أحمد عياش: بشري تحمي لبنان من فتنة سوداء

68

بشري تحمي لبنان من فتنة سوداء
أحمد عياش/ليبانيز ديلي/03 تموز/2023

الدماء التي سالت من اعلى مرتفعات لبنان والمنطقة، كشفت ان سكان هذه الارض يعلمون ان التضحية هي فعل إيمان مستمر عبر التاريخ كي تحمي هذه الارض. هذا هو فعلا ما قام به أبناء بشري، بعدما سالت دماء إبنيّن من أبنائها. هما هيثم ومالك طوق.

انها فتنة اراد مشعلوها بالأمس في القرنة السوداء ان تكون عمياء فتعمي بصيرة اهل الضحيتيّن البريئتيّن كي تكتمل الفتنة فصولا بوصولها الى دائرة الانتقام. لكن مسعى الفتنويين خاب، عندما أدرك حكماء الطائفتيّن المسيحية والسنية في لبنان ان هناك من يريد تنفيذ مآربه في شمال لبنان بعدما خابت في مناطق اخرى. وهكذا تصاعدت اصوات وازنة في الطائفتيّن كي تطلق نفير اليقظة والحذر. دماء هيثم ومالك طوق التي سالت في اعلى مرتفعات لبنان، سالت تحديداً في منطقة ارادها الجيش اللبناني منطقة عسكرية. وسرعان ما توحدت بشري حول شعار “مع الجيش وضد الفتنة”. بهذا الموقف المبدئي استوعبت بشري ومعها لبنان هول ما جرى. وفي الوقت نفسه، أطلقت مساراً هادئاً للوصول الى العدالة عبر ما سينتهي اليه التحقيق الذي باشرت به مخابرات الجيش كي تحدد هوية من أطلق النار في اتجاه الضحية الاولى هيثم طوق، ما ادى الى سقوط الضحية الثانية مالك طوق في تداعيات الجريمة الاولى.

انها كانت مشروع فتنة سوداء في القرنة السوداء بأبدي من أتقنوا منذ عشرات الاعوام على بقاء لبنان متشحاً بالسواد. وهذه المرة، كان القصد ان تكون الفتنة بين بشري المارونية وبقاع صفرين السنيّة. لكن قادة الطائفتيّن أعلنوا انهم لن يكونوا وقوداً لهذه الفتنة التي لا تشبههم منذ زمن بعيد وقريب على السواء. ومن خانته الذاكرة، يمكنه العودة الى العام 2005 عندما جرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فكان ان هبّ لبنان عموما، والطائفتان المسيحية والسنيّة خصوصا، ليصنعا حدثاً تاريخياً في 14 آذار من ذلك العام، ما ادى ولادة ثورة الارز التي غيّرت لبنان.

الى متى يستمر لبنان في معمودية الدم التي لا تنتهي؟ ان ما جرى في مرتفعات القرنة السوداء، أثبت ان لبنان ما زال في دائرة الخطر. وهل نسينا ان إزمة الانتخابات الرئاسية هي الان من أخطر الازمات في تاريخ هذا البلد. ليس لأن هذه الازمة جديدة من نوعها، بل هي جديدة في ظروفها. فلبنان حالياً في قعر ازمات لا سيما المالية منها حيث خسرت العملة الوطنية نحو 90 في المئة من قدرتها الشرائية ما جعل غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر.

ما بين ازمات لبنان وبين فتنة القرنة السوداء صلة مباشرة. فالهدف كان ولا يزال هو إخضاع لبنان لسيطرة خارج الدولة استمرارا لمسلسل بدأ منذ العام 1975 وتعددت مشاريع الهيمنة والهدف واحد هو: إلغاء مشروع الدولة في لبنان. لكن في المقابل، قالت بشري بالأمس ومعها كل لبنان، ان هذا الوطن لن يستسلم..