الأب سيمون عساف/إلى هنا وصلنا؟ لماذ؟

136

إلى هنا وصلنا؟ لماذ؟
الأب سيمون عساف/12 كانون الأول/2020
لنتصارح ايها اللبنانيون! لبنان ساحة وسيعة للقبائل بذلك عنيت الطوائف.
كل زعيم شيخ قبيلة متربع على كرسيه، والقبائل شيمتها الغزو والسطو.
بذهنية عشائرية متعصبة مُحال ان يُبنى وطن.
للأقوى عُرفُ النهب والسلب والتعدي على أملاك الدولة العامة والمشاعات، والواقع دليل.
هكذا هو التاريخ المقرؤ من الفي عام وساري المفعول حتى قيام الهنيهة.
سَلَّمنا جدلاً بالواقع الملحوظ، ولكن هل سيقوم وطن متداعي بهذه المفاهيم؟ والجواب البديهي طبعا لا والف لا.
أذاً كيف في زمن التقدم والتطور والتمدن والثقافة والعمران والمعرفة والازدهار، نرضى ان نبقى اسرى الهمجية والتخلف والرجعية والتعصب الأعمى؟
كلمة الفصل، من المستتحيل ان تُلغي شريحةٌ ما شريحةً اخرى، هذا منطق لا يعاكسه عدل. من هذا المنطلق يرتكز البحث.
لماذا يرفض بعضنا البعض اليس لأننا جهلة اغبياء؟ أإلى اليوم في عصر النور تتآكلنا الأحقاد والرفضية، وترعى صدورنا الأنانية وبغض الآخر؟
لعمري تلك صفات تعرّي الإنسان من الأخلاق والأدب والتعايش الحضاري وكل متوجبات الشأن الاجتماعي.
ما سبب هذا النفور إذاً وذلك التناحر وتلك النعرات؟ اليس لأن التربية الدينية الصالحة والمدنية الحقة غائبان؟
في حال انتفت هذا النعوت والمقومات بل المكونات لا يعود من مبرر للشعارات والتكاذب والرياء والزندقة.
لا خيار لنا الا القبول بعضنا بالبعض، كفى هيمنة واعتداءات وتناتش وتشليع مثل ذئاب الغاب.
لن يكون لبنانُ مارونيا ابدا ولن يكون شيعيا ابدا ولا سنيا ابدا ولا درزيا ابدا!
انه لجميع البنات والبنين الحاملين هوية مشرفة، المنتمين الى ارث عريق كريم وتاريخ مَجيد مُجيد.
حين يرفع كل ارزيٍّ اصيل رايات لبنان عاليات، نابذا خلفه الخزعبلات الخانقة والخرافات الحانقة، ويعترف ان الوطن للجميع والكل له،
يتعمّر الوطن في القلوب والنفوس ويصبح الجميع ابناء الوحدة المتماهية بالحب الوطني المتفانية بحب الشعب كل الشعب لا فئة دون اخرى. اعجب ما في الأمر وأغرب، حين يلتقي اللبنانيون في الدول الأجنبية يلهفون على بعضهم، اما على ارض البلد فهم كالضواري والكواسر يوقظون رذيلة العشائرية لِتَصِم الروح بالعار وتنتفض ثورة الدم للموت والخراب ولن ينتصر في نهاية المطاف الا البغض والتباعد والغضب ويغدو بالتالي بلدهم مدينة اشباح.
اخي اللبناني انبذ كل ما ينافي التلاقي والتصافي والتحاب، واذكر ان من يستنشق نفس الهواء ويسكن نفس الأرض ويشرب نفس الماء ويتظلل تحت نفس السماء هو اخ لك وهو ربيب وخدين.
أُدرج اقوالا في السياسة ساقها بعض رجالات مروا في الحياة وأدونها عساها مُجدية.
هاري ترومان مثلاً يقول: “لا يمكنك ان تغتني عن طريق السياسة الا اذ كنت فاسدا”، ونجيب محفوظ يعلن:”هذا البلد لو اقيم فيه ميزان عدل كما ينبغي، لامتلأت السجون وخلت القصور”، وأدواردو غالباتو يصرّح: نحن لا نعاني من نقص في الأموال، بل من زيادة في اللصوص”، ومارك توين يسخر:”السياسون مثل حفاضات الأطفال، يجب تغييرهم دائما ولنفس الأسباب”، ويوضح جورج اوريل:” السياسون في العالم كالقرود في الغابه، اذا تشاجروا افسدوا الزرع، واذا تصالحوا اكلوا المحصول”.
هذه نماذج ناخعة اعطيت ومن وجهة نظري. اليست قبائل الغابات والأمازون اكثر حضارة منا؟
فلو كنا افضل لكانت بلادنا اجمل وارقى. هاكم وَليُّ الشيعه الإمام علي امير البلاغه والمستوى، والأشياع يلجأون تحت عباءة الزعيم الى دراجات التخريب والاعتداد الفارغ والغباء،
والدروز اهل العقل والحكمة كذلك بفيء الزعيم يُسارعون الى القحم والهجوم والاعتباطية من دون احتكام الى الروية والوجدان،
والسنة تحت كنف الزعيم يعتصمون بعمر بن الخطاب وهم اكثر تعصبا وتزمتا وغوغائية،
والمسيحيون سيما الموارنة ومسيحهم اله السلام يتعاملون بردات فعلهم مع العادي بالقمع والفوقية والبطش والقوة. وكلهم ابناء رقعة جغرافية واحدة في مشرق الكون يُطبَّق عليهم القول قطعان مطواعة تحت أُمرة الرعيان المفلَّسة على كل صعيد.
لو هذه الجماعات تعقلت وتثقفت بكتبها واقتدت باوليائها، وتربت تربية مدنية سليمة لكان لبنان جنة الله على الأرض.
واأسفاه! عسانا نتعظ في ميلاد الطفل-الإله السيد المسيح مخلص العالم.
لا اله الاه ولا مخلص الاه ولا سلام الا به لأنه:” فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ… (إنجيل يوحنا 1: 1)