إسرائيل: إيران- سوريا- لبنان رأس تحديات الأمن القومي

444

إسرائيل: إيران-سوريا-لبنان رأس تحديات الأمن القومي
العربي الجديد
الثلاثاء 24 شباط 2015

 ينطلق التقرير الاستراتيجي السنوي لمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الجديد للعامين 2014 -2015، في تقديره للتحديات التي سيكون على الاحتلال التعامل معها في الفترة المقبلة، من أن ما واجهته إسرائيل، سابقاً، من تهديدات مستمرة في الفترة المقبلة من منطلق عدم اختفاء أي مصدر من مصادر التهديدات الاستراتيجية لإسرائيل طيلة عام 2014. مع ذلك يبرز التقرير، أن أحداث عام 2014 شهدت تغييرات في مكانة إسرائيل الإقليمية، كما أثبتت خطأ وتقويض المفهوم الإسرائيلي العام القائل بإمكانية “الوقوف جانباً وعدم التدخل وبناء سور يمنع امتداد وارتدادات عدم الاستقرار الإقليمي إلى داخل الحدود الإسرائيلية”.

ويستعرض التقرير أهم هذه التطورات بدءاً من عدوان “الجرف الصامد” في قطاع غزة، ظهور نمط العمليات الفردية التي يسميها التقرير بظاهرة “الذئب الوحيد” في الضفة الغربية، فضلاً عن المواجهات بين قوات الجيش الإسرائيلي والفلسطينيين في محيط وعلى مداخل المسجد الأقصى في ميدان المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية. لينضم المعهد في هذا السياق إلى خطاب اليمين الإسرائيلي بوصفه التحرك الفلسطيني الدولي، بأنه “إرهاب سياسي ينضم إلى المقاومة المسلحة”.

وفي المحيط العربي، يعتبر التقرير، أن ظهور تنظيم “داعش” وتكريس “دولته” في العراق كان المفاجأة الأكبر لعام 2014، ولا سيما مع تحول التنظيم إلى مصدر إلهام لجماعات جهادية وتنظيمات في شتى أنحاء المنطقة العربية، وصولاً إلى ظهور أتباع لـ”داعش” داخل حدود إسرائيل نفسها. وهي تطورات، تبين وفقاً للتقرير، الحاجة إلى بلورة سياسة إسرائيلية لمواجهة هذه الاتجاهات المحلية والإقليمية لارتباط بعضها ببعض.

وفي السياق الإيراني، يعتبر التقرير، أن التوقعات الإسرائيلية في عام 2014 بشأن التوصل إلى اتفاق بين مجموعة دول “5+1” مع إيران لم تتحقق. كما ثبتت عدم صحة الادعاءات والأصوات الإسرائيلية القائلة، إن إيران خرقت شروط الاتفاق المرحلي، الذي تم إعلانه في نوفمبر/تشرين الثاني 2013. ويعني هذا، بحسب التقرير، أنه خلاف لتوقعات عام 2014، فإنه لم يتم إحراز أي تقدم أو تغيير جوهري على أهم ساحتين لهما أثر كبير على مستقبل الأمن القومي الإسرائيلي، وهما الساحة الإيرانية والساحة الفلسطينية.

الطريق مسدود على الجبهات كافة
وعلى الرغم من أن التقرير يحدد بأنه لم يتم الوصول إلى مرحلة أو حالة “نهاية اللعبة” في ميادين المواجهة مع حركة “حماس” في غزة وفي الثورة السورية، فضلاً عن استمرار تمدد “داعش” في العراق وسورية، مقابل استمرار انهيار الإطار العام للدول في المنطقة، كما هو حاصل في ليبيا واليمن، فإنه تثور الشكوك مقابل هذا الوضع في صحة وفاعلية السياسة الإسرائيلية في الحفاظ على الوضع القائم والعمل على التقليص لأدنى حد ممكن للأخطار المحيطة بإسرائيل.

ويلفت التقرير إلى أن إسرائيل تمكنت، عملياً، من اجتياز عام آخر في صراع بقائها وتقليل حجم الأخطار والتهديدات، لكن على الرغم من ذلك يدعو مركز أبحاث الأمن القومي، من خلال التقرير، إلى وجوب إطلاق مبادرة سياسية إسرائيلية تأخذ بالحسبان، أيضاً، سبل الاستفادة من الفرص التي توفرها الحالة الإقليمية لتعزيز مكانة إسرائيل الاستراتيجية. وقد يكون هذا الأمر مصحوباً بزيادة فرص التوصل إلى تسوية سلمية من دون التنازل عن مصالح إسرائيل الحيوية.

ويحصر التقرير الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في عام 2015 وسط حالة الهيجان في المنطقة العربية بخمسة ملفات أساسية، تحت عنوان طريق مسدود على الجبهات كافة.

الملف الإيراني
يعتبر التقرير، أن إيران ومشروعها النووي يتقدم الأخطار الخارجية المهددة للأمن الإسرائيلي، إذ إن إيران معنية في سياق المباحثات مع دول “5+1” في المحافظة على مكتسباتها وإنجازاتها في مجال الذرة التي تبقيها “دولة حافة نووية”، وهي تريد، في الوقت نفسه، رفع العقوبات الاقتصادية كافة عنها.

في المقابل، فإن الغرب ليس مستعداً للتنازل والتوصل إلى اتفاق يبقي إيران على مسافة عام واحد على الأقل من إنتاج قدراتها النووية، ويريد تقليص قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم وإخراج اليورانيوم المخصب من إيران وإغلاق المنشآت العسكرية الإيرانية كافة ذات القدرات الإنتاجية. ويتقدم كل ذلك نزع قدرات إيران على إنتاج الأسلحة النووية.

ويرى التقرير، أن الغرب من شأنه للحيلولة من دون الوصول إلى “اتفاق سيء” أن يقبل بتمديد اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني وتمديد المفاوضات النووية مرات عدة، لكن ذلك سيفضي وفقاً للتقرير إلى أن يمنح إيران شرعية بعيدة الأمد للوصول إلى مكانة “دولة حافة نووية”. وينصح مركز أبحاث الأمن القومي الحكومة الإسرائيلية بالتعاون الكامل مع حلفائها لضمان عدم توقيع “اتفاق سيء”، في مقابل مواصلة بناء خيارات استراتيجية لمواجهة ومنع أي محاولة إيرانية لتحقيق “انطلاقة نووية” وقدرات نووية، على أن تحسن إسرائيل من جاهزيتها، أيضاً، استعداداً لأي تصعيد مع أذرع إيران في المنطقة وفي مقدمتهم حزب الله اللبناني.

الملف الفلسطيني
يشير التقرير الاستراتيجي السنوي إلى فشل الحكومة الإسرائيلية في ضمان المحافظة على “الوضع القائم” في الملف الفلسطيني، بل إن هذا الملف شهد تراجعاً في مساعي الحل السلمي. كما أنه لا يلوح أي حل في الأفق للوضع في غزة، مما يوحي بأن الانفجار قادم من هناك أيضاً. وهذا كله ينضم إلى التصعيد المتمثل في “انتفاضة سياسية” تقودها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل.

وعلى الرغم من التقدير، أن حركة هذا الملف السياسي ستكون بطيئة، بعد الانضمام الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية واستمرار النشاط الفلسطيني في الأمم المتحدة، إلا أنه وفقاً لتقديرات التقرير، سيفرض على إسرائيل تحديات بتوفير ردود فعالة من خلال وضع استراتيجية سياسية شاملة. وسيكون على إسرائيل هذه المرة في حال اندلاع مواجهة قادمة مع حركة “حماس” إعداد جيش الاحتلال لعملية خاطفة وتفادي حرب طويلة كالتي كانت في الصيف الماضي.

الجبهة الشمالية
يرى التقرير، أنّ الجبهة السورية هي أيضاً مسدودة الأفق بفعل الحرب الأهلية في سورية، والتي وصلت إلى طريق مسدود؛ فليس بمقدور مقاتلي المعارضة إخضاع النظام، كما يعجز النظام السوري الذي يتلقى الدعم المالي والعسكري المتواصل من إيران والعراق وحزب الله عن حسم الأمور لصالحه.

ويتوقف التقرير الإسرائيلي عند انتشار قوات حزب الله في الجانب السوري من الجولان، مستعرضاً جولات القتال بين الحزب وبين قوات جبهة النصرة والتنظيمات الجهادية الأخرى على مدار عام 2014، عبر التهديد بتوسيع ساحة المواجهة مع إسرائيل و”ضرب جهودها لبناء نمط من التعاون مع قوى معارضة سورية في المكان غير منضوية تحت لواء “داعش” أو أي من تنظيمات القاعدة”.

ويعتبر التقرير هذا التطور مصدر قلق أساسي يهدد بمزيد من التصعيد والمواجهات القادمة بين إسرائيل وحزب الله (على غرار عملية القنيطرة وعملية شبعا رداً عليها)، مع مخاطر انزلاق وتدهور الوضع وصولاً إلى مواجهة شاملة.

ظهور “داعش” والفرص التي يوفرها
يرى التقرير الإسرائيلي السنوي، أن ظهور تنظيم “داعش” و”الإنجازات التي حققها” ميدانياً، وإن كان شكل مفاجأة خلال عام 2014 إلا أنه أيضاً “وفّر ويوفر الفرصة لإسرائيل لبناء تحالفات جديدة مع الدول العربية المعتدلة”.

وعلى الرغم من أن التقرير يقرّ بدور إسرائيل في القتال ضد “داعش”، وتحديداً من خلال توفير المعلومات الاستخباراتية، إلا أنه يؤكد أن الدور الإسرائيلي الذي ظل على نار هادئة ما كان له أن يكون أكبر لأن إسرائيل لم تدفع الضريبة المطلوبة منها للانضمام إلى النادي المناهض لـ”داعش” في المنطقة، والمتمثلة في التحرك السياسي باتجاه حل سلمي وتسوية مع الفلسطينيين أو بلورة موقف إيجابي من المبادرة العربية للسلام.

العلاقات المصرية الإسرائيلية
فيما يشير التقرير إلى تحسن العلاقات الإسرائيلية – المصرية بشكل كبير على مدار عام 2014، ولا سيما بعد العدوان الأخير على قطاع غزة، فإنه يعتبر أن انتخاب وزير الدفاع المصري السابق، عبد الفتاح السيسي رئيساً، وحرب الأخير ضد جماعة الإخوان المسلمين وحركة “حماس”، والخطوات التي اتخذها في هذا السياق، وفرّت فرصاً إضافية لتعاون أمني وعسكري بين إسرائيل ومصر وتعميق هذا التعاون. لكن على الرغم من ذلك، يرصد التقرير أن هذا التعاون الأمني والعسكري لم يمتد، أيضاً، إلى مجالات التعاون المدني والاقتصادي بين البلدين.