رندة تقي الدين: لا سان كلو جديد ولا لقاء بين ماكرون وباسيل/د. ميشال الشماعي: التهريب والتهرّب والتدويل

68

التهريب والتهرّب والتدويل
د. ميشال الشماعي/نداء الوطن/07 نيسان/2021

لا “سان كلو” جديد… ولا لقاء بين ماكرون وباسيل
رندة تقي الدين/نداء الوطن/07 نيسان/2021

عقب تضارب المعلومات في بيروت حيال مسألة زيارة رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إلى باريس، أكد مصدر رفيع في قصر الإليزيه لـ”نداء الوطن” مساء أمس أن “ليس هناك أي دعوة موجهة لأي مسؤول لبناني للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون في الأيام المقبلة”، وقال: “فرنسا باقية على التزامها بإيجاد حل من أجل تشكيل حكومة لبنانية تجري الاصلاحات، لكنها قلقة جراء عدم تشكيل الحكومة التي تعتبرها أولوية، ولذلك هي مستمرة في الاتصالات على مستوى الفريق الرئاسي (الفرنسي) مع المسؤولين اللبنانيين وليس من خلال اتصالات على مستوى الرئيس ماكرون”.
كما نفى المسؤول الرئاسي الفرنسي وجود أي دعوة لعقد اجتماع في فرنسا من نوع الاجتماع الذي عُقد سابقاً في “سان كلو”، موضحاً أنّ ما حصل خلال نهاية الأسبوع الفائت كان مجرد “اتصالات بين المسؤولين في الرئاسة الفرنسية والأطراف اللبنانية، وتم التطرق خلالها إلى عدة فرضيات من أجل التقدم نحو إيجاد حل لتأليف الحكومة، لكنها لم تسفر عن نتيجة إيجابية بعد، وفرنسا مستمرة في العمل لإيجاد حل”. إلى ذلك، علمت “نداء الوطن” من مصادر فرنسية مطلعة على ما تقوم به باريس من جهود لإيجاد حلول حكومية، أنه “جرت محاولة للنظر في إمكانية جمع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مع باسيل، لكنها فشلت لأنّ الرئيس المكلف يعتبر أن محاوره هو رئيس الجمهورية ميشال عون وليس باسيل”. وأكدت المصادر أنه “لم يكن لفرنسا أي نية في دعوة جبران باسيل وحده للقاء الرئيس الفرنسي، وهذا لم يكن في ذهن الفرنسيين في أي لحظة، علماً أنّ باسيل يحاول طلب موعد للقاء الرئيس ماكرون”، وختمت بالإشارة إلى أنّ باريس تنظر إلى مشكلة الرئيس المكلف مع باسيل على أنها “مشكلة لبنانية داخلية”.

التهريب والتهرّب والتدويل
د. ميشال الشماعي/نداء الوطن/07 نيسان/2021
تجهد الأكثريّة الحاكمة في لبنان للتهرّب من أيّ استحقاق قد يؤثّر في استقرار استمرارها، وبالمقابل تدأب في استمرار استقرارها. ولهذه الغاية هي مستعدّة لأن تدفع الأثمان المطلوبة منها، حتّى لو كان الثمن لبنان بأسره. والملفّ الأكثر استقطاباً لاستمرارها هو في التهريب لما له من أهميّة لأوليائها في سوريا وإيران. هل سيستطيع لبنان أن يتحرّر من هذه الآفات، ويحدّ تهرّب هذه السلطة من الاستحقاقات التي تدهمها؟ ممّا لا شكّ فيه أنّ الارتباط الجيوبوليتيكي بين لبنان وسوريا قد فرض واقعاً اقتصاديّاً مترابطاً بين البلدين، والدليل في ذلك أنّ أيّ ازدهار أو انهيار إقتصادي في سوريا هو مرتبط بلبنان بشكل مباشر. فيما يتمايز لبنان عن سوريا في حال نجح بإقفال حدوده كليّاً أمام آفة التهريب. لكن الأجندة السياسيّة لهذه الأكثريّة التي تؤمّن استمراريّة لها في الحكم، حتّمت فتح الحدود أمام التهريب تزامناً مع التهرّب من الاستحقاقات الدستوريّة لإنقاذ النّظام السوري. ونجحت هذه السلطة بفكّ العزلة التي وضع المجتمع الدّولي فيها النظام السوري. وشكّلت بوّابة الحدود اللبنانيّة الحدّ من الانهيار الاقتصادي للنّظام في سوريا. ممّا أدّى بشكل مباشر إلى انهيار الاقتصاد اللبناني. وممّا لا شكّ فيه أنّ مساهمة أهل البيت بإشرافهم المباشر على عمليّات التهريب، فضلاً عن إدارتهم لملفّ الفساد في لبنان؛ هذه كلّها قد سرّعت في الانهيار الاقتصادي في ما تبقّى من دولة لبنانيّة.
من هذا المنطلق، يبدو أنّ المجتمع الدّولي قد قرّر ترك لبنان بعدما اختارت السلطة المنتخَبَة من اللبنانيّين ربط مسارها ومصيرها بالنّظام السوري. لذلك سنشهد في الأيّام القادمة مزيداً من الانهيار الاقتصادي، وحدها سياسة عدم التهرّب من الاستحقاقات الدّستوريّة، لا سيّما في الملفّ الحكومي، قد تحدّ من عجلة هذا الانهيار. وفي ذلك مصلحة للنظام السوري أيضًا. وإن دلّ ذلك على شيء فهو يدلّ حتماً إلى كلمة سرّ عابرة للحدود اللبنانيّة قد تصل إلى آذان الأكثريّة الحاكمة بتسهيل عمليّة الولادة الحكوميّة. وبالطبع ذلك، ليس لمصلحة لبنانيّة بل لمصلحة النّظام السوري حصراً.هذا من حيث التشخيص، أمّا من حيث الحلول فلا يبدو أنّ “قبّة الباط” المرتقبة ستكون في خدمة اللبنانيّين أنفسهم لأنّ الأدوات هي نفسها لم تتبدّل، ولن تتبدّل إلا إذا قرّر اللبنانيّون أن يقولوا كلمتهم في صندوقة الاقتراع. وعلى ما يبدو أنّ هذه المسألة بعيدة المنال بعدما نجحت هذه الأكثريّة بإلهاء النّاس بكيس الحليب، ومطرة الزيت، ورغيف الخبز، وعلبة الدّواء. وهذا ما أطال عمرها أكثر. لذلك المطلوب اليوم تحرّك الدّيبلوماسيّة السيّدة الحرّة في لبنان باتّجاه عواصم دول القرار لترجمة مبادرة البطريرك الراعي سياسيّاً، لأنّ بكركي ليست قوّة سياسيّة بل هي مرجعيّة وطنيّة، وتحتاج إلى مواكبة سياسيّة لتستكمل طرحها في الوصول إلى حياد لبنان، وإقفال حدوده أمام التهريب، والانتهاء من سياسة التهرّب من الاستحقاقات الدستوريّة التي تنذر بالتهرّب من أكثر الاستحقاقات وطنيّة، ألا وهي الانتخابات النيابيّة للوصول إلى انتخابات رئاسيّة، تعيد فيها انتخاب النّهج نفسه. ولكن قد تكون بغير هذه الأسماء المستفزّة للإنقلاب على إرادة المبادرات الدّوليّة والاقليميّة التي تتحضّر في الأروقة الديبلوماسيّة للإنتهاء وللحدّ من المدى المقفل في لبنان. ولن ينجح لبنان في تسجيل أيّ خرق محلّي مع هذه السلطة التي ستتزايد تهرّباتها من الاستحقاقات كلّها في هذه الفترة لسببين: الأوّل يكمن في إطالة عمرها في لبنان، والثاني لاستمرار فتح بوّابة التهريب على الحدود اللبنانيّة بهدف إطالة عمر الاقتصاد السوري وفرملته من السقوط المدوّي. وما لم يتوجّه السياديّون إلى الديبلوماسيّة الدّوليّة التي يجب أن تبدأ من بوّابة دولة الفاتيكان، لن يتمكّن لبنان من التحرّر من هذه الأكثريّة لأنّها استطاعت تطويع الدّستور والقانون بقوّة السلاح، ولنا تجارب في نتائج الانتخابات السابقة، ولسنا بوارد تكرارها مرّة جديدة. فالحلّ معروف، لكن هل مَن يجرؤ على اتّخاذ هذه المبادرة؟