العرب: لا إفلاس في لبنان بل انقلاب لإطاحة نظامه المالي/حسان دياب ينضم إلى حملة حزب الله على النظام المصرفي اللبناني وخطة إعادة هيكلة البنوك اللبنانية تخفي رغبة كبيرة في الانتقام

3743

حسان دياب ينضم إلى حملة حزب الله على النظام المصرفي اللبناني وخطة إعادة هيكلة البنوك اللبنانية تخفي رغبة كبيرة في الانتقام السياسي.

لا إفلاس في لبنان بل انقلاب لإطاحة نظامه المالي
زهير قصيباتي/العرب/09 آذار/2029
الحكومة اللبنانية بقيادة حسان دياب رهينة رؤية وخيارات حزب الله في معالجة الأزمة المركبة التي يعيش على وقعها لبنان، وتحذر أطراف عدة في الداخل اللبناني من أن الحزب يسعى لإقامة نموذج سياسي اقتصادي يخدم راعيته إيران على حساب مصلحة اللبنانيين.
لندن- اعتبرت أوساط سياسية لبنانية أن ما أعلنه رئيس الحكومة حسان دياب عن الامتناع عن دفع الدين العام الذي يستحق جزء منه (1.2 مليار دولار) في مارس، لا يعني إفلاس خزينة الدولة رغم اعترافه بخطورة ما وصل إليه احتياط الخزينة.
وكشفت مصادر مطلعة، الأحد، أن مفاوضات إعادة جدولة الديون التي تبلغ نحو خمسة مليارات دولار لهذا العام، ستبدأ في غضون أسبوعين، فيما شددت أوساط سياسية على أن حزب الله الذي شن حملة شعواء على صندوق النقد الدولي عشية قرار الحكومة، إنما نفذ محاولة أقرب إلى الانقلاب لإطاحة النظام المالي اللبناني والاقتصاد الحر في البلد.
وحذر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة من أن لبنان يتجه إلى المجهول، محمّلا حزب الله مسؤولية رفض التعاون مع صندوق النقد الدولي من دون طرح بديل للإنقاذ.
وقال السنيورة لـ“العرب” إن لبنان “مريض ولم يعد ينفع العلاج بالمراهم”، مشيرا إلى أن البلد واللبنانيين يدفعون ثمن “تسلط حزب الله على الدولة والامتناع عن تنفيذ إصلاحات قدِمت بها تعهدات منذ مؤتمري باريس 1 وباريس 2”. في المقابل رأى النائب السابق فارس سعيد أن الحزب “يحاول إقامة نظام اقتصادي وسياسي في لبنان يواكب وظيفته الإقليمية”، وإنشاء “اقتصاد المقاومة”.
وفيما فضّل السنيورة الامتناع عن تأجيج الخوف، في ظل قلق من انهيار مالية الدولة، انتقد ما جاء في كلمة رئيس الحكومة إلى اللبنانيين مساء السبت، من تحميل مسؤولية الأزمة الخانقة وتخلف لبنان للمرة الأولى عن تسديد دين عام، للسياسات المالية والاقتصادية “الخاطئة” على مدى السنوات العشرين الماضية.
وكرر حسان دياب انتقاده سياسة حكومات سعد الحريري والسنيورة من دون أن يسميهما، معتبرا إياها المسؤولة عن تراكم الدين العام الذي يبلغ الآن أكثر من تسعين مليار دولار، من دون أن يتطرق إلى عواقب تخريب فريق 8 آذار العلاقات اللبنانية العربية، خصوصا مع دول الخليج والسعودية، أبرزها التي ساندت مالية الدولة بودائع في المصرف المركزي.
وأشار السنيورة إلى أن سياسة لبنان الخارجية “كانت على مدى سنوات مناقضة لمصالح اللبنانيين ومنحازة إلى محاور في المنطقة – خصوصا إيران… والامتناع عن الإصلاح فاقم الأوضاع” المتأزمة. وذكّر بأن الرئيس الأسبق أميل لحود “رفض عام 1998 تمرير إصلاحات رغم إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي كانت جزءا منها”. وتحدث عن “الإصلاحات التي طرحت مع انعقاد مؤتمري باريس 2 و3 والتزمها لبنان ولكن حصل نكوص وتراجع في البرلمان، وكان الإصرار على تحميل الخزينة اقتراحات قوانين من دون تدبير التمويل اللازم” علما أن العجز في ميزان المدفوعات مستمر منذ العام 2011.
وإذ شدد السنيورة على ضرورة الإصلاحات المالية والنقدية والقطاعية والإدارية والسياسية، تحدث عن “مشكلات تراكمت خصوصا خلال عهد الرئيس ميشال عون، والخلل في التوازن الداخلي من خلال ما يسمى المخالفات الصريحة للدستور واتفاق الطائف، وكذلك التسلط على الدولة من قبل الأحزاب السياسية والطائفية، وبينها حزب الله”.
وعن المخرج للأزمة أجاب أن “لبنان مريض والخطوة الأولى أن يعترف بمرضه ويقتنع بأن العلاج هو أفضل المتاح. رأيي كان ألا ندفع الاستحقاق (1.2 مليار دولار) ولكن هذا جزء لا بد أن يأتي ضمن تسوية شاملة وخطة واضحة تتبنى برامج الإصلاح بالتعاون مع صندوق النقد. حزب الله رفض لكنه لم يقدم بديلا بالتالي يأخذنا إلى المجهول”. ولفت إلى أن ما قاله دياب ينم عن رغبة في منحى إطلاق الاتهامات، و”نحتاج إلى ختم الصدقية” من الصندوق الذي هدد الحزب بما سماه “ثورة شعبية” في حال التعاون معه. وخلص السنيورة إلى ضرورة “الخروج من تسلط حزب الله، فالأزمات لم تعد قابلة للعلاج بالمراهم”. ونبه إلى ما تكبده البلد من “كلفة التسلط على الدولة والتلكؤ في الإصلاح وكلفة الاجتياحات الإسرائيلية للبنان الذي بات سفينة بلا بوصلة تتقاذفها الرياح، ولا قبطان كفؤا يلتزم مقتضيات البوصلة”.
واعتبر النائب السابق فارس سعيد أن جوهر الأزمات يكمن في كون “حزب الله هو المقرر السياسي وفيما يقاتل في سوريا والعراق واليمن، يحاول إقامة نظام اقتصادي – سياسي يواكب وظيفته الإقليمية والإطاحة بالنظام المالي اللبناني وإخراج البلد من المجتمع الدولي لمصلحة اقتصاد المقاومة… أي الاستيراد عبر المعابر غير الشرعية والعلاقات مع إيران والصين، وقطع أي صلة مع واشنطن والشرعية الدولية”.

حسان دياب ينضم إلى حملة حزب الله على النظام المصرفي اللبناني وخطة إعادة هيكلة البنوك اللبنانية تخفي رغبة كبيرة في الانتقام السياسي.
العرب/09 آذار/2029
بيروت – أجمعت مصادر سياسية واقتصادية لبنانية مسؤولة على أن رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، مصرّ على التزام مواقف حزب الله الذي حذّر من أي تعاط مع صندوق النقد الدولي من منطلق أنّ ذلك يشكّل مسّا بالسيادة الوطنية.
ويشنّ حزب الله حملة على النظام المصرفي اللبناني بسبب التزامه بتنفيذ العقوبات الأميركية على الحزب وعلى إيران.
وقالت المصادر في تصريح لـ”العرب” “يبدو من خلال رغبة رئيس الحكومة في إعادة هيكلة النظام المصرفي اللبناني أن دياب انضمّ إلى حملة حزب الله على المصارف”.
وحذر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة من أن لبنان يتجه إلى المجهول، محمّلا حزب الله مسؤولية رفض التعاون مع صندوق النقد الدولي دون طرح بديل من أجل الإنقاذ.
وقال السنيورة في تصريح لـ”العرب” إن لبنان “مريض ولم يعد ينفع العلاج بالمراهم”، مشيرا إلى أن البلد واللبنانيين يدفعون ثمن “تسلط حزب الله على الدولة والامتناع عن تنفيذ إصلاحات قدِمت بها تعهدات منذ مؤتمري باريس 1 وباريس 2”.
واستوقف المراقبين السياسيين في بيروت لدى كلام رئيس الحكومة اللبنانية مساء السبت عن تعليق دفع سندات اليوروبوند، المستحقّة على لبنان، التجاهل التام لصندوق النقد الدولي. وجاء هذا التجاهل مع كلام آخر في غاية الخطورة عن “خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي”. وأعلن لبنان، الذي يعاني من أزمة مالية كبيرة، أنه لا يمكنه دفع ديونه في مواعيدها، والتي تتضمن 1.2 مليار دولار مستحقة اليوم الاثنين. ودعا رئيس وزراء لبنان إلى مفاوضات عاجلة لإعادة هيكلة الدين.
وقال دياب إن احتياطيات البلاد من العملة الصعبة بلغت مستويات “حرجة وخطيرة” مع الحاجة إلى تلبية احتياجات اللبنانيين الأساسية.
ومعروف أن صندوق النقد الدولي يعتبر حاليا الجهة الوحيدة القادرة على مساعدة لبنان لتفادي الانهيار الكامل والإفلاس التام للبلد، في حين أنّ القطاع المصرفي يمثّل العمود الفقري للاقتصاد اللبناني.
ولا يوجد مؤشر على مساعدات من دول أجنبية سبق أن مدت يد العون للبنان. وتصر الحكومات الغربية على تطبيق بيروت أولا إصلاحات تأجلت طويلا لمكافحة الهدر والفساد. ويعتقد محللون كثيرون أن السبيل الوحيد لضمان دعم مالي للبنان يكون عبر برنامج لصندوق النقد الدولي.
لكن حزب الله المدعوم من إيران يعارض ذلك وسبق أن قال إن الشروط التي سيسعى صندوق النقد لفرضها ستشعل ثورة شعبية في لبنان.
ورأى خبراء اقتصاديون أن أخطر ما في الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة قوله إنّ حكومته قرّرت البدء “بإعداد إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد. وقريباً، ستبصر اللجنة المختصة النور، وستكون مزودة بالصلاحيات والاستقلالية اللازمة للقيام بمهامها”، مذكّرا بأن الحكومة تقدمت “بعد ثلاثة أسابيع فقط من نيلها الثقة، بمشروع قانون يرمي إلى رفع السرية المصرفية عن كل من تولى ويتولى الشأن العام”.
وتساءل هؤلاء الخبراء، هل يخفي ذلك رغبة في تنفيذ انتقامات سياسية؟ خصوصا أن دياب يصرّ في كلّ كلمة يلقيها على أن حكومته تواجه تراكمات اقتصادية وفسادا ساد في السنوات الثلاثين الماضية.
ووجد سياسي لبناني أن أسوأ ما في الخطاب وعد رئيس الحكومة بالعمل “على تطوير قطاعنا المصرفي. لكننا، في الوقت عينه، لا نحتاج قطاعًا مصرفيّا يفوق بأربعة أضعاف حجم اقتصادنا، لذا، يجب إعداد خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي”.
وتساءل هذا السياسي ما المشكلة في أن يكون حجم القطاع المصرفي أكبر من حجم الاقتصاد اللبناني؟ وهل يشكل ذلك أي إساءة إلى لبنان في وقت كان فيه القطاع المصرفي يؤمّن آلاف الوظائف للبنانيين؟
وأوضح السياسي نفسه أنّ كلام رئيس الحكومة يشكل مسّا بالدستور اللبناني الذي يضمن الحرّيات العامة في كلّ المجالات ويمنع أي قيود على النشاط الاقتصادي، وذلك تماشيا مع النظام الاقتصادي الليبرالي المعمول به في لبنان منذ ما قبل الاستقلال.
وقال وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة إن المفاوضات الرامية إلى إعادة هيكلة ديون بلاده بالعملات الأجنبية لن تستغرق أكثر من تسعة أشهر إذا خلصت النوايا، فيما يتجه البلد إلى التخلف عن سداد ديون سيادية للمرة الأولى.
وتوقع مصدر مطلع بدء مفاوضات إعادة هيكلة الدين بشكل رسمي بين لبنان وحملة السندات في غضون نحو أسبوعين.
ويمثّل تخلف لبنان عن سداد ديونه بالعملات الأجنبية مرحلة جديدة من الأزمة المالية التي تعصف باقتصاده منذ أكتوبر، وأفقدت الليرة نحو 40 في المئة من قيمتها ودفعت البنوك إلى فرض قيود على السحب من الودائع وأججت البطالة والاضطرابات.
وقال نعمة “الحكومة تنتظر الآن موقف حاملي سندات اليوروبوند”، مضيفا أنه يتوقع أن يكون موقفهم “إيجابيا”.
وعن إمكانية مقاضاة لبنان في الخارج قال إن من الممكن أن يُقْدم الدائنون على رفع دعاوى بحق مصرف لبنان المركزي لكنهم لن يربحوها. ولدى لبنان سندات دولارية بنحو 31 مليار دولار. وقالت مصادر إن الحكومة ستسعى إلى إعادة هيكلتها.
وصرح دياب بأن الدين العام في لبنان تجاوز 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني أن البلاد على وشك أن تكون الأكثر مديونية في العالم.
وقال مصدر مطلع إن البنوك اللبنانية، وهي حائز كبير للدين السيادي، مستعدة لإجراء محادثات مع الدائنين الأجانب في ظل سعي الحكومة لإعادة هيكلة الدين.
وأضاف المصدر أنه إلى حدّ الآن لا يوجد جدول زمني لإعادة الهيكلة، ومن المتوقع أن تبدأ المحادثات مع الدائنين الأجانب ببطء. وقال المصدر إن جمعية مصارف لبنان عينت شركة “هوليهان لوكي” مستشارا ماليا للمساعدة في العملية.