شارل الياس شرتوني/المافيا الحاكمة ومتابعة سياسات النهب

63

المافيا الحاكمة ومتابعة سياسات النهب
شارل الياس شرتوني/23 آب/2023

هذه الصور تنقل مرة أخرى وقاحة هذه المنظومة وتصميمها على متابعة نهجها المعتاد: استملاك الشأن العام والتعاطي مع إشكالياته وكأنها شؤون خاصة تبت داخل النوادي الخاصة التي تركب عند كل استحقاق، من أجل تقاسم الحيازات وتوزيع الريوع وإقرار الشراكات اللازمة. حكومة لا شرعية ولا صفة لها سوى تصريف الأعمال، ومجلس نيابي صوري حيث يتنازل النواب فيه إراديا عن واجباتهم الدستورية لحساب نبيه بري، الذي يجلس سعيدا منذ ثلاثين سنة على رأس المجالس النيابية المتعاقبة، على قاعدة تسويات بين أطراف الاوليغارشية، وبفعل مشروع إنقلابي حول المؤسسات الدستورية الى غطاءات، ليس إلا، لوضع اليد من قبل الثنائي الشيعي. ليس من باب الصدفة أن نبيه بري ونجيب ميقاتي، أبرز وجهين للفساد المؤسسي الذي حكم جمهورية الطائف، يطلقان بشرى كاذبة حول بداية عمليات الرصد والتحضير لعمليات إستخراج الغاز الطبيعي، على وقع تصريح الميقاتي الذي يزف الخبر السعيد للشعب اللبناني.

ثلاثون سنة من النهب العلني والمبرح للأموال العامة والخاصة من خلال الديون البغيضة، والصناديق الانتهازية، وتجاهل التشريعات الناظمة، وتواطوء عضوي بين المصرف المركزي والمجالس النيابية والحكومات المتعاقبة، والتصرف بالادارات العامة وكأنها حيازات شخصية، استحضرت بالأمس من خلال هذه الوقاحة الاستعراضية لتعلن مجددًا، أن مسلسل النهب سوف يكمل مسيرته، فبعد نهب الودائع المصرفية ومشاريع إعادة الإعمار، يأتيك الفاسدون بعناوين جديدة لعملية متابعة نهب الأملاك العامة والموارد الطبيعية المتبقية. كل هذه الاعلانات الكاذبة لا تستند الى شيء فلا تشريعات ناظمة، ولا سلطة ناظمة، ولا پروتوكولات مهنية لتنظيم عمليات الاستخراج واحتواء مخاطرها الأمنية والايكولوجية، ولا صناديق سيادية تمنع تسييل مواردها في حسابات المافيات الحاكمة، فالذي نهب ١٢٧ مليار دولار من أموال المودعين، والذي بنى ثروات خيالية من خلال نهب أموال إعادة الإعمار الوهمية والمدمرة (٣٠٠ مليار دولار)، هو بصدد متابعة سياساته من خلال فرضيات استخراج الغاز والنفط وظلالها ومبالغاتها المالية.

إن بقاء هذه السلطة المافيوية التي تحكمها الفاشيات الشيعية، هو متابعة للمشروع الانقلابي على خطين متوازيين، الإرهاب والجريمة المنظمة وكل ما عدا ذلك يقع في دائرة البلف والإيهام. إن افتعال الأحداث الأمنية ومتابعة مسلسل الاغتيالات والتهديدات الأمنية المتواترة للمسيحيين، ليست إلا مناورات من أجل استكمال سياسات النهب ووضع اليد على مفاصل الدولة. نبيه بري وحزب الله هم الحاكم الفعلي لجمهورية الموز الشيعية ونجيب الميقاتي ليس الا مستخدما يتقاضى بدلات تغطية للعملية الانقلابية، وليس في الأمر جديدا، ابتدأ عمله مع مافيا بيت الاسد ويتابعه مع الجريمة المنظمة الشيعية.