الياس بجاني/فيديو ونص: كذب المنجمون ولو صدقوا. التنجيم والنبوءات هرطقة ونفاق وكفر واستخفاف واستهزاء بالعقول؟

766

الياس بجاني/فيديو ونص: كذب المنجمون ولو صدقوا. التنجيم والنبوءات هرطقة ونفاق وكفر واستخفاف واستهزاء بالعقول

الياس بجاني/02 كانون الثاني/2025 

Click Here To Read this Piece In English اضغط هنا لقراءة المقالة التي في أعلى باللغة الإنكليزية

مما لا شك فيه أن بعض أصحاب الإذاعات والتلفزيونات في لبنان لا يخافون الله ولا ساعة حسابه الأخير لأنهم بوقاحة يروجون للكفر وللخزعبلات والأكاذيب عبر برامج قمة في الإنحطاط الإيماني يدعي أصحابها أنهم يعرفون المستقبل، فيما هم حقيقة جماعة من النصابين والمنافقين المحترفين، كما أن بعضهم مرتبط بمجوعات مخابراتية إقليمية ومحلية تسوّق من خلال أضاليلهم لمؤامرات مختلفة.
من هنا فإنه فعلاً معيب ومحزن ومقزز ومخيف هذا الوضع الهرطقي بامتياز الذي غرقت في أوحاله وتجاربه بعض المؤسسات الإعلامية اللبنانية من تلفزيونات وإذاعات. نسأل القيمين على الوسائل الإعلامية التي تسوّق لخزعبلات وأكاذيب وتفاهات مهرطقين يمتهنون أعمال السحر والتنجيم وقراءة الأبراج والنبوءات، نسأل هل يخافون الله ويؤمنون بالكتب المقدسة ويعرفون مصير من يمارس أعمال مثل أعمالهم التي تحرّمها كل الكتب السماوية المسيحية واليهودية والإسلامية؟ ونسأل المرجعيات الدينية اللبنانية كافة لماذا لا يقاضون كل وسيلة إعلامية تسوّق للكفر والأبلسة من خلال برامج التوقعات والنبوءات ومعرفة الغيب التي تستخف بكل الشرائع السماوية وتكفر بها؟ ونسأل النواب والوزراء وكل المسؤولين في الدولة لماذا لا يتحركون ويصدرون القوانين التي تمنع هذه الهرطقات التي تكفرها وتحرمها كل الأديان السماوية؟

فمن يتابع من أهلنا في الوطن الأم وبلاد الانتشار الهرطقات التي تروج لها معظم وسائل الإعلام اللبنانية في مجال النبوءات للسنة الجديدة لا بد وأنه سوف يستذكر بحزن وقرف وغضب حقبة سادوم وعامورة وزمن نوح وعنتريات واستكبار نمرود. ترى هل حل الممتهنين أعمال التنجيم والنبوءات والكذب والنفاق مكان الله سبحانه تعالى وأصبحوا قادرين على قراءة المستقبل ومعرفة كل هو في الغيب؟  ألا يعي رجال الدين والسياسيين والإعلاميين والمهرطقين جميعاً أن الله سبحانه وتعالى هو وحده من يعرف المستقبل، وهو جل جلاله لم يعطِ هذه النعمة حتى للرسل والأنبياء؟

تعلمنا كتب الأديان السماوية التي تؤمن بالإله الواحد وجوب إدانة ورفض ونبذ كل أعمال تحضير الأرواح، والوساطة، والشعوذة، والعرافة، والرقي، والأبراج، والتنجيم، وقراءة الحظ، والكف، والمستقبل، وتعتبرها كلها ممارسات إبليسيه وتطالب المؤمنين أن يبتعدوا عنها ويتجنبوا كل من يقوم بها لأنها التجاء لأشياء وقوى أخرى غير الله من أرواح وغيرها.

في الإسلام التنجيم وكل باقي أشكال قراءة المستقبل محرمة وقد قيل، “كذب المنجمون ولو صدقوا، وقد جاء في حديث نبوي نقلاً عن صحيح مسلم: “من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة”. فإذا كان الذي يسأل العراف لا تقبل صلاته أربعين يوماً فما بالكم بالعراف نفسه؟

في المسيحية واليهودية وطبقاً للكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد فإن الشيطان يتظاهر بأنه طيب وخدوم فيقوم بإعطاء العرافين والمنجمين والسحرة وكل المشعوذين الكفرة بعض المعلومات عن أشخاص معينين لكي يقع هؤلاء في فخاخ التجربة ويبتعدوا عن الله ويقتنعوا بخدعة وشعوذة تحضير الأرواح وقراءة المستقبل مما لا يتفق مع تعاليم الكتب المقدسة.

في كثير من الأحيان يكون المنجم أو العراف ومدعي قراءة المستقبل هو نفسه مخدوعاً وواقعاً في التجربة فيسكنه الشيطان ويعمل شروره من خلاله دون أن يدرك ما يقوم به من أعمال كفر وشعوذة لا ترضي الله.  من المهم  أن يعرف الإنسان بأن الله وهو أبيه السماوي لا يقبل له أن يلجأ لأي نوع من أنواع العرافة والشعوذة والتنجيم لأننا كبشر مخلوقين على صورته ومثاله، ولا يمكننا أن ندرك ونعي إرادته في حياتنا بغير الصلاة والخضوع لمشيئته والتقيد بتعاليمه.

إن كل من يصدق ما يقوله منافق ودجال تحت مسمى نبوءات هو خارج عن مفاهيم كل الأديان، ويرتكب خطيئة مميتة لأن الله وحده هو من يعرف المستقبل وليس سواه، ولا حتى الأنبياء والرسول. وهل نستغرب بعد أن وطننا يمر بمحن وصعاب ومشقات؟ لا والله لأنه إذا كان هذا حالنا وقد أصبحنا في زمن لا يختلف عن زمن سادوم وعامورة فقليل حتى الآن ما نراه من غضب الله علينا.

في الخلاصة إن كل الذين يمارسون أعمال التنجيم والعرافة والرقي وقراءة المستقبل بكل أشكالها وتفرعاتها هم يخالفون تعاليم الأديان السماوية ويتحدون إرادة الله ويرضون أن يكونوا أداة للشيطان وعبيداَ لإرادة الخطيئة والكفر والجحود، كما أن من يصدق هؤلاء ويسوّق لإعمالهم الشيطانية فهو شريك لهم ومعهم في كفرهم وارتكاباتهم والذنوب.
نختم بما جاء في سفر اللاّويّين من العهد القديم 20/27: “أي رجل أو امرأة كان مستحضر أرواح أو عرافا، فليقتل قتلا؛ وليرجموا بالحجارة”.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي
*عنوان الكاتب الألكتروني
phoenicia@hotmail.com
عنوان موقع الكاتب الألكتروني
https://eliasbejjaninews.com

في أسفل آيات من الكتاب المقدي (العهدين الجديد والقديم) تدين المنجمين والعرافين وتحذر من شرورهم وكذبهم

سفر اشعيا/25/44
«أنَا أُظهِرُ كَذِبَ الأنْبِيَاءِ الكَذَبَةِ، وَأكشِفُ حَمَاقَةَ العَرَّافِينَ. أنَا أُربِكُ الحُكَمَاءَ وَأجعَلُ مَعْرِفَتَهُمْ حَمَاقَةً.

سفر اللاّويّين 20/27
“أي رجل أو امرأة كان مستحضر أرواح أو عرافا، فليقتل قتلا؛ وليرجموا بالحجارة”

تثنية الاشتراع 18/من09حتى22
إذا جئتم الأرض التي يعطيكم الرب إلهكم فلا تتعلموا أن تمارسوا ما تمارسه الأمم من الرجاسات.
لا يكن فيما بينكم من يحرق ابنه أو ابنته ذبيحة في النار ولا من يتعاطى العرافة ولا الشذوذ ولا الفأل ولا السحر ولا من يرقي رقية ولا من يسأل جانا أو تابعة ولا من يستشير أرواح الموتى هذه كلها رجس عند الرب إلهكم.
كونوا كاملين عند الرب إلهكم فأولئك الأمم الذين تمتلكون أرضهم يسمعون للمشعوذين والعرافين وأما أنتم فلا يجيز لكم الرب إلهكم مثل ذلك

لاويين 19: 31
31 لا تَلْتَفِتُوا الَى الْجَانِّ وَلا تَطْلُبُوا التَّوَابِعَ فَتَتَنَجَّسُوا بِهِمْ. انَا الرَّبُّ الَهُكُمْ.

لاويين 20: 6
6 وَالنَّفْسُ الَّتِي تَلْتَفِتُ الَى الْجَانِّ وَالَى التَّوَابِعِ لِتَزْنِيَ وَرَاءَهُمْ اجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ تِلْكَ النَّفْسِ وَاقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا

لاويين 20: 27
27 «وَاذَا كَانَ فِي رَجُلٍ اوِ امْرَاةٍ جَانٌّ اوْ تَابِعَةٌ فَانَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».

الملوك الثاني 21: 6
6 وَعَبَّرَ ابْنَهُ فِي النَّارِ، وَعَافَ وَتَفَاءَلَ وَاسْتَخْدَمَ جَانّاً وَتَوَابِعَ، وَأَكْثَرَ عَمَلَ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ.

إشعياء 8: 19
19 وَإِذَا قَالُوا لَكُمُ: «اطْلُبُوا إِلَى أَصْحَابِ التَّوَابِعِ وَالْعَرَّافِينَ الْمُشَقْشِقِينَ وَالْهَامِسِينَ». أَلاَ يَسْأَلُ شَعْبٌ إِلَهَهُ؟ أَيُسْأَلُ الْمَوْتَى لأَجْلِ الأَحْيَاءِ؟

التثنية 18: 10-12
10 لا يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ وَلا مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً وَلا عَائِفٌ وَلا مُتَفَائِلٌ وَلا سَاحِرٌ 11 وَلا مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً وَلا مَنْ يَسْأَلُ جَانّاً أَوْ تَابِعَةً وَلا مَنْ يَسْتَشِيرُ المَوْتَى. 12 لأَنَّ كُل مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ. وَبِسَبَبِ هَذِهِ الأَرْجَاسِ الرَّبُّ إِلهُكَ طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ.

رؤيا يوحنا 21: 8
8 وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي».

أخبار الأيام الأول 10: 13-14
13 فَمَاتَ شَاوُلُ بِخِيَانَتِهِ الَّتِي بِهَا خَانَ الرَّبَّ مِنْ أَجْلِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي لَمْ يَحْفَظْهُ. وَأَيْضاً لأَجْلِ طَلَبِهِ إِلَى الْجَانِّ لِلسُّؤَالِ 14 وَلَمْ يَسْأَلْ مِنَ الرَّبِّ, فَأَمَاتَهُ وَحَوَّلَ الْمَمْلَكَةَ إِلَى دَاوُدَ بْنِ يَسَّى.

رؤيا يوحنا 22: 15
15 لأَنَّ خَارِجاً الْكِلاَبَ وَالسَّحَرَةَ وَالزُّنَاةَ وَالْقَتَلَةَ وَعَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَكُلَّ مَنْ يُحِبُّ وَيَصْنَعُ كَذِباً.

التثنية 18: 10
10 لا يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فِي النَّارِ وَلا مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً وَلا عَائِفٌ وَلا مُتَفَائِلٌ وَلا سَاحِرٌ

الخروج 22: 18
18 لا تَدَعْ سَاحِرَةً تَعِيشُ.

ميخا 5: 12
12 وَأَقْطَعُ السِّحْرَ مِنْ يَدِكَ وَلاَ يَكُونُ لَكَ عَائِفُونَ.

أعمال الرسل 16: 16-19
16 وَحَدَثَ بَيْنَمَا كُنَّا ذَاهِبِينَ إِلَى الصَّلاَةِ أَنَّ جَارِيَةً بِهَا رُوحُ عِرَافَةٍ اسْتَقْبَلَتْنَا. وَكَانَتْ تُكْسِبُ مَوَالِيَهَا مَكْسَباً كَثِيراً بِعِرَافَتِهَا. 17 هَذِهِ اتَّبَعَتْ بُولُسَ وَإِيَّانَا وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: «هَؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللهِ الْعَلِيِّ الَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ الْخَلاَصِ». 18 وَكَانَتْ تَفْعَلُ هَذَا أَيَّاماً كَثِيرَةً. فَضَجِرَ بُولُسُ وَالْتَفَتَ إِلَى الرُّوحِ وَقَالَ: «أَنَا آمُرُكَ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا». فَخَرَجَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ. 19 فَلَمَّا رَأَى مَوَالِيهَا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ رَجَاءُ مَكْسَبِهِمْ أَمْسَكُوا بُولُسَ وَسِيلاَ وَجَرُّوهُمَا إِلَى السُّوقِ إِلَى الْحُكَّامِ.

لاويين 19: 26
26 «لا تَاكُلُوا بِالدَّمِ. لا تَتَفَاءَلُوا وَلا تَعِيفُوا.

الإسلام يدين العرافين والمنجمين
*قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ} [النمل:65]
*{ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} *قمان:34]
حديث نبوي نقلاً عن صحيح مسلم: “من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة”.

 

Cautions From Occult Practices
Deuteronomy 18/9-22/When you enter the land the Lord your God is giving you, do not learn to imitate the detestable ways of the nations there. Let no one be found among you who sacrifices their son or daughter in the fire, who practices divination or sorcery, interprets omens, engages in witchcraft, or casts spells, or who is a medium or spiritist or who consults the dead. Anyone who does these things is detestable to the Lord; because of these same detestable practices the Lord your God will drive out those nations before you. You must be blameless before the Lord your God.
The Prophet
The nations you will dispossess listen to those who practice sorcery or divination. But as for you, the Lord your God has not permitted you to do so. The Lord your God will raise up for you a prophet like me from among you, from your fellow Israelites. You must listen to him. For this is what you asked of the Lord your God at Horeb on the day of the assembly when you said, “Let us not hear the voice of the Lord our God nor see this great fire anymore, or we will die.” The Lord said to me: “What they say is good. I will raise up for them a prophet like you from among their fellow Israelites, and I will put my words in his mouth. He will tell them everything I command him. I myself will call to account anyone who does not listen to my words that the prophet speaks in my name. But a prophet who presumes to speak in my name anything I have not commanded, or a prophet who speaks in the name of other gods, is to be put to death.”You may say to yourselves, “How can we know when a message has not been spoken by the Lord?” If what a prophet proclaims in the name of the Lord does not take place or come true, that is a message the Lord has not spoken. That prophet has spoken presumptuously, so do not be alarmed.

تحليل لسلام الزعتري يحاكي دجل ونفاق المنجمعين
ظاهرة تنبؤات العام الجديد: بين الخرافات والتدهور الاجتماعي
سلام الزعتري/هذه بيروت/ترجمة من الإنكليزية بواسطة ميكروسوفت/02 كانون الثاني/2025
مع اقتراب ليلة رأس السنة كل عام، تتحول شاشات التلفزيون العربية، وخاصة اللبنانية، إلى ساحات للتنبؤ والعرافين والمنجمين. هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم “العرافين” يغمرون موجات الأثير بنبوءات غامضة، ويغذون ملايين المشاهدين مزيجا من الخوف والأمل والوهم. ومع ذلك ، تكمن وراء هذا المشهد أزمة مجتمعية أعمق – أزمة يتشبث فيها الناس، اليائسون والمحبطون، بكلمات جوفاء بدلا من مواجهة حقائق قاسية. منذ قرون، حذر المؤرخ والفيلسوف ابن خلدون من الاضمحلال المجتمعي الذي يصاحب صعود العرافين والمشعوذين. في كتابه الشهير “المقدمة”، وصف كيف أصبحت المجتمعات على شفا التدهور مهووسة بعلم التنجيم والنبوة ، وتبحث عن ملجأ في ما هو خارق للطبيعة كرد فعل على الخوف والعجز. كتب ابن خلدون ، “عندما يتكاثر المنجمون، ويتدفق الناس إليهم ، فاعلم أن الدولة في طريقها إلى الانهيار”. هذا البيان يبدو وثيق الصلة بشكل مخيف اليوم. كيف يمكن لأمة تغرق في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية أن تعتقد أن بعض التنبؤات في برنامج تلفزيوني ستوفر إجابات؟ هذه الظاهرة لا تتعلق بالترفيه ، إنها تعكس استسلاما جماعيا – مجتمع يبحث عن العزاء في الأوهام بدلا من مواجهة الحقائق الوحشية لحالته. تقف جميع الديانات الإبراهيمية بحزم ضد الكهانة. في القرآن، يقول الله، “قل: لا أحد في السماوات والأرض يعرف الغيب إلا الله”. (سورة النمل : 65) وبالمثل ، يحذر الكتاب المقدس في سفر التثنية، “لا يوجد بينكم من يمارس العرافة أو يفسر البشائر … لأن من يفعل هذه الأشياء فهو مبغض عند الرب”. (تثنية 18: 10-12) الرسالة واضحة: السعي إلى معرفة الغيب من خلال العرافين ليس فقط مشكوكا فيه أخلاقيا، ولكنه فاسد روحيا. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التحذيرات الواضحة، فإن الملايين في جميع أنحاء العالم العربي يتابعون بشغف لسماع ما يقوله النجوم – أو بالأحرى المشعوذين – عن مستقبلهم. فلماذا يؤمن الناس؟ إن الانجذاب البشري إلى الكهنة ليس جديدا ، لكنه يتضخم في أوقات الأزمات.
يدفع اليأس الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي والتشرذم الاجتماعي الأفراد إلى البحث عن اليقين في الأوقات المضطربة. تقدم التنبؤات “إجابات” سريعة وسهلة للمشاكل المعقدة ، بينما تتطلب الحلول الحقيقية – التعليم والتفكير النقدي والإصلاح المنهجي – الوقت والجهد والتضحية. بالإضافة إلى ذلك ، يعاني مجتمع اليوم من ثقافة السطحية. تم استبدال السعي وراء المعرفة الهادفة بالإشباع الفوري، وقليل منهم على استعداد للتشكيك أو تحليل ما يقال لهم. من المحزن أن نشهد كيف تغذي وسائل الإعلام عاما بعد عام الوهم. لعبت وسائل الإعلام الرئيسية، لا سيما في لبنان، دورا مركزيا في تطبيع هذه الظاهرة وتضخيمها. تخصص شبكات التلفزيون ساعات لبث برامج التنبؤ هذه، وغالبا ما تعلم جيدا أن المحتوى احتيالي. ومع ذلك ، فإنهم يواصلون القيام بذلك ، مدفوعين بشيء واحد: التقييمات. لكن هذه تكمن المفارقة – التصنيفات في لبنان لا تترجم إلى مكاسب مالية. أدى الانهيار الاقتصادي للبلاد إلى شل صناعة الإعلان ، مما جعل أرقام مشاهدة التلفزيون بلا معنى عمليا. فلماذا تستمر؟ تكمن الإجابة في مزيج سام من الكسل والإثارة والهوس المضلل بالبقاء “ذات صلة” في نظر الجمهور. بدلا من أن تكون هذه الشبكات بمثابة منصات للتوعية والتنوير ، أصبحت مكبرات صوت للخرافات والخوف ، وفي تلك البوصلة المكسورة يكمن خطر الوهم الجماعي ، والخطر الحقيقي ليس في التنبؤات نفسها ، ولكن في كيفية تشكيلها للوعي العام. عندما يبدأ المجتمع في الاعتقاد بأن أزماته السياسية أو الانكماش الاقتصادي أو حتى صراعاته الشخصية سيتم حلها بطريقة سحرية في الأشهر المقبلة لأن منجم قال ذلك ، فإنه يتوقف عن اتخاذ إجراء. هذا الاعتماد على الأمل الزائف يشل المبادرة ويعزز الرضا عن النفس ويولد الاستسلام الجماعي. إنها دورة من الوهم ، تعززت عاما بعد عام في ليلة رأس السنة الجديدة. ما زلت أفكر في هذا الصراع الداخلي: لماذا يتم تضليلنا بسهولة؟ في أعماقه، يعرف كل فرد أن الكهانة كذبة. ومع ذلك ، يستمر الناس في الانغماس لأنه يهدئ مخاوفهم الداخلية. في عالم يعاني من عدم اليقين ، تقدم التنبؤات إحساسا عابرا بالسيطرة. لكن هذه الراحة خادعة – إنها تأتي على حساب الوضوح والعقل والاعتماد على الذات. غالبا ما يختار العقل البشري، عندما يواجه المصاعب، الطريق الأقل مقاومة. لماذا النضال من أجل التغيير عندما تعد “النبوءة” بأن كل شيء سيكون على ما يرام في يونيو المقبل؟ المجتمعات التي تضع مصيرها في أيدي المشعوذين محكوم عليها بالركود. النتائج أمام أعيننا ، لكننا نرفض الرؤية أو التغيير. الهوس بالكهنة ليس مجرد نزوة ثقافية – إنه أحد أعراض مرض مجتمعي عميق. التغيير يبدأ بالمساءلة. يجب على وسائل الإعلام أن تعترف بدورها في إدامة دورة الخداع هذه. يجب على الحكومات والمؤسسات التعليمية إعطاء الأولوية للتفكير النقدي ومحو الأمية الإعلامية. ويجب على الأفراد مواجهة قابليتهم للأمل الزائف. وكما علمنا ابن خلدون، فإن المجتمعات لا تسقط فقط بسبب الأعداء الخارجيين، ولكن بسبب الاضمحلال الداخلي – عندما يتم التخلي عن العقل وحل محله الوهم. لا ينبغي أن يتسم العام الجديد بالتنبؤات الجوفاء والأنبياء الكذبة. وينبغي أن يكون الوقت مناسبا للتفكير والمساءلة والأمل الحقيقي، الذي لا يبني على كلمات غامضة من عرافة متلفز، بل على العمل والمرونة وقوة الإرادة الجماعية. حان الوقت للتوقف عن مطاردة الظلال والبدء في بناء مستقبل ملموس. الساعة تدق.