من جريدة اللواء/مقابلة مطولة وشاملة مع د.فارس سعيد: مجلس 2017 بالنسبة إلى حزب الله يجب أن يكون قادراً على الوقوف بوجه قرارات الشرعية الدولية

50

د. فارس سعيد لـ«اللواء»: من الأفضل ألاّ يُشارك رئيسا الجمهورية والحكومة في القمة إذا تأجلت الانتخابات لأسابيع فسيكون أول مسمار في نعش الرئيس

حوار مع مُنسّق الأمانة العامة عشية 14 آذار غداً

اللواء/13 آذار/17

مجلس 2017 بالنسبة إلى حزب الله يجب أن يكون قادراً على الوقوف بوجه قرارات الشرعية الدولية

فكرة 14 آذار اهتزت ولن تنتهي والطوائف عادت إلى حدودها الطائفية

{ أخوض معركة الخيار الآخر في الوسط المسيحي وجعجع لن يذهب إلى تحالف الأقليات

{ المقايضة التي أقدمت عليها قيادات 14 آذار مزيفة وانتخاب عون خسارة لنا مسيحيين ومسلمين

بعدما ذهب الرفاق في 14 آذار باتجاه التسويات، وأعلن انتهاء تنظيم هذه القوى، لم يختر منسّقها الدكتور فارس سعيد خيار من سبقوه منها. ولا يتعبه انه يجد نفسه وحيداً يصارع، إنما الأمر بالنسبة له بمثابة راحة. لا يزال يتردّد بشكل دائم إلى مقر الأمانة العامة، يزوره الأصدقاء ويعقد لقاءات صحفية في مكتبه الخاص الملاصق لغربة الاجتماعات التي كانت تضج بهؤلاء الرفاق، فالغرفة تسكنها الصور، صور الشهداء. صور الأحياء في لحظات الانتصار والتوحّد، أما بيانات 14 آذار الشهيرة فتتصدّر جدران المقر. لا يفضّل الدكتور سعيد إجراء محاسبة لمن كانوا حلفاء، لكنه يقرأ في الخسارة وفي التحوّلات وفي التطوّرات، وفي سلبيات عودة الطوائف إلى داخل حدودها الطائفية. عشية ذكرى 14 آذار والتي يدرك قياداتها معانيها، يتحدث سعيد عبر «اللواء» عن الفكرة والتنظيم، والوضع الراهن وموقعه اليوم بعدما حصل ما حصل، فماذا كانت قراءته. وما هي توقعاته؟

في ما يلي نص الحديث الذي اجرته «اللواء» معه:
حوار: د. عامر مشموشي وكارول سلوم

فكرة 14 آذار لم تنتهِ
{ هل انتهت فعلاً الأمانة العامة لـ 14 آذار، وأين أصبحت فكرة 14 آذار؟
– ليس هناك من أمانة لـ 14 آذار، لأن تنظيم 14 آذار انتهى. لا يمكن أن تكون هناك أمانة لتنظيم منتهٍ. الأمانة العامة كانت وسيلة إدارية تنسيقية، تنسق المواقف السياسية والاتصالات والخطوات العملانية بين مكوّنات 14 آذار. أما وقد انتهى هذا التنظيم، انتهت معه الأمانة العامة. وهذا لا يعني ان فكرة 14 آذار انتهت، بل اهتزّت ولن تنتهي. لقد اهتزت لأن فكرة العيش المشترك في لبنان تراجعت مع عودة الطوائف إلى داخل مربعاتها الطائفية. في لحظة الـ 2005، كانت هناك وحدة إسلامية – مسيحية صنعت معجزة وإنجازاً هو خروج الجيش السوري من لبنان نتيجة حدث تأسيسي مهم جداً تمثل بجريمة العصر، وهي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. بعد 11 عاماً من هذه الانتفاضة، بدلاً من أن نرسّخ الوحدة الداخلية في لبنان لأسباب داخلية وخارجية ولها علاقة بتكوين 14 آذار وبالأحداث الوطنية والإقليمية والعربية، عادت الطوائف اليوم الى داخل حدودها الطائفية وهي تتعامل مع بعضها البعض على قاعدة حرب باردة دائمة، تتخللها سخونة كلامية أو سخونة سياسية من وقت الى آخر، كما انه تمّ اختزال هذه الطوائف بأحزاب وتم اختزال الأحزاب بأفراد، وبالتالي البلد كلّه يختزل بـ 6 أو 7 شخصيات سياسية، إذا اتفقت يسير البلد وإذا اختلفت يتوقف البلد، ومن هؤلاء الشخصيات هناك شخص مميّز واحد يمثل حزباً مميّزاً والذي يختزل طائفة مميّزة تطلُّ على اللبنانيين لتقول أنا أضحّي بالغالي والرخيص من أجل حماية لبنان تارة بوجه إسرائيل وطوراً بوجه التكفير الإسلامي والارهاب، ولأنني أدافع وأقدّم التضحيات، لي الحق أن أحكم لبنان. هذه لهجة سمعناها من قبل من الموارنة، وسمعناها من قبل من الدروز في القرن التاسع عشر. وهذا السلوك لا يبني لبنان، ولا يمكن أن يبني هذا البلد.

{ أنت تقول أن فكرة 14 آذار لم تنتهِ إنما اهتزت، لكن ماذا بقي من فكرة 14 آذار ومن مبادئ هذه القوى؟
– الفكرة برأيي انه في داخل كل طائفة في لبنان هناك تياران. هناك تيّار يقول بالفصل مع الآخر، وتيار يُصرّ على الوصل. أنا من تيّار الوصل واكتشاف المساحة الوطنية المشتركة بين جميع مكوّنات اللبنانية ومن التيار الذي يقول أياً تكن كلفة التلاقي مع الآخر، فهي أقل بكثير من كلفة الفصل مع الآخر وان الوحدة الداخلية في لبنان ليست عملية تثقيفية وإنما هي وحدة اللبنانيين داخل كل طائفة. وهذه هي فكرة 14 آذار، وأنا اعتقد انه حتى لو اهتزت وتراجع حضورها بفعل المشاكل الداخلية والواقع السياسي الداخلي والإقليمي. فهذه الفكرة لا تزال موجودة لدى اللبنانيين.

{ أين هم الرفاق في 14 آذار؟
– وكأننا اليوم صوت يصرخ في برية، إنما أنا واثق بأن الأمور لن تذهب إلى نهائيات، سوى في العالم العربي أو في لبنان. المنطقة تعيش على شيء وتصبح على شيء آخر. موازين القوى هي موازين قوى «رجراجة». العيش المشترك في لبنان هو فعل إيماني وليس فعلاً سياسياً لا يتأثر بعملية موازين القوى. وأنا من هذه الفئة.

{ هل أنت مستاء من هؤلاء الرفاق؟ وهل خذلوك وخانوك؟ ماذا يمكن أن نقوله في هذا الشأن؟
– يمكنك القول لا اليوم ولا بعد مائة عام يمكنني أن أتكلم أو أن ادّعي انني أحاسب أحداً، لأنني لست في موقع المحاسبة، لأنني تحت المحاسبة ولا أحاسب، وهؤلاء الرفاق لا يزالون رفاق، وتقاسمت معهم مرحلة من حياتي وأعتقد انها أهم مرحلة وطنية في لبنان، على الأقل في تاريخ لبنان المعاصر. إنما مواقفهم اليوم والتي ذهبت في اتجاه التسوية مع «حزب الله» من أجل إنتاج ما يسمّى دولة أسيرة لقرار «حزب الله»، فلا أوافقهم عليها. وأنا في مكان آخر في السياسة.

معركة الخيار الآخر
{ السؤال المطروح اليوم، هو انك خرجت من 14 آذار وعدت إلى قرنة شهوان؟
– أنا لم أعد إلى قرنة شهوان، أرى الأمور بوضوح. في مرحلة قرنة شهوان، كانت المعركة قائمة على كيفية فصل الجو السياسي الإسلامي عن سوريا، واعتقد أن جزءاً من المعركة اليوم يقوم على كيفية فصل الجو السياسي الماروني عن إيران. من هنا ومن مربع ماروني اسمه سيّدة الجبل، أخوض معركة الخيار الآخر في الوسط المسيحي. هذا الخيار لا يزال خيار الوحدة الوطنية، وهو لا يزال خيار العيش المشترك وموقع لبنان في نظام المصلحة العربية وليس بتحالف مع قوى إقليمية اسمها إيران أو غير إيران.

{ هل أنت مرتاح في هذا الموقع في حين أن الأفرقاء المسيحيين الآخرين رتبوا أوضاعهم، وذهب بعضهم إلى ترتيب علاقته مع «حزب الله»، ونتحدث هنا عن «القوات»؟
– في البداية، تتحدث «القوات» عن نفسها. أنا لا أتكلم عن «القوات»، إنما أنا أعرف سمير جعجع. وأعتقد انه لن يذهب في اتجاه تحالف الأقليات الذي هو خيار ميشال عون. سمير جعجع من الأشخاص الذين خاضوا معركة اتفاق الطائف في العام 1981. وكان من أركان 14 آذار، وأنا واثق من انه لن يذهب في هذا الاتجاه. أما إذا – لا سمح الله – ذهب في هذا الاتجاه، فيكون على خطأ في هذا الموضوع. أنا أؤمن بأن هذا الرجل هو رجل مستقيم ولن يذهب في هذا الاتجاه. أما إذا ذهب فسيكون لنا موقف منه. لا يخيفني عون الشخص، إنما ما يخيفني هو قرار غالبية المسيحيين في تحالف الأقليات تحت عنوان أن هناك حرباً على الارهاب وحزب الله يحمي لبنان. من يدّعي حماية لبنان، سيدّعي انه يريد من خلال حماية لبنان حكم لبنان، وسيتحوّل المسيحيون الى أهل ذمة وإذا ارتضوا هذا التحالف الهجين اليوم مع «حزب الله»، فغداً سيدفعون ثمن هذا، وهذا الخيار هو خيار ثابت لدى ميشال عون وهو ما أوصله إلى سدّة الرئاسة.
ننتظر القمة

{ لكن التسوية التي انتقدت انتجت رئاسة جمهورية وحكومة إنطلاقة للبلد؟
– هذا في الشكل، أما في المضمون فهناك أزمة مالية اقتصادية وأزمة موقع لبنان مع الشرعية العربية، وسوف نرى ما سيكون عليه موقف لبنان في القمة في الأردن، إذا أدخل بند اسمه تدخّل إيران في الشؤون العربية الداخلية. فهل سيتخذ موقف العراق في موضوع النأي بالنفس أو المعارضة أو الاعتراض. وهناك تشكيك أيضاً بموقع لبنان مع الشرعية الدولية بعدما أن خاض ميشال عون مراراً وليس مرة واحدة أمام التلفزيون المصري موقفه الثابت من سلاح «حزب الله»، وقوله ان هذا السلاح لا يتناقض مع شرعية بناء الدولة في لبنان، بينما خطورة هذا الموقف تكمن في انه صادر عن رئيس الدولة، الذي من خلال كلامه يلغي الحدود الفاصلة بين الميلشيا والدولة اللبنانية، ويجعل من الدولة تتبنّى وجهة نظر حزب الله. وتعاطي الدولة مع «حزب الله» كأمر واقع في لبنان والبحث عن وسيلة من أجل العلاقة معه يختلف عن تبنّي الدولة وعلى رأسها رئيس جمهورية لبنان وجهة نظر حزب الله. ذهب ميشال عون إلى أبعد الحدود. لبنان في مرحلة عبد الناصر كان دولة مساندة في الصراع العربي – الاسرائيلي. وفي مرحلة حافظ الأسد، انتقل الى دولة مواجهة. وفي مرحلة النفوذ الإيراني، ينتقل إلى مركز المواجهة الوحيد مع إسرائيل ولصالح إيران وليس من أجل المصلحة اللبنانية أو المصلحة العربية.

{ هل تعتبر أن رفاقك في 14 آذار على خطأ اليوم؟
– هم من يقدرون ذلك، هم يعتبرون أن السياسة هي لمن يملك السلطة وليس لمن يملك الحق. والحق معي في الكلام الذي أقوله. هم يعتبرون أنفسهم انهم نالوا السلطة. برأيي ان المقايضة التي اقدموا عليها للوصول إلى السلطة هي مقايضة مزيفة. لأن التفوّق هو لحزب الله والكراسي هي للبنانيين. هم حصلوا على الكراسي وبقي النفوذ بيد حزب الله، وهذا النفوذ باقٍ الى أجل غير مسمى.
{ هل تعتبر أن البراغماتية التي اعتمدها الرئيس الحريري والدكتور جعجع تتضمن خروجاً عن مبادئ وأهداف وثوابت 14 آذار؟
– هي انتقال بموضوعية من رهان إلى رهان. كان الرهان في مرحلة بأن المنطقة ستذهب في اتجاه انقلاب سريع في سوريا وانتصار للمعارضة السورية وانهيار للنظام السوري، لكن تدريجياً تبيّن انه مع التدخّل الإيراني، ثم التدخّل الروسي وسقوط وصمت العالم، وربما بتسهيل من إدارة أوباما، ذهبت هذه المواضيع في اتجاه، لم تكن هذه القيادات تراهن عليه، واليوم تتعامل مع الوضع المستجد بواقعية سياسية، أنا أعلن بأنني غير واقعي ربما، إنما أعلن أيضاً ان هذا الوضع الذي ذهبت إليه الأمور في لبنان أي التعامل مع الأمر الواقع لا يشبه 14 آذار.

{ يعني أن الحكم في لبنان اليوم تحت المظلة الإيرانية؟
– نعم، لبنان تحت المظلة الإيرانية، وأكبر دليل على ذلك خطاب رئيس الجمهورية دفاعاً عن سلاح «حزب الله»، ولماذا على العالم أن يتكبّد ثمن دفع أموال لتنفيذ أكلاف قرار صادر عن الشرعية الدولية اسمه 1701. وقد يكون أكثر قرار كلفة في العالم، أن يتم إرسال 17000 جندي ووضعهم في جنوب الليطاني من أجل استقرار وحماية لبنان من أي اعتداء إسرائيلي له كلفة مالية، وتتحمّل الأمم المتحدة كلفته. وعندما يقول رئيس جمهورية لبنان ان استقرار الجنوب والردع ضد إسرائيل يأتي من صواريخ إيران، ولا يأتي من القرار 1701، فلماذا على العالم أن يتكلف ويعرّض شبابه وأبناءه إلى الخطر، ويرسل القوات الدولية من أجل تنفيذه. إذا كانت الدولة اللبنانية – بلسان رئيسها – مقتنعة فعلاً بأن توازن الرعب وصواريخ إيران يحمي لبنان وليس 1701، فلا بد من إكمال الجملة والمطالبة بإلغائه وأن يصبح لبنان بشكل نهائي تحت المظلة الأمنية العسكرية الإيرانية كما هي الحال عليه اليوم.
فليذهب فنيش إلى القمة

{ هل نحن ذاهبون إلى عزل لبنان عربياً ودولياً من جديد؟
– سأجيبكما على هذا السؤال بعد مشاركة لبنان في القمة العربية. طالبت أن يمثل الوزير محمد فنيش أو النائب علي عمار الوفد اللبناني إلى القمة، وقد يكون هذا التمثيل هو تمثيل صادق ويعكس فعلاً موقف لبنان الحقيقي حيال القضايا العربية المطروحة. وأعتقد أن هذا الأمر يرفع الإحراج عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، حتى لا يكونا في دائرة النأي بالنفس أو المعارضة، لانهما إذا ذهبا في اتجاه إدانة إيران، سيكون هناك إرباك في لبنان، وإذا ذهبا باتجاه الالتصاق بالموقف العراقي، لن يكون هناك لا خير ولا شر. أما إذا ذهبا باتجاه الاعتراض، فسيكونان في مواجهة الرأي العام العربي ومع نظام المصلحة العربية. فمن الأفضل أن يبقى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في بيروت والاهتمام بمواضيع الكهرباء والنفايات وسد الشواغر في الإدارات والتعيينات وأن يمثل لبنان في القمة من هو قادر فعلاً على أن يتحمل مسؤولية تمثيله وهو «حزب الله» بقيادة الوزير محمد فنيش وهو وزير رصين، وينقل الموقف الحقيقي. لماذا يريدوننا أن نبرز رئيس جمهورية قوي ورئيس حكومة نحبه وكأنهما رئيسان أسيران لموقف «حزب الله»، فليذهب «حزب الله» ويتحمّل مسؤوليته مباشرة مع القمة العربية والمجتمع العربي.

{ ألا تعتقد أن غياب وزير الخارجية عن اجتماع المجلس الوزاري للجامعة العربية مؤشر على الموقف اللبناني الذي سيتخذ في قمّة الأردن؟
– أنا أقدّر أن الموقف الرسمي اللبناني لن يخرج عن إرادة إيران، لأن الدولة اللبنانية وطن أسير بيد القرار الإيراني وبحكم وضع يد «حزب الله» أو وصاية الحزب على هذه الدولة. الكل يُدرك أن هناك دولة رئيسها ميشال عون ورئيس مجلس نوابها نبيه برّي ورئيس حكومتها سعد الحريري، ولكن الكل يُدرك أن مرشد هذه الجمهورية والمقرر فيها هو «حزب الله» والسيد حسن نصر الله. وبالتالي فان حضور للبنان الرسمي في القمة العربية وأياً يكن قراره سيكون قرار أسير الإرادة الإيرانية، لماذا نريد للرئيسين عون والحريري أن يذهبا. فليذهب وفد من «حزب الله» يمثل الدولة اللبنانية ويعكس وجهة نظر الحزب في القمة العربية، وهكذا يتحمل مسؤولية كلامه وليس الدولة اللبنانية؟

{ هل تمّ الخضوع فعلاً للنفوذ الإيراني؟
– نحن لم نخضع. النفوذ الإيراني لم يكن أكبر من النفوذ السوري آنذاك. نحن خضعنا بأننا عدنا مسيحيين ومسلمين وسنّة وشيعة ودروز وأرثوذكس وموارنة وكاثوليك، وعدنا شعباً وعشائر. علينا أن نعيد توحيد بنائنا الداخلي وأن نقول لسمير جعجع الذي هو رفيق وقائد من قيادات قوى 14 اذار ولسعد الحريري الذي هو قائد أساسي في 14 آذار، وإلى وليد جنبلاط وكل القوى والكنيسة المارونية والمرجعيات الروحية التي شاركت في انتفاضة الاستقلال أن نعمل وفق الوحدة الداخلية. لم ننجز خروج الجيش السوري من موقعنا الماروني في قرنة شهوان، بل أنجزنا هذا الخروج من موقع وحدتنا الداخلية، نحن والمسلمين، عندما عدنا سنّة وشيعة وموارنة وكاثوليك تحوّلت الطائفة المميّزة – الطائفة الشيعية، والحزب المميّز «حزب الله» والقائد المميّز السيد حسن نصر الله، والباقي أصبح يبحث عن تعيين من هنا وقانون انتخابي من هناك ومكسب فرعي من هنا ومكسب فرعي من هناك. لذا أقول ان الدولة اللبنانية هي وطن أسير الإرادة الإيرانية، فليمثل الدولة اللبنانية وفد من «حزب الله».
أوّل مسمار
{ هل تعتقد أن السجال الدائر بشأن قانون الانتخاب يؤدي إلى نتيجة، أم اننا ذاهبون إلى تمديد قسري لمجلس النواب؟
– لا أعرف، لكن ما أود قوله هو انه إذا تأجّلت الانتخابات لبضعة أسابيع أو أشهر، أعتقد أن ذلك سيكون أول مسمار في نعش عهد ميشال عون. ميشال عون يقول انه رئيس قوي وأنجز تشكيل الحكومة بسرعة قياسية والتعيينات الأمنية والموازنة، وعليه أن يُنجز قانون الانتخاب، وكل ما ذكرته من انجازات كان بفعل شروط «حزب الله»، أي انه أتى رئيساً للجمهورية مطابقاً لمواصفات «حزب الله»، وأتت الحكومة مطابقة لمواصفات «حزب الله»، كذلك أتت التعيينات الأمنية مطابقة لشروط «حزب الله». وقانون الانتخاب سيأتي مطابقاً لشروط «حزب الله». «حزب الله» يريد دولة صديقة تحميه إذا عاد من سوريا، وإذا انتصر في سوريا تنتصر معه في لبنان، وإذا خسر في سوريا تحميه في لبنان، وتعوّض عليه خسارته. لذلك يريد الإمساك بكل مفاصل الدولة وبكل مؤسساتها سواء كانت من طبيعة إدارية أو مدنية أو سياسية أو عسكرية.

{ لكن حزب الله يمدّ يده للآخرين؟
– يمدُّ يده على قاعدة أنا الحزب المميّز، وأنتم غير مميّزين. ويقول: أنا حميت لبنان عندما كنتم مع عائلاتكم في بيوتكم. ونموت في مزارع شبعا وجرود عرسال، بينما أنتم تنظمون المهرجانات السياحية في الأرز وتنورين وبيت الدين وبيروت وتحبون الحياة. وأنا حميت لبنان ولي الحق في أن أحكم في لبنان ولا بد من الاذعان لحكمي. هذه هي المعادلة، إذا اذعن لبنان لهذه المعادلة دخل الى جنة حكم حزب الله، والذين لا يريدون الاذعان الى هذه المعادلة، يبقون مثلي أنا في المعارضة.

{ حزب الله يريد النسبية الكاملة؟
– ما يريده «حزب الله» هو له، وما هو لنا هو له ولنا، في النسبية، يدخل على جميع الطوائف في لبنان وما من أحد يدخل إلى طائفته. في النسبية حزبه سيحظى على كتل نيابية حليفة داخل كل طائفة وليس هناك أي إمكانية لأن تكون هناك كتل نيابية معارضة له. ما يريده «حزب الله» من المجلس النيابي المقبل هو تماماً ما اراده النظام السوري في العام 1992. أراد مجلساً مدججاً بالكامل. ويأتي بكل معاهدات الأخوة والتنسيق بين لبنان وسوريا وأن تكون الاتفاقات لمصلحة الجمهورية العربية السورية. في مجلس العام 1992 أنشئ المجلس الأعلى اللبناني – السوري وأنجزت المعاهدات الأمنية اللبنانية – السورية، وكل المعاهدات الاقتصادية والتجارية وكل ما يمكن أن يربط لبنان وأن يلحقه بالنظام السوري. مجلس العام 2017 بالنسبة الى «حزب الله» يجب أن يكون مجلساً قادراً على الوقوف بوجه قرارات الشرعية الدولية. إذا كانت هذه القرارات تضرّ بمصلحة «حزب الله» والوقوف بوجه تمويل المحكمة الدولية إذا رأى الحزب ان هذه المحكمة تؤذيه وأن يشرّع سلاحه كما شرّع المجلس النيابي العراقي سلاح الحشد الشعبي في العراق، وأن يكون في لبنان جيشان ويعطي امتيازات لطائفة معينة وحزب معين ويكرّس هذه الأرجحية الحزبية على بناء الدولة في لبنان.
التأخير ليس لمصلحة «حزب الله»

{ السيّد نصر الله قال أن الرئيس عون هو الممر الإلزامي لرئاسة الجمهورية وكان له ما أراد ويقول اليوم أن الممر الالزامي للانتخابات النيابية هو النسبية؟
– وسيكون له ما يريد، وفقاً لموازين القوى الحالية نعم. لا أعرف إذا تأخّر الموضوع لسبب أو لآخر، لو كنت مكان «حزب الله»، كنت أجريت الانتخابات النيابية البارحة قبل اليوم. كل يوم تأخير ليس لمصلحة «حزب الله».

{ لماذا؟
– لأن المنطقة متجهة نحو تبدّل. وأياً يكن هذا التبدّل فهو ليس لمصلحة «حزب الله». دخول روسيا إلى سوريا ووضع التدخّل الإيراني بمرتبة ثانوية والاستنهاض العربي – السعودي لآسيا الإسلامية قد ينذر بمعادلات جديدة. ما يحصل على مستوى المنطقة من ترتيب والادارة الأميركية الجديدة ونظرتها إلى إيران قد لا تكون في مصلحته. لو كنت مكان «حزب الله»، لأجريت الانتخابات النيابية اليوم، نحن في 14 آذار 2005 كنا نقول انه علينا باجراء الانتخابات فوراً كي ننقل الاستثمار الشعبي والدعم الشعبي الذي كان قائماً الى صناديق الاقتراع، وذهبنا بنظرية أن موعد الانتخابات أهم من القانون من أجل ربح انتخاباتنا. ولو ذهبنا الى موعد آخر أو لو أجّلنا موعد الانتخابات ربما لتبدّلت الأمور ضد مصلحتنا. اليوم يعتبر حزب الله ان معركة حلب أتت بميشال عون رئيس لجمهورية لبنان، وبالتالي فان عليه ان يشرع خطواته لإمساكه بلبنان. كل يوم يتأخّر فيه، تذهب فيه الأمور بالاتجاهات التي لا يريدها.
{ هل هناك من انتخابات؟
– هناك انتخابات في أيلول أو تشرين الأول، وإذا تأخّرت إلى ما بعد هذين الشهرين، فلن يكون هناك عهد. وإذا تأجّلت يضعف العهد وإذا طارت إلى ما بعد أيلول، فلن يكون هناك عهد. ولو كنت مكان الرئيس عون وحزب الله لأجريت الانتخابات غداً. أسير مع نهاد المشنوق وأجري الانتخابات وفق قانون الستين. انا ضد قانون الستين مع العلم أن لي مصلحة شخصية في قانون النسبية.

{ ماذا تقول عندما تدخل إلى مكتب الأمانة العامة، وتشاهد الصور والبيانات وكل ما له علاقة بثورة الأرز… هل تشعر باليأس؟
– لا أشعر باليأس، أنا مؤمن أن الشعب اللبناني مرَّ بتجارب كثيرة، لا يُشكّل انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية أكبر خسارة لنا، إنما عودتنا مسيحيين ومسلمين هي أكبر خسارة. وأكبر خسارة هي ان كل طائفة تعيش أولوياتها بمعزل عن الأخرى، وأن كل طائفة تحاول إيجاد مرجعية إقليمية لها من أجل أن تحسّن موقعها ضد الآخر وأن السياسة أصبحت على قاعدة موازين قوى إقليمية تنعكس في لبنان. خسارتنا ليست خسارة اسمها ميشال عون أو قانون انتخاب أو تعيينات أمنية، الخسارة هي في وحدتنا الداخلية، وأنا مؤمن اننا قادرون على استعادة هذه الوحدة.