الياس بجاني/ذكرى 07 آب: المبعدون عن التيار الوطني الحر وما يتعرضون له من جحود وشيطنة

450

ذكرى 07 آب: المبعدون عن التيار الوطني الحر وما يتعرضون له من جحود وشيطنة
الياس بجاني/07 آب/2019
تعود الذاكرة بنا اليوم إلى مشاهد قمع وتعديات واهانات واعتقالات تعرض لها الشباب الأحرار والشرفاء والناشطين الكيانيين والسياديين الذين كانوا يناضلون سلمياً وبحضارة ورقي ضد الاحتلال السوري وأزلامه وأدواته المحليين ويتماهون في نضالهم مع شعارات الحرية والسيادة والاستقلال التي كان يرفعها ويدافع عنها ويسوّق لها العماد ميشال عون من منفاه الباريسي.

هؤلاء الشباب بغالبتهم هم حالياً خارج “حزب التيار الوطني الحر” ومغضوب عليهم ومتهمون ومشيطنون.

للأسف، فإن قيادة التيار وباختصار تعاملت وتتعامل مع هؤلاء الشباب بكل مكنونات قلة الوفاء والجحود ونكران الجّميل.

نعم وبحزن نقول، اليوم كل شيء تغير وتبدل، وهؤلاء الشباب وغيرهم من الذين شاركوهم النضال وضحوا وواجهوا الاحتلال السوري هم في وضعية من الذهول والغضب والقرف والضياع، لما وصلت إليه أحوال ليس فقط قيادات التيار الوطني الحر، بل كل قيادات لبنان وأصحاب شركات أحزابه وطاقمه السياسي من جحود ونكران للجّمِيل وساعات تخلي وتجلي، وأنانية وشذوذ وانحراف سياسي واستقلالي وكياني ووقوع طوعي في لُجىّ إغراءات غرائزية وسلطوية، وعشق كراسي وداكشتها بالسيادة، وغرق طوعي وغير مسبوق في أوحال وغياهب ثقافة الأبواب الواسعة بمفهومها الإنجيلي.

للإنصاف فإن من أيدوا العماد ميشال عون في فترة بروزه الأولى كرئيس لمجلس الوزراء العسكري، وأيضاً خلال وجوده في المنفى، فهؤلاء جميعاً من المفترض أنهم أيدوه وساندوه على أساس القضية الوطنية والسيادية والكيانية التي كان يحملها ويدافع عنها ويسوّق لها، ونحن في مغتربنا الكندي كنا من ضمنهم.

القضية كانت قضية لبنان الإنسان والحرية والسيادة والاستقلال والكيان ورفض الاحتلال السوري الهمجي.

ولكن، وهنا للإنصاف أيضاً، فإن كل الذين استمروا وبقوا مع العماد بعد أن “أوجد حزب التيار الوطني الحر” عقب عودته من المنفى، ومن ثم عقب توقيعه ورقة تفاهمه مع حزب الله، فهؤلاء جميعاً انتقلوا مع العماد من قاطع سياسي واستراتيجي ووطني وسياسي كياني وواضح المعالم والأهداف إلى قاطع آخر هو نقيض القاطع الذي كانوا فيه، والذي من المفترض أنهم كانوا أيدوا العماد على أساسه.

كما أن الواقع العملي والمنطقي يقول بأن كل هؤلاء اختاروا البقاء مع العماد وفي حزبه الجديد لأن أوليتهم كانت في حينه…”الشخص” ولأسباب كثيرة من بينها وفي مقدمها ثقتهم المطلقة به، فاستمرار معه على حساب القضية التي من المفترض أنهم في الأساس أيدوه من أجلها وليس العكس.

وهنا يكمن التناقض والخلط والضياع بين الشخص والقضية فيما يخص كل المنتمين للأحزاب اللبنانية مع أصحاب شركات الأحزاب كافة التجارية منها والوكالات على حد سواء.

ولاءات للشخص وليس للقضية تتغير وتتبدل غب مزاجية ومصالح وطموحات شخص صاحب شركة الحزب.

وخيارهم البقاء مع العماد هذا كان طوعياً ولم يجبرهم أحد على تبنيه. وبالتالي، فإن إخراجهم، أو طردهم، أو تهميشهم، في ومن حزب “التيار الوطني الحر” الذي يرأسه حالياً النائب جبران باسيل فهم يتحملون مسؤولية ما يصيبهم حزبياً، كما جرى مؤخراً مع السيد رمزي كنج الذي فصله باسيل من التيار وهو من مؤسسيه الأوائل.

يبقى أن هؤلاء هم المسؤولين عن وضعيتهم الحالية التي وصلوا إليها برضاهم الكامل أكانت ترفيعاً وتكريماً ومناصب نيابية ووزارية وغيرها، أو العكس تماماً، وذلك لأنهم ارتضوا بوضعية الولاء للشخص، على حساب القضية.  وهي وضعية ما كان يفترض أن يقبلوا بها أساساً يوم بدّل الشخص مساره وخطابه وتحالفاته وانتقل من قاطع إلى آخر.

يبقى أنه من الصعب جداً رؤية أي دور فاعل ومستقبلي للذين أبعدهم جبران واستبدلهم بمتمولين وتجار وودائع وأصحاب نفوذ. ونفس الرؤية تنطبق أيضاً على من كان تخلى عنهم أو أبعدهم عن تياره العماد قبول وصوله للرئاسة.

فهؤلاء جميعاً أوصلوا أنفسهم إلى ما هم فيه من وضعية لم يجبرهم أحد على القبول بها.

وما هو مؤكد سلفاً من خلال مراقبة حركتهم الاعتراضية الحالية وأطرها ومنطلقاتها المحصورة فقط بشخص جبران باسيل، فإنه لن يكون بمقدورهم تكوين لا حزب ولا تجمع فاعل مستقل له شخصية المميزة ما لم يعلنوا موقفهم الجلي والغير ملتبس من ورقة تفاهم عون-نصرالله، وكذلك يُوضًحوا للبنانيين علناً خياراتهم ومواقفهم الوطنية والإستراتجية والكيانية والسيادية.

مشكلتهم كما يظهرونها حتى الآن هي محصورة بشخص الصهر جبران على أمور تنظيمية، أو لها علاقة بالمواقع والمسؤوليات والخيارات، وليس بالمواقف والخيارات الإستراتجية.

في الخلاصة، نحن نرى بصدق بأن حركتهم لن يكون لها أية فاعلية أو دور أو نجاح إن بقي محورها شخص جبران ولم تنتقل بشجاعة إلى إعلانهم عن تجمع سيادي أو حزب جديد لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بحزب التيار الوطني الحر وبقيادته، وتبنيهم نصوصاً وأقوالاً وأفعالاً القضية التي كانوا أساساً أيدوا العماد وساندوه على أساسها وهي قضية الحرية والسيادة والاستقلال ورفض كل أشكال الإحتلالات.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
عنوان الكاتب الالكتروني
Phoenicia@hotmail.com
رابط موقع الكاتب الالكتروني على الإنترنت
http://www.eliasbejjaninew.com