هو الزواج المبكر؟ وما تعريفه؟ وما هي مخاطره؟
في هذا السياق تواصل موقع “جنوبية” مع منسقة برنامج حقوق الإنسان في التجمع النسائي الديمقراطي المحامية عتيبة المرعبي التي أوضحت أنّ “تعريف الزواج المبكر هو حسب الاتفاقات الدولية من يكون طرفاه أو أحد طرفيه ودون الـ18 عاماً”.
مضيفة “الطفل لا يعامل كراشد قانوناً، إذ لا يحق له أن يقيم أي عقد ويحتاج لولي جبري، ويعتبر غير أهل”.
ولفتت المرعبي إلى أنّ “ظاهرة الزواج المبكر لم تعد موجودة لدى الطوائف المسيحية، وكانت قد بدأت بالانحسار منذ عدة سنوات مع التعليم لتصبح مقتصرة فقط على بعض المناطق الريفية، ولكن مع اللجوء السوري عادت هذه الظاهرة بقوة، ولم يعد فقط السوريين يزوجون بناتهم بأعمار صغيرة، بل كذلك اللبناني الذي يتزوج على زوجته لاجئة يتزوجها وهي فتاة صغيرة”.
محذرة من أنّ “الوضع خطير، نسب هذا الزواج في ارتفاع ضخم وهناك بعض الحالات تندرج تحت باب الاتجار للبشر إذ يتم تزويج الفتاة مقابل مبلغ من المال”.
وأردفت المرعبي”غير أنّه هناك في المقابل حالات يتم بها تزوج الفتاة بين مجتمعات النازحين خوفاً عليها من الاغتصاب”.
مشيرة فيما يتعلق بالدور الديني إلى أنّ “لدى الطائفة المسيحية لا يوجد عقود خارج المحكمة، بينما لدى الطائفة الإسلامية للأسف يمكن العقد خارج المحكمة وأحياناً لا يكون كاتب العقد معمم أو شيخاً معترف به، فيقوم بعقود زواج خارج إطار المحكمة ولا تسجل بالتالي الزيجات مما يؤدي إلى مجيء أطفال غير مسجلين وهم من يتم تعريفهم بمكتومي القيد، ولكي يتم تسجيلهم يجب العودة إلى المحكمة الشرعية وإثبات زواج ومن ثم إثبات نسب، كما أنّ القانون اللبناني لا يسجل الطفل اللبناني بعد عمر السنة إلا بحكم محكمة”.
هذا وأوضحت المرعبي أنّه “ما من قانون حالياً يعاقب هؤلاء الأشخاص أو يغرمهم، ونحن نقترح قانوناً لحماية الأطفال من الزواج المبكر، ليس هدفنا منع الزواج ولا إرساء العنوسة، ولكن نحن لا نريد لهذه الفتيات أن يكنّ ضحايا، وبالتالي أن لا يعقد هذا الزواج إلا في حالات استثنائية وبإذن من القاضي وفي المحكمة، وأن يعاقب كل من يقوم بعقد زواج خارج إطار المحكمة”.
لتضيف فيما يتعلق بنسب الطلاق المرتفعة التي ترتبط بهذا الزواج “إن أبغض الحلال عند الله هو الطلاق وهو يقع في أي وقت ولكن الدعاوى المرفوعة في المحاكم تبين أنّ حالات الطلاق في الزواج المبكر أكثر بكثير حيث أنّهم حينما يصلون إلى مرحلة النضج تتغير رؤيتهم، وغالباً ما يكون هناك أطفال وهؤلاء الأطفال يتحولون لأداة ضغط وتعذيب بين طرفي الطلاق”.
وتابعت المرعبي “الانعكاسات السلبية التي ترتبط بهذا الزواج لا تقتصر على الطلاق، وإنّما على الصعيد الصحي أيضاً، فطبياً أكثر وفيات الأطفال هم بين النساء اللواتي ينجبن في سن صغيرة حيث يكون الطفل عرضة لتشوه خلفي ولعدم اكتمال نموه، إضافة لكون الأم تكون عرضة لنزيف وللإصابة بهشاشة العظام وتمزق بالرحم”.
لتتساءل مستنكرة في الشق الاجتماعي والتربوي “كيف لطفلة أن تربي طفلة وما هي الإمكانيات التي تمتلكها أو ما هي المعارف التي تدركها في ظلّ هذا المجتمع المفتوح على عوالم واسعة، كما أنّ هذه الطفلة تحرم من أبسط حقوقها أي التعليم والثقافة ومن حقها بالاستمتاع بطفولتها مع من هم في مثل سنها، لا أن تتعرض للعنف الجنسي وتتحول لربة منزل”.
غير أنّه زعلى الرغم من كل مساوئ الزواج المبكر إلا أنّ بعض الحالات قد استطاعت أن تتجاوزها لتؤكد في هذا السياق السيدة منى (من الهرمل) لـ”جنوبية” أنّها “تزوجت ابنة 13 سنة وأنجبت ولكني سعيدة بحياتي ولو عاد بي الزمن لتزوجت زوجي نفسه”.
مضيفة “أندم أني لم أكمل تعليمي وبالطبع لن أزوج ابنتي في عمر صغير ولكن معاملة زوجي لي كانت أكثر من ممتازة ولم أحرم من طفولتي وكان يقدم لي كل ما بوسعه لأكن سعيدة”.