رعد يؤكد المؤكد: تعطيل الانتخاب وتغيير النظام
علي الحسيني/المستقبل/06 كانون الثاني/16
في كل مرّة يتجه فيها البلد نحو الإنفراج الاجتماعي والسياسي والأمني، يخرج فيها قادة «حزب الله» ليُعيدوا بكلامهم وتهديداتهم المشهد برمّته إلى المربّع الأوّل، وهو فعل ونهج دأب عليهما الحزب منذ أن استفرد بالقرار اللبناني يوم أنهك البلد بحرب عبثية دمّرت مقوماته ومؤسساته ثم تبعها بانقلاب أسود أفرغ من خلاله موقع رئاسة الحكومة تماماً كما هو حاله اليوم مع الرئاسة الأولى حيث يُكرّس سياسة التعطيل من خلال منعه انتخاب رئيس يملأ الفراغ في السلطة الأولى.جرياً على عادته وعند كل استحقاق يعمل «حزب الله« على التهويل وعلى الاستخفاف بعقول اللبنانيين، مرّة من خلال تحويره وتزويره الوقائع وتضييعهم في متاهات لغته التخوينية والتحريضية والتهجمية، ومرّات تحت إدعاءات حرصه على البلد ومؤسساته، مع العلم أنه وبمجرّد استعادة عقارب السنين القليلة الماضية، يتبيّن أن الحزب ارتكب مئات المحرمّات والمعصيات بحق لبنان واللبنانيين منها التدمير والتخريب والقتل وحماية اللصوص والمطلوبين وتجار المخدرات وسارقي السيارات، وفي النهاية يطل بضعة من قادته ليعطوا الشعب دروساً في الوطنية و»أنشطة» متنوعة مفتوحة، لتعلّم كيفية الحفاظ على الدولة مؤسساتها. بعد مداورة بين قادته كان اعتمدها الحزب طيلة الفترة الماضية لتوجيه سهامه ضد أبناء الوطن ودول جارة وصديقة، استعاد أمس الأول النغمة ذاتها وذلك من خلال تكليف رئيس كتلته النيابية محمد رعد للمهمة ذاتها حيث أشهر سلاح الحقد والتعطيل وليُطلق من خلاله رصاصة الرحمة على مبادرة كان يُمكن أن توصل البلد إلى بر الأمان وأن تُفضي إلى انتخاب رئيس تحت حجّة «نريد شخصاً نسلمه موقع رئاسة الجمهورية شرط أن يتمتع بصلاحيات يستطيع أن يحكم من خلالها البلاد». وكأن الصلاحيات التي كان يتمتع بها الرئيس السابق، سمحت له حكم البلاد بعيداً عن مناكفات الحزب وابتزازاته وتهديداته. كلام رعد قابلته كتلة «المستقبل» أمس، برد خلال اجتماعها الأسبوعي بالقول «الكلام يعبر عن توجه مستجد للإطاحة بما تبقى من آمال اللبنانيين في تحقيق الاستقرار الوطني والأمني والاقتصادي والمعيشي«. وقد وضعته «بتصرف الكثرة الكاثرة من اللبنانيين الذين عبروا، وفي أكثر من مناسبة، عن تمسكهم بلبنان السيد الحر والمستقل وبالدولة المدنية الواحدة صاحبة السلطة الحصرية على كامل الأراضي اللبنانية، وبالعيش المشترك والحفاظ على السلم الأهلي بين جميع اللبنانيين«.
من الواضح أنه يُمكن لـ»حزب الله» أن يتحوّل بين ليلة وضُحاها إلى «ملاك» يحرس مؤسسات الدولة، وفي طليعتها موقع رئاسة الجمهورية المؤسسة التي كان له الفضل في تفريغها من قوتها بعدما حوّلها إلى مُجرّد بازار يسعى من خلاله إلى تحقيق بعض المكتسبات في معاركه السياسية والتي يمكن تحويلها الى عسكرية في حال وجد نفسه مضطراً لذلك على غرار انقلابه في أيار العام 2008، ومن لا يعرف سياسة «حزب الله» جيّداً، فهو مستعد لأن يحرق البلد ويُدمره على رؤوس أبنائه من أجل مصالح إقليمية يقودها «الولي الفقيه» ولو كان فيها مجرّد عنصر أو حتّى ساعي بريد.
وفي المحصلة يبدو جليّاً أن الفراغ أو الشغور الرئاسي هو أفضل ما يُمكن أن يحصل عليه «حزب الله« كهدية في هذه الفترة، فلا مراقبة لدور سلاحه الذي تخطى بُعده الاستراتيجي المُفترض وتحوّل من راصد على الحدود الجنوبية إلى عابر يومي باتجاه الأراضي السورية وعلى عينك يا دولة«. وأيضاً غياب أي مُحاسبة يُمكن أن تُعيد هذا السلاح إلى وجهته الفعلية تحت سلطة الدولة. وانطلاقاً من هذا المعطى يُدرك الحزب جيّداً أن تعطيله حلم اللبنانيين في الوصول إلى بلد سيادي صاحب قرار مستقل، هو الأمل الوحيد له للاستمرار في تكريس سياسة التفلّت من الضوابط وجعل البلد رهينة بيد النظام الإيراني على عكس إدعاء السيد حسن نصرالله في أحد خطاباته السابقة عندما قال «نحن مع اتفاق الطائف وتطويره ونؤمن بالشراكة الوطنية والمناصفة الحقيقية«.
رسالة معايدة إلى “القارئ السعيد”
عقل العويط/النهار/6 كانون الثاني 2016
لا بدّ أنكَ أمضيتَ ليلة رأس سنة، شبيهة إلى حدّ ما بالليالي التي سَبَقَتْها، مع فارق نوعي في “المواد” السعيدة المستخدمة: حفلة orgie عارمة + فيلم بورنو طويل وحقيقي + شميم أفيون بأنواعه الشتّى، و/أو حفلة دعارة سياسية على دعارة اجتماعية صفراء. ستقول لي إنها كانت ليلة “عادية”. صحيح. فمن الطبيعي أن لا يكون شيءٌ كثير قد تغيّر عليكَ في تلك الليلة بالذات، سوى بعض البهارات والتوابل. فما دمتَ “سعيداً” على مدى العمر، خالي البال، غافلاً في الأيام العادية، عن مآسي الشرط البشري، الفردي أولاً، ثمّ الجماعي، اللبناني السوري العراقي اليمني الفلسطيني… وهلمّ، فكيف لا تكون رافلاً في سعادتكَ الملهمة في تلك الليلة بالذات؟! طبعاً، أنا لا أحسدكَ، ولا أُنكِر عليكَ السعادة مطلقاً، ولا هذه السعادة بالذات. فمن حقّكَ أن تكون محقوناً بها، مبتهجاً، مستنفَراً، ملتهب الحواس. لا خلفكَ ولا قدّامكَ. لوددتُ أن أكون معكَ في تلك الليلة، بصّاصاً. إذ كان ليشوّقني كثيراً جداً استراق النظر إليكَ وأحبابكَ. لا لأنني أشتهي الاستراق، حاشا، بل فقط لكي أُسعِد القرّاء الآخرين أمثالكَ، بالكتابة عن تفاصيل ليلتكَ “العادية” تلك، بما أُعطيتُ من مواهب السرد والقص، وهي كثيرة، على قول القرّاء. كنتُ لأجتذب الألوف بل الملايين. أعرف أن قرّاء “سعداء” كثيرين، قد حالت ظروفهم دون أن يحققوا مثل هذه الأمنية. على الأقل، أكتب لهم عن ليلتكَ، ليشفوا بعضاً من غليلٍ عتيق، ومن شعورٍ هائل بعدم المساواة! لا أخفيكَ أنني، أنا نفسي، قد “ضيّعتُ” وقتاً طويلاً في الكتابة عن الترّهات الأدبية والثقافية والأخلاقية والإنسانية والسياسية، داعياً إلى التعبّد لثقافة الحرية، ومحاربة الطواغيت، وإسقاط سلاطين الدين والإرهاب والنهب والفساد. يا لي كاتباً ساذجاً، واهماً، ومخدوعاً. كم أنا نادمٌ حقاً على ذلك الوقت الضائع! كنتُ لأكون “سعيداً” الآن، وفي كلّ آن، لو انغمستُ في أحضان لغةٍ مخصصة للسعداء، شاربي السيكار الملغوم، والكحول الملغوم، والشفاه والصدور الملغومة. لكان ذلك أدعى لتكثير أهل السعادة من القرّاء، ولترويج الإعلام الأصفر الجديد. وإذا كان كثرٌ من أمثالكَ يعتقدون أنني أزيدها عليكَ، فاعلمْ أنني لن أستسيغ الذوق الشعبوي العارم، وسخافات التواصل التافه والرخيص بين الناس. يا لي كاتباً عديم الفهم، غليظ القلب والعقل! أعايدكَ بالطبع، معترفاً بأن مَن مثلي، يجب أن لا يكون له مكانٌ في عصر “الكتّاب والقرّاء السعداء”…. بس أوعا تصدِّق. أنا رح ضلّ حصرم بزلعومك!