الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري: الضفدعُ ليس بقرة، والثعلبُ لن يصيرَ أسدًا/الأزمة ليست أزمة رئاسة بل أزمة احتلال يتحكّم بآلية صنع القرار في لبنان والكتل النيابيّة الحزبيّة وكلّ مَن يساكن المحتلّ في البرلمان هو خائن للبنان

285

الضفدعُ ليس بقرة، والثعلبُ لن يصيرَ أسدًا./الأزمة ليست أزمة رئاسة، بل أزمة احتلال يتحكّم بآلية صنع القرار في لبنان. الكتل النيابيّة الحزبيّة، وكلّ مَن يساكن المحتلّ في البرلمان هو خائن للبنان.
الكاتب والمخرج يوسف ي. الخوري/03 تموز/2023

حين يمنع علينا المحتل انتخاب رئيس للجمهوريّة، لا نهدّد بتغيير النظام، بل نقاوم لقبع المحتلّ.

أطلّ علينا أخيرًا رئيس “جهاز التنشئة السياسيّة” في حزب القوّات اللبنانيّة، وهو يَئدّ ويهدّ كَجَملٍ، ويشرئبّ كزرافة، “ومش عارف وَين الله حاطُه”! لَمّا سمعته، راودتني الرغبة بالاعتذار من جبران باسيل على هَجوِيَ ايّاه في الأسبوع الماضي لاستخفافه بالشعب، إذ ألف صلاة وصَوم على جبران أمام هَوَج أرعن التنشئة القوّاتي. فالأخير، أفصح في احدى مقابلاته الإذاعيّة أنّ حزبه القوّات يستمدّ قوّته من الناس، لكن لم يطُل به الأمر حتّى راح يُهين الناس (الناخبين)، لا بل يشتمهم بغضب، لدرجة أنّه خصّ كلّ مَن انتخب ندى بستاني مِن أبناء كسروان، بالقول: “ألله لا يردَّك اِنت وايّاها”!
وَنِعمَ التنشئة!!!

وأنا أقول لك أيّها الموظّف المعرابي الناشئ، باسمي وباسم كل كسرواني، سواء انتخب ندى أو شوقي أو نِعمَة، “الله لا يردَّك اِنت واللي عيَّنك بِـهالمركز يا بلا تنشئة”.

وأرعنُ التنشئة هذا، لم يرحم أبناءَ كسروان لانتخابهم فريد الخازن، وأبناء بشرّي لانتخابهم وليم طوق، معتبرًا أنّ انتخاب هذين النائبين لهُوَ خيار مسيحي خاطئ، إذ بنتيجته تبوّأ نبيه بري مرّة جديدة رئاسة المجلس النيابي! مثل هذه الافتراءات على المسيحيين من قبل قياديي ومنظّري حزب القوّات، ليست بجديدة، فهؤلاء غالبًا ما ينسبون الأفضال لحزبهم ولقائدهم المُلهِم سمير، حتّى ولو لم تتحوّل هذه الأفضال إلى أفعال وانجازات، كما ينشطون في تحميل وَزر إخفاقات قيادتهم للناس، من دون أن يغيب عن خطابهم لَوْمُ الناس! أوَلَم يفعلوا ذلك لتبرير سَيْرهم بميشال عون رئيسًا عام 2016، مدّعين أنّ المسيحيين أعطوا الكتلة النيابيّة الأكبر لعون، ما اضطرّ القوّات إلى أن تقبل به!؟ أوَلَم يفعلوا ذلك بعدما تبيّن أنّ نوابهم عاجزون عن تحقيق أيّ خرق برلماني منذ انتخابات 2022، كما وعدوا، فراحوا يروّجون في الأوساط المسيحيّة أنّ الشعب لم يعطِهم نوابًا كفاية ليتمكّنوا من التغيير!!؟

ولشدّة نزقه وطيشه، لم يتردّد أرعن التنشئة بالفصل بين المسيحيين وحزب القوّات، إذ قال: “نحنا (القوّات) قِمنا حالنا وجِبنا 19 نايب، انتو يا ناس أو بتقرّروا تكونوا أسياد مصيركم، أو ما حدا رح يْقيمكن”!!! بغضّ النظر عن المستوى المتدنّي في علم السياسة لصاحب هذا الكلام، وعن جهله لمفهوم حريّة التعبير في الأنظمة الديمقراطيّة، أريد أن أسأله: إذا كان الناس لا قيمة لهم في حساباتكم كقوّات، فمَن يا ترى انتخبَ نوابَكم الـ 19 هؤلاء!؟ الملائكة؟
وفي معرض استخفافه بالناخب الكسرواني، يقول أرعن التنشئة مستعيرًا من الكسروانيين، وهازِئًا بهم: “خيي بدّي انتخب الشيخ فريد؛ عزّاني بْـستّي، شوقي ما عزّاني”.

لا يا سعادة الناشئ؛ مَن يوضع بمركزك، لا يُقارب الواقع الاجتماعي بهذه السذاجة، وبهذا الحقد على الناس. فَلتَعلم، وبصريح العبارة، أنّه لولا القانون الانتخابي الذي تمّ تفصيله على قياس أحزاب المنظومة الكليبتوقراطية، لَمَا استطاع حزب القوّات إيصال نائب واحد في كسروان. وإذا فضّل بعض الكسروانيين فريد الخازن على مرشّحكم شوقي الدكّاش، فليس لأنّ الشيخ يواسيهم في أحزانهم والقوّاتي لا يفعل، كما تدّعي، بل لأنّهم كانوا أمام خيارين مشابهين، مرشّح شيخ لم يقدّم شيئًا لكسروان، ومرشّح قواتي لم يقدّم هو الآخر شيئًا لكسروان، فاختار بعضهم الشيخ الذي يقف إلى جانبهم اجتماعيًّا، أو ربّما اختاروه لأنّهم يُدركون تمام الإدراك أنّهم ليسوا سوى سلعة انتخابية بالنسبة إلى حزب القوّات.

حال صديقنا الناشئ في معراب هو حال كلّ مدّعِي السيادة والتغيير في البرلمان، فهؤلاء جميعًا هم كذَّب ومضلِّلون ويحتقرون ناسهم.
لعمري، جميعُهم مُصابون بِحَوَل فكري عُضال.

يَكذبون، ثمّ يكذبون، ثمّ يكذبون، وألعَنُ من كذبهم أنّهم حين يكذِبون يتوهّمون بأنّهم يفكّرون!

حسب زعمهم، أحدثت الانتخابات النيابيّة الأخيرة فرقًا في ميزان القوى داخل المجلس النيابي، فيحاولون اقناعك بصحّة نظريّتهم الخونفوشاريّة هذه، مرتكزين على بدعة لا تركب على قوس قزح، ألا وهي أنّ حزب الله لو كان قويًّا كذي قبل، لاستطاع أن يفرض مرشّحه سليمان فرنجية على اللبنانيين. هي قِمّة في الجهل والتقليل من شأننا وذكائنا كمواطنين؛ حزب الله هو أذكى من أن يفرض مرشّحه فرضًا، بل يثابر على الانتظار حتّى يتّفق الجميع على مرشّحه. لم ننسَ بعد انتظاره سنتين ونصف عام 2014، حتّى أوصل ميشال عون بأصوات “القوّات” و “المستقبل”، تاركًا لهاتين الكتلتين الاستمتاع بنشوة الانتصار، وهو المنتصر. إذًا، وقبل تسجيل انتصار وهمي من هذا النوع، أقله علينا الانتظار سنتين ونصف، والوحيد الذي ليس على عجلة هو حزب الله.
يتباهون بقدرتهم كمعارضة أنّهم توافقوا على اسم المرشّح جهاد أزعور، أمّا الحقيقة فهي في مكان آخر؛ المعارضة في البداية أصرّت على مرشّح تحدّي، ودعمت ترشيح ميشال معوّض، ثمّ ما لبثت أن تراجعت عن مبدأ التحدّي، وذهبت إلى مرشّح وسطي لأنّ حزب الله والتيار الوطني الحرّ مصرّان على عدم المواجهة في معركة الرئاسة. أيكون هذا انتصارًا، أم تراجعًا وطعنًا لمعوّض في الظهر!!؟

يهلّلون لتقاطعهم مع جبران باسيل على اسم جهاد أزعور، وهم جميعهم بنوا معاركهم في الانتخابات النيابيّة على التحريض ضدّ جبران لتحالفه مع قوى الممانعة، ولرداءة عهد عمّه ميشال عون الذي كان فيه حاكم الظل. فإذا كان جبران أزعرًا وتقاطعتم مع طرحه لأزعور رئيسًا، فأنتم مثله زعران. وإذا كان جبران آدميًّا وشننتم عليه كلّ هذه الحملات المحقّرة والمُهينة، فأنتم مخادعون وظالمون. وفي كلتا الحالتين هذا ليس انتصارًا.

أمّا ذروة الاستهزاء بعقول الناس، فتمثّلت لدى خروج السياديين والتغييريين من آخر جلسة انتخاب، رافعين علامات النصر باعتبار أنّهم حقّقوا لأزعور ثمانية أصوات أكثر من تلك التي حقّقتها الممانعة لمرشّحها سليمان فرنجية! نسي هؤلاء أنّه من ضمن أصوات أزعور هناك أقلّه سبعة عشر صوتًا لجبران، وهو من صلب الممانعة، وثمانية أصوات لوليد جنبلاط الجاهز دومًا للانقلاب! فعن أيّ أكثرية برلمانيّة نتكلّم، وعن أيّ انتصار!!؟
لا تكذبوا بعد اليوم على الشعب، ولا تستغبوه وأنتم الأغبياء.

جررتم الناس إلى الانتخابات النيابيّة تحت الاحتلال، وهذا لا سابقة له في تاريخ الشعوب!!! وعدتموهم بالنصر الأكيد والتغيير من الداخل، ولمّا تظهّر فشلكم، رحتم تفتشون كيف تحمّلونه للشعب عوضًا عن الاعتذار منه والانكفاء لعدم جدارتكم.

الأزمة ليست أزمة رئاسة، بل أزمة احتلال يتحكّم بآلية صنع القرار في لبنان.
الكتل النيابيّة الحزبيّة، وكلّ مَن يساكن المحتلّ في البرلمان هو خائن للبنان.
حين يمنع علينا المحتل انتخاب رئيس للجمهوريّة، لا نهدّد بتغيير النظام، بل نقاوم لقبع المحتلّ.
ومَن يواجه المحتلّ بمرشّح اسمه جهاد أزعور، فليخجل من نفسه، وليكفّ عن الادّعاء بأنّه ليس من “كلّن يعني كلّن”.
وبالمناسبة، الأقوى هو مَن يُغلق أبواب المجلس النيابي ولا أحد يعترض على فعلته اللا دستورية هذه، وليس القوي مَن ينتظر الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس، ثمّ يذهب طائعًا للمشاركة بها، ويشهد على تعطيل نصابها، من دون أن تكون له ايّ قدرة على تغيير الواقع.
“روحوا انضبوا وحاج تفنصوا عَ حالكن”.
#صار_بدها_جبهة_لبنانية
#hezbollah_delendum
#systema_delendum_est