الياس بجاني/بطرس خوند هو نموذج مأساوي لمصير المغيبين قسراً في سجون سوريا القبور

58

بطرس خوند هو نموذج مأساوي لمصير المغيبين قسراً في سجون سوريا القبور
الياس بجاني/15 أيلول/2023

ترى هل أهلنا الذين خطفهم نظام الأسد وغيبهم منذ سنين هم أحياء أم أموات؟
حقيقة، لا أحد يعلم لأن النظام السوري المجرم في حقبتي الأب والإبن حافظ وبشار يرفض حتى الاعتراف بوجودهم، ويمنع منظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية من دخول معتقلاته وسجونه التي هي مجرد قبور.

ومن يتابع ملف المغيّبين في سوريا منذ عقود يدرك بحزن وغضب بأن لا تقدم ولا إيجابيات بأي شكل من الأشكال، بل غموض كامل.
إن من يتحمل مسؤولية كبيرة هذه المأساة الإنسانية هم للذين مروا على الحكم في لبنان، وخصوصا أن عدد لا بأس به من الأحزاب المشاركة في الحكم كانت ضليعة باعتقال لبنانيين وتسلميهم للمخابرات السورية. كما أن كثر من الحزبيين والمسؤولين والسياسيين الكبار قد استغلوا عائلات المفقودين ماديا ومعنوياً بموت ضمير وجشع ابليسي.

من المؤسف بأن القضية برمتها توشك أن تصبح طي النسيان، لكنها ستبقى في ذاكرة اللبنانيين وفي إصرارهم على معرفة الحقيقة ومحاسبة المسؤولين، وفي مقدمهم رموز نظام الأسد، وكل مسؤول لبناني وحزبي كان مشاركنا في جريمة خطف وتغييب، المئات بل الآلاف من اللبنانيين، ومنهم
المسؤول الكتائبي بطرس خوند الذي هو عملياً نموذجاً لهذه المأساة الإنسانية.

(من أرشيف المركزية) بطرس خوند…. تذكرون هذا الإسم؟ نستذكره معا..الثامنة والنصف من صباح الثلثاء 15 أيلول 1992. ودع بطرس خوند زوجته جانيت وغادر منزله في منطقة حرج ثابت. فتح باب سيارته من نوع أوبل حمراء وما أن هم بإدارة محركها حتى طوّقه حوالى 8 أشخاص مسلحين وغير ملثمين وحاولوا إخراجه بالقوة من السيارة بعد فتح الباب. لكن بطرس عاجلهم وشهر مسدسه. إبنه البكر فادي على الشرفة. حاول أن يصرخ. فجأة سمع صوت طلقة رصاص واحدة واكتشف أن المسلحين صعدوا إلى سياراتهم بعدما خطفوا والده وأدخلوه إلى سيارة من نوع فان. الثامنة والنصف ودقيقتان. رن الهاتف في منزل أحد أصدقاء بطرس. جانيت خوند على الخط الآخر. “… الحقني خطفوا بطرس من قدام البيت”. تلك كانت المرة الأخيرة التي تودع فيها جانيت زوجها بطرس على أمل العودة إلى دفء المنزل ليلا. 31 عاما مرت على اختفائه. رنا ربيع رواد كبروا تزوجوا وجانيت صارت تيتا. 30 عاما والسؤال نفسه: أين بطرس خوند؟… لا جواب. ليس بطرس خوند الرقم الوحيد على لائحة المفقودين في السجون السورية .627 إسما صاروا مجرد أرقام وصور في إطارات إلى جانب أمهاتهم اللواتي انتقلن والحرقة في قلوبهن وربما كان اللقاء في رحاب السماء …

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الألكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت
http://www.eliasbejjaninew.com