اتيان صقر_ ابو ارز: تمخّض الجبل فأنجب مسخاً… للتذكير نقول أن كل غزوات التاريخ لم تُثنِ هذا الجبل عن البقاء شامخاً على صحاري المنطقة، ولو عرف الطامعون هذه الحقيقة لكانوا وفّروا علينا وعليهم الكثير من الدماء والدموع

115

تمخّض الجبل فأنجب مسخاً.
اتيان صقر_ ابو ارز/17 أيلول/2021

وللتذكير نقول أن كل غزوات التاريخ لم تُثنِ هذا الجبل عن البقاء شامخاً على صحاري المنطقة، ولو عرف الطامعون هذه الحقيقة لكانوا وفّروا علينا وعليهم الكثير من الدماء والدموع.

هناك معلومات تتحدث عن ان المنظومة الحاكمة هي التي دفعت بالبلاد إلى الأنهيار عن سابق تعمّد و تصميم، وذلك لأرغام المجتمع الدولي على القبول بتشكيل حكومة بشروطها المبنية على المحسوبية و الزبائنية والمحاصصة الحزبية والطائفية، وليس بشروط المبادرة الفرنسية القائلة بحكومة إختصاصيين بعيدة عن الأحزاب والقوى السياسية؛ وهذا ما يفسّر خضوع المجتمع الدولي للأمر الواقع، والترحيب بحكومة الميقاتي من أجل وقف الأنهيار، والحفاظ على ما تبقى من معالم الدولة و منع سقوطها في المجهول.

إن صحّت هذه المعلومات يكون المجتمع الدولي قد أبدى تعاطفاً مع الشعب اللبناني أكثر من عصابته الحاكمة، وتكون هذه العصابة التي استثمرت بمعاناة اللبنانيين قد ارتكبت، اضافةً إلى جرائمها الكثيرة، جريمة محاولة قتل جماعي آي إبادة شعب بكامله عن سابق تصوّر وتصميم إرضاءً لشبقها الجامح للسلطة.

و هكذا، وبعد ١٣ شهراً من المماحكة والمناطحة والمناكفة المفتعلة، والكثير من الكيد الذي عجّل في مسيرة الأنحدار نحو جهنم… تمخّض الجبل فأنجب مسخاً من ٢٤ وزيراً،بعضهم ينتمي إلى أحزابٍ لا تعترف بالكيان اللبناني، والبعض الآخر يدين بالولاء للمحاور الخارجية، وكلهم يتوزّعون على المرجعيات السياسية الحاكمة، وهذه الاخيرة تخضع بالكامل لمرجعية المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية القابع سعيداً في ضاحية بيروت الجنوبية.

و غنيٌّ عن القول ان هذه الحكومة الممسوخة التي لا تستوفي اي شرط من شروط المبادرة الفرنسية، والمكبّلة بسلاسل القوى التي أتت بها إلى السلطة، هي غير قادرة على تنفيذ اي إصلاحات جدّية تؤهّلها للحصول على مساعدات صندوق النقد الدولي الموعودة، خصوصاً في مجال مكافحة الفساد بإعتبار ان الفساد لا يكافح نفسه بنفسه، ما يعني ان أقصى ما نتوقعه منها هو جرعة مؤقتة من الاوكسيجين قد تعطيها إلى الشعب اللبناني في مجال الخدمات الحياتية، ولكن عند وصولها إلى الاستحقاقات الداهمة والتحديات الكبيرة فانها ستفشل حتماً اسوةً بما شابهها من حكومات سابقة ممسوخة قادت البلاد إلى الجحيم.

إما الأخطر من كل ما سبق فهي المعلومات التي أكدت ان ولادة الحكومة جاءت نتيجة توافق إيراني _فرنسي، ما يعني ان فرنسا المدعومة اوروبياً واميركياً قد اعترفت علناً بالدور الإيراني في لبنان وتالياً بهيمنتها عليه عبر ما يسمى “بحزب الله”، ضاربةً عرض الحائط بالقرارات الأممية التي تطالب هذا الحزب بحل ميلشياته وتسليم سلاحه إلى السلطة الشرعية اللبنانية، الأمر الذي يذكرنا بالحقبة السورية التي هيمنت على لبنان طيلة ثلاثين عاماً بغطاءٍأميركي.

واذا كان الجميع قد انصاع لسطوة السلاح غير الشرعي وقبلوا به، فإن الشرفاء في لبنان يرفضونه قطعاً، ومثلما واجهوا الهيمنة السورية واجبروها على الانكفاء سيواجهون الهيمنة الإيرانية بنفس العزيمة والإصرار لدفعها إلى الانكفاء واستعادة السيادة اللبنانية المخطوفة.

وللتذكير نقول أن كل غزوات التاريخ لم تُثنِ هذا الجبل عن البقاء شامخاً على صحاري المنطقة، ولو عرف الطامعون هذه الحقيقة لكانوا وفّروا علينا وعليهم الكثير من الدماء والدموع.
لبيك لبنان
اتيان صقر_ ابو ارز