فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه البطريرك الراعي اليوم 15 آب/2021 في كنيسة الديمان/مع نص عظته وعظة المطران عودة/الراعي: نعزي أهالي ضحايا انفجار عكار ونصلّي لراحة نفوس القتلى وشفاء الجرحى وندعو إلى عدم التسرّع في الإدانة وإلى قطع الطريق أمام مثيري الفتنة الطائفيّة وانتظار التحقيقات الرسميّة/عودة: أعرب عن ألمي وحزني لما حصل في عكار وأدى إلى سقوط أبرياء هم ضحايا الطمع والفساد وتردي الأوضاع المعيشية

65

اضغط هنا لمشاهدة القداس الإلهي الذي ترأسه البطريرك الراعي اليوم 15 آب/2021 في كنيسة الديمان

فيديو القداس الإلهي الذي ترأسه البطريرك الراعي اليوم 15 آب/2021 في كنيسة الديمان/مع نص عظته وعظة المطران عودة

المطران عودة: أعرب عن ألمي وحزني لما حصل في عكار وأدى إلى سقوط أبرياء هم ضحايا الطمع والفساد وتردي الأوضاع المعيشية. ألا يكفينا موت ومآس؟ والمواطن هو الذي يدفع الثمن دائما. رحم الله الضحايا وعزى قلوب أهلهم، وشفى الجرحى والمصابين، وألهم المسؤولين الإسراع في إيجاد الحلول، وأنقذ لبنان بشفاعات سيدتنا والدة الإله/الحكم ليس صراعا وكيدية بل خدمة وعمل وطني إنساني

البطريرك الراعي: نعزي أهالي ضحايا انفجار عكار ونصلّي لراحة نفوس القتلى وشفاء الجرحى وندعو إلى عدم التسرّع في الإدانة، وإلى قطع الطريق أمام مثيري الفتنة الطائفيّة وانتظار التحقيقات الرسميّة، راجين في ذلك مساهمة المسؤولين الروحيّين والمدنيّين/لحكومة تؤلف على أساس الدستور والمساواة والباقي هوامش
الأحد 15 آب 2021 
وطنية – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس عيد انتقال السيدة العذراء في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه رئيس رابطة كاريتاس لبنان الأب الكرملي ميشال عبود، المونسنيور وهيب كيروز والقيم البطريركي في الصرح الاب طوني الآغا، وخدمت القداس جوقة كاريتاس لبنان، في حضور عدد كبير من راهبات المحبة والقديسة تيريزيا الطفل يسوع ومؤمنين.
وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة قال فيها:
1. عندما حيّت أليصابات مريم متنبّئةً: “مباركة أنتِ بين النساء، ومباركة ثمرة بطنك” (لو 1: 42)، هتفت مريم: “تعظّم نفسي الربّ … لأنّ القدير صنع بي عظائم” (لو 1: 46 و 49).
تتوّجت عظائم الله بانتقال السيّدة العذراء بنفسها وجسدها إلى السماء، وتكليلها من الثالوث القدّوس سلطانة السماوات والأرض. وهذا أعظم عيد مريميّ تحتفل به الكنيسة الجامعة في جميع أقطار العالم. يجتمع المؤمنون في كنائس الأرض كلّها ليطوّبوا مريم على العظائم التي صنعها الله لها، وللعالم بواسطتها. وها نحن من هنا، من على كتف الوادي المقدّس وسيّدة قنوبين، مقرّ البطاركة الذين عاشوا فيه مدّة أربعماية سنة، طيلة العهد العثمانيّ، وكانوا يحيون عيد سيّدة الإنتقال مع الأركان وقناصل الدول. وكانوا صامدين في إيمانهم، وملتمسين شفاعة سيّدة قنّوبين، وأمامهم مسيرة نحو إنشاء وطن الحريّة والكرامة والإستقلاليّة، تعيش فيه كياناته الثقافيّة والدينيّة المتنوّعة في جوّ من الإخاء والتعاون، حتّى كان إعلان دولة لبنان الكبير في أوّل أيلول 1920، متميّزًا بنظامه عن سائر دول المنطقة.
2. يسعدنا أن نحتفل معكم بهذا العيد، الذي جعلت منه رابطة كاريتاس لبنان “يوم شبيبة كاريتاس لبنان الوطنيّ” بحيث يجتمع كلّ المتطوّعين من شبيبة في كلّ أقاليم رابطة كاريتاس الذين بلغ عددهم والحمدالله ١١٠٠ شاب وشابة. غاية اللقاء: تجديد الوعد للخدمة والعطاء بروحانيّة كاريتاس. فيطيب لي أن أوجّه تحيّة قلبيّة إلى رئيس رابطة كاريتاس، عزيزنا الأب ميشال عبّود الكرمليّ وإلى معاونيه في المجلس والإدارة، وإلى جميع المسؤولين والعاملين في الأقاليم والمراكز على كامل الأراضي اللبنانيّة، شاكرينهم وكلّ المحسنين على سخائهم في خدمة المحبّة. وفي المناسبة نوجّه تحيّة شكر وتقدير للشبيبة على الجهود والتضحيات التي يقومون بها خلال مجمل سنة. كافأهم الله بفيض من نعمه وبركاته.
3.إنّ العظائم التي صنعها الله بمريم، صانت جسدها من فساد القبر، وحتّمت انتقالها بنفسها وجسدها إلى السماء منذ نياحها، هذا ما آمنت به الكنيسة وعلّمته من البدايات، وتناقله التقليد الرسوليّ الحيّ، حتى إعلان عقيدة الإنتقال بلسان المكرّم البابا بيوس الثاني عشر في أوّل تشرين الثاني 1950، وفيها تعداد هذه العظائم، وهي:
أ- عصمة مريم من الخطيئة الأصليّة منذ اللحظة الأولى لتكوينها في حشا أمّها القدّيسة حنّة زوجة يواكيم، وهي عقيدة أعلنها الطوباويّ البابا بيّوس التاسع سنة 1854، وثبّتتها السيّدة العذراء بعد أربع سنوات في ظهوراتها لبرناديت في مغارة لورد سنة 1858 واعلنت اسمها ”سلطانة الحبل بلا دنس“. فكان الله في سرّ تدبيره يهيّئها لتكون أمّ الكلمة المتجسّد، فادي الإنسان ومخلّص العالم.
ب- أمومة مريم وبتوليّتها الدائمة، إذ بقوّة الروح القدس أصبحت أمّ إبن الله الذي أخذ منها طبيعته البشريّة، وهي عذراء، وظلّت بتولًا قبل الميلاد وفيه وبعده. وهكذا أصبحت إبنة الآب، وأمّ الإبن، وعروسة الروح القدس.
ت- مشاركة إبنها يسوع في آلام الفداء. فبإيمانها الصامد بالرجاء رافقته بقلب ممزّق بالألم حتى أقدام الصليب، ولسان حالها يردّد كلمة “نعم” لإرادة الآب ولتصميمه الخلاصيّ. إنّها في “نعم البشارة” أصبحت أمّ يسوع التاريخيّ، وفي “نعم الصليب” أصبحت أمّ يسوع الكلّي الذي هو الكنيسة (راجع أمومتها ليوحنّا، وبنوّة يوحنّا لها: يو 19: 26-27).
4. ولكن سرعان ما أُسدل علينا صباح اليوم ثوب الحزن والحداد، بانفجار مستودع لتخزين المحروقات في بلدة تليل بعكّار فجرًا أوقع بحسب المعطيات الأوليّة ستّين قتيلًا وأكثر من مئة جريحٍ بينهم من هم في حالة حرجة، وبينهم أيضًا جنود من الجيش اللبنانيّ كانوا يقومون بواجبهم. فإنّا نعزّي عائلاتهم، ونصلّي لراحة نفوس القتلى وشفاء الجرحى. ونأمل من الدولة أن تعرف حقيقة أسباب هذا الإنفجار، وتتخذ القرارات اللازمة والاجراءات لتجنّب وقوع أمثاله رحمةً بالمواطنين الأبرياء. وندعو إلى عدم التسرّع في الإدانة، وإلى قطع الطريق أمام مثيري الفتنة الطائفيّة وانتظار التحقيقات الرسميّة، راجين في ذلك مساهمة المسؤولين الروحيّين والمدنيّين.
5. إنّنا مدعوّون جميعًا، وبخاصّة المسؤولون السياسيّون وكلّ الذين يتعاطون الشأن السياسيّ، أن يرفعوا في هذا العيد عيونهم وقلوبهم وأفكارهم إلى السماء، ليستمدّوا النور الذي يضيء قراراتهم لتنطلق دائمًا من الحقيقة فتكون علميّة وصحيحة وشجاعة، لا شعبويّة وديماغوجيّة، وبذلك تنقذ الشعب والوطن من وضع اليد على الإحتياطي وأموال المودعين.
إنّ كلّ السجال حول إبقاء الدعم أو رفعه، ما كان ليكون: لو انتهجت الدولة خريطة اصلاحيّة، والتزمت بنصائح الخبراء والمؤسّسات النقديّة الدوليّة؛ ولو أقدمت الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة على إغلاق معابر التهريب التي تخرق سيادة الحدود الدوليّة بين لبنان وسوريا.
6. فيما نأمل من الأجواء الإيجابيّة المظلّلة أعمال تأليف الحكومة، الى الآن، ننتظر مع الشعب اللبنانيّ أن يتمّ التأليف سريعًا، بحيث يلتقي مع مستلزمات المجتمعين العربيّ والدوليّ، ويُخرج لبنان من انهيار مقوّماته الواحدة تلو الأخرى كما نرى، والمواطنين من أوجاعهم التي تشتدّ يومًا بعد يوم. ونتساءل معهم عن حالة الذلّ والعار:
مذ متى في لبنانَ لا طحينَ ولا خبزَ ولا رغيف؟ ولا محروقاتِ ولا غازَ ولا كهرباء؟
مذ متى يُذّلُ المواطِنون أمام محطّاتِ المحروقات والأفران؟ والصيدليّات ولا أغذيةَ ولا أدويةَ ولا أمْصال؟
مذ متى في لبنان يُفكِّرُ المرضى في أن يَتظاهروا بسبب عدمِ توفّرِ العلاجات؟
مذ متى تُخزَّنُ الموادُّ المختلِفةُ، ولا تُداهمُ الأجهزة ُكافةً المخازنَ، ويُحاكِمُ القضاءُ المحتكرِين؟
مذ متى في لبنانَ يَملِكُ الناسُ أموالًا في المصارفِ ويُمنَعون من سحبِها لقضاءِ حاجاتِهم الأساسيّةِ والحياتية؟
مذ متى في لبنان يهاجرُ الأطبّاءُ والمهندِسون ورجال الأعمال ومعلّمو الجامعات وأصحابُ المهنِ الحرّةِ فيما كانوا يَدرسون في الخارجِ ويعودون؟
مذ متى في لبنانَ يبكي الآباءُ والأمّهاتُ لأنّهم لم يَتمكّنوا من توفيرِ الطعامِ والملبَسِ والدواءِ والمدرسةِ والجامعةِ لأولادِهم؟
مُذ متى في لبنانَ يَموت الأطفالُ بسببِ تلوّثِ المياه؟
مذ متى تحوّلَ لبنانُ من منارةِ الشرق إلى عتمةَ الشرق؟
7. فلكي يبدأ لبنان باستعادة حياته الطبيعيّة، فإنّنا نتطلّع إلى تشكيل حكومة لا تنتمي فقط إلى الطوائف، بل وبخاصّة إلى طائفة النزاهة والكفاءة، وطائفةِ الوطنية والشجاعةِ والقرار. ليست الطوائفُ غطاءً لأحد، ولا هي حاجز أمام التغييرِ الديمقراطي.
الحكومة التي تخلّص لبنان هي حكومة تلتزم سياسةَ الحياد، وتَنأى عن المحاصصةِ، فلا يَحتكِرُ أحدٌ حقائبَها ولا تُوزَّعُ الوزاراتُ بنيّةِ استغلالـِها في الحملاتِ الانتخابيّة المقبِلَةِ، أو للانتقامِ من طرفٍ خصمٍ، أو للسيطرةِ الأمنيّةِ على المجتمع. الشعبُ يريد حكومةً تؤلَّفُ على أساسِ ما يُمليه الدستورُ والمساواةُ الميثاقيّةُ، وكل الباقي هوامِش لا مكانَ لها في هذه الضيقةِ الشاملة.
8. إنّنا نسمع صرخة المزارعين الذين يتخوّفون من إقفال برّادات التفّاح، بسبب نقص مادّة المازوت وبالتالي الكهرباء. ما يعني خسارة المواسم التي سخا بها الله عليهم في هذه السنة، وتهجير عائلات هؤلاء المزارعين. فارادوا منّا أن نكون صوتهم تجاه المسؤولين وذوي الإرادة الحسنة من أجل تأمين مادّة المازوت والكهرباء. نرجو أن تصغي الحكومة الحاليّة والعتيدة لصرختهم، وأن تقوم مبادرات مناطقيّة بهذا الخصوص من ذوي الإرادة الحسنة، أكانوا من الداخل أم من الخارج.
9. نصلّي إلى أمّنا مريم العذراء أن تواكب سفينة الوطن والكنيسة في بحر هذا العالم الهائج يأمواجه ورياحه العتيّة، السياسيّة والأمنيّة والإقتصاديّة والماليّة والإجتماعيّة، لتبلغ بها إلى ميناء الأمان. فنرفع المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.
* * *
#البطريرك_الراعي #شركة_ومحبة #البطريركية_المارونية #الديمان #حياد_لبنان #لبنان_الكبير #الراعي

المطران عودة: أعرب عن ألمي وحزني لما حصل في عكار وأدى إلى سقوط أبرياء هم ضحايا الطمع والفساد وتردي الأوضاع المعيشية. ألا يكفينا موت ومآس؟ والمواطن هو الذي يدفع الثمن دائما. رحم الله الضحايا وعزى قلوب أهلهم، وشفى الجرحى والمصابين، وألهم المسؤولين الإسراع في إيجاد الحلول، وأنقذ لبنان بشفاعات سيدتنا والدة الإله/الحكم ليس صراعا وكيدية بل خدمة وعمل وطني إنساني
الأحد 15 آب 2021
وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، خدمة قداس عيد رقاد السيدة العذراء في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
بعد الإنجيل، قال في عظته: “في البداية أود أن أعرب عن ألمي وحزني لما حصل في عكار وأدى إلى سقوط أبرياء هم ضحايا الطمع والفساد وتردي الأوضاع المعيشية. ألا يكفينا موت ومآس؟ والمواطن هو الذي يدفع الثمن دائما. رحم الله الضحايا وعزى قلوب أهلهم، وشفى الجرحى والمصابين، وألهم المسؤولين الإسراع في إيجاد الحلول، وأنقذ لبنان بشفاعات سيدتنا والدة الإله. نعيد اليوم لرقاد سيدتنا والدة الإله. لم يرد شيء في الكتاب المقدس عن هذا الحدث، لكنه حفظ في ذاكرة الكنيسة، ونحن نفهمه من خلال الأيقونة والصلوات التي نرتلها في غروب وسحر العيد”.
أضاف: “أيقونة العيد تصور لنا العذراء مريم راقدة على سريرها، وقد اجتمع حولها الرسل الذين جمعوا بطريقة سرية من العالم أجمع، إضافة إلى رؤساء الكهنة والملائكة والنسوة، يكرمون جسدها وينحنون أمامه بإجلال. أما العنصر الأهم في الأيقونة فهو الرب يسوع المنتصب بمجده، مشعا، حاملا طفلا بين ذراعيه، يمثل روح والدة الإله. لقد أعطي لروح العذراء مريم شكل مولود جديد في الأقمطة لأنها تموت على الأرض وتولد في السماء. هي ولدت ابن الله بالجسد، وأعارته بشريتها كي يولد على الأرض. هذا الإبن، الذي أصبح ابنها، يعيرها بدوره ألوهيته كي تولد في السماء. إن هدف كل إنسان مسيحي هو التأله، لذلك العذراء هي مثال للمسيحيين في كيفية الوصول إلى هذا التأله. تبدأ طريق التأله بالتواضع والوداعة والطاعة، على مثال العذراء التي قبلت أن تكون والدة الإله، من دون زواج، وأن تحتمل كلام الناس المسيء، وتهديدات المجتمع لها بالرجم، قائلة لرئيس الملائكة جبرائيل الذي بشرها بأنها ستلد ابن الله: “هوذا أنا أمة للرب، ليكن لي كقولك” (لو 1: 38). علمت مريم أنها ستصبح والدة لرب السماء والأرض، لخالقها، لكنها مع ذلك دعت نفسها أم”، ولم تسمح لنفسها أن تفكر بأنها ستصبح أسمى رفعة من جميع المخلوقات”.
وتابع: “تؤكد لنا والدة الإله أن المتواضع المطيع يمجده الرب، إذ قالت عند زيارتها لأليصابات: تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي، لأنه نظر إلى تواضع أمته، فها منذ الآن تطوبني جميع الأجيال، وتتابع: شتت المتكبرين بذهن قلوبهم ورفع المتواضعين (لو 1: 46-55). لم تنشد العذراء تلك الكلمات لكي تتكبر بأن الأجيال ستطوبها، إنما لتعلمنا أن التواضع يؤدي إلى الحصول على كرامة إلهية لا تنتزع من الإنسان. ولا ننسى أن العذراء ذهبت إلى نسيبتها أليصابات لكي تخدمها في حبلها بالمعمدان، هي الحبلى برب المجد، وهذا أيضا سلوك يدل على تواضع والدة الإله الذي نتعلم منه الكثير. ن أبرز الصفات التي تميزت بها أيضا والدة الإله، الإيمان العظيم. لقد قالت أليصابات لمريم: طوبى للتي آمنت أن سيتم ما قيل لها من قبل الرب (لو 1: 45). كلام أليصابات نابع من خبرة شخصية، إذ إن زوجها الكاهن الشيخ زخريا، الذي يفترض أنه يعرف الكتاب، شكك بكلام الملاك الذي بشره أن زوجته ستلد طفلا، وهذه لم تكن المرة الأولى التي تحدث فيها معجزة الولادة من أم عاقر أو متقدمة في السن، على مثال إسحق (تك 18) وصموئيل (1صم 1) وشمشون (قض 13) ويعقوب وعيسو (تك 25) ويوسف (تك 29). أما مريم، فقد وثقت بكلام رئيس الملائكة، الذي بشرها بحبل من دون زرع، الأمر الذي لم يسمع به من قبل. إذا، زخريا لم يصدق الأمر السهل، أما مريم فقد قبلت بالأمر الصعب مظهرة إيمانا عظيما بالله. جاء إيمان مريم بلا شك، على عكس سارة (تك 18: 12) وتوما الرسول. كما أنها آمنت بلا جدال، على عكس الكثير من الأنبياء الذين طالبوا الرب بعلامات كي يؤمنوا، على مثال موسى (خر 4) وجدعون (قض 6) وحزقيا (2مل 20: 9)”.
وقال: “شهدت مريم في حياتها أحداثا كثيرة وعظيمة، كان يمكنها أن تنتفخ كبرياء بسببها، إلا أنها كانت تحفظ جميع هذه الأمور في نفسها متفكرة بها في قلبها (لو 2: 19)، وقد حافظت الكنيسة على صورة العذراء المتواضعة، من خلال عدم تصويرها وحدها في جميع أيقوناتها، لكنها تصور دائما مع الرب يسوع الذي منه تستمد مجدها.
إن والدة الإله تحمل لنا التعزية في أيامنا هذه، خصوصا لجميع الأمهات اللواتي خسرن فلذات أكبادهن في تفجير العاصمة. فهي مثال الأم المتألمة على وحيدها الذي صدر بحقه حكم الموت جورا. لكن ابنها، إلهنا، الرب يسوع المسيح، قال لوالدته بحسب صلواتنا: لا تنوحي علي يا أمي إذا شاهدتني في قبر، أنا ابنك الذي حبلت به في أحشائك بلا زرع، لأني سأقوم وأتمجد وأعلي مشرفا جميع الذين يسبحونك. المسيح قام من بين الأموات، وأقام والدته ومجدها بإجلاسه إياها عن يمينه، وسيقيم جميع الموتى المؤمنين، لأنه غلب الموت وكل من وما يسبب الموت”.
أضاف: “حياة العذراء المتواضعة هي دينونة لكثيرين، خصوصا لمن يتحملون مسؤولية من أي نوع. هل من مسؤولية أعظم من أن تكون العذراء مريم والدة للاله؟! إلا أنها بقيت على إنسانيتها، تخدم وتطيع وتساعد وتحن وتحب. أما ذوو السلطة فمتى استلموا منصبا يظنون أنفسهم فوق البشر، وقد يكونون ممن لا يقومون بما تمليه عليهم مناصبهم من الخدمة العامة والسهر على راحة الناس وتسهيل حياتهم وبث الطمأنينة والأمان في المجتمع. فإن استلموا مركزا نفخوا صدورهم فخرا وكبرياء، وإن وصلوا إلى النيابة نسوا هموم من منحوهم الثقة، ومهمة تمثيلهم، وإن عينوا في وزارة صارت ملكا لهم أو لحزبهم وطائفتهم مدى الحياة، فتصبح الوزارة أداة للشرذمة والتعطيل والفراغ والتدهور، عوض أن تكون أداة للخدمة العامة. فيا مسؤولي بلادي، لا تتشبهوا بقايين الذي قتل أخاه، وأصبح دم أخيه يصرخ نحو الله. تشبهوا بوالدة الإله، بتواضعها ووداعتها، حتى تحصلوا أولا على خلاص نفوسكم، ثم على القدرة على إنقاذ الشعب من مآسيه”.
وتابع: “دعوة أخرى إلى التواضع سمعناها في نص رسالة اليوم: ليكن فيكم الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا، الذي إذ هو في صورة الله، لم يكن يعتد مساواته لله اختلاسا، لكنه أخلى ذاته آخذا صورة عبد، صائرا في شبه البشر، وموجودا كبشر في الهيئة، فوضع نفسه وصار يطيع حتى الموت، موت الصليب. لذلك رفعه الله ووهبه اسما يفوق كل اسم. هل من إنسان أهم من الرب يسوع؟ حاشا. تواضعوا إذا، إرجعوا إلى بشريتكم، فأنتم ستعودون إلى التراب يوما ما، وستقدمون حسابا عن كل ما اقترفته أيديكم. أوقفوا الصراعات التي من خلالها، يوهم كل منكم أتباعه بأنه هو الأقوى والأنزه والأحرص على حقوقهم ومصالحهم، فيما الحقيقة غير ذلك تماما. الحكم ليس صراعا وكيدية وتنافسا أعمى على السلطة. الحكم خدمة، عمل وطني إنساني خلاصته المحبة والنزاهة والتضحية، وجوهره حب الوطن لا النفس، والإخلاص للوطن لا للحزب أو الطائفة، والعمل من أجل الخير العام لا الخاص. السلطة تفسد، لذلك يجب أن تترافق مع التواضع. والنفس الكبيرة وديعة متواضعة تقدم مصلحة الآخر على المصلحة الشخصية، وترى في الآخر جوهرة يجب الحفاظ عليها لأن هذا الآخر هو صورة الله وإناء الروح القدس”.
وسأل: “أليس حراما أن يصل اللبناني إلى تسول الدواء والحليب والطعام والمحروقات؟ وهل مسموح في القرن الحادي والعشرين أن يعيش البشر في الظلام بسبب سوء الإدارة وعظم الفساد؟ يردد اللبنانيون أن أيام الحرب المشؤومة كانت أفضل مما نعيشه اليوم لأن كرامة اللبناني سرقت منه اليوم بعد سرقة حياته وأحلامه وأمواله. الظلمة الدامسة لا تغمر ليالي اللبنانيين وحسب، بل تغمر قلوبهم المجروحة، وتختزل حياتهم في الوقوف ساعات في الطوابير أمام الأفران والصيدليات ومحطات المحروقات. مقومات الحياة الأساسية مفقودة، والوضع من سيء إلى أسوأ، ولا أفق لحل. دولة لا تهتم بشعبها، ومسؤولون يتفرجون وكأنهم يعيشون في عالم مختلف. هل المركز أو السلطة أو أي مكتسب أهم من حياة اللبناني وكرامته؟ ما جدوى المركز أو الحقيبة أمام وجع الناس؟ هل أرواح الناس رخيصة إلى هذا الحد؟ وعلى من ستمارسون سلطتكم إذا هاجر شعبكم أو مات؟ قليل من الوعي ومن الحكمة ومن الإنسانية”.
وختم عوده: “في الأخير، دعوتنا اليوم أن نتشبه جميعا بحياة والدة الإله على الأرض، حتى نستحق مثلها مكافأة التأله، والدخول إلى ملكوت السماوات، حيث الفرح الذي لا ينتهي”.