د. ميشال الشمّاعي/في ذكرى ٤ آب.. “القوات” تؤنب الضمائر

46

في ذكرى ٤ آب.. “القوات” تؤنب الضمائر
د. ميشال الشمّاعي/موقع القوات/04 آب/2023
بعد نيّف وسنتين على ثالث أكبر تفجير أو انفجار في العالم، الذي أصاب قلب مدينة بيروت في مرفئها في ذلك الرّابع من آب الأسود من العام 2020، لا زالت دماء الضحايا والشهداء تصرخ لربّ القوات السماوية من تحت التراب المضرّج لهذه السلطة: “مَاذَا فَعَلْتِ؟ صَوْتُ دماء أَبنائك صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ”.
تمّ تغييب الحقيقة المعروفة، وتعطيل التحقيق المتعثر، والمستفيد الوحيد هو دويتّو المنظومة الفاسدة والمنظمة المسلحة، الذي يتحكّم اليوم بمصير البلاد والعباد. ولا يزال حتى الساعة يعطّل الحياة في لبنان خدمةً لمشروع لا يمت إلى الكيانية اللبنانية بأي صلة.
وكي لا تموت هذه القضيّة، ولتبقى أصوات الشهداء حيّة في ضمائر العالم ووجدانهم، آل حزب القوّات اللبنانيّة على نفسه متابعة هذه القضيّة حتّى الوصول إلى النّهاية، وليس أي نهاية، بل النهاية التي تبلسم جرح أهالي الشهداء والضحايا، وتسكن آلام المصابين الذين يعانون حتّى اليوم. والأهم كي يرتاح الشهداء في مثواهم، عقد حزب القوات اللبنانيّة مؤتمراً صحفياً في 7 تموز من العام 2023 تحت عنوان “العدالة المعطلة في لبنان: حان الوقت لتحرك دوليّ”، بالتزامن مع اختتام الدورة 53 لمجلس حقوق الانسان العالمي، بهدف الإضاءة على التطورات الأخيرة في ملفّ التحقيق بانفجار مرفأ بيروت والخطوات العملية اللاحقة.
تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المؤتمر لم يكن الأول لـ”القوات” حول ملف انفجار 4 آب، حيث عقد مؤتمر في السابق في اليوم الذي تلا الاعلان الأممي الموقع من 32 دولة، خلال الدورة 52 لمجلس حقوق الانسان العالمي في آذار الماضي، والذي طالب “الدولة اللبنانية والحكومة والقضاء اللبناني بتحمّل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم من أجل كشف الحقيقة وإحقاق العدالة في موضوع انفجار مرفأ بيروت”.
ولا بدّ هنا من التذكير بالعرائض التي وجّهها حزب القوّات اللبنانيّة إلى البرلمان الأوروبي والمجتمع الدّولي بهدف الحدّ من عرقلة دويتّو الحكم لملفّ التحقيق وإصدار الحكم الظنّي في هذه القضيّة، فمقاربة “القوّات” لهذه القضيّة تأتي من منطلقات الواجب الوطني البحت للوصول إلى الحقيقة وإحقاق العدالة.
أمام هول هذه القضيّة، والظلم الذي لحق ذوي الضحايا والمصابين والمتضرّرين، لا يمكن إلا أن يكون حزب القوات اللبنانية صوت الذين لا صوت لهم، في خدمة ثالوث الحرّيّة والكلمة والحقيقة ليلتئم جرج بيروت وليتبلسم جرح أهلها. لذلك، ترى هذا الدويتّو منزعج من عدم استسلام القوات اللبنانية ومثابرتها في حمل هذه القضيّة وإبقائها حيّة في النّفوس، وهي الوحيدة التي استطاعت تبكيت ضمائر مرتكبي هذه الجريمة التي تعتبر جريمة حرب ضدّ الانسانية.
هذا التوصيف ليس توصيفاً إعلامياً، أو رشوة إعلامية ليُصَار إلى استخدامها لغايات سياسية أو مصلحية. إنّما يأتي من منطَلَق وضوح نيات الذين خزّنوا النيترات في مرفأ بيروت وسط العاصمة وأهلها، فضلاً عن نيّات الذين كانوا يعلمون ذلك وأنكروا كما نكر توما المسيح. ولم يكتفِ هؤلاء كلهم بما ارتكبته يديهم، بل تابعوا هذا الإنكار محاولين التنصّل من فعلتهم عبر ممارستهم هوايتهم المفضلة، أي تعطيل المؤسّسات.
ولا زال المتّهمون حتّى الساعة يمارسون محاضرات العفّة والطهارة عبر شاشات التلفزة والوسائل الإعلامية كلها، والقاتل الحقيقي يسرح ويمرح على مرأى من القضاء الذي يستدعي كلّ من تسوّله نفسه على تبكيب ضميره هو أيضاً. لكن في نهاية المطاف، فليعلم الكون كلّه أنّ حزب القوات اللبنانيّة هو الوكيل الأمين على هذه القضيّة، أمانة للتاريخ، وإكراماً لدماء الشهداء الأبطال والضحايا الأبرياء، ولكلّ دمعة ذُرِفَت فوق جرح بيروت.
إيماننا أكبر من حقدهم وتجاوزاتهم القضائيّة. ويقيننا أنّ قاضٍ واحداً نزيهاً كفيل بأن يعطي الحقّ لأصحابه، وأن يظهر الحقيقة التي لم تختفِ يوماً، بل هي واضحة وضوح شمس تمّوز. ولن يموت هذا الحقّ لأنّ القوات اللبنانيّة ستبقى تطالب به إلى دهر الداهرين. آمين.​