الياس بجاني/الذكرى السنوية ملجزرة العيشية ولإغتيال داني شمعون وعائلته: أحبوا لبنان حتى الشهادة فبذلوا أنفسهم على مذبحه قرابين طاهرة الياس بجاني/21 تشرين الأول/2024
من الأرشيف: مقالة لجومانا نصر تحكي مآسي مجزرة بلدة العيشية…54 شهيدا في التهجير الأول و47 في الثاني.. العيشية هل تتذكرون؟
وفي الإسلام، شهادة تكريم وإكبار للبنان، فقد جاء في الحديث الشريف أن النبي محمد قال: “ثلاثة جبال من جبال الجنة”. قيل: “يا رسول الله، فما الأجبال؟” قال: “جبل أحد، يُحبنا ونُحبه، والطور من جبال الجنة، ولبنان من جبال الجنة”. وقد جاء أيضاً: “لو ذكرت لنا أسماء الجبال السبعة التي تحمل العرش يوم القيامة، لكان الجبل اللبناني بينها”. وقد قال كعب الأحبار: “جبل لبنان أحد الجبال الثمانية التي تحمل العرش يوم القيامة” وأمسك عن ذكر السبعة الأخرى.
(نقلاً عن كتاب “اسم لبنان عبر العصور” للمؤرخ أنطوان خوري حرب).
إن الوحشية الممنهجة التي تستهدف كل الأحرار والسياديين في وطن الأرز من قادة ورجال دين وأهل علم لا تزال مستمرة منذ السبعينات بأساليب قمعية وإرهابية مختلفة. لا شيء تغير للأفضل منذ اغتيال الشهيد داني شمعون وعائلته، لأن البلد لا يزال محتلاً، وحكامه وسياسيوه وأحزابه بغالبيتهم العظمى كانوا ولا يزالون طرواديين ومجرد أدوات وتابعين للمحتل، ينفذون فرماناته ضاربين عرض الحائط بمصالح الوطن ومواطنيه. في البداية جاءنا الاحتلال الفلسطيني، ومن بعده الاحتلال السوري، فسرطان حزب الله وأسياده الملالي الكفرة.
اليوم، ونحن نصلي من أجل راحة الشهيد داني شمعون وعائلته، يقوم حزب الله بتدمير لبنان وتهجير أهله وتفكيك مؤسساته من خلال حرب مدمرة مع دولة إسرائيل، حرب تسبب بها بأوامر إيرانية. ورغم كل الخسائر والدمار، يرفض حزب الله إيقافها أو التقيد بالدستور والقرارات الدولية وتسليم سلاحه للدولة، مستمراً في اقتلاع وتدمير دويلته.
يعلمنا التاريخ بأن الأوطان التي لا يسقيها شعبها تضحيات وقرابين بسخاء ودون حساب تنهار مذابحها وتتشتت شعوبها وتنقرض وتهمش هويتها ويقتلع تاريخها وتنتهك كراماتها. إن لبنان القداسة الذي انعم الله عليه بشباب لا يهابون الموت ولا يبخلون بالشهادة في سبيله من أمثال داني وعائلته، هذا اللبنان باق ولن تقوى عليه قوى الشر. إن الشهادة تولد من فعل إيمان وفعل محبة: إيمان بوطن وقضية، ومحبة مجبولة بالعطاء ترقى بنبلها إلى حد تقديم الذات من أجل من نحب. إن الشهداء هم نبراس ينير لنا الطريق للوصول إلى واحات الحرية، وحافزاً لنا لمتابعة رسالة القداسة والرقي. اليوم ونحن نتذكر الشهيد داني شمعون وعائلته، نؤكد أن إيماننا بالله وبلبنان وبحقنا بحياة حرة وكريمة يتطلب منا تحمل الآلام والاضطهاد كشعب مؤمن ومحب للسلم. وهذا ليس حبا بالألم، وإنما من اجل البلوغ إلى القيامة، قيامة الوطن وانتصاره على قوى الإحتلال، لأن المجتمعات لا تبنى إلا بالحب والرجاء والتضحيات حتى الاستشهاد.
صلاتنا اليوم في ذكرى استشهاد داني شمعون وأفراد أسرته نرفعها من اجل السلام والوحدة في لبنان. نرفعها من أجل المسؤولين ورجال الدين والسياسيين وكل العاملين بالشأن العام ليعوا التبعات الملقاة على عاتقهم، ويتخطوا التبعية والمذلة والرضوخ للخارج، ويعودوا إلى ينابيع الإيمان والصدق والحرية والكرامة. انقضت سنين طويلة على غياب الشهيد داني شمعون وأفراد أسرته، إلا أن الجريمة النكراء تلك لا تزال ماثلة في ذاكرة ووجدان وضمائر الأحرار والسياديين من أهلنا. جريمة بشعة من سلسلة ارتكابات بربرية ودموية اقترفها المحتل السوري ومرتزقته المحليين الكفرة والأبالسة الذين ارتضوا وضعية الزلم والأدوات والمرتهنين.
مرتزقة من أهلنا للأسف بذل واحتقار للذات قبلوا بخنوع أدوار الملجميين والطرواديين، والإسخريوتيين الساقطين في كل تجارب الشياطين. مرتزقة من أهلنا وطرواديين منهم مواطنين ومسؤولين وسياسيين وأصحاب شركات أحزاب مافياوية باعوا دماء الشهداء، وهم عملياً السرطان الأخلاقي والقيمي والوطني الذي يفتك بوطننا وبشعبنا… وهؤلاء هم انفسهم من يتحكم اليوم بقراره وبمصيره لبنان ويحتلونه ويشدونه على خلفية الحقد والكراهية والغيرة والعقد الدفينة إلى الهاوية والدمار. هؤلاء القيادات وأصحاب شركات الأحزاب المسخ الذين يناصرون اليوم المحتل الإيراني، المتمثل بذراعه المحلية والإرهابية، حزب الله، اليوم قفزوا فوق دماء الشهداء والتحقوا بالخانعين والطرواديين طمعاً بسلطة ونفوذ ترابيين، وداكشوا السيادة بالكراسي وتعاموا عن كل القرارات الدولية الخاصة بلبنان. إن جريمة اغتيال داني شمعون وعائلته لا زالت تزرع في القلوب غصة، وفي العيون دموع تنهمر حسرة على أبطال شرفاء أبوا إلا أن يفتدوا بأرواحهم وطن الأرز وناسه. لنصلي من أجل راحة أنفس داني شمعون وأفراد عائلته الشهداء، ومن أجل راحة أنفس كل الشهداء طالبين لهم الراحة الأبدية إلى جانب البررة والقديسين في مساكن ابينا الرب السماوية .
بتقوى وعرفان بالجميل نذكر في صلاتنا كل شهيد من أهلنا بذل ذاته على مذبح وطننا الغالي من أجل أن يبقى لبناننا الرسالة والقداسة واحة للحرية والسيادة والاستقلال، وليبقّ اللبناني حراً وسيداً ومرفوع الرأس بعزة وشموخ. إن الشهيد داني شمعون وأولاده الأطفال وزوجته أحبوا لبنان واللبنانيين حتى الشهادة فبذلوا أنفسهم على مذبحه قرابين طاهرة. داني وعائلته الشهداء بنبلهم وتفانيهم ومحبتهم للوطن وإيمانهم الراسخ بحقه بحياة حرة وكريمة هم لبنان، هم كل اللبنانيين، هم الرمز، هم العطاء والكرامة. داني وعائلته غابوا بالجسد إلا أنهم وككل الشهداء الأبرار والأبطال هم في قلوبنا والضمائر والذاكرة. إنه بفضل تضحيات الشهداء بقي لبنان وبإذن الله هو باق ولن تقوى عليه شرور وإرهاب الأبالسة المحليين والدوليين والإقليميين.
إن كان من أمثولة يمكننا أن نستخلصها من حياة واستشهاد داني وعائلته، أو من وصية نستطيع أن نوجهها باسمه إلى جميع اللبنانيين، فإننا نتبنى كلام رسول الأمم، بولس إلى أهل فيليبي (02/01حتى05) حيث قال بصوت عال وصارخ: (“فإِذا كانَ عِندَكم شأَنٌ لِلمُناشَدةِ بِالمسيح ولِما في المَحَبَّةِ مِن تَشْجيع، والمُشارَكةِ في الرُّوحِ والحَنانِ والرَّأفة، فأَتِمُّوا فَرَحي بِأَن تَكونوا على رأيٍ واحِدٍ ومَحَبَّةٍ واحِدة وقَلْبٍ واحِدٍ وفِكْرٍ واحِد. لا تَفعَلوا شَيئًا بِدافِعِ المُنافَسةِ أَوِ العُجْب، بل على كُلٍّ مِنكم أَن يَتواضَعَ ويَعُدَّ غَيرَه أَفضَلَ مِنه، ولا يَنظُرَنَّ أَحَدٌ إِلى ما لَه، بل إِلى ما لِغَيرِه. فلْيَكُنْ فيما بَينَكُمُ الشُّعورُ الَّذي هو أَيضاً في المَسيحِ يَسوع. هو الَّذي في صُورةِ الله لم يَعُدَّ مُساواتَه للهِ غَنيمَة بل تَجرَّدَ مِن ذاتِه مُتَّخِذًا صُورةَ العَبْد وصارَ على مِثالِ البَشَر وظَهَرَ في هَيئَةِ إِنْسان فَوضَعَ نَفْسَه وأَطاعَ حَتَّى المَوت مَوتِ الصَّليب”.)
في الخلاصة، ما الحرية سوى نعمة مجانية وهبنا إياها الله لنكون احراراً في القول والتصرف والفكر والمعتقد، فيا أبانا السماوي انعم علينا بعطايا الثبات في الموقف والعناد في الشهادة للحق. الشهيد داني شمعون وكل شهداء ال 10452كلم مربع هم الخميرة الإيمانية التي تخمر باستمرار عجين الوطن وتزرع الحب والعطاء والرجاء.
*الكاتب ناشط لبناني اغترابي عنوان الكاتب الألكتروني Phoenicia@hotmail.co رابط موقع الكاتب الألكتروني https://eliasbejjaninews.com