المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكنديةLCCC/

نشرة الأخبار العربية ليوم 18 كانون الثاني/2022

اعداد الياس بجاني

#elias_bejjani_news

 

في أسفل رابط النشرة على موقعنا الألكتروني

http://eliasbejjaninews.com/aaaanewsfor2021/arabic.january18.22.htm

أرشيف نشرات أخبار موقعنا اليومية/عربية وانكليزية منذ العام 2006/اضغط هنا لدخول صفحة الأرشيف

 

اقسام النشرة

عناوين أقسام النشرة

عناوين الزوادة الإيمانية لليوم

قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَان: «لا تَخَفْ! مِنَ الآنَ تَكُونُ صَيَّادًا لِلنَّاس». ولَمَّا عَادُوا بِالسَّفينَةِ إِلى البَرّ، تَرَكُوا كُلَّ شَيء، وتَبِعُوا يَسُوع.

 

عناوين تعليقات وتغريدات الياس بجاني

الياس بجاني/صلاتنا وادعيتنا من أجل شفاء الأخ والصديق الغالي المخرج والكاتب يوسف ي. الخوري

الياس بجاني/الإنتخابات بظل الإحتلال هي استسلام واعتراف بشرعية احتلاله

الياس بجاني/حزب الله الإيراني والمذهبي والإرهابي يسرق أراضي المسيحيين بالسلبطة ووضع اليد وهدفه المعلن منذ السبعينات هو تحويل لبنان إلى جمهورية فارسية على قاعدة مفهوم ولاية الفقيه/تقرير عن سرقة الحزب أراضي في بلدة الغابات الجبيلية

الياس بجاني/يا منافقين وذميين استفيقوا من غيبوبة كذبة المقاومة والتحرير

 

عناوين الأخبار اللبنانية

الفصل الرابع والأخير من كتاب د. رندا ماروني: “لبنان في علاقته بسوريا”/اعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية”

المشهد اللبناني بين الشروط والدوافع/الياس الزغبي/فايسبوك

أهالي شهداء المرفأ: “طفح الكيل”!

السنترالات تتهاوى: “جهنّم… العنكبوتية”!

تحرير مجلس الوزراء حبّيًا أم للتحدّي؟

الخليج: لبنان مُطالب بالتخلص من سطوة “الحزب”

وزارة الصحة: 6109 إصابة جديدة و 14 حالة وفاة

 

 

عناوين المتفرقات اللبنانية

تضامن لبناني مع الإمارات: استهداف إيراني للأمن العربي!

“صيرفة” تسيطر… فهل تطيح بكل “التطبيقات”؟

تشكيك بخلفية قرار عودة «الثنائي الشيعي» للحكومة و«التيار» ينفي وجود مقايضة

مجلس الوزراء اللبناني يجتمع الاثنين للمرة الأولى منذ أكتوبر

لبنان ينفي استيراد الغاز الإسرائيلي عبر مصر

نصف انتصار للقضاء اللبناني في مواجهته السلطة السياسية..بقاء البيطار ممسكاً بملف المرفأ مقابل تجميد التحقيقات

البيروقراطية تقطع الإنترنت عن مناطق بيروتية ومدير «أوجيرو» يلوح بالاستقالة

وزير الاتصالات اللبناني لـ «الشرق الأوسط» : نستدين المازوت من الموردين وقرار مصرف لبنان أخاف أصحاب المنشآت

 

عناوين الأخبار الإقليمية والدولية

هجومٌ حوثي على الإمارات!

السعودية عن استهدف مطار أبو ظبي: هجوم إرهابي

البرلمان العربي: الاعتداء الحوثي الإرهابي على الإمارات تهديد صارخ لاستقرار المنطقة

قائد فيلق القدس الإيراني يجتمع بقادة "التنسيقي" في بغداد

واشنطن تدين التصعيد العسكري الحوثي والأعمال العدائية المزعزعة للأمن والاستقرار

بن مبارك: ما تم تحقيقه من انتصارات عسكرية سببه التحام القوى الوطنية ودعم التحالف

مصادر أميركية وأوروبية تكشف: شرط إيراني يعقد مفاوضات فيينا

إيران: إختلافات مهمة في محادثات فيينا

بالعبوات الناسفة... سنة العراق يدفعون ثمن الخلافات الشيعية ـ الشيعية

العامري يخوض مع الصدر مفاوضات التقريب بين «التيار» و{الإطار»

تقدم متواصل جنوب مأرب… وخسائر في صفوف الحوثي

وزير الخارجية العراقي: أعدنا 4 آلاف مهاجر من بيلاروسيا

الجيش الإسرائيلي: مقتل فلسطيني حاول طعن جندي

ارتفاع حصيلة قتلى احتجاجات الاثنين في السودان إلى سبعة

 

عناوين المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

اللبنانيون والعقدة الاسرائيلية/الكولونيل شربل بركات

الثورة… والانتخابات/بول ناصيف عكاري/النهار

"تجميد" إقالة سلامة وتحقيقات المرفأ: مورفين الحكومة سريع الزوال/منير الربيع/المدن

"التيار" يفضّل معلوف لكسر رياشي بالمتن: طموحات كنعان قاتلة/وليد حسين/المدن

هل يُطيّر لغم “التيار” الانتخابات؟/رولان خاطر/الجمهورية

ميقاتي أكد لـ ـ«الشرق الأوسط» أنه لا مقايضة بين تفعيل الحكومة والتحقيق في انفجار مرفأ بيروت/محمد شقير/الشرق الأوسط

من يحاسب “الحزب”؟/شارل جبور/الجمهورية

معبرة جداً صورة إذاعة لبنان الرسمية التي توقفت عن الإرسال، والعتم يلف مبنى وزارة الإعلام والوكالة الوطنية للإعلام! درك جديد أوصلوا إليه البلد!/حنا صالح/فايسبوك

الثابت الوحيد… إيران دولة طبيعية أم لا/خيرالله خيرالله/العرب

بايدن... حصاد قليل وتركة ثقيلة/سام منسى/الشرق الأوسط

الحرب مع إيران... الاحتمال الأقرب/عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط

طريق سليماني وطريق الحرير/غسان شربل/الشرق الأوسط

اليمن... في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل!/مشاري الذايدي/الشرق الأوسط

أميركا تخادع نفسها بشأن السياسة العالمية؟/بيتر بينارت/الشرق الأوسط

الشماتة في الموت والمرض/طارق الشناوي/الشرق الأوسط

 

عناوين المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود وغيرها

تقريرٌ أميركي عن الطائرة اليونانية: لا رصاص

“أمل”: لن نقبل بهذا الأمر!

التيار”: عودة “الثنائي” إلى مجلس الوزراء لا تكفي

الفصل الرابع والأخير من كتاب د. رندا ماروني: “لبنان في علاقته بسوريا”/اعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية

 

في أسفل تفاصيل النشرة الكاملة

الزوادة الإيمانية لليوم

قَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَان: «لا تَخَفْ! مِنَ الآنَ تَكُونُ صَيَّادًا لِلنَّاس». ولَمَّا عَادُوا بِالسَّفينَةِ إِلى البَرّ، تَرَكُوا كُلَّ شَيء، وتَبِعُوا يَسُوع.

إنجيل القدّيس لوقا05/من01حتى11/:”فيمَا كانَ الجَمْعُ مُزْدَحِمًا على يَسُوعَ يُصْغِي إِلى كَلِمَةِ الله، وكَانَ يَسُوعُ واقِفًا على شَاطِئِ بُحَيْرَةِ جِنَّاشَر، رأَى سَفِينَتَيْنِ راسِيَتَيْنِ عِنْدَ الشَّاطِئ، وقَدْ نَزَلَ مِنْهُمَا الصَّيَّادُونَ يَغْسِلُونَ الشِّبَاك. فَصَعِدَ إِلى إِحْدَى السَّفينَتَيْن، وكَانَتْ لِسِمْعَان، وسَأَلَهُ أَنْ يَبتَعِدَ قَليلاً عَنِ البَرّ، ثُمَّ جَلَسَ يُعَلِّمُ الجُمُوعَ مِنَ السَّفِينَة. ولَمَّا فَرَغَ مِنَ الكَلام، قالَ لِسِمْعَان: «إِبْتَعِدْ إِلى العُمْق، وأَلْقُوا شِباكَكُم لِلصَّيْد». فأَجَابَ سِمْعَانُ وقَالَ لَهُ: «يا مُعَلِّم، قَدْ تَعِبْنَا اللَّيْلَ كُلَّهَ ولَمْ نُصِبْ شَيْئًا! وَلكِنْ لأَجْلِ كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشِّبَاك». ولَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ ضَبَطُوا سَمَكًا كَثيرًا جِدًّا، وأَخَذَتْ شِبَاكُهُم تَتَمَزَّق. فأَشَارُوا إِلى شُرَكائِهِم في السَّفِينَةِ الأُخْرَى، لِيَأْتُوا وَيُسَاعِدُوهُم. فَأَتَوا وَمَلأُوا السَّفينَتَيْنِ حَتَّى أَخَذَتَا تَغْرَقَان. وَرأَى ذلِكَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ فٱرْتَمَى عِنْدَ رُكْبَتَي يَسُوعَ قائِلاً: «تبَاعَدْ عَنِّي، يا رَبّ، فَإنِّي رَجُلٌ خَاطِئ!»؛لأَنَّ الذُّهُولَ كانَ ٱعْتَرَاهُ هُوَ وجَمِيعَ مَنْ مَعَهُ، لِمَا أَصَابُوهُ مِنْ صَيْدِ السَّمَك. وهكذَا كانَ لِيَعْقُوبَ ويُوحَنَّا ٱبنَي زَبَدَى، اللَّذَينِ كانَا شَريكَيْنِ لِسِمْعَان. فقَالَ يَسُوعُ لِسِمْعَان: «لا تَخَفْ! مِنَ الآنَ تَكُونُ صَيَّادًا لِلنَّاس». ولَمَّا عَادُوا بِالسَّفينَةِ إِلى البَرّ، تَرَكُوا كُلَّ شَيء، وتَبِعُوا يَسُوع.

 

تفاصيل تعليقات وتغريدات الياس بجاني

صلاتنا وادعيتنا من أجل شفاء الأخ والصديق الغالي المخرج والكاتب يوسف ي. الخوري

الياس بجاني/16 كانون الثاني/2022

http://eliasbejjaninews.com/archives/105643/105643/

كما يعرف الجميع، فإن الصديق والأخ والمناضل العنيد يوسف الخوري هو إنسان فعلاً مميز، وغير شكل بكل شيء حتى في مرضه.

يوسف، هذا الفارس والمناضل وصاحب القلم الحر والضمير الحي والوطني بأكثر من اميتاز يصارع مرض الكوفيد منذ عدة أيام في غرفة العناية الفائقة.

نؤمن، بأن الله معه ويحميه، وهو سوف يتغلب على الكوفيد اللعين ويقهره، كما تغلب وقهر بعناده وإيمانه في حياته مشقات وصعاب وأزمات لا تعد ولا تحصى.

صلاتنا له بالشفاء العاجل، لأن لبنان بحاجة ماسة لمن هم من خامته النقية والوجدانية الصادقة والوطنية والسيادية والإنسانية.

ربنا معك يا يوسف، يا غالي والعدرا تحميك

 

الإنتخابات بظل الإحتلال هي استسلام واعتراف بشرعية احتلاله

الياس بجاني/16 كانون الثاني/2022

http://eliasbejjaninews.com/archives/105635/105635/

دون ولف ودوران نقول بصوت عال بأن كل من يتوهم وعلى خلفية تكتيكية تتعلق بعدد النواب الذين سيحصل عليهم بأن الحلّ بظل احتلال إيراني إرهابي ودموي ومذهبي مؤدلج يكمن في الانتخابات، هو عن وعي او عن غباء وغالباً عن قصر رؤية وجهل يعمل لترسيخ هذا الاحتلال!

أما دجل ونفاق القول للعالم بأن صراعنا في لبنان هو ديموقراطي وبالإمكان تغييره وتحرير البلد عن طريق الإنتخابات بظل احتلال إيران للبنان، هي استسلام ذليل وغبي وقتل كامل لكلّ الآمال المعلقة على تطبيق القرارات الدولية والحياد وتحرير لبنان.

نسأل الأغبياء والنرسيسيين المسوّقين للإنتخابات على أمل الحصول على أكثرية (لن تتحقق) ماذا فعلتهم في دورتين كانت لديكم الأكثرية النيابية؟

اخجلوا من تفاهاتكم ومن فجعكم السلطوي ومن ثقافة المتراس التكتيكية والتونالية وفكروا ستراتجياً بعيدا عن متاريسكم.

يبقى أن كل صاحب شركة حزب تافه وغبي واسخريوتي ومنافق وصنم، يسوّق للإنتخابات ويوهم الناس بفوائدها، هو تماماً كمن يلحس المبرد ويلتذذ بملوحة دمه، ومثل رجل مصاب بمرض عقلي يمشي في جنازته، ويحمل نعشه ليدفن وهو حي، ويدفن معه كل من شارك في جنازته.

أما قطعان أصحاب شركات الأحزاب كافة ودون استثناء واحد، فهم فعلاً كوارث انسانية وأخلاقية، ومجرد اتباع اغبياء وجهله لإصنام  زعماء هم كتبة وفريسيين ومن خامة الإسخريوتي.

كما أن قانون انتخاب "جورج عدوان" الهجين هو مفصل ع مقاس مشروع أيرنة لبنان ولخدمة مصالح أصحاب شركات الأحزاب كلن، وكلن يعني كلن منافقين ودجالين.

*الكاتب ناشط لبناني اغترابي

عنوان الكاتب الالكتروني

Phoenicia@hotmail.com

رابط موقع الكاتب الالكتروني

http://eliasbejjaninews.com

 

حزب الله الإيراني والمذهبي والإرهابي يسرق أراضي المسيحيين بالسلبطة ووضع اليد وهدفه المعلن منذ السبعينات هو تحويل لبنان إلى جمهورية فارسية على قاعدة مفهوم ولاية الفقيه/تقرير عن سرقة الحزب أراضي في بلدة الغابات الجبيلية

يا منافقين وذميين استفيقوا من غيبوبة كذبة المقاومة والتحرير

الياس بجاني/13 كانون الثاني/2022

http://eliasbejjaninews.com/archives/105573/%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7%d8%b3-%d8%a8%d8%ac%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%8a%d8%b3%d8%b1%d9%82-%d8%a3%d8%b1%d8%a7%d8%b6%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d9%8a%d8%ad/

لم تعد مقبولة بأي شكل من الأشكال كل فترات السماح، وغض الطرف، والهرطقات التبريرية، والذمية للمواطن اللبناني، ولأي شريحة مذهبية أو مجتمعية انتمى، أن لا يزال غارقاً بغباء، أو بجبن، أكان عن جهل، أو على خلفية التجارة، في أوحال وأوهام نفاق ودجل المقاومة والتحرير ومحاربة إسرائيل ورميها في البحر.

حزب الله الإرهابي والجيش الإيراني الذي يحتل لبنان منذ العام 2005، هو واضح وعلني في أهدافه الفارسية، وفي مشروعه الإيراني المذهبي والإمبراطوري ويتباهى به دون خجل أو وجل. لهذا على كل لبناني سيادي واستقلالي أن يعلن بأنه ضد هذا المشروع وضد وجود الحزب بوضعيته العسكرية اللالبنانية.

وفي سياق هذا المشروع الإمبراطوري الوهم والإرهابي المؤدلج يصادر ويسرق حزب الله بالقوة والبلطجة الفاجرة والعاهرة أراضي المسيحيين تحديداً ومن ضمنها أراضي تملكها الكنيسة المارونية، وذلك ي كافة مناطق تواجدهم، البقاع، والجنوب، وبيروت، وجبل لبنان بكل محافظاته، ولنا خير مثال في ما يجري من بلطجة عقارية منذ سنين في منطقة جبيل..(لاسا والغابات ومجل القاقورة).

 

دعوة للإشتراك في قناتي ع اليوتيوب

أطلب من الأصدقاء ومن المتابعين أن يشتركوا في قناتي الجديدة على اليوتيوب. الخطوات اللازمة هي الضغط على هذا  الرابط

https://www.youtube.com/channel/UCAOOSioLh1GE3C1hp63Camw

 لدخول الصفحة ومن ثم الضغط على مفردة SUBSCRIBE في اعلى على يمين الصفحة للإشترك.

Please subscribe to My new page on the youtube. Click on the link to enter the page and then click on the word SUBSCRIBE on the right at the page top

 

تفاصيل الأخبار اللبنانية

الفصل الرابع والأخير من كتاب د. رندا ماروني: “لبنان في علاقته بسوريا”/اعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية”

http://eliasbejjaninews.com/archives/105590/105590/

اعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية

لقد تعددت المحاولات لاعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية، الا أنه لم يكتب النجاح لأي من هذه المحاولات ما عدا المحاولة الأخيرة منها نظراً لارتباط بناء نموذج الدولة اللبنانية واعادة تركيب السلطة فيه بتوازنات اقليمية ودولية. هذه  المحاولة الأخيرة، أتت مصاغة  كاتفاق حصل على الدعم الدولي والاقليمي والمحلي. الا ان النمذجة الجديدة لم تأتِ مطابقة للنصوص المتفق عليها ، بل انحرفت عنها نتيجة لظروف دولية واقليمية مستجدّة، مهدت لدخول لبنان الى نمذجة  جديدة نحاول تقصّي انتماءها

 

المشهد اللبناني بين الشروط والدوافع

 الياس الزغبي/فايسبوك/17 كانون الثاني/2022

لا يغيّر الحديث عن شروط عودة "أمل" و"حزب اللّه" إلى طاولة مجلس الوزراء، وعن دوافع هذه العودة، شيئاً من حقيقتها ودروسها. فهي باختصار ظاهرة انحسار وانكسار، ولا يمكن تصنيفها في خانة "الانتصار" البشري، ولا طبعاً "الإلهي".

وسواء كانت الدوافع تعود إلى حسابات طهران في ڤيننا، وخصوصاً المراجعة التي أجرتها بعد الإخفاقات الميدانية في اليمن، والسياسية في العراق، والتحالفية في سوريا ولبنان، أو أن هذه الدوافع تعود إلى الافتراق النسبي في القراءة السياسية بين طرفَي "الثنائي الشيعي"، والضغط الاجتماعي في بيئتهما، وعبثية التعطيل الذي مارساه على الحكومة والقضاء والمؤسسات وبقية "العهد الحليف"، فإن النتيجة هي نفسها: بدء العد العكسي لحالة الاستكبار الذي فرضه "حزب اللّه" في الآونة الأخيرة على خصومه وحلفائه، وانتهاء دور "الحزب القائد" والمقاوم الرائد. وهذا الواقع بدأ يظهر في مواقفه المباشرة عبر بعض الناطقين باسمه الذين بذلوا جهداً في الأيام الفائتة لاحتواء الشرودَين اللذين ارتكبهما النائب محمد رعد والشيخ نعيم قاسم، وكذلك عبر وسائطه الإعلامية كجريدة "الأخبار" التي بدأت التصويب على مكامن الخلل في سياسته الداخلية، والقنص العشوائي على حليفَيه نبيه برّي و"تيّار العهد"، مع تلويحها بوجوب انتقاله من الدفاع إلى الهجوم في المرحلة المقبلة، ليس فقط على الخصوم والحلفاء في الداخل، بل على أميركا نفسها وكلّ من يدور في فلكها! أمّا ما يتمّ تداوله عن شروط العودة، وحصر جلسات مجلس الوزراء بموضوعَي الموازنة وخطة التعافي، فقد بدأ التفلّت منها تحت شعار معالجة هموم الناس والضائقة المعيشية.

وقد لا يتمّ تطبيق هذه الشروط إلّا على مسألة التعيينات التي يريدها "العهد" قبل نهايته لاستخدامها في تعويم وريثه عشية الانتخابات. وبقاء هذا الشرط ليس فقط برغبة من برّي في إطار صراعه مع بعبدا، بل بإرادة من ميقاتي، وبموافقة ضمنية من "حزب اللّه" نفسه على قارعة شدّ الحبال وتبادل رسائل "الودّ اللدود" مع شريكه في "التفاهم". إنها لوحة سياسية متداخلة يصعب معرفة رأس الخيط فيها واستشراف خطوطها الكاملة ومآلها. ووحدها الانتخابات النيابية المعطوفة على التحفّز العربي والدولي، في حال عدم تخريبها، سترسم التصميم الأوّلي للمشهد اللبناني العتيد، وفيه تعديل واضح لموازين القوى في اتجاه تثبيت لبنان بسيادته وانتمائه ومعناه وحقيقته ورسالته.    

 

أهالي شهداء المرفأ: “طفح الكيل”!

الوكالة الوطنية للإعلام /17 كانون الثاني/2022

أقفل أهالي شهداء مرفأ بيروت، خلال اعتصام ووقفة احتجاجية منذ الثامنة من صباح اليوم طرقات ومداخل قصر العدل في بيروت، رافعين الإعلام اللبنانية وصور الشهداء وبث الاناشيد والاغاني الثورية والوطنية عبر مكبرات الصوت. ورفع المعتصمون لافتات تندد بـ”السلطة السياسية الفاسدة والمسؤولين في الدولة من أجل تمييع ملف التحقيق والتلاعب على القانون العفن وقبع القاضي العدلي طارق بيطار”، معتبرين “ان “لا حصانة لاحد عند وقوع 218 شهيدا و5600 جريحا ودمار نصف العاصمة بيروت وتشريد مئات الالاف من المواطنين”. وطالبوا بـ”دعم القاضي طارق البيطار في عمله لانه مؤتمن من كل اللبنانيين على كشف الحقائق ومعاقبة المرتكبين المجرمين من اي جهة انتموا”. وكانت كلمات لعدد من الناشطين والمحتجين طالبوا فيها بـ”تعيين أعضاء لمحكمة التمييز للمباشرة في عمل التحقيق وعدم الافلات من المحاسبة، والا ستتخذ إجراءات من قبل الاهالي لا تحمد عقباها، في حين ان السلطة تطبق القانون على الفقير أينما كان، فيما تتجنب المحازبين تماما وهذا هو قانون شريعة الغاب”، معتبرين ان “السلطة مسؤولة سواء بالاهمال والتقصير والتجاهل والتغطية عن جريمة العصر وكارثة اكبر انفجار في التاريخ الحديث الذي أصاب لبنان وبيروت وسقوط مئات الضحايا والاف الجرحى”. وأكدوا “ان المسؤولين لا يمثلون الا انفسهم، وابراهيم حطيط ما زال يتكلم باسم  الاهالي الشهداء من أجل انهاء التحقيقات، انه يتكلم باسمه ومن يبتزونه فقط، ولا شأن له ان يتكلم ويراسل القضاة ومحكمة التمييز الا باسمه الشخصي فقط”. وأعلنوا انه “في حال استمرت المراوحة والتهديدات وتمييع القضية فسوف يلجأون الى المطالبة بالتحقيق الدولي. وكفى تضييعا للوقت، باللجوء تارة الى الحصانات السياسية وتارة الى اتهام القاضي  بيطار بالاستنسابية او التسييس وغيرها من العراقيل وذلك لكف يده وانهاء التحقيق، وهو ما اصبح واضحا للشعب اللبناني”. وقالت جمعية أهالي ضحايا إنفجار مرفأ بيروت: “فاض بنا الكيل، لقد نزلنا اليوم مقررين اغلاق العدلية تعبيرا عن غضبنا واحساسنا العميق بالظلم الذي يلحقه بنا كل من يقدم طلبات من شأنها تعطيل عمل القاضي بيطار. نحن اليوم نؤكد أننا وراء المحقق العدلي أكثر من أي وقت مضى ونحمل المسؤولية للمجرمين المدعى عليهم الذين لايمارسون شيئا إلا التعطيل والتهرب من العدالة.

وتابعت: نحن ننتظر من القضاء الشريف أن يوقف هذه المهزلة ويجد حلا لها ولو اضطر الى فرض غرامات باهظة على من يعيد تقديم طلبات الرد التي من شأنها أن توقفهم عند حدهم أو بطريقة أخرى لأنه من الواضح أن هؤلاءالمجرمين ابتدعوا طريقة لتعطيل العدالة وبدأنا نرى نفس النهج  في قضايا اخرى.”وأضافت في بيان: “إن تعميم المذكرات الصادرة عن القضاء لا يكفي، بل يجب على القوى الأمنية تنفيذها. فبأي حق يزور رئيس الحكومة شخصا مطلوبا للعدالة؟ وبأي عين يعقد مؤتمرا صحفيا بتاريخ ووقت معين ولا تقوم القوى الأمنية بالقبض عليه؟ نعم،  نحن نشعر أن الجميع يتآمر علينا فكيف بقاض بمحكمة جنايات سابقة يعلم بأن القوى الأمنية هي من يجب عليها التبليغ في القضايا الأقل خطورة من إنفجار المرفأ؟ يا سيادة الوزير، إذا كان يهمك رضى الله ورضى الناس إسمح لي أن اسألك: هل يرضي الله عدم إعطائك إذنا لملاحقة أحد المتهمين بتفجير مرفأ بيروت؟ وهل يرضي الله ومن ثم ضميرك قيامك بحصر التبليغات بقضية المرفأ بالمباشرين وليس بالضابطة العدلية؟”. وتابع البيان: “نطالب وبشده تعيين قاض جديد ليكتمل نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز لكي تتمكن من الإستمرار في عملها. إن الإستمرار بالإفلات من المحاسبة في قضيتنا سيدفعنا لإتخاذ خطوات لا تحمد عقباها. فلماذا القانون يطبق  على عامة الشعب كصاحب عربة الخضار في الطيونة الذي هاجمته القوى الأمنية وكأنه هو من فجر المرفأ. فلذلك، لن نسمح أن يطبق القانون على الفقراء فقط وسنبدأ بالتجهيز لعصيان قضائي يجبر المتهمين على الخضوع للقانون. وللقاضي بيطار نقول: إستمر أيها القاضي، فدماء الشهداء أمانة بين يديك ولا تسمع لهرطقات ضعفاء النفوس فهم ينفذون أجندة حزبية ولا يمثلون سوى أنفسهم”.

 

السنترالات تتهاوى: “جهنّم… العنكبوتية”!

نداء الوطن/17 كانون الثاني/2022

بالحد الأدنى من مقومات العيش والصمود، وبأقصى حدود الذل والقهر… يحاول اللبنانيون إبقاء أنوفهم فوق مستوى “القبر” الذي طمرتهم السلطة أحياء فيه، ويجهدون في التقاط أنفاسهم المقطوعة تحت وطأة الانهيارات الخدماتية والصحية والحياتية المتدحرجة وخروج إدارات الدولة تباعاً عن الخدمة والسيطرة، بعدما خيّم الظلام على العديد منها ودفعها إلى إطفاء محركاتها وصولاً بالأمس إلى توقف استوديوهات إذاعة لبنان الرسمية عن البث بسبب نفاد المازوت من المولدات التي تزودها بالطاقة، بينما تولى موظفو الوكالة الوطنية للإعلام مهمة نشر الأخبار من منازلهم إثر انقطاع الكهرباء عن مقر الوكالة.

وانطلاقاً من قاعدة “Domino effect”، تدافعت تأثيرات شح المازوت مخلّفة سلسلة انهيارات مترابطة في قطاعات الطاقة والاتصالات والانترنت أوقعتها في انقطاعات دراماتيكية متشابكة، بلغت ذروتها خلال عطلة نهاية الأسبوع مع تهاوي سنترالات “أوجيرو”، حيث قطعت شبكة “جهنم العنكبوتية” خطوط الاتصال وشبكات التواصل في عدد من أحياء العاصمة من المزرعة مروراً بمار الياس وصولاً إلى الحمرا، قبل أن تتدارك وزارتا الاتصال والمال المصيبة والمسارعة إلى “شراء المازوت من السوق”، حسبما كشف وزير الاتصالات جوني القرم لـ”نداء الوطن”، مشيراً إلى أنّ الوزارة اضطرت إلى اللجوء لمورّدين مختلفين عن المنشآت النفطية التي تعتمد عليها عادةً لاستقدام المازوت بغية إعادة تشغيل سنترال الحمرا ليلاً. وأوضح القرم أنه “لا يوجد أكثر من محاسب واحد لدى وزارة الاتصالات لإنجاز عملية شراء المازوت، فتم إيجاد آلية طارئة لإتمام العملية عبر تزويدنا بمحاسب ثانٍ من وزارة المالية”، لافتاً إلى أنّ الأزمة في جوهرها تكمن في “تعذر استخدام السلفة التي أقرّت في مجلس النواب والبالغة 350 مليار دولار، الأمر الذي جعلنا نستدين لشراء المازوت، علماً أننا نحتاج يومياً إلى مليار ليرة بدل مازوت لـ”اوجيرو” وحدها ونحن اقترضنا لغاية اليوم نحو 20 مليار ليرة”. وشدد القرم على أنّ جزءاً كبيراً من الأزمة ناتج أيضاً عن كون “المنشآت النفطية التي تعتبر المصدر الأساس للتزود بالمازوت هي مقطوعة بدورها من المازوت بسبب عدم فتح اعتماد من مصرف لبنان لإفراغ حمولة باخرة المحروقات الراسية في البحر، والسبب كما عُلم أنّ المصرف المركزي ينتظر اجتماع مجلس إدارته الخميس لفتح الإعتماد وفق سعر صيرفة، على أمل بأن تنجح الاتصالات الجارية راهناً لاستحصال وزارة الطاقة على هذه الموافقة قبل الخميس”.

 

تحرير مجلس الوزراء حبّيًا أم للتحدّي؟

وكالة الانباء المركزية/17 كانون الثاني/2022

بعد أن قرر الثنائي الشيعي فجأة الافراج عن مجلس الوزراء، انطلقت في الاوساط السياسية، سريعا، عملية البحث والتنقيب عن خلفيات هذه الخطوة وأسبابها، فربطها البعض بالتطورات الاقليمية وبمفاوضات فيينا خصوصاً، واعتبرها البعض الآخر مرتبطة بالوضع المعيشي الشديد الخطورة في الداخل والذي ما عاد حزب الله وحركة امل قادرين على تحمله سيما في شارعهما. لكن بغض النظر عن هذا النقاش، حيث ان موقف الثنائي نتاج مزيج من العوامل المحلية والاقليمية، مع ترجيح كفة المعطى الاقتصادي المالي، فإن مصادر سياسية معارضة تقول لـ”المركزية” أنّ ما يجب تبيانه في الأيام القليلة المقبلة هو ما اذا كان قرار الحزب والحركة تم حبياً، بالتفاهم والتنسيق مع بعبدا، ما يعني فتح صفحة جديدة بينهما سيما بين القصر والضاحية، وطي مرحلة التوتر التي سادت بينهما في المرحلة السابقة… أمّ أنّ الموقف الشيعي أتى من باب “التحدي” إذا جاز القول، والرد على حملة العهد ضد الثنائي، والتي حمّلته تبعات شل مجلس الوزراء وتداعياته اقتصاديا وماليا من انهيار الليرة وصولاً الى عرقلة خطة الانقاذ والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في قرار عنوانُه: أفرجنا عن مجلس الوزراء، الآن أسمعونا سكوتكم وتفضّلوا الى الانقاذ و”فرجونا” واللبنانيين إنجازاتكم! فاذا كان تراجع الثنائي حصل وفق السيناريو الأوّل بأجواء مودة واتفاق ونتاج تسوية ما مع الفريق الرئاسي، فإن جلسات الحكومة خصوصاَ والمرحلة المقبلة عموماَ، ستكون سلسة وهادئة سياسياً أو أقله خالية من السجالات الحامية.أمّا في الحالة الثانية، تُتابع المصادر، فالوضع لن يكون وردياً. فالخلافات ستتجدد سريعاً، قبل الجلسات الوزارية، من بوابة رفض رئيس الجمهورية  العماد ميشال عون تقييد الثنائي الشيعي جدول أعمال المجلس، معتدياً بذلك على صلاحياته وصلاحيات رئيس الحكومة، بعدما قيد هو عمل المجلس النيابي من خلال فرض شروطه لفتح دورة استثنائية، اي اننا سنكون امام مادة سجالية جديدة بين اهل الحكم، وستؤثر هذه الاجواء المشحونة، بطبيعة الحال، على نقاشات مجلس الوزراء في الموازنة وأرقامها (خاصة ان وزير المال يوسف الخليل محسوب على حركة امل) وفي الملفات الاخرى التي سيبحث فيها، ما سيحوّل طاولة الحكومة حلبة صراع وعربة يجرّها أكثر من حصان كلٌّ في اتجاه. حتى اللحظة، الصورة ضبابية ولا جواب واضحاً في شأن حصول اتفاق – صفقة بين العهد والحزب (إذا تم، ما هي بنوده؟ تعييناتية قضائية انتخابية؟)، أو عدم حصوله… لكن المعطيات والمواقف في الساعات المقبلة ستزيل الغموض. وعسى ألّا تنتقل البلاد من مرحلة الخلافات من فوق السطوح الى مرحلة خلافات على الطاولة الوزارية وترجمة سياسة النكايات والتحدي…

                       

الخليج: لبنان مُطالب بالتخلص من سطوة “الحزب”

السياسة الكويتية/17 كانون الثاني/2022

أكدت أوساط ديبلوماسية خليجية لـ”السياسة”، أن “أي تغيير في الموقف الخليجي تجاه لبنان لن يحصل، ما لم تلمس الدول الأربع، أنه لم يعد لحزب الله هيمنة على القرار اللبناني، وأن لبنان لم يعد منبراً للإساءة إلى الزول الخليجية”، مشددة على أن ” حكومة لبنان مطالبة بخطوات تعكس حرصها على أفضل العلاقات مع الخليج، بمعنى أن تقرن القول بالفعل، وأن تتخلص جدياً من سطوة الحزب الإيراني على قراراتها”. وفي احتفال للعشائر العربية في لبنان، قال مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان، “نحن في لبنان، دار الفتوى وأهل السنة والعشائر العربية مع بقية اللبنانيين، هم أهل وفاء لإخوانهم العرب والوفاء الكبير منا للمملكة العربية السعودية بقيادتها الحكيمة والرشيدة، شاء من شاء وأبى من أبى، هذا منهجنا وهذا مبدأنا ومن قلب العشائر العربية نتوجه بتحية كبيرة إلى المملكة العربية السعودية والى خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وأقول كل التقدير والاحترام على ما قدمتم للبنان واللبنانيين ونحن على وفاءنا وعهدنا معكم”. وأضاف المفتي دريان، “لا يفكر أحد أن باستطاعته ان يختزل المسلمين السنة، المسلمون السنة لبنانيون، المسلمون السنة وطنيون، المسلمون السنة يحافظون على عيشهم المشترك أمام بقية اخوتهم في الوطنية في لبنان، هذا نحن وهذه هويتنا الوطنية والعربية والإسلامية”. وقال خلال كلمة له امام المؤتمر العام لاتحاد أبناء العشائر العربية، في بلدة القادرية البقاعية، إن “علاقة دار الفتوى بالعشائر العربية ليست علاقة مستجدة أو علاقة طارئة، انها علاقة عميقة ومتجذرة لأن العشائر العربية ونحن وطنيون لبنانيون عربيون ومسلمون، هذه هي العناوين الأساسية للعشائر العربية ورجالاتها”. وأكّد أن “عمقنا عروبي وعمقنا أيضا إسلامي كبير، نحن لسنا بطائفة نحن أمة كبيرة وجزء من الأمة الكبير والمسلم والمسيحي شريكان في قيام هذا البلد، نحن جزء مهم من معادلة بقاء هذا البلد، لا يستطيع أحد أن يتجاهلنا أو يهمشنا، نحن الأساس في هذا الوطن مع بقية المخلصين في حبه وحب اللبنانيين”.

 

وزارة الصحة : 6109 إصابة جديدة و 14 حالة وفاة

وطنية/17 كانون الثاني/2022

أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي تسجيل 6109 إصابة جديدة بفيروس كورونا رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 826279 ، كما تم تسجيل 14 حالة وفاة ".

 

تفاصيل المتفرقات اللبنانية

تضامن لبناني مع الإمارات: استهداف إيراني للأمن العربي!

وكالات/17 كانون الثاني/2022

أعرب مسؤولون وسياسيون لبنانيون، عن إدانتهم الشديدة لاستهداف الإمارات اليوم الاثنين من قبل “الحوثيين”. ودان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الهجوم الذي استهدف اليوم الإثنين مطار ابو ظبي بالامارات العربية المتحدة وأوقع عددا من القتلى والجرحى وتسبّب باندلاع حرائق.

وقال: “كل تضامننا مع دولة الامارات العربية المتحدة، رئيسا وشعبا، ضد هذا التعدي السافر الذي يندرج في سياق تهديد الامن والاستقرار في الامارات وضمن مخطط يهدف الى البلبلة وتوجيه رسائل دموية، لم تكن في يوم من الايام الحل لأي نزاع”. ودانت وزارة الخارجية والمغتربين “بشدّة الهجوم الذي تعرضت له امارة ابو ظبي والذي استهدف منشآت مدنية وحيوية”، مؤكدةً “تضامنها مع دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة شعبًا وحكومةً في وجه اي اعتداء يطال سيادتها وامنها واستقرارها”. وأشار رئيس “حركة الاستقلال” النائب المستقيل ميشال معوض، عبر حسابه على “تويتر”، الى ان “استهداف الحوثيين للإمارات بعد السعودية يؤكد النوايا العدوانية لإيران في المنطقة كما في لبنان، ما يوجب على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم تجاه تصرفات إيران وميليشياتها”. واضاف: نطالب الحكومة اللبنانية بإدانة هذه الاعتداءات، والوقوف إلى جانب دول الخليج العربي في مواجهة اعتداءات ايران.

واستنكر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في بيان “أشد الاستنكار استهداف الحوثيين دولة الإمارات العربية المتحدة كما التعديات اليومية على المملكة العربية السعودية في تصعيد عسكري خارج حدود اليمن ويستهدف دول الجوار ما يتطلّب ردعه فورا، لأنه يهدِّد الاستقرار على صعيد المنطقة”. وقال: “وإذا كان الحوثيون والإيرانيون الذين يقفون خلفهم يربطون بين هذه الهجمات على السعودية والإمارات وبين ما يحصل في اليمن، فإن ما يحصل في اليمن هو حرب تقودها طهران من خلال الحوثيين في محاولة مستمرة للانقلاب على الشرعية اليمنية وخيار اليمنيين في دولة واستقرار ودستور وسيادة، والحرب الدائرة سببها الانقلاب العسكري والعنفي والدموي الذي قامت به جماعة الحوثي على الشرعية القائمة، مقابل سعي دول الجوار لمساندة هذه الشرعية”.

ولفت رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى أن “عندما تتمادى الميليشيات الحوثية في اعتداءاتها لتستهدف الإمارات العربية المتحدة، فهذا يؤكد ان أوامر العمليات في العدوان يتخطى تلك الميليشيات وقياداتها المحلية، وان مصدر الفتنة والفوضى والتخريب هو دولة تضمر الشر للبلدان العربية وشعوبها”. وتابع عبر تويتر: “انها مسيّرات ايرانية بامتياز استهدفت  العاصمة الاماراتية ونفذت عدواناً مكشوفاً على المجال الامني العربي، وعلى النجاح العربي في مختلف أوجه التقدم والانفتاح والحداثة، دولة فاشلة تريد دول المنطقة على صورتها فتلجأ لادوات تخريب محلية لضرب المجتمعات العربية واثارة الفتن بين ابنائها”.

إلى ذلك، غرّد وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي عبر حسابه على “تويتر”، قائلا: “الإمارات التي سطّرت أضخم رواية نهوض حضارية في العصر الحديث، أقوى من أن تمس عزيمتها يد حاقدة خائبة”. وارفق التغريدة بهاشتاغ “الامارات في قلوبنا” و”دام الأمان يا إمارات”.

كذلك غرد الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري، عبر حسابه على “تويتر”، قائلا: “المسيرات الإيرانية الإرهابية التي اعتدت على الإمارات، وتعتدي على السعودية، تفضح  للعالم أجمع المخطط التدميري للجمهورية الفارسية – الفاشية في العالم العربي. هذا التمادي الايراني في دعم المليشيات الحوثية مدان بشدة، ويحتم على الأشقاء العرب المزيد من الوحدة والحزم لإيقافه عند حده”.

 

“صيرفة” تسيطر… فهل تطيح بكل “التطبيقات”؟

وكالة أخبار اليوم/17 كانون الثاني/2022

حققت منصة “صيرفة” في فترة قياسية نجاحاً لافتاً على قطاع الصيرفة، على أكثر من مستوى، ما جعل كل المصارف ومؤسسات الصيرفة الشرعية تلتزم بها بشكل كامل، وخصوصاً بعد نجاح التعميم 161، وتجاوب اللبنانيين والمصارف والصرافين الشرعيين الذين باتوا كلهم يعملون على منصة “صيرفة” التي واكبت سعر صرف الدولار في السوق السوداء ودفعت باتجاه خفض سعر صرفه عبر الإبقاء على سعر صرف أقل من السوق السوداء بمعدل لا يقل عن 5 آلاف ليرة. ولعل الأهم في ما حققته “صيرفة” أنها قدمت نموذجا مهماً من الشفافية على عمليات الصيرفة في كل لبنان من خلال فرض تسجيل كل العمليات من دون استثناء على المنصة، ما يمكّن المعنيين من فرض رقابة تامة على كل حركة السوق. أما الإنجاز الأبرز فتمثّل في ضرب الصرافين غير الشرعيين بشكل واضح من خلال فرض العمل بشكل شرعي ومنظم وأفقد قدرة اللاعبين غير الشرعيين على الإمساك بالسوق كما كان يحصل سابقاً، وهو ما كان يتسبب بخروج عشرات ملايين الدولارات يومياً إلى خارج الحدود. ومن المنتظر في الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة أن تُطلق المشرفة على منصة “صيرفة” المديرة التنفيذية لمكتب حاكم مصرف لبنان السيدة ماريان حويك تطبيق منصة “صيرفة” ليصبح متوفراً لجميع اللبنانيين على هواتفهم بحيث يطّلعون على سعر الصرف في السوق الذي ستهيمن عليه “صيرفة” لحظة بلحظة، وما يمكنهم من معرفة أفضل سعر مُطعى للدولار لدى الصرافين والمصارف القريبة من موقع تواجدهم، ما يؤمن أفضل خدمة للمواطنين. كما سيؤدي هذا العمل إلى إنهاء كل التطبيقات غير الشرعية التي تتلاعب بالسوق وبأعصاب اللبنانيين وبلقمة عيشهم. وفي هذا الإطار، تلفت مصادر مالية إلى اهمية الدور الذي أدّته وتؤديه ماريان حويك من خلال عصرنة قطاع الصيرفة وتأمين إشراف رسمي وشفاف عليه عبر منصة متطورة أثبتت أهميتها ومدى قدرتها على دمج عمليات الصيرفة بين المصارف والصرافين الشرعيين بأكبر قدر من الاحترافية ومن دون أي مشاكل تقنية على الإطلاق، وخصوصاً أن المنصة تُصدر تقريراً يومياً عن حجم العمليات التي أجرتها. وتتوقع المصادر أن توسّع ماريان حويك من قدرات “صيرفة” لتأمين أفضل الخدمات للبنانيين، كما تتحدث عن أكثر من برنامج يُتوقّع أن يلقى نجاحاً لافتاً في ظل الأزمات التي يعاني لبنان واللبنانيون منها.

 

تشكيك بخلفية قرار عودة «الثنائي الشيعي» للحكومة و«التيار» ينفي وجود مقايضة

بيروت/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

في وقت تتجه فيه الأنظار للمرحلة السياسية المقبلة في لبنان مع إفراج الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) عن اجتماعات الحكومة بعد نحو ثلاثة أشهر من تعطيلها، جدّد حزب الله على لسان النائب حسن فضل الله قوله إن قرار العودة إلى مجلس الوزراء كان «من أجل البلد ومصالح الناس» مع رفض «التيار الوطني الحر» الحديث عن وجود مقايضة، لكن في المقابل ربط بعض معارضي حزب الله القرار بمباحثات فيينا، فيما اعتبر البعض الآخر أن سببه تعطل تحقيق انفجار المرفأ لفقدان النصاب في الهيئة العامة لمحكمة التمييز. وقال فضل الله: «نحن لدينا جرأة إعلان الموقف وشجاعة القرار لمصلحة الناس»، موضحاً: «نتيجة للظروف القائمة في البلد الاقتصادية والمالية وإقرار الموازنة وما وصلت إليه الأمور، ونتيجة المطالبات حول تعطيل الحكومة وحتى لا يحملنا أحد المسؤولية عن تعطيل البلد، تم أخذ قرار وبالتفاهم مع رئيس البرلمان نبيه بري بالعودة إلى اجتماعات مجلس الوزراء، وذلك من أجل البلد ومصالح الناس ولأجل الوضع القائم، ولقد قررنا تقديم هذه الخطوة في إطار البحث عن حلول ومعالجات». لكن في المقابل توالت ردود الفعل المشككة بخلفية قرار الثنائي الذي أتى بعد تعطيل ثلاثة أشهر على خلفية التحقيقات في انفجار المرفأ والسعي للإطاحة بالمحقق العدلي، وربطها كل من رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان والنائب المستقيل في «حزب الكتاب» إلياس حنكش بفقدان النصاب في الهيئة العامة لمحكمة التمييز. وكتب سليمان على حسابه على «تويتر»: «مهما كانت الأسباب الكامنة وراء إعلان ‏حزب الله وأمل مشاركتهما في جلسات الحكومة (لأجل إقرار الموازنة فقط! أو دون ‏شروط؟) فهو موقف مفيد وواجب»‏. وقال «أكان السبب هو فقدان نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز أم الحاجة إلى ‏إقرار المساعدات الاجتماعية وبدل النقل للموظفين أم غير ذلك فهو موقف جيد. لكن ‏من المؤكد أنه ليس جائزة ترضية نتيجة البوادر الإيجابية التي ترشح من اتفاق ‏فيينا، ولا نقبل أن يكون كذلك»‏.

من جهته، اعتبر النائب في كتلة حزب القوات، زياد الحواط أن القرار مرتبط بمفاوضات فيينا وكتب عبر «تويتر»: «وصل الأمر من طهران فقرر ثنائي التعطيل الإفراج عن جلسات الحكومة. إنها تداعيات المفاوضات في الخارج... بلد رهنه ثنائي التعطيل وثنائي مار مخايل لإرادة الخارج. الانتخابات النيابية آتية ودقت ساعة الحساب». بدوره، وضع الوزير السابق أشرف ريفي قرار الثنائي في خانة «الخسارة»، وكتب على حسابه على «تويتر» قائلاً: «وضعوا خطاً أحمر على استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي وسقط، عطلوا الحكومة لإقالة القاضي طارق البيطار وتراجعوا، وها هم يتخبطون في وهم أن تسوية إقليمية كبرى ستُكرِس هيمنتهم، والصحيح أن مشروعهم الإيراني لا مكانَ له في لبنان والمنطقة، ومصيره الفشل والسقوط على يد الشعوب الحرة». لكن ومع حديث البعض عن مقايضة بين قرار الثنائي والتحقيقات في انفجار المرفأ، رفض «التيار الوطني الحر» هذا الأمر وأكد النائب في «التيار» آلان عون أنه «لم يحصل أي تسوية أو مقايضة مسبقة لقرار الثنائي الشيعي بالعودة إلى الحكومة»، مشيراً إلى أن «الثنائي توصل إلى هذا القرار بعد مراجعة، وهو أمر ضروري أن يحصل، وكنّا طالبنا به ودعينا إليه سابقاً». وبانتظار تحديد موعد لجلسة الحكومة، رأى النائب ومستشار رئيس الحكومة، نقولا نحاس أن «التقدم الذي أحرز في الموازنة العامة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وفي ملف الكهرباء، هو ما دفع ثنائي أمل - حزب الله إلى اتخاذ قرار حضور جلسات مجلس الوزراء المخصصة لإقرار الموازنة العامة». ولفت في حديث إذاعي إلى أن «رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ما زال على موقفه من عدم التدخل في عمل القضاء، والخلافات على هذا الموضوع لا تزال قائمة». وقال: «الموازنة باتت ناضجة، وعندما تحال على الأمانة العامة لمجلس الوزراء ستتم الدعوة تلقائياً إلى جلسة».

 

مجلس الوزراء اللبناني يجتمع الاثنين للمرة الأولى منذ أكتوبر

بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»17 كانون الثاني/2022

قالت قناة تلفزيون «الجديد» نقلاً عن وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام إن مجلس الوزراء سيجتمع الاثنين المقبل 24 يناير (كانون الثاني)، وذلك للمرة الأولى منذ ثلاثة شهور، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء. وكانت جماعة «حزب الله» وحركة «أمل»، اللتان تدعمان عدداً من الوزراء، قد قالتا يوم السبت إنهما ستنهيان مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، وهو ما كان يمنع أي اجتماعات. وتعود المقاطعة إلى اعتراض الجهتين على عمل القاضي طارق البيطار الذي يتولى التحقيق في انفجار مرفأ بيرةت في أغسطس (آب) 2020، متهمتين إياه بالتسييس والاستنسابية.

ومهد الإعلان الطريق أمام اجتماع الوزراء للمرة الأولى منذ 12 أكتوبر (تشرين الأول).

 

لبنان ينفي استيراد الغاز الإسرائيلي عبر مصر

الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

نفت وزارة الطاقة اللبنانية المعلومات التي أوردتها وسائل إعلام عبرية عن توريد الغاز الإسرائيلي إلى لبنان عبر مصر. وفي بيان لها، نفت الوزارة «نفياً قاطعاً» ما تم ذكره على قناة 12 الإسرائيلية تحت عنوان «واشنطن توافق على اتفاقية لتوريد غاز إسرائيلي إلى لبنان»، مؤكدة أن «اتفاقية تزويد الغاز التي يُعمل عليها بين الحكومة اللبنانية والحكومة المصرية تنص بشكل واضح وصريح على أن يكون الغاز من الشقيقة مصر التي تمتلك كميات كبيرة منه، وتستهلك داخل البلد نفسه ما يضاهي بأكثر من مائة مرّة ما ستؤمنه للبنان». وأضافت: «لذلك ستؤمن مصر للبنان جزءاً بسيطاً من إنتاجها وحجم سوقها، وهذا الغاز سيمُر عبر الشقيقة دولة الأردن، ومن ثم إلى سوريا، حيث نهاية الخط، لتستفيد منه ويتم توريد كمية موازية من الغاز بحسب اتفاقية (العبور والمبادلة) من حقول ومنظومة الغاز في حمص ليصل إلى محطة دير عمار في الشمال من أجل التغذية الكهربائية الإضافية للمواطنين اللبنانيين». وأكدت الوزارة أن «ما يتم تداوله عن أن الغاز سيكون إسرائيلياً، هو كلام عارٍ عن الصحة جملةً وتفصيلاً». وكانت وسائل إعلام اسرائيلية قالت إن الولايات المتحدة وافقت على اتفاقية لتوريد الغاز إلى لبنان، مشيرة إلى أن الغاز الذي سيورده الأردن عبر خط الأنابيب إلى سوريا ومن هناك إلى لبنان، سيأتي من إسرائيل، حيث إن «واشنطن تستثني هذه الخطوة بسبب العقوبات التي فرضتها على النظام السوري، وسيكون الغاز الذي سيصل إلى الأردن ومن ثم إلى لبنان من خزاني تامار وليفياثان الإسرائيليين»، مشيرة إلى أن «الشخص الذي خطط لهذا الاتفاق هو المبعوث الأميركي الخاص للطاقة، عاموس هوخشتين».

 

نصف انتصار للقضاء اللبناني في مواجهته السلطة السياسية..بقاء البيطار ممسكاً بملف المرفأ مقابل تجميد التحقيقات

يوسف دياب/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

في الظاهر خرج القضاء اللبناني منتصراً في الحرب التي فرضتها قوى السلطة السياسية عليه، خصوصاً مع إخفاق «حزب الله» في تحقيق شرطه المتمثّل بـ«اقتلاع» المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار وعزله عن هذه المهمّة. فـ«الثنائي الشيعي» (الحزب وحركة «أمل» بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري) تراجع عن مقاطعة الحكومة، وأعطى الضوء الأخضر لعودة مجلس الوزراء للانعقاد بعد ثلاثة أشهر من التعطيل، لكن الواقع يفيد بأن القضاء حقق انتصاراً منقوصاً أو نصف انتصار، لأن الشلل ما زال يضرب ملفّ المرفأ، عبر الكمّ الهائل من الدعاوى التي كبّلت البيطار وعلّقت التحقيق إلى أجلٍ غير مسمّى. صحيح أن المحقق العدلي باقٍ في موقعه بقوّة القانون، إلا أن هؤلاء نجحوا حتى الآن في فرملة اندفاعته، ووقف عجلة الاستجوابات عند محطة استجواب السياسيين المدعى عليهم، وهم رئيس الحكومة السابق حسّان دياب، والنواب (الوزراء السابقين) نهاد المشنوق وغازي زعيتر وعلي حسن خليل، رغم صدور مذكرة توقيف غيابية بحق الأخير وعجز الأجهزة الأمنية عن تنفيذها. المعلومات التي أعقبت قرار الإفراج عن الحكومة الذي غلّفه بيان «حزب الله» وحركة «أمل» بالحرص على البلد ووقف الانهيار الاجتماعي، أظهرت بوادر «تسوية خفيّة»، حققت لـ«الثنائي الشيعي» مراده بتعطيل تحقيقات المرفأ لمدّة غير محددة، ما دامت إقالة البيطار أو استقالته غير متاحة حالياً، مقابل ورقة الحكومة وضرورة إقرار الموازنة العامة. وتؤكد مصادر فريق الادعاء الشخصي في ملفّ المرفأ لـ«الشرق الأوسط»، أن «مقومات التسوية بدت واضحة، فالمرجعيات السياسية، وأولها رئيس الجمهورية ميشال عون، قدّمت هدية ثمينة لـ(حزب الله)، ترجمها إصرار رئيس الجمهورية على احتجاز التشكيلات القضائية التي أنجزها مجلس القضاء الأعلى قبل سنتين، وثانيها إمعان السلطة السياسية في تفريغ المواقع القضائية، بدليل الشلل الذي يصيب الهيئة العامة لمحكمة التمييز».

ومع إحالة رئيس إحدى غرف محاكمة التمييز القاضي روكز رزق على التقاعد الأسبوع الماضي، فقدت الهيئة العامة لمحكمة التمييز النصاب القانوني، إذ إن رزق التحق بركب أربعة من زملائه رؤساء محاكم التمييز المحالين على التقاعد منذ أكثر من سنة، وعدم تعيين رؤساء أصيلين بدلاء عنهم، بفعل تجميد التشكيلات القضائية. ويقول مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن «اكتمال نصاب الهيئة العامة مجدداً يحتاج إلى أمر من اثنين، إما توقيع التشكيلات القضائية الموجودة لدى رئاسة الجمهورية، وإما إجراء تشكيلات جزئية أقلّه على مستوى محاكم التمييز، لكن الخيارين غير مؤمنين في ظلّ الانقسام الحاد في البلاد». ويلفت المصدر إلى أن «الفراغ اللاحق بالهيئة العامة للتمييز، سيعمّق أزمة التحقيق بقضية المرفأ». وأعطى مثالاً على ذلك، بأن «الدعوى المقدّمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس لمخاصمة الدولة على (الخطأ الجسيم) الذي ارتكبه البيطار، يقيّد أي إجراء قد يتخذه الأخير بحق فنيانوس، قبل أن تقرر الهيئة العامة مصير هذه الدعوى». ورجّح المصدر نفسه، أن «يستفيد السياسيون المدعى عليهم من تعطيل الهيئة العامة من هذا الواقع، ويتقدمون بدعاوى جديدة لمخاصمة الدولة اللبنانية أمام الهيئة، حتى لو كانت غير مكتملة، إذ إنه بمجرّد تبليغ البيطار مضمون الدعوى، يتعيّن عليه وقف ملاحقة أي منهم إلى أن يصدر قرار حاسم ومبرم عن الهيئة بقبولها أو رفضها». أما البعد الثاني لتعطيل التحقيق وكفّ يد البيطار، فيبرز في دعوى تنحيته المحقق المقدّمة من النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل، التي كلّفت الغرفة الأولى لمحكمة التمييز برئاسة القاضي ناجي عيد للبتّ فيها. واللافت أن الفريق نفسه قدّم دعوى جديدة ضدّ القاضي عيد، وطلب كفّ يده عن النظر بطلب تنحية البيطار، متذرعاً بعدم حيادية عيد، وهو ما أدخل تحقيق المرفأ في دوامة تعطيل بات بلا أفق، ووضع القضاء أمام شلل غير مسبوق، وهنا يعتبر النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي أن «القضاء اللبناني ليس مشلولاً بإرادته، بل بفعل السلطة السياسية وإصرارها على تعطيله». ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «قضاة لبنان ليسوا طرفاً في المواجهة السياسية القائمة الآن، إنما جرى زجّهم بها بشكل متعمّد، وبالتالي القضاء غير معني بمن انتصر ومن هزم في هذه المعركة»، داعياً السلطة السياسية إلى «رفع يدها عن القضاء»، ومشدداً على أن القضاء «لو كان سلطة حقيقية ومستقلّة لكان عالج مشاكله بنفسه، لكنّهم مستمرون (السياسيون) بتحويله رهينة إرادتهم ليتحكموا بتعييناته وقراراته».

 

البيروقراطية تقطع الإنترنت عن مناطق بيروتية ومدير «أوجيرو» يلوح بالاستقالة

وزير الاتصالات اللبناني لـ «الشرق الأوسط» : نستدين المازوت من الموردين وقرار مصرف لبنان أخاف أصحاب المنشآت

الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

انقطعت خدمة الإنترنت في الدائرة الثالثة من العاصمة اللبنانية بيروت أمس (الأحد)، والتي تضم المزرعة والمصيطبة ورأس بيروت وميناء الحصن وزقاق البلاط وعين المريسة. وأعلن مدير عام هيئة «أوجيرو» عماد كريدية توقف سنترال منطقة المزرعة عن العمل. وحذر من أن سنترال منطقة الأشرفية الذي يعمل على البطاريات مهدد أيضا بالانقطاع لـ«سبب تافه» هو نفاد مادة المازوت لدى، ملوحاً بالاستقالة ما «لم تتأمن الإمكانيات للعمل وما لم يتم تأمين الفيول».وقال كريدية في تغريدة على «تويتر»: «إعلام وليس تحذيرا... مع ساعات الصباح الأولى سينقطع الاتصال بدائرة بيروت الثالثة، وسيتوقف سنترال المزرعة عن العمل مع نفاد آخر لتر مازوت لدينا. يا ست الدنيا لا تؤاخذينا على ما فعلت البيروقراطية المقيتة فينا... عذراً يا بيروت وكل مدينة أو ضيعة في لبنان». وهذه ليست المرة الأولى التي يدق فيها كريدية ناقوس الخطر، وسبق أن توقفت خدمات «أوجيرو» في عدد من السنترالات، ومنذ أشهر تشهد بعض المناطق اللبنانية تراجعا في مستوى خدمة الإنترنت والاتصالات خلال أوقات متفرقة في اليوم. ويتسبب ارتفاع ساعات التقنين الكهربائي بضغط كبير على مجموعات توليد الطاقة التابعة لهيئة «أوجيرو» وزيادة الطلب على المحروقات التي باتت باهظة الثمن نظرا لتدهور سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار.

وقال كريدية في تصريح: «عند الساعة 11:15 مساء (السبت) انقطع الاتصال في كورنيش المزرعة لسبب تافه، وهو تأخر محاسب في وزارة الاتصالات عن التوقيع على ورقة لأنه لم يكن موجوداً. البيروقراطية تقتل جهودنا لكي تستمر الخدمات للمواطن في هذا البلد، وقد انقطعت الخدمات عن 26000 مشترك».

ويشير وزير الاتصالات اللبناني جوني القرم لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الوزارة تستدين المازوت منذ حوالي 20 يوما، ويتحدث عن مشكلتين أساسيتين أدتا إلى انقطاع الفيول من «أوجيرو»، المشكلة الأولى بحسبه هي أن «الهيئة تحتاج يوميا لمليار ليرة لبنانية تكلفة مازوت، وعندما جئنا لصرفها من سلفة الـ350 مليار ليرة التي أقرت في مجلس النواب للهيئة واجهتنا مشكلة المحاسب، فلصرف المال بالقانون يجب أن يكون هناك محاسبان اثنان للإمضاء على المعاملة».

وأضاف: «نحن حاليا لدينا محاسب واحد في كل الوزارة وتقدمنا بطلب لمجلس الخدمة المدنية لتوظيف محاسب آخر لكنهم لم يلبوا طلبنا، ومنذ حوالي الأسبوعين تقدمت أنا شخصيا بطلب لوزير المالية يوسف الخليل إما لإعطائنا الحق بتسيير المعاملات بإمضاء محاسب واحد وإما إرسال محاسب لتيسير الأمور وأيضا لم أحصل على رد. كذلك اتصلت (السبت) بوزير المالية لحل المشكلة عن طريق توقيعنا أنا والوزير على المعاملة لتيسير الأمور ولم أصل إلى نتيجة».

ولفت القرم إلى أن «هذه المشاكل الإجرائية التنفيذية حالت دون قدرتنا على الدفع للموردين للحصول على المازوت وما زالنا نستعين بالاستدانة منهم للاستمرار»، موضحا أنه تواصل مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الذي وعده بإيجاد حل.

والمشكلة الثانية التي تحدث عنها القرم هي رفض مصرف لبنان المركزي تحويل الأموال المدفوعة من الوزارة للمنشآت النفطية بالليرة اللبنانية إلى الدولار على منصة صيرفة، ويشرح أنه «منذ فترة سمحوا لنا استثنائيا بأن نشتري المازوت من المنشآت وندفع بالليرة اللبنانية، على أن تحول المنشآت بنفسها المبالغ إلى الدولار على سعر منصة صيرفة، إلا أن حاكم المركزي رياض سلامة أبلغهم مؤخرا أنه سيعقد الخميس المقبل اجتماعا لمجلس الإدارة في مصرف لبنان لبحث ما إذا كان سيتم إقرار الصرف وتحويل الدولارات على المنصة أم لا»، مشيرا إلى أن هذا الأمر أدى إلى تخوفهم من إعطائنا كمية المازوت المطلوبة قبل فتح الاعتمادات من مصرف لبنان، وطلبوا تدخلي مع رئيس الحكومة ليحل الموضوع مع سلامة».

وعن إمداد سنترالي المزرعة والأشرفية بالفيول، أوضح أنه «تم التبرع بالمازوت لسنترال المزرعة، كما أن هناك من وافق على بيعنا المازوت بالدين لحين حل المشكلة، كما تواصلنا مع الجيش الذي أبدى استعداده لإعارتنا المازوت».

وأسف القرم لأننا «أصبحنا نعمل على طريقة إدارة الأزمات»، رافضا الاستمرار بما وصفه «الركض وراء المازوت، وكل مرة ينتظرون الربع الساعة الأخير لإسعافنا بقرار يجب أن يتخذ منذ البداية».

وتتبع هيئة «أوجيرو» لوزارة الاتصالات لكنها تتمتع باستقلالية إدارية، وتشكل البنية التحتية الأساسية لجميع شبكات الاتصالات بما في ذلك الهاتف المحمول، وخدمات الإنترنت.

وأوضح كريدية في حديث تلفزيوني إلى أنه سيتم عقد اجتماع في وزارة الاتصالات غداً صباحاً (اليوم الاثنين)، مؤكدا أن «أوجيرو» لا يمكنها العمل من دون مقومات»، وأضاف «لن أقبل بأن أبقى في منصبي ما لم تتأمن الإمكانيات للعمل، ولن نتحمل مسؤولية تقاعس موجود في مكان آخر. وإذا كنت غير قادر على تأمين الإنترنت من الأفضل أن أترك منصبي». وأكد كريدية أن الهيئة «استطاعت تأمين الفيول لمنطقة الجديدة بالدين»، وكشف أنه «تم تأمين الفيول لحل أزمة كل من سنترالي الأشرفية وكورنيش المزرعة، إلا أن الكمية لا تكفي سوى لثلاثة أيام ليعود إلى الدوامة نفسها».

 

تفاصيل الأخبار الدولية والإقليمية

هجومٌ حوثي على الإمارات!

وكالات/17 كانون الثاني/2022

أعلنت شرطة أبو ظبي عن انفجار في 3 صهاريج لنقل المحروقات البترولية في منطقة المصفح. وكشفت الشرطة عن ان “التحقيقات الأولية تشير لرصد أجسام طائرة صغيرة”، ومن المحتمل أن تكون الأجسام الطائرة مسيرات تسببت بالانفجار والحريق. هذا وتبنّت ميليشيا الحوثي الهجوم على الامارات، بحسب ما نقلت وكالة “رويترز”. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين: سنكشف خلال ساعات تفاصيل عملية عسكرية في العمق الإماراتي. ولاحقاً أعلنت شرطة أبو ظبي، عنان حادث انفجار صهاريج المحروقات أسفر عن 3 وفيات و إصابة 6 آخرين إصاباتهم بين البسيطة والمتوسطة.

 

السعودية عن استهدف مطار أبو ظبي: هجوم إرهابي

المؤسسة اللبنانية للإرسال/17 كانون الثاني/2022

نددت السعودية الاثنين بما وصفته “هجومًا إرهابيًا جبانًا” إستهدف مطار أبو ظبي الدولي في الإمارات، مشيرة إلى أن الحوثيين في اليمن يقفون خلفه، علمًا أن الإمارات لم تحدد بعد أسباب الحريق والإنفجار في صهاريج نقل محروقات. وقتل ثلاثة أشخاص وأصيب ستة آخرون في انفجار بثلاثة صهاريج نقل محروقات في أبو ظبي يرجح أنه نجم عن “طائرات من دون طيار”، وفق الشرطة الإماراتية.

 

البرلمان العربي: الاعتداء الحوثي الإرهابي على الإمارات تهديد صارخ لاستقرار المنطقة

القاهرة: /الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

أدان البرلمان العربي بشدة قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية بإطلاق عدد من الطائرات المسيرة المفخخة من مطار صنعاء باتجاه إمارة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، مما تسبب في انفجار ثلاثة صهاريج نقل محروقات بترولية، ووقوع حريق في منطقة الإنشاءات الجديدة قرب مطار أبوظبي الدولي، وأدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين بجروح. وأكد البرلمان العربي أن ما حدث يمثل اعتداءً إرهابياً جباناً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية كافة، وهو اعتداء سافر على سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، كما أنه يبرهن على إصرار هذه الميليشيات الحوثية الإرهابية على مواصلة اعتداءاتها الإجرامية الجبانة. كما أكد البرلمان العربي وقوفه في صف واحد إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة، وتأييده لكافة الإجراءات التي ستتخذها للتصدي لهذه الأعمال التخريبية الجبانة، داعياً المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات حازمة ضد هذه الميلشيات التي تؤكد أعمالها الإجرامية أنها منظمة إرهابية تشكل تهديداً خطيراً على أمن واستقرار المنطقة.

 

قائد فيلق القدس الإيراني يجتمع بقادة "التنسيقي" في بغداد

دبي - العربية.نت/17 كانون الثاني/2022

في ظل الظرف الحساس وأزمة تشكيل حكومة عراقية، أفادت وسائل إعلام عراقية، اليوم الاثنين، بأن قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني اجتمع مع قادة الإطار التنسيقي في العاصمة بغداد، كما التقى بقيادات الفصائل المسلحة الموالية لطهران في العراق. إلى هذا، نقلت وسائل الإعلام عن مصادر قولها إن "قاآني يعقد اجتماعا حاليًا مع قادة الإطار التنسيقي في العاصمة العراقية بهدف توحيد مواقف البيت الشيعي وبحث تشكيل تحالف يضم كل الأطراف السياسية الشيعية، وكذلك ملف تشكيل الحكومة الجديدة". وأضافت أنه من المرتقب أن يعقد قاآني اجتماعا مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال الساعات المقبلة. وكان قاآني قد وصل مساء الأحد إلى العراق في زيارة استهلها من النجف خلال جولة أجراها في مرقد الإمام علي، قبل أن يتوجه إلى مقبرة وادي السلام وزار مرقد محمد صادق الصدر، وأبو مهدي المهندس. تأتي الزيارة لمحاولة طهران سد الفجوة بين القوى الشيعية لتشكيل جبهة موحدة تتولى تشكيل الحكومة العراقية المقبلة. لكن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يسعى لتشكيل حكومة "أغلبية وطنية" وهو ما ترفضه قوى الإطار التنسيقي التي تسعى جاهدة لإقناع الصدر بتشكيل حكومة توافقية يشارك فيها الجميع على غرار الدورات السابقة لكي تضمن لنفسها موطئ قدم في الحكومة.وتصدرت الكتلة الصدرية الانتخابات التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بـ73 مقعدا، تلاها تحالف تقدم بـ37، وائتلاف دولة القانون بـ33، ثم الحزب الديمقراطي الكوردستاني بـ31.

 

واشنطن تدين التصعيد العسكري الحوثي والأعمال العدائية المزعزعة للأمن والاستقرار

بن مبارك: ما تم تحقيقه من انتصارات عسكرية سببه التحام القوى الوطنية ودعم التحالف

الرياض/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

جددت القائمة بأعمال السفير الأميركي لدى اليمن، كاثرين ويستلي، موقف بلادها من إدانة التصعيد العسكري للحوثيين، والأعمال العدائية المزعزعة للأمن والاستقرار، وخصوصاً تهديد خطوط الملاحة في البحر الأحمر. وأشارت خلال اجتماعها اليوم (الاثنين)، مع وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، إلى استمرار دعم بلادها لجهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سياسي سلمي وشامل، مؤكدة دعم بلادها للحكومة الشرعية ولأمن ووحدة واستقرار اليمن. وأوضح بن مبارك أن ما تم تحقيقه من إنجازات وانتصارات عسكرية في مختلف الجبهات ضد طغيان وعدوان الميليشيات الحوثية، جاء انعكاساً لوحدة والتحام القوى الوطنية، وبدعم وإسناد من قوات تحالف دعم الشرعية، لمواجهة المشروع التخريبي للميليشيات الحوثية المدعومة من إيران. وأشار بن مبارك إلى أن تحقيق السلام الشامل والعادل وفقاً للمرجعيات الثلاث، هو الهدف الذي تسعى الحكومة إلى تحقيقه؛ مشدداً على ضرورة أن تتخلى الميليشيات الحوثية عن وهم وغرور القوة، وأن تنصاع لتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وتنخرط بجدية ومن دون شروط مسبقة في الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة، لإحلال السلام في اليمن. كما تطرق بن مبارك إلى ما تقوم به الميليشيات الحوثية حتى اللحظة، من إمعان واستمرار في قتل المدنيين، من خلال إطلاق الصواريخ على الأعيان المدنية، وزراعة آلاف الألغام، بالإضافة إلى قيامها بتدمير الجسور والطرقات والبنى التحتية، في رسالة واضحة تؤكد أن هذه الميليشيات لا تزرع وراءها إلا الدمار، ولا تأبه لحياة المدنيين، ولا لمقدرات ومكتسبات الوطن.

 

مصادر أميركية وأوروبية تكشف: شرط إيراني يعقد مفاوضات فيينا

واشنطن - بندر الدوشي/العربية/17 كانون الثاني/2022

كشفت مصادر أميركية وأوروبية أن مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 اصطدمت بعقبة كبيرة وهي مطالبة طهران بأن تقدم الولايات المتحدة ضمانات بأنها لن تنسحب مرة أخرى من الاتفاقية وتعيد فرض العقوبات، وفق ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وقال دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون إن هذا الطلب جاء كرد فعل على انسحاب الرئيس السابق دونالد ترمب من الاتفاق النووي لعام 2015 ويبدو أنه هدف سياسي بالغ الأهمية لحكومة الرئيس الإيراني الجديد المتشدد وعلى خامنئي نفسه. الاتحاد الأوروبي: نجاح محادثات فيينا لا يزال غير مؤكد

كما أكد الدبلوماسيون أنهم لا يعتقدون أن المطلب الإيراني هو لإطالة أمد المحادثات. وبحسب التقرير فقد ردت الولايات المتحدة باستمرار أنه لا يمكن لأي رئيس أن يقيد يد من يخلفه قانوناً دون معاهدة تحتاج إلى حشد دعم ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي وهو أمر لن يتوفر. وقالت الولايات المتحدة أيضا إن المحادثات الحالية يجب أن تظل مركزة على استعادة اتفاق 2015، وليس السعي للحصول على التزامات جديدة من الجانبين. وتأتي المواجهة بشأن الضمانات وسط ما يقول مسؤولون أميركيون وأوروبيون إنها مؤشرات على إحراز تقدم في محادثات فيينا التي تضم إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين. وعلق اتفاق 2015 معظم العقوبات الدولية على إيران مقابل قيود مشددة لكن مؤقتة على برنامج إيران النووي. ويقول دبلوماسيون غربيون إن السبيل للتوصل إلى اتفاق أمر ممكن مما يظهر المزيد من التفاؤل. هذا ويتطلع المسؤولون الأميركيون والأوروبيون بشكل خاص إلى منتصف فبراير باعتباره اللحظة المناسبة لتقرير ما إذا كانت الدبلوماسية قد استنفدت. وكان هناك تقدم في التفاصيل الدقيقة للاتفاق، بما في ذلك كيفية رفع العقوبات وكيف ستقلص إيران من أنشطتها النووية، وكيف يمكن تنفيذ الاتفاق على مدى عدة أشهر. ومع ذلك، يحذر دبلوماسيون غربيون من أنه لا يزال يتعين اتخاذ مجموعة من القرارات السياسية الأساسية بشأن العقوبات والخطوات النووية وتسلسل الاتفاقية. ويخشى الكثيرون أن طهران غير مستعدة لعقد صفقة بسرعة كافية، فيما حذر المسؤولون الغربيون مرارًا من أن نافذة المحادثات قد تُغلق نظرًا للتقدم في الأنشطة النووية الإيرانية. ومن خلال المطالبة بالتزام الولايات المتحدة الصارم بالاتفاق تسلط مخاوف إيران الضوء على نقطة ضعف رئيسية في اتفاقية 2015 حيث لم يتم التوقيع على الصفقة كمعاهدة مع ضمانات قانونية واضحة. وقد أكد اسمها الرسمي - خطة العمل الشاملة المشتركة - على أن هذه كانت مجموعة من الالتزامات السياسية وإن كانت تعهدات تم دعمها لاحقًا بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وفي الأسابيع الأخيرة يقول دبلوماسيون غربيون إنهم بدأوا ينظرون إلى المطالبة بالضمانات على أنها هدف حاسم لمفاوضي إبراهيم رئيسي الذي يعتبر خليفة للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي الذي طالب بنفسه بضمانات. كما قال دبلوماسيان غربيان إن ضمان عدم شعور خامنئي بالحرج مرة أخرى بسبب الانسحاب الأميركي المستقبلي يبدو أنه هدف سياسي رئيسي. وكان اتفاق 2015 أتاح رفع عقوبات اقتصادية عدة مفروضة على إيران، مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، إلا أن مفاعيله باتت في حكم اللاغية منذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سحب بلاده أحاديا منه عام 2018، معيدا فرض عقوبات قاسية على البلاد، ووسط تراجع إيراني مهول عن كافة الالتزامات.

 

إيران: إختلافات مهمة في محادثات فيينا

سبوتنيك عربي/17 كانون الثاني/2022

أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أنه تم حل الكثير من نقاط الخلاف في محادثات فيينا، إلا أنه لا تزال توجد خلافات رئيسية. وقال خطيب زاده في إيجاز صحافي، إن “الكثير من نقاط الخلاف تم حلها خلال الجولة الراهنة من محادثات فيينا”، موضحا أن “هناك اختلافات مهمة في فيينا أهمها عدم سرعة تحرك الطرف الآخر في تقديم المبادرات والأمور المهمة العالقة التي يتطلب حلها قرارا سياسيا أميركيا”. وأضاف أن “على واشنطن أن تثبت عودتها إلى الطريق الصحيح وبغير ذلك لا مكان لها على طاولة المفاوضات مع إيران”، مشيرا إلى أن طهران “تسعى لتوقيع اتفاق مستدام وقابل للثقة في محادثات فيينا”. وحول اللقاء المرتقب بين الرئيس الإيراني ونظيره الروسي، أكد خطيب زاده أن “رئيسي سيعقد لقاء مفصلاً مع نظيره الروسي في موسكو”، لافتًا إلى أن “قضايا مختلفة في مجالات الثقافة والسياسة والتكنولوجيا على جدول الأعمال”.

 

بالعبوات الناسفة... سنة العراق يدفعون ثمن الخلافات الشيعية ـ الشيعية

العامري يخوض مع الصدر مفاوضات التقريب بين «التيار» و{الإطار»

بغداد/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

في وقت طوى فيه العرب السنة خلافاتهم الثنائية بين أبرز تحالفين في المحافظات الغربية (تقدم وعزم)، فإن هذا التقارب بدا لصالح الكرد، لا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني، وبالضد من العرب الشيعة المنقسمين على أنفسهم بين ثلاثة أطراف. الخريطة السياسية العراقية التي كادت تنقسم خلال انتخابات 2018 انقساماً طولياً يضم أحزاباً شيعية - سنية - كردية ضمن تحالف عابر عادت ثانية لنوع من الاستقطاب الطائفي الحاد، حين تشكلت حكومة عادل عبد المهدي بإرادة نصف شيعية - شيعية مثلها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عبر كتلته آنذاك (سائرون) وهادي العامري زعيم تحالف الفتح.

واضطر الأكراد، الذين كانوا يصنفون كحلفاء تاريخيين للشيعة، إلى الجلوس على مصاطب الانتظار التي لم تفضِ بالنسبة لهم إلا إلى الحصول على الوزارات طبقاً للاستحقاق الانتخابي. أما منصب رئيس الجمهورية الذي أعطى قادة الشيعة تعهدات لزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني بتأييد مرشحه لرئاسة الجمهورية فؤاد حسين، فقد أصبح من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني الذي رشح القيادي فيه برهم صالح.

أما العرب السنة فقد كانوا آنذاك خارج معادلة التأثير الحاسم بعكس اليوم، حيث تسلموا بهدوء استحقاقاتهم الوزارية. أما منصب رئاسة مجلس النواب الذي هو من حصتهم المكوناتية، فقد تنافست عليه مجموعة من الشخصيات من بينهم محمد الحلبوسي الذي نجح في الفوز بالمنصب بأغلبية واضحة تشبه الأغلبية التي حظي بها برهم صالح لمنصب رئاسة الجمهورية. وكلتا الأغلبيتين بالنسبة لكلا المنصبين (رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان) كانت شيعية، كون الشيعة هم الأغلبية النيابية الحاسمة في البرلمان (180 نائباً)، وبالتالي يملكون القدرة على ترجيح كفة أي طرف لأي منصب.

اليوم، اختلف الأمر إن كان على مستوى الشيعة (عبر الأغلبية الكبيرة التي يمثلها الصدر) وعلى مستوى العرب السنة (عبر أغلبية واضحة يمثلها الحلبوسي) والكرد (عبر الأغلبية الواضحة التي يمثلها بارزاني). هذه الأغلبيات وجدت ولأول مرة بعد عام 2003 الفرصة سانحة لكي تفرض جزءاً من خياراتها عبر إصرار الصدر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية. نجحت الخطوة الأولى مع انتخاب رئاسة البرلمان، حيث مضى واقع الأغلبية حين حصد زعيم «تقدم» محمد الحلبوسي المتحالف مع «عزم»، التحالف السني الآخر بزعامة خميس الخنجر، حيث حصل على 200 صوت. صحيح أن الأمر الولائي الذي أصدرته المحكمة الاتحادية أوقف مؤقتاً الإجراءات، لكنها في النهاية كانت بالنسبة لطرف شيعي مشاكس عملية كسر عظم قام بها السنة ضدهم. فالشيعة الذين تمثلهم الآن ثلاثة أطراف، اثنان منها يتفاوضان بين بغداد والحنانة (هادي العامري ممثلاً عن الإطار التنسيقي ومقتدى الصدر ممثلاً عن التيار الصدري)، وطرف ثالث (يمثل بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران)، يرى أن طي العرب السنة لخلافاتهم وتوحدهم في جلسة البرلمان وفي تقاسم المناصب المستقبلية إنما هو موجه ضد العرب الشيعة الذين زادت انقساماتهم بسبب توحيد البيت السني.

وبينما أرسلت هذه الفصائل رسالة تحذيرية واحدة إلى الكرد عبر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، حين انفجرت قنبلة يدوية في أحد مقراته ببغداد، فإن العرب السنة نالوا حتى الآن حصة الأسد من العبوات والقنابل اليدوية التي طالت مقراتهم في بغداد ومنازل بعض قادتهم. فبعد استهداف مقر لحزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي في حي الأعظمية بجانب الرصافة في بغداد، فإن عبوة ناسفة استهدفت بعد ساعات من ذلك مقراً لتحالف «عزم» بزعامة خميس الخنجر في حي اليرموك. وأمس (الأحد)، استهدفت عبوة ناسفة مكتب ومنزل النائب عن حزب «تقدم» عبد الكريم عبطان في حي السيدية ببغداد.

القيادات السنية لا تبدو في وارد التراجع عما أقدمت عليه، مع أن أي قرار بإيقاف الإجراءات من قبل المحكمة الاتحادية سوف يجعلهم في موقف ضعيف جداً، بعكس الكرد الذين انقسموا ولا يزالون قسمين (الديمقراطي الكردستاني مضى باتجاه الأغلبية لكن بحذر حتى مع طرح مرشحه لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري، بينما الاتحاد الوطني الكردستاني مع خيار التوافق الشيعي حتى الآن). وفيما لا يلوح في الأفق ما يبدو أنه توافق قريب بين التيار والإطار حتى بعد لقاء العامري مع الصدر، فإن السنة سوف يبقون يدفعون ثمن الخلافات الشيعية - الشيعية، بينما الكرد يناورون عبر مرشحيهم لرئاسة الجمهورية في وقت جدد فيه الصدر بعد لقاء العامري خياره نحو الأغلبية، وهو ما يعني بقاء الأوضاع على ما هي عليه وبقاء العبوات والقنابل اليدوية تمطر مقرات ومنازل قادة السنة.

 

تقدم متواصل جنوب مأرب… وخسائر في صفوف الحوثي

 قناة العربية.نت/17 كانون الثاني/2022

واصلت قوات الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية، الاثنين، تحقيق المزيد من التقدم ميدانياً على امتداد مسرح العمليات العسكرية في جبهات جنوب مأرب شمال شرقي اليمن. فقد حاصرت قوات الجيش والمقاومة، الميليشيات الحوثية في تبة الفليحة، وضيقت الخناق عليها في معسكر أم ريش جنوبي مأرب. وتمكنت القوات الحكومية من التقدم خلال الساعات الماضية وتحرير مساحات واسعة من البلق الشرقي والمواقع الصحراوية المحيطة به باتجاه عقبة ملعاء بمديرية حريب. وأفاد مصدر عسكري للمركز الإعلامي للقوات المسلحة، بأن الجيش والمقاومة شنوا صباح اليوم هجوماً واسعاً من عدّة محاور تمكنوا خلاله من تحرير مناطق ومواقع ومرتفعات جديدة منها جبل الفليحة الاستراتيجي. وأضاف أن المعارك أسفرت عن سقوط العشرات من ميليشيا الحوثي بين قتيل وجريح، إضافة إلى تدمير أربعة أطقم ومصرع جميع من كانوا على متنها، فيما استعاد الجيش طقمين آخرين بما عليهما من عتاد.

 

وزير الخارجية العراقي: أعدنا 4 آلاف مهاجر من بيلاروسيا

بغداد/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

أعاد العراق منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) أربعة آلاف مهاجر كانوا عالقين على الحدود بين بيلاروسيا وليتوانيا وبولندا ولاتفيا، الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، كما أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أمس. وبدأت الحكومة العراقية منذ 18 نوفمبر بتسيير رحلات من مينسك لإعادة مواطنيها. وحطت غالبية الطائرات في إقليم كردستان ذي الحكم الذاتي ومن حيث يتحدر معظم المهاجرين، قبل أن تتابع إلى بغداد. وقال وزير الخارجية العراقي خلال مؤتمر صحافي مشترك في بغداد مع نظيره الليتواني غابريليوس لاندسبيرغيس: «بالتعاون مع مختلف الاتحاد الأوروبي ومع ليتوانيا... تمكننا من إعادة نحو أربعة آلاف عراقي كانوا محاصرين على الحدود البيلاروسية الليتوانية، والحدود البيلاروسية اللاتفية، والحدود البيلاروسية البولونية». وأضاف: «كانت هناك عشر رحلات من بغداد إلى بيلاروسيا لإعادتهم». بدوره، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن الوزارة أعادت المهاجرين «خلال الشهرين الماضيين» عبر رحلات جوية، «بينهم 3817 من بيلاروسيا ونحو 112 من ليتوانيا». ولا تزال مجموعة من العراقيين عالقة في ليتوانيا، وفق الوزير، وتعتزم بغداد إعادتهم أيضاً. لكن «الظروف الجوية القاسية وطبيعة البيئة المعقدة لا تتيح لفرق الإنقاذ معرفة وتحديد أعدادهم»، وفق ما أوضح المتحدث باسم الخارجية. من جهته، قال الوزير الليتواني: «نريد أن نبلور أفكاراً للتعاون بين البلدين»، مضيفاً: «هناك كثير من المواضيع ولهذا يجب ألّا نضيع أي فرصة ونحن ننوي أن نبني الثقة بين البلدين». ومنذ الصيف الماضي، حاول آلاف المهاجرين، معظمهم من الشرق الأوسط والعراق، عبور الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي من بيلاروسيا إلى ليتوانيا ولاتفيا وبولندا. ويتهم الغرب بيلاروسيا بافتعال هذه الأزمة على الحدود الأوروبية من خلال منح تأشيرات دخول للمهاجرين وإعطائهم وعوداً بأن عبورهم سيكون سهلاً، رداً على عقوبات أوروبية على مينسك التي تنفي تلك الاتهامات.

 

الجيش الإسرائيلي: مقتل فلسطيني حاول طعن جندي

تل أبيب/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

قال الجيش الإسرائيلي إن جنوده قتلوا بالرصاص فلسطينياً حاول طعن جندي إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، اليوم (الاثنين)، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء. ويتصاعد العنف في الضفة الغربية منذ تعثرت محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة في 2014. وأظهر مقطع فيديو؛ جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي والتقطه سائق سيارة على ما يبدو، رجلاً ملقى على الطريق وفي يده سكين عند مفترق طرق غوش عتصيون بالضفة الغربية، فيما اقترب منه 3 جنود مصوبين فوهات بنادقهم نحوه. وقال متحدث عسكري إن رجلاً خرج من سيارة وحاول طعن جندي، لكن الأخير أرداه بالرصاص فيما هربت السيارة من مكان الحادث، وقال مسؤول عسكري إسرائيلي آخر إن القتيل فلسطيني من قرية بعيدة. وفي حادث منفصل، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وفاة مسن يبلغ من العمر 75 عاماً متأثراً بجروح أصيب بها عندما دهسته، قبل نحو أسبوعين، مركبة تابعة لقوات الشرطة الإسرائيلية. والمتوفى هو سليمان الهذالين المعروف بين الفلسطينيين بأنه من قدامى المتظاهرين المناهضين للمستوطنات الإسرائيلية. وقال قريبه حازم الهذالين إنه وقف أمام مقطورة (ونش لرفع السيارات) أرسلت لقريته أم الخير يوم 5 يناير (كانون الثاني) الحالي لمصادرة سيارات غير مرخصة. وأضاف أن سليمان تعرض للدهس عمداً وأنه كان على مسافة 10 أمتار عندما تعرض للدهس. ولم يرد متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية على الفور على طلب من «رويترز» للتعليق بعد إعلان وفاة الهذالين. وقالت الشرطة في بيان نقلته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية يوم 14 يناير الحالي إن فلسطينيين «ألقوا الحجارة على الشاحنة وقوات الشرطة المرافقة لها، مما جعل من المستحيل عليهم التوقف لمساعدة رجل صعد على إطارات المركبة وسقط». وقالت وزارة الصحة الفلسطينية: «استشهاد المواطن المسن سليمان الهذالين متأثراً بجراحه الخطرة التي أصيب بها عند مدخل قرية أم الخير جنوب الخليل بعد دهسه بمركبة تابعة لقوات الاحتلال. المسن الهذالين أصيب بالرأس والصدر والبطن والحوض، وأدخل إلى مستشفى (الميزان) بالخليل لتلقي العلاج، إلى حين استشهاده صباح اليوم». وقال محمد اشتية رئيس الوزراء الفلسطيني على صفحته على فيسبوك إن الرجل المسن مات «خلال دفاعه عن أرضه في قرية أم الخير في مسافر يطا في الخليل». وقال سكان من القرية إن السيارات التي سعت الشرطة الإسرائيلية لقطرها بعيداً اشتراها إسرائيليون بأسعار مخفضة لعدم اجتيازها الفحص السنوي لمعايير السلامة للسير في الشوارع الإسرائيلية.

 

ارتفاع حصيلة قتلى احتجاجات الاثنين في السودان إلى سبعة

الخرطوم/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

ارتفعت حصيلة القتلى في صفوف مناهضي الانقلاب العسكري في السودان خلال احتجاجات اليوم (الاثنين)، إلى سبعة أشخاص، حسب ما أفادت به لجنة أطباء السودان المركزية. وقالت اللجنة المستقلة المناهضة للانقلاب: «تأكد قبل قليل ارتقاء أرواح أربعة شهداء لهذا اليوم (الاثنين) في المجزرة التي ارتكبتها السلطة الانقلابية لفض مواكب شعبنا السلمية ليصبح العدد الكلي سبعة شهداء في مليونية 17 يناير (كانون الثاني)»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

 

تفاصيل المقالات والتعليقات والتحاليل السياسية الشاملة

الكولونيل شربل بركات: اللبنانيون والعقدة الاسرائيلية.....نقول للقادة المسيحيين الذين يخجلون من أدوارهم أو قرارات أحزابهم وعلاقاتهم التاريخية باسرائيل بألا يخجلوا لأنهم إنما دُفعوا دفعا إلى ذلك من قبل عرفات ومنظمته ومن قبل المجتمع الدولي الذي لم يسندهم في دفاعهم عن بلدهم.

المنطق الصحيح يجب أن يكون من قبل القادة المسيحيين بأننا تعاونا مع الاسرائيليين ليس فقط بدون خوف بل بكل فخر وسنتعاون مع اي كان في سبيل حماية لبنان ولن نخجل من خياراتنا لأننا لا نبتغي مصالح شخصية وغايتنا حماية بلدنا والمحافظة على سيادته واستقلاله لا استتباعه وجعله ساحة لحروب الآخرين. ونقطة على السطر…

الكولونيل شربل بركات/17 كانون الثاني/2022

http://eliasbejjaninews.com/archives/105669/%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%88%d9%84%d9%88%d9%86%d9%8a%d9%84-%d8%b4%d8%b1%d8%a8%d9%84-%d8%a8%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b9/

بعد قرابة الربع قرن على خروج اسرائيل من لبنان وكل ما قيل حول علاقة اللبنانيين بهذا الجار والاساطير التي حيكت حول هذه العلاقة من السرية المحببة من قبل البعض إلى التمادي بشرح التدخلات الاسرائيلية من قبل الجانبين إي الاسرائيلي واللبناني ومن عايش تلك الفترة والتي دامت قرابة الربع قرن ايضا اي منذ 1976 إلى 2000 والاتهامات المتبادلة من قبل الجميع والقاء اللوم على هذا الجانب أو ذاك لتحمل مسؤولية الفشل في بناء علاقات طبيعية بين دولتين جارتين تشابهت مشاكلهما أحيانا كثيرة ولعبت الزيادة في التوقعات لا بل التخيلات دورا في افشالها بالرغم من الجهود والدماء المشتركة التي دفعت في سبيل حماية مشروع السلام الطبيعي الذي كان يجب أن يسير بكل وضوح وبدون عقد لولا التوهم الزائد سلبا أو ايجابا الذي عاشه الطرفان ومحاولة بسط نوع من السرية على العلاقات التي كان يجب أن تكون واضحة وعلنية منذ البدء كونها علاقة طبيعية بين جارين لهما الكثير من الجوانب المشتركة وفي نفس الوقت المشاكل المتشابهة والتي تقرب أحيانا وتبعد أحيانا أخرى ولكنها تبقى طبيعية بين جارين يجب التفاهم على حلها ولا يمكن أن تواجه إلا بحسب قواعد التعامل بين الدول صاحبة السيادة الكاملة والقرار الحر.

من هنا وجب مقاربة الموضوع بشكل واضح وعلني خاصة بعد مرور الزمن على الأحداث وغياب الكثير من الشخصيات أصحاب القرار والذين عايشوا هذه الفترة ولم يكن لهم فرصة توضيح ما قاموا به من تصرفات وما أتخذوا من قرارات لا تزال نتائجها تؤثر على السياسة في كلا الدولتين.

ولكي نستطيع الكلام على هذا الموضوع يلزم توضيح بعض الأمور المتعلقة بكل فئة من الفئات والتي تتداخل مصالحها وتاريخها في مسار الأحداث التي جرت في هذه المنطقة. بنظرة سريعة على تاريخ البلدين الجارين نجد بأن علاقة القبائل الكنعانية التي سكنت سهول فلسطين أختلفت عن تلك التي سكنت سواحل لبنان والشعوب التي جاورتها من الجنوب أو من الشرق. فبينما اعتمدت سهول فلسطين على خير السماء وحده لعدم وجود الأنهار اختلف وضع سكان لبنان أو وادي النيل وحتى غوطة دمشق، وبينما شذبت قساوة الصحراء والقلة التي سادت البادية عقلية القبائل المتنقلة والمفتشة على الكلأ والماء والتي تقاتل في سبيله، كانت عزارة المياه المتدفقة من جبال لبنان مصدر خير وبركة بالنسبة لسكانه إن في السواحل أو سفوح الجبال والأودية الداخلية، فحتى البقاع يرويه نهران غزيران وتحميه سلسلة جبال تفصله عن أطراف البادية. ولكن البحبوحة التي عاشها من سكن لبنان ولو ترافقت مع مصادر الخير تلك إلا أنها تميزت بالمحدودية، ومن هنا ضرورة التنظيم والحماية ومنع التطاول، وبنفس الوقت ساهم الاستقرار ببناء حضارة تميزت بوسائل الاستمرار ودفعت للتفتيش على تبادل مع المحيط خاصة عندما استفرد سكان السواحل بوسيلة نقل آمنة هي البحر. من هنا اختلفت عقلية من سكن لبنان عن المحيط حتى القريب والمتشابه أحيانا في غوطة الشام أو سهول فلسطين. وعندما اسكن المصريون شعوب البحر أي قبائل الفلسطو ما بعد صحراء سينا لمنع القبائل المتنقلة من التوجه إلى مصر بدأ صراع من نوع آخر تميز بحروبهم مع القبائل العابرة (عرب أو عبر) الهاربة من استبداد المصريين والحالمة بالبلاد التي “يسقيها الرب” بدل النهر والتي يكثر فيها خير السماء من العسل واللبن. فكانت حروب تركزت فيها أوضاع جديدة سيطر خلالها حلف القبائل الإثني عشر على التلال الصالحة للمراعي تاركين للفلسطو الشواطيء الجنوبية.

ويمر التاريخ تاركا خلفه أحداث ووقائع تميزت بالصراع أو التعاون ومن ثم تدخل قوى جديدة عطلت الاستقرار ما أعاد الحاجة إلى التمسك بالقوة للدفاع عن الحق ولكن الهجمات الكبرى لم تترك لهذه الشعوب الضعيفة ميزة الاستمرار ما جعلها عرضة للزوال بينما بقيت مدن الساحل مستمرة بالرغم من تتالي المصائب والغزوات.

في ملخص سريع نجد هذه الغزوات الكبرى تاتي من الشمال الحثي في البدء ثم من الشرق أي ما بين النهرين أو الجنوب أي مصر ثم تتسع الدائرة لتدخل شعوب من بلاد الفرس وتسيطر حتى على أطراف أوروبا ما يستدعي وصول قوى جديدة من تلك البلاد للسيطرة على الكل يتبعها شعوب أخرى من الغرب الأبعد تمارس سيطرتها لمدة يستقر معها الوضع ولكن لتعود القبائل الآتية من الصحراء العربية هذه المرة فتسيطر على أواسط أسيا وشمال أفريقيا وحتى اسبانيا ما يثير قبائل وسط اسيا ويدفعها إلى الانفلاش من منغوليا إلى الصين وكوريا شرقا وحتى الدانوب غربا ومن روسيا شمالا وحتى بغداد وحلب جنوبا. خلال كل هذه التغييرات في المحيط يبقى لبنان بلد الكفاية والاستقرار حيث يعيش من يقنع ويتعلم كيف يستعمل الطبيعة ويستقوي بها ليؤمن قوته ويحمي مقتنياته، ومن هنا تتشكل عقلية خاصة تتفهم حقوق الآخر وتحمي مصالحها معه، وهكذا تتعايش شعوب وقبائل مختلفة المعتقدات والمنابع وتتجاور حيث تكتفي، ولكنها شديدة الحساسية على ما يخصها وطالما بقي الاحترام لحقوقها فإنها تتقبل اي تغيير في الأوضاع العامة.

في القرن السادس عشر ومع سيطرة العثمانيين على المنطقة يحكم المعنيون الدروز جبل لبنان محاولين تأمين ولاء المجموعات اللبنانية الأخرى وتنظيم شؤون الامارة تحت المظلة العثمانية، ولكن محاولة فخر الدين الثاني الكبير اعادة دور لبنان التجاري مع أوروبا يصطدم بطموح الولات من حوله الذين يثيرون السلطنة ضده ما يعيق استمرار بناء دولة قوية ومنظمة ولو في ظل الدولة العثمانية. وبالرغم من فشل التجربة المعنية يبقى عند اللبنانيين ذلك الحلم بدولة منظمة ومستقلة تعترف بحقوق وحرية مواطنيها وتسعى ليكون بلدهم منتجا ومنفتحا على العالم.

في فلسطين المجاورة كانت الحروب الصليبية بنت مملكة القدس التي سقطت عاصمتها بيد صلاح الدين بعد ثماني وثمانون سنة على انشائها، أما آخر مدنها الحصينة عكا فقد سقطت بعد مئتي سنة بينما استمرت بعض حصون اماراتها، خاصة في طرابلس وجبيل، ثلاث مئة سنة تقريبا. وقد حاول ضاهر العمر في القرن الثامن عشر اعادة تنظيم عكا وبناء تجارة مع أوروبا حيث شجع زراعة القطن في سهولها خاصة بعد تدمير الأسطول الروسي للأسطول العثماني وعودة حرية النقل البحري مع المدن الأوروبية، ولكن الجزار الذي ورث ولاية عكا لم يهتم إلا بالسيطرة على العباد ما أفقر البلاد مجددا وأبطأ النهضة الزراعية فيها.

في بداية القرن العشرين جرت الحرب العالمية الأولى التي أطلقت مشروع حرية الشعوب واستقلالها فحاول اللبنانيون الذين حلموا بدولة ترعى شؤونهم وتحترم خصائصهم استعادة لبنان التاريخي، بينما حاولت المنظمة الصهونية، التي كانت ترعى بعض المشاريع الزراعية والاستيطانية في فلسطين، تأمين أجواء ملائمة لاستمرار عملها وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين لبناء دولة تعترف لليهود بحقوقهم السياسية.

لكن الحركة الشيوعية التي سيطرت على روسيا والأزمة الاقتصادية في أوروبا سنة 1929 وذيولهما التي أدت إلى نشوء الحركات الفاشية وخاصة النازية في المانيا واعتبار هتلر بأن الراسمالية اليهودية تتحمل جزءً كبيرا من المسؤولية عن الازمات الاقتصادية، أثار موجة من محاربة اليهود والتي تطورت عند كل خريجي المدارس العسكرية التركية الذين كانوا لا يزالون يحلمون بعودة الحياة لمشروع السلطنة في حال نجاح هتلر باستعادة المانيا لدورها العالمي وزوال مفاعيل نتائج الحرب العالمية الأولى.

من هنا موجات العداء التي بدأت ضد الأنكليز وتحولت إلى محاربة اليهود في فلسطين وبالتالي بعد انتهاء الحرب وخسارة هتلر أصبح الغضب الشعبي في المجتمعات، التي حلمت باستعادة فترة الامتيازات العثمانية، غضبا على الحلفاء و”افرازاتهم” أي اليهود في فلسطين ودولة لبنان التي اعتبرت استجابة لمطالب المسيحيين، وانتشرت تسمية الاستعمار “البغيض” وشعارات محاربته تثير غضب الجماهير والاحقاد على اللبنانيين خاصة المسيحيين الذين اعتبروا “عملاء” هذا الاستعمار وعلى اليهود الذين “زرعهم” الاستعمار.

من هنا تلك القطبة المخفية التي كانت تجعل عند المسيحيين عطفا على اليهود ودولتهم، بالرغم من أن بعض المنظرين المسيحيين، خاصة القوميين الذين التزموا الخط النازي، اعتقدوا بأنهم يجب أن يبقوا في صفوف الخط المناهض لما سمي “بالاستعمار” وبالتالي محاربة “لبنان المسيحي” و”اسرائيل اليهودية”.

أما في الجانب اليهودي فإن اليهود الذين هربوا من أوروبا الشرقية أيام النازية كانوا قد عانوا من أنواع الاضطهاد وسكنوا في أحياء منعزلة ما جعلهم ينقمون على اوروبا المسيحية من جهة، وقد كانت نقمتهم التاريخية على الرومان الذين طردوا كل اليهود من فلسطين في القرن الثاني تحولت ايضا لنقمة ضد الكنيسة الكاثوليكية التي اتخذت من روما رمزا لها من جهة ثانية، بينما كان حكم المسلمين في الاندلس يعتبر رحيما بالنسبة لليهود تاريخيا حيث وجدوا مجالا أوسع للتعاون والعيش في ظل الشريعة المتشابهة نوعا ما وعانوا من الاضطهاد يوم استعاد الاسبان سيطرتهم على البلاد ما اضطر الكثيرين منهم للهجرة صوب المغرب.

من هنا ولو أن الانكليز ساعدوا في حماية اليهود في فلسطين وفرنسا ساهمت كثيرا في تجهيز دولة اسرائيل والولايات المتحدة لا تزال هي الضامن الأساسي لمصالح هذه الدولة فإن بعض المفكرين اليهود يعتبرون بأنه عليهم ابقاء مسافة كافية بين دولة اسرائيل ودول الغرب وعدم الاتكال إلا على النفس، ومن هنا ايضا التردد بالعلاقة مع المسيحيين اللبنانيين ومحاولة التقرب من الفئات المناهضة للبنان أحيانا، خاصة عند اليساريين منهم الذين لهم تأثيرهم في مجالات الاعلام والبحث والفكر الاستراتيجي.

ولكن ماذا عن بقية الفئات اللبنانية وعلاقاتها باسرائيل؟

في كل المقاربات الاعلامية للاسرائيليين عندما يناقشون الموضوع اللبناني يظهر دوما تلك النقمة على المسيحيين وهي مفهومة لأنه قد يكون كما يقال في المثل اللبناني “عقد المحبة العتب كبير” أو “على قد التوقع…” ولكن ما هو موقف الدروز من اسرائيل وفيها طائفة درزية كبيرة تشكل الداعم الأساسي للدولة من الناحية العسكرية وعند هؤلاء احترام وتقدير كبيرين لمواقف بيت جنبلاط خاصة وطيلة الحرب اللبنانية فلماذا لا يقارب موقف الدروز في لبنان من قبل الاسرائيليين في الاعلام مثلا؟ ونحن إذا ما أردنا التدقيق في أحداث الجبل سنة 1983 نرى بكل وضوح بأن مكتب للعلاقات بين السيد جنبلاط واسرائيل كان قائما بشكل علني وبدون خجل، وحتى وئام وهاب الذي يحمل لواء التطرف الدرزي اليوم كان يزور مرجعيون بشكل دائم ويعمل كمراسل في تلفزين الشرق الآوسط بدون عقد نقص. ويقول البعض بأن الدفاع عن القرى الدرزية اثناء المعارك كان يتم من قبل جنود دروز اسرائيليون بثياب مدنية. ولا نريد من ذكر هذه الأمور الغمز من قناة دروز لبنان ولبنانيتهم ولكننا نريد افهام المسيحيين الخجولين من علاقاتهم باسرائيل ألا يخجلوا وأن يكونوا واضحين وبشكل علني. وبالنسبة للاسرائيليين ايضا أن يقاربوا المواضيع كما هي فالعتب على فشل العلاقات الحسنة بين الدولتين لا يجب أن يكون فقط على الجانب المسيحي إذا كان هناك من عتب.

أما بالنسبة للشيعة فإن البطولات التي يفاخرون بها تتمحور حول محاربة اسرائيل في فترة انسحابها من لبنان بعد عملية سلامة الجليل وقرارها بالانسحاب، ونحن نعرف بأن قرار محاربة اسرائيل ودفعها للخروج من لبنان أو تسريع خروجها كان يمكن أن يكون قرارا لبنانيا بامتياز لا بل جنوبيا، خاصة لأن أبناء المنطقة الجنوبية هم بأكثريتهم شيعة وحزب الله هو حزب شيعي مغلق، ولن نقول هنا بأن تدريب حزب الله على القتال كان بغض نظر اسرائيلي ولا بأن أكثر مسؤوليه ربما كانوا على علاقة بوجه أو بآخر بالمخابرات الاسرائيلية في مرحلة معينة، ولا بتصاريح السيد بيريس بعد استشهاد بشير في 1982 بشأن الخيارات الاسرائيلية مع “الجيران الأقرب” وهو مهندس العلاقات المسيحية الاسرائيلية في 1976 يوم كان وزيرا للدفاع، ولكن ماذا بعدما خرجت اسرائيل من لبنان ورسم الخط الأزرق وتنازلت عن كل شبر من الأرض التي كانت ضمن خرائط الجيش اللبناني، وبعد أن تكفّل حزب الله في المفاوضات مع حكومة باراك بعدم التعدي عبر الحدود كشرط لخروج الجيش الاسرائيلي، فلماذا لم يسلّم الحزب سلاحه للدولة ويلتزم بقراراتها، خاصة وإن اتفاق الطائف كان اشار إلى حل المليشيات؟ فهل كان من الصعب مثلا أن يصبح مقاتلوا الحزب فرقة خاصة مكلفة بحماية الحدود، طالما هناك رضى اسرائيلي عليه، تتبع للجيش اللبناني كما كان من المفترض أن يكون عناصر جيش لبنان الجنوبي مثلا؟ وعندها كانت انتهت مشاكل لبنان واسرائيل وعدنا إلى اتفاقية الهدنة التي ينفذها ابناء المنطقة بصراحة ووضوح وبدون لف ودوران وخطابات وعنجهيات، على أن تبقى الأمم المتحدة تقوم بدور المشرف على التفاصيل بانتظار التحاق الدول العربية بالقافلة؟

ولكن ما قاله ويقوله زعيم الحزب يفسر لا بل يجاوب على هذه الأسئلة لأن للحزب على ما يبدو دور اقليمي لا يتعلق بلبنان فهو يعمل على تنفيذ سياسة إيران في المنطقة بأرواح اللبنانيين وكأنهم أصبحوا مرتزقة فعليين، كما كان يلذ له أن يتهم جنود جيش لبنان الجنوبي، ولكن هؤلاء كانوا يخدمون في قراهم لحماية بيوتهم وأرزاقهم وعائلاتهم، لا كما يفعل عناصر هذا الحزب بالقتال في كل البلاد وحيثما شاء لهم الولي الفقيه أو أتباعه من قادة الحرس الثوري الذي قاد أحدهم (سليماني)، وبحسب كلام السيد، المعركة التي دمرت الجنوب وتسببت بمقتل الفي لبناني بدون علمه هو وبدون فائدة تذكر.

نقول للقادة المسيحيين الذين يخجلون من أدوارهم أو قرارات أحزابهم وعلاقاتهم التاريخية باسرائيل بألا يخجلوا لأنهم إنما دُفعوا دفعا إلى ذلك من قبل عرفات ومنظمته ومن قبل المجتمع الدولي الذي لم يسندهم في دفاعهم عن بلدهم، ويجب أن يفهم الجميع بأن التعاون مع إسرائيل لم يكن مشروطا لا من قبل اللبنانيين ولا من قبل الاسرائيليين ولكن تطور الأمور وبداية محادثات السلام مع مصر دفعت ربما وزير الدفاع الاسرائيلي يومها ارئيل شارون ورئيس الوزراء مناحيم بيغن لكي يحلموا بأن لبنان قد يكون الدولة الثانية التي تقيم علاقات مع اسرائيل ولم يكن حلمهم خاطئ أبدا. وكل من يقول بأن الرئيس بشير الجميل لم يكن يريد أن يوقع على سلام مع اسرائيل هو مخطئ ولا يعرف قراءة الأحداث ومقتل بشير هو نقطة الفصل في هذا الموضوع لأنه لو لم يكن راغبا في السلام لما قتل ونحن نقول بأن السلام مع اسرائيل هو طريق خلاص للبنان وبداية لمسيرة من التطور والازدهار. ولكن الرئيس الأسد يومها وبعدما سار الرئيس السادات بخيار السلم أراد هو، وبضغط من السوفيات ربما أو للاستمرار في ابتزاز العرب، أن يبقي النار مشتعلة فأنشأ “جبهة الصمود والتصدي” ولذا فهو لن يسمح ان استطاع أن يترك لبنان يخرق هذا الموضوع لأن الأردن كان سيسارع للألتحاق بقطار السلام، كما جرى فعلا، فيصبح بذلك وحيدا.

المنطق الصحيح يجب أن يكون من قبل القادة المسيحيين بأننا تعاونا مع الاسرائيليين ليس فقط بدون خوف بل بكل فخر وسنتعاون مع اي كان في سبيل حماية لبنان ولن نخجل من خياراتنا لأننا لا نبتغي مصالح شخصية وغايتنا حماية بلدنا والمحافظة على سيادته واستقلاله لا استتباعه وجعله ساحة لحروب الآخرين. ونقطة على السطر…

فهل يمكن أن يصل القادة اللبنانيون إلى مثل هذا القول وهل في المقابل سيصل الاعلام الاسرائيلي الى مستوى لائق من الكلام على التجربة اللبنانية الاسرائيلية فيحترم القادة وقراراتهم ويحترم الشهداء والأحياء من الجانبين الذين ضحوا بالكثير في سبيل بناء علاقات سلمية طبيعية بين الجيران يجب أن تكون مثالا يفتخر به لا نقطة خجل نحاول أن ندور حولها كلما وُجهنا بالكلام عنها؟..

 

الثورة… والانتخابات …. لماذا إبراء ذمة القاتل والسارق والفاسد والعميل من خلال الانتخابات ونتائجها الكارثيّة شبه المعلومة؟ البلد مفكك ومنهار ومتعلق بحبال الكذب والتكاذب

بول ناصيف عكاري/النهار/17 كانون الثاني/2022

لماذا إبراء ذمة القاتل والسارق والفاسد والعميل من خلال الانتخابات ونتائجها الكارثيّة شبه المعلومة؟ البلد مفكك ومنهار ومتعلق بحبال الكذب والتكاذب

http://eliasbejjaninews.com/archives/105667/%d8%a8%d9%88%d9%84-%d9%86%d8%a7%d8%b5%d9%8a%d9%81-%d8%b9%d9%83%d8%a7%d8%b1%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%87%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa/

من المفترض أن تكون الانتخابات المحور الأساسي لأيّة عملية سياسيّة ضمن منظومة ديموقراطية فعليّة عاملة وفعّالة. إنها تسمح بالفوز الشريف بناء على أهداف وخطط وطنيّة التي يتم الترشح على أساسها. أمّا نزاهتها فهي عنصر ضروري وأساسي لنجاحها ضمن بيئة تحمي حقوق الإنسان وتعمل على تعزيزه ومنها الحق في عدم التعرض للمرشحين وحرية تكوين اللوائح والحق في حرية الرأي والتعبير والتنقل للناخبين والمندوبين. هل هذه الأسس متوفرة في ظل ديناميكيّة الأوضاع في البلد؟ هل من جدوى لتلك الانتخابات؟

البلد منقسم عامودياً (مذهبيّاً وثقافيّاً) وأفقيّاً (سياسيّاً ومجتمعيّاً وطبقيّاً) في ظل احتلال حزب الله للبنان والمرتهن لإيران وبمؤازرة المرتهنين والوصوليّين والانتهازيّين والمتخاذلين اللبنانيّين من جهة، ومن خلال الاختلال الثقافي والاقتصاديّ والمجتمعيّ من جهة أخرى، والذي نشهد تجلياتة الآن. من المفارقة أن جميع اللبنانيين والمجتمع الدولي يؤكدون أن البلد قد أفلس وأموال الشعب الغشيم قد نهبت وأن مسار الدولة هو الفشل العضويّ والبنيويّ. كما يؤكدونأن الفاعل المعلوم هو مجهول وأن أيّ فاعل هو البريء وما عداه مرتكب.

منذ زمن القائمقاميتين تعوَّد اللبنانيّون أن يتفاعلوا وينتظموا سياسيّاً ومجتمعيّاً ولاحقاً وطنيّاً من خلال خلق الحاجة إلى مرجعية تعلو الدستور والقوانين (...غازي ورستم ونصرالله وماكرون...) لتسيير أمور الدولة وحسن تنظيم وإدارة اختلافاتهم بما يتناغم مع مصالحهم والسماح لهم بتكديس أكبر قدر من الأموال المنقولة وغير المنقولة. ولا يخفى على أحد محاولات النبيه طرح نفسه، كوريث الوصاية، المرجع الاعلى فوق الدستور، والذي أطاح به الحزب مع جائزة ترضية كبيرة ألا وهي "مقسم الأرزاق" وصانع "أرانب الأدغال" . كذلك، استغلوا الطائفية كمنظومة من أجل "تقويض الإقرار بالمساواة القانونية الكاملة بين المواطنين، أو معاكسته" للوصول، بالتكافل والتضامن، إلى السلطة المطلقة التي تولد الفساد والمظالم وشفط المال العام والخاص. أضحت الطائفية شكل من أشكال اللامساواة المتعددة الأوجه وهي مستقاة وموروثة من سلوكيات وأفعال الدولة العثمانية قوامها التسامح (الرياء) الديني بشرط اللامساواة.

على كلًّ، البلد يتهالك يوم عن يوم من خلال ستة أزمات عميقة ومتفاعلة فيما بينها. أزمة حزب الله (الموهون والموهوم والمهزوم)، المرتهن لملالي إيران، الذي وضع جزمته على البلد بمفهوم دينيّ مستورد لا يمت إلى لبنان والشيعة اللبنانيين بصلة. أزمة أخلاق وقيم مفقودة أهلكت المجتمع والعائلة والفرد وأدّت إلى الفساد والمحارم. أزمة التكاذب بين اللبنانيين عن العيش (الغشّ) المشترك والدولة "المدنيّة" وإلغاء الطائفيّة والعلمنة الشاملة وما شابه. أزمة سرقة أموال اللبنانيين ونهب مقدراتهم من قبل المنظومة المافياويّة المتمثلة بعصابة الستة وأزلامهم. أزمة تفجير مرفأ بيروت الذي يعتبر جريمة موصوفة ضد الإنسانيّة. أمّا الأزمة الأهم هي التنافر الإدراكيّ للمكونات كافة لمفهومها الخاص والمغاير للآخر للبنان الوطن (النهائي لجميع أبنائه؟) بما يتناسب مع مصالحها الشريرة. لغايته، هذه الأزمات أدّت إلى الانهيارين المالي والتجاري وتُدخِلنا حاليّاً في مرحلة الانهيار السياسيّ التي من المفترض أن تؤدي، لا سمح الله، إلى الانهيار المجتمعي ومن ثمّ الثقافيّ (أورلوف). نحن الآن في دولة مفككة وأكثر فقراً وجهلاً تتلاءم مع ذهنية المنظومة المافياويّة المتسلطة الممانعة والتي تريد أن تجري انتخابات نيابية من أجل الاستحصال على شرعية وطنيّة وبالأخصّ دولية تعترف بها الدول والحكومات ممثلاً شرعيّاً للبنانيّين، ولتغطية سرقاتها وإعادة الاستئثار بالسلطة وإخضاع الثورة والشعب الآمن الغشيم.

أمام هذا الكمّ من الأزمات والانهيارات ماذا يمكن أن تحقق هذه الانتخابات للثورة والمعارضة؟ إذا لم تحصل المعارضة السيادية والموحدة (الطامة الكبرى)، بحد أدنى، مع القوات، على النصف زائداً بضعة نواب (للاحتياط...) لن تتمكن من أن تأتي برئيس وزراء نظيف ورؤيوي، أو برئيس للجمهورية غير عسكريّ  و/أو غير مرتهن الإرادة وفاقد للحرية، أو رئيس مجلس غير ميليشياويّ.  أمّا إذا تمكنت من حصد الثلث المعطل، فهل هذا هو الطموح المنشود أي الإمعان في تعطيل البلد بدلاُ من دور الممانعة، وتنقلب الأدوار لتصبح المعارضة شيطان الجمهوريّة؟ هل من المنطقي أن تذهب المعارضة أيضاً إلى الانتخابات من أجل الحصول على بضع عشرات من النواب الذين لن يتمكنوا سوى من الصراخ وبعض من العراضات الدستورية؟ وهل ستشترك المعارضة في الحكومات الجديدة وتجلس على الطاولة نفسها مع الفاسدين والمجرمين؟ كيف ستتعامل المعارضة، وإن ربحت، مع أرنب الميثاقية التي تعتبر قمة الفجور السياسي والوطنيّ ومع الديمقراطية التوافقيّة "التلفيقيّة" التي أخذت البلد إلى المحاصصة والإفلاس؟ كيف يقبل الثوار والمعارضة أن يترشح أناس لا يعترفون بالدستور اللبنانيّ وبدولة لبنان التي استبدلوها بدويلة الوليّ الفقيه؟

بناءً على ما تقدم، يمكن القول بشيء من الثقة أن لا جدوى من الانتخابات وتأليف الحكومات وطاولات الحوار. من أوصل البلد إلى ما هو عليه  والدولة إلى الفشل المحتوم يجب أن يحاسب ويتحمل كامل المسؤوليّة أمام الشعب اللبنانيّ والمجتمع الدوليّ. لماذا إبراء ذمة القاتل والسارق والفاسد والعميل من خلال الانتخابات ونتائجها الكارثيّة شبه المعلومة؟ البلد مفكك ومنهار ومتعلق بحبال الكذب والتكاذب، لذلك، لا بدّ من حلّ جذري للقضاء على تلك المشاكل والمصائب من أجل حقن الدماء ولتنعم الأجيال القادمة بوطن مستدام وعيشة كريمة.   

الانجاز المتاح والأخير الذي يمكن أن يحققه رئيس الجمهورية، من أجل حفظ ماء الوجه، هو الطلب من البنك الدولي إعلان لبنان دولة مفلسة واضعاً إياها تحت الحراسة القضائية بسبب إفلاس الدولة وإفلاس المواطنين الذين سرقت أموالهم من كان مؤتمناً عليها، علماً أنّه صنّف الأزمة التي يمر بها لبنان من ضمن الأزمات الثلاث الأولى في العالم خلال الـ 150 عاما الماضية.

بما أنّ اللبنانيين قد فشلوا في إدارة بلدهم  وفي إدارة اختلافاتهم الثقافيّة والدينيّة والطبقيّة من خلال استغلالهم للدستور والقوانين النافذة واستغلالهم لفائض القوة الوهميّ، وبما أنهم أمعنوا دماراً وقتلاً ونهباً لمقدرات الدولة والشعب، وبما أنّ لديهم باعاً طويلاً في استحضار الاستعمارات الخارجيّة والعبوديّات الغريبة، ومن أجل عدم الدخول في جولات عنف واقتتال جديدة، يجب على اللبنانيّين الطلب، رضائياً وطوعيّا،ً من الأمم المتحدة والمجتمع الدوليّ وضع لبنان تحت الوصاية السياسيّة مع تشكيل لجنة تتقصى واقع الأمور ورغبات اللبنانيين من أجل وضع نظام جديد يحمي "الوحدة في التنوع" والعيش الكريم لكل مكون وفقاً لمزاجه وطبائعه وثقافته ومفهومه للبنان. هذا الاستفتاء، وبكل تأكيد، أجدى من انتخاباتهم المافياويّة!

بول ناصيف عكاري

#عصابة_الستة

#المنظومة_المافياوية

#حزب_الكرتتون

#عهد_الخراب

#ميليشيا_أبو_خشبة

 

"تجميد" إقالة سلامة وتحقيقات المرفأ: مورفين الحكومة سريع الزوال

منير الربيع/المدن/17 كانون الثاني/2022

لا يزال البحث في الكواليس دائراً حول أسباب قرار الثنائي الشيعي العودة إلى مجلس الوزراء. ويستمر تحضير مشروع الموازنة لتسليمه لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ليوزعه على الوزراء ويدعو إلى جلسة حكومية الأسبوع المقبل.

الخلافات داخل الحكومة

الأسباب التي يقدمها الثنائي الشيعي ويحيلها إلى الأسباب الداخلية المحضة، لا تشير إلى أنه عاد بناء على اتفاق. وإذا صح ذلك، يعني أن الخلاف في جلسة مجلس الوزراء يبقى قائماً، وإن لم يقع في المرحلة الأولى من استئناف الجلسات. فعناصر الخلاف وتعطيل عمل الحكومة لا تزال قائمة: أولها عدم الاتفاق على الموازنة وسعر صرف الدولار الذي يعتمد فيها، وكذلك آلية التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ومواقف حزب الله في هذا المجال معروفة وواضحة: عدم موافقته على قرارات مالية قاسية تمس أصحاب الدخل المحدود. لذا، ستشهد جلسات الحكومة خلافاً كبيراً حول آلية اعتماد سعر صرف الدولار. فقبل الانتخابات لا يمكن اتخاذ قرارات غير شعبية. ومن جهة أخرى، الخلافات مستمرة بين عون وبرّي، وقد تفجر الحكومة مجدداً. ففي ما يتعلق بالتعيينات، يصرّ عون على إقرارها، ويرفضها برّي. ويصر عون على إقالة حاكم مصرف لبنان، فيما يرفض برّي وميقاتي ذلك رفضاً مطلقاً، حسب المصادر.

مباراة تعطيل القضاء

ومن الأسباب الداخلية الكثيرة التي أفضت إلى اتخاذ الثنائي الشيعي قراره، اتصالات في الكواليس، أبرزها رسائل متبادلة بين وحزب الله عون، الذي اعتبر أن حليفه يعرقل مسار العمل الحكومي، ويدفع بالعهد إلى نهاية بائسة، ويحوّل رئيس الجمهورية إلى عاطل عن العمل. وبناءً عليه، عمل حزب الله على التنسيق مع برّي للعودة إلى الحكومة، بعد توفر أسباب قضائية موجبة تجمد التحقيق في تفجير المرفأ. وتشير مصادر تابعت حركة الاتصالات في الفترة التي سبقت اتخاذ قرار العودة إلى الحكومة، إلى ضغط قضائي على حاكم مصرف لبنان بإصدار مذكرة منعه من السفر. في المقابل، حصل تدخل مضاد مع مدعي عام التمييز لعدم تنفيذ هذه المذكرة. وهنا تدخل حزب الله متوجهاً إلى رئيسي الجمهورية والحكومة، بأنهما يدعيان عدم التدخل في القضاء، فيما يحاول كلاهما الضغط على القضاء لتحقيق مكاسب سياسية. وعندما ارتاب الثنائي الشيعي ارتيابه المشروع من استهداف المحقق العدلي طارق البيطار لهما، تعالت صرخة ضد التدخل في شؤون القضاء. وهنا وضع حزب الله عون وميقاتي أمام خيار أساسي: إيجاد مخرج لآلية التحقيق في تفجير المرفأ، وفي حال لم يتم التوافق على ذلك، فليبق التحقيق مجمداً.

الدولار وسلامة

وإلى تجميد التحقيق، جرى اتفاق سياسي مع حاكم مصرف لبنان ليتدخل في تخفيض سعر صرف الدولار وترييح السوق. وبهذا تكسب القوى السياسية مزيداً من الوقت، تجنباً لانفجار اجتماعي قبل الانتخابات. على أن يعمل سلامة على تخفيف حجم الخسائر أو الديون المتوجبة على الدولة، بفعل توزيع الدولارات والتخلص من الحسابات الصغيرة الكثيرة. وهذا إضافة إلى أن مطلب توحيد سعر الصرف في السوق مع السعر المعتمد في الموازنة، هو أحد مطالب صندوق النقد الدولي الأساسية، قبل بدء المفاوضات مع الصندوق في الأسبوع المقبل.

الإطار الإقليمي الغامض

هذا كله يعني أن المعالجات التي يحصل عليها اللبنانيون، ليست أكثر من مراهم، أو حقن مورفين. وتتجلى تداعياتها السلبية جداً على مسارين: مالي وسياسي. وعلى اللبنانيين ترقب تطورات الوضع في المنطقة، وأخبار التفاوض النووي بين إيران وواشنطن. أما القوى والأطراف الرافضة لهذا الاتفاق، فتسعى إما لعرقلته أو الدخول فيه كشريك مضارب، لتحقيق أهداف سياسية. وإسرائيل على رأس اللائحة. وهذا قد يؤدي إلى المزيد من التوترات في المنطقة. والتصعيد في مثل هذه الحال، هو الحاجة الماسة التي يراهن عليها الجميع لتحقيق أهدافه. فالوصول إلى اتفاق نووي ليس حتمياً، ولا التسوية الإقليمية حتمية بدورها. فالمفاوضات قد تصل إلى طريق مسدود، بفعل تضارب المصالح. وهذا يُدخل المنطقة مجدداً في وضع متفجر.

 

"التيار" يفضّل معلوف لكسر رياشي بالمتن: طموحات كنعان قاتلة

وليد حسين/المدن/17 كانون الثاني/2022

"التيار" يفضّل معلوف لكسر رياشي بالمتن: طموحات كنعان قاتلة

لعل الوصف الذي يمكن إطلاقه على دائرة المتن أنها دائرة الضغائن والمكائد، هو الأقرب للواقع. فكل الأسلحة مباحة في معركة الحصول على المقعد النيابي من ناحية، وتحطيم أحلام الرئاسة لبعض الطامحين من ناحية ثانية. حتى قوى المعارضة غير متفقة كلها على مقاربة واحدة. ثمة شبه اتفاق، لم ينجز بعد، بضرورة ترك هذه الدائرة كي يشكل حزب الكتائب اللائحة وضم الحلفاء، وعدم خوض أي طرف آخر المعركة بلائحة أخرى مضادة. لكن من الصعب وصول هذا الاتفاق إلى خواتيمه المأمولة. فثمة إحصاءات تعطي "القوى التغييرية"، من خارج الأحزاب، نحو 0.9 من الحاصل، أي على قاب قوسين وأدنى من المقعد النيابي، ومن دون حساب أصوات النائب السابق غسان مخيبر، الذي خسر المعركة المرة الفائتة مع التيار الوطني الحر. وفي حال شكل لائحة إلى جانب هذه القوى، ستكون من ضمن اللوائح المتعددة التي تتصارع في هذه الدائرة، التي خرج منها تفاهم معراب بين "التيار" والقوات اللبنانية، بمعية الوزير السابق ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان.

الخرق في الدائرة

الكل يتطلع في هذه الدائرة على أن الخرق يكون في المقعد الأرثوذكسي (مقعدان أرثوذكسيان في الدائرة) أو المقعد الأرمني، وفي درجة أقل بمقعد ماروني (أربعة مقاعد مارونية في الدائرة)، وانعدام الخرق بالمقعد الكاثوليكي في حال ترشح الوزير ملحم رياشي، وفق حسابات الربح والخسارة التي تجريها مختلف القوى في الدائرة. أما بما يتعلق بالمقعد الأرثوذكسي، فالحسابات تنصب على عدم إقدام النائب الياس بو صعب على ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة من ناحية، وتراجع شعبية آل المر، وأكل جميع القوى من صحنهم، من ناحية ثانية. ما يجعل المقعدين الأرثوذكسيين في إطار طموح البعض في الفوز بها. ويبقى المقعد الآخر الذي يعتبر ضعيفاً، لأسباب تتعلق بطبيعة التحالفات وتراجع عدد الناخبين الأرمن، المقعد الأرمني الوحيد في الدائرة. فالحسابات تنصب على إمكانية حصول تحالف التيار الوطني الحر والطاشناق على ثلاثة حواصل، وليس أربعة، ويصبح المقعد الأرمني الأضعف، سواء لناحية تراجع عدد الأرمن وشعبية الطاشناق من ناحية، أو تراجع المغتربين المسجلين (نحو 900 أرمني من أصل 13 ألف مغترب)، من ناحية ثانية. ما يرفع حظوظ مرشحة حزب "تقدم" لوري هيتايان على لائحة المعارضة، التي تلقت عروضاً من "القوات" وأطراف أخرى، في ظل عدم وجود شخصيات أرمنية بارزة في الدائرة.

التيار ومعلوف

المعطيات الحالية في الدائرة تفيد بأن المعركة ستكون على مقعدين من أصل ثمانية مقاعد مخصصة لها. فالتيار الوطني الحر بتحالفه مع الطاشناق يحصد ثلاثة مقاعد ويخوض المعركة للحصول على الرابع، والكتائب يحصد مقعدين مضمونين وينافس مع المعارضة على المقعد الثالث، والقوات تحصد مقعداً وتنافس على الثاني. ما يعني أن المقعدين المتبقيين رهن التحالفات التي ستعقد. ويبدو أن "التيار" قرر خوض معركته الأساسية عن المقعد الكاثوليكي عبر المرشح النائب إدي معلوف. أي سيدخل "التيار" في معركة مع القوات اللبنانية التي سترشح ملحم رياشي، وفي معركة داخلية مع النائب إبراهيم كنعان، الذي يريد كل أصوات "التيار". ووفق مصادر مطلعة، المقعد الكاثوليكي أساسي للرئيس ميشال عون ولن يتخلى عنه، فكيف إذا كان المرشح عليه ابن الشهيد الطيار العقيد بولس معلوف، الذي استشهد على مدرج أدما بحرب الإلغاء، وابن أخ النائب الراحل الصادق والوفي لخط عون إدغار معلوف؟ تسأل المصادر المطلعة على أجواء تحضيرات "التيار"، مضيفة أن السبب الآخر لتمسك الرئيس عون بمعلوف ربما يكون خيار القوات المضي بترشيح رياشي عن هذا المقعد.

طموحات كنعان القاتلة

وعن إمكانية توزيع الأصوات التفضيلية على معلوف في مواجهة رياشي، التي تهدد ترشيح كنعان، لفتت المصادر إلى أن هناك تململاً في "التيار" من كنعان بسبب "مواقفه المتناغمة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي بما يتعلق بموضوع المصارف والكابيتال الكونترول ومواقفه في لجنة المال والموازنة، فضلاً عن طموحه الرئاسي، الذي يضعه أيضاً في خانة التناغم مع برّي". كما أن "إدي لا يقل أهمية عن كنعان إن لم يكن أكثر أهمية منه. فللتيار أصواته والتي يجب أن توزع على كل المرشحين. ويستطيع كنعان الاكتفاء بأصوات ساحل المتن، حيث شبك علاقات مع رؤساء بلديات، وترك المناطق الجبلية لمعلوف والياس أبو صعب. الطمع يضر ولا ينفع. ولا يمكن تحقيق رغبات كنعان بالحصول على كل أصوات التيار"، تقول المصادر.

حرد كنعان

وتضيف المصادر، أن الحسابات في التيار في حال انصبت الأصوات على معلوف يتفوق على رياشي، وهذا ما يدفع إلى دعمه بشكل مباشر من الرئيس، بمعزل عن قرب معلوف من رئيس التيار جبران باسيل وتفضيله على كنعان.  وعن إمكانية حرد كنعان وذهابه إلى تشكيل "لائحة التفاهم" مع رياشي، كونهما عرّابيّ "تفاهم معراب"، تؤكد المصادر أن "لا أصوات خاصة لكنعان في المتن. فقد حرد كثيراً بعد تعيين باسيل مسؤولين في المتن لا يحتملون حتى سماع اسم إبراهيم. لكن رغم ذلك لا يمكن أن يذهب بهكذا خيار"، تقول المصادر، وتضيف أن "أصوات الكتلاويين (كنعان من عائلة تنتمي للكتلة الوطنية) لم تعد متوفرة له، وفي المتن الأصوات للتيار والعونيين. أما علاقاته برؤساء البلديات فلا يمكن أن تجلب له أصواتاً. فميشال المر نفسه كان يسيطر على كل بلديات المتن ولم ينجح في الانتخابات السابقة، لولا لم تجير له أصوات برّي ووليد جنبلاط وبعض الأصوات الأرمنية. وحتى لو تقرب كنعان من رؤساء بلديات فلا يمكن صرفه في صناديق الاقتراع. لذا عليه التواضع وقبول توزيع الأصوات"، تقول المصادر.

ثلاثة مرشحين وبديل

ووفق المصادر، في حال أصر كنعان على تجيير أصوات التيار له، سيجد نفسه خارج المعادلة، لكن "التيار" لن يتخلى عن مرشحيه الثلاثة معلوف وبو صعب وكنعان. وإذا كان البعض يراهن على عدم ترشح بو صعب، فهو واهم. "الياس سيترشح. هو فقط ينتظر مؤشرات ما. فالمنطقة تتجه نحو تفاهمات وحلحلة للعقد يستفيد منها"، تقول المصادر، وتلفت إلى أن أحد أسباب عدم افصاح بوصعب عن ترشحه هو تخفيف مصاريف الحملة الانتخابية التي يضعها باسيل على كاهله. لكن وفي كل الحالات، البديل عن بو صعب جاهز في حال قرر عدم الترشح، وهو مسؤول قضاء المتن هشام كنج. لكن هذا البديل دونه عقبات كثيرة. فالتيار لا يستطيع إجراء الانتخابات بثلاثة مرشحين حزبيين ويخسر الحلفاء، كما تؤكد المصادر.

 

هل يُطيّر لغم “التيار” الانتخابات؟

رولان خاطر/الجمهورية/17 كانون الثاني/2022

يتخوّف كثير من اللبنانيين من مسألة تطيير الانتخابات، إن عبر وسائل قانونية أو عبر فوضى مرتقبة في الشارع تسمح للمنظومة بالالتفاف على الاستحقاق المرتقب، والذي بات يشكل ملاذاً أو أملاً وحيداً لكثير من اللبنانيين لبدء عملية التغيير.

مع توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون العقد التشريعي الاستثنائي الذي بدأ في العاشر من الشهر الحالي وينتهي في 21 من آذار المقبل، طُرحت علامات استفهام كثيرة على خلفية السجال بينه وبين عين التينة حول أحقية وضع جدول أعمال هذا العقد. إلا أنّ الأهم، ما تضمنه مرسوم الدعوة وتحديداً في المادة الثانية منه، وهو تكليف المجلس النيابي درس وإقرار «مشاريع أو اقتراحات قوانين مُلحّة تتعلّق بالإنتخابات النيابية». أمر اعتبرته مراجع قانونية أنه بمثابة لُغم زرعه رئيس الجمهورية لإطاحة الإنتخابات، وذلك عطفاً على معلومات تقول إن «التيّار الوطني الحرّ» يستعد لتقديم إقتراح قانون معجّل مُكرّر، غايته إلغاء المادة الثانية من القانون الرقم 8 / 2021. بمعنى أوضح، العودة إلى معزوفة الدائرة 16 الخاصة بالمغتربين.

بداية، للتوضيح، ان الجدل في شأن من يضع بنود جدول جلسة العقد الاستثنائي لم يكن ضرورياً بحسب الدكتور سعيد مالك. الذي يضيف: «دستورياً وقانونياً، عندما نكون أمام عقد استثنائي، مرسوم الدعوة يحدِّد جدول الأعمال، اما خلال العقد العادي للبرلمان، فإن هيئة مكتب المجلس هي التي تحدد جدول الأعمال. وبالتالي إنّ الجدل الذي جرى خلفيته سياسية».

مالك يشرح ما تم الحديث عنه عن محاولة اعادة العمل بالدائرة 16 المتعلقة بالمغتربين، ويقول: «عندما نتحدث دستورياً وقانونياً واستناداً الى المبادئ القانونية العامة، لا يمكن المسّ بالقانون الرقم 8 / 2021، لأنه دخل حيّز التنفيذ والتطبيق. ولا يمكن تعديله لأن ذلك يمسّ مبدأ ثبات التشريع وأمانه واستقراره. فضلاً عن كون المسّ به راهناً، بعد أن دخل النفاذ، يشكّل طعناً بمبدأ الحقوق المُكتسبة. إذ ان من تقدّم بترشيحه إستنادا إلى القانون النافذ حاليا، إكتسب حقاً مُكتسباً، وبات يستحيل تعديل القانون، بعد سريان المهل وإنطلاق الإجراءات. على سبيل المثال، ان من ترشح للانتخابات ضمن دائرة معينة، فإن ترشيحه يكون بعدما تأكد له ان الانتشار سيصوّت في الداخل وهو يستفيد من هذه الأصوات في دائرته، وهو عندما تقدم بترشيحه، تقدم استنادا الى قانون يؤكد ان المغترب يصوّت في الداخل، وبالتالي لا يجوز اليوم نقض هذا الامر. وهنا نتحدث عن الاستقرار التشريعي. لكن الموضوع سياسي بحسب مالك. فإذا كان هناك من يعمل على اتفاق سياسي أو تسوية او مقايضة ما بين «التيار» وأي طرف آخر، «بيعملو العجائب»، وكما يُقال «متل ما بدو الفاخوري بيدير دينة الجرّة». ويأسف مالك «لاننا لا نعيش في بلد قانون، بل في بلد التسويات». ويضيف: «اذا حصل وأقرّ التعديل، فسيكون عرضة للإبطال امام المجلس الدستوري لأنه يتناقض مع مبادئ قانونية عامة، لذلك، هذا سيؤدي حتما الى نسف الانتخابات». ويسأل: «اذا تم التعديل وإقرار الدائرة 16، فهل هذه الدائرة موجودة؟ اين المراسيم التطبيقية والتنظيمية الخاصة بها».

ويشير مالك إلى انه «لوجستياً لا يمكن استصدار هذه المراسيم لأسباب لوجستية. فإصدارها يتطلب أولاً انعقاد مجلس الوزراء، وثانياً تأمين ثلثي أصوات مجلس الوزراء، لأن القضايا التي تتعلق بقانون الانتخاب، تتطلب الثلثين، استنادا الى الفقرة 5 من المادة 65 من الدستور، التي تتحدث عن المواضيع الـ14 الأساسية التي لا يمكن إقرارها إلا بأكثرية الثلثين، واستنادا إلى المادة 124 من قانون الانتخاب التي تتحدث عن أكثرية الثلثين لاستصدار المراسيم التطبيقية. وبالتالي، هل من عاقل يمكن ان يصدق انه يمكن تأمين الثلثين لأي مرسوم يراد استصداره بالنسبة الى ما يتعلق بتعديلات قانون الانتخاب؟».

أما في إطار مواقف بعض القوى السياسية في حال طُرح القانون المعجل المكرر من «التيار الوطني الحرّ»، يقول عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص لـ»الجمهورية»: «الانتخابات يجب ان تحصل بأي ثمن. معركتنا هي عدم السماح بإمرار هذا الاقتراح للأسباب نفسها وبالأكثرية نفسها التي استطعنا من خلالها العودة إلى الدوائر الـ15. وغير ذلك، فليتحمل التيار الوطني الحر مسؤوليته امام المغتربين ويحصد نتيجة «الفاول» الكبير بحق شريحة كبيرة من الشعب اللبناني المقيمة في الخارج. معركتنا في المجلس بالطرق الديموقراطية لإسقاط محاولة جديدة لإمرار أمر يضر بمصلحة المغتربين».

واستبعَد عقيص تطيير الانتخابات، وقال: «القوات» مع تثبيت الانتخابات، هي حق ديموقراطي، وما نقوم به اننا نسهّل على لبنانيي الانتشار التصويت في البلدان التي يقيمون فيها وسنحارب من أجل إقرار هذا الحق. إذا استطاع «التيار الوطني الحر» تأمين الأكثرية لإعادة إمرار ما يحكى عن قانون معجل مكرر يعيد العمل بالدائرة الـ16 الخاصة بالمغتربين، فليبرّر هو ومَن انقلبوا على مواقفهم السابقة للرأي العام ما حصل. لكن احتمالية هذا الأمر ضئيلة جدا».

ويُعرب نائب الحزب «التقدمي الاشتراكي» بلال عبدالله عن اعتقاده بأنّ احداً في لبنان لا يستطيع تحمّل تبعات تطيير الانتخابات لا داخلياً ولا خارجياً، حتى ولو أنه ضمنياً يضمر أن لا تحصل. ويشدد على أن «الانتخابات استحقاق دستوري ملزمون بإجرائه لأسباب ثلاثة: الأول لتجديد الوكالة المعطاة للقوى السياسية. والثاني، للسماح للشارع المنتفض بتثبيت شرعيته. وثالثاً والأهم، لأنّ الاستحقاق مطلوب دوليا خصوصا أن مَد يد العون للبنان مشروط بإجراء الانتخابات».

وبغضّ النظر عما يحضّر له «التيار الوطني الحرّ»، يعتبر عبدالله أن «الوقت بات ضيقاً لتغيير المهل فيما وزير الداخلية أعلن بداية الترشيحات. لذلك، فإن أي طرف، أكان «التيار الوطني الحر» او غيره، يقدّم اقتراحاً كهذا، فإنه بذلك يتحمّل مسؤولية مباشرة تطيير الانتخابات».

وجدّد التأكيد ان الاشتراكي لطالما دعا لأن تكون انتخابات الاغتراب على الدوائر اللبنانية كافة، لأننا نؤمن بضرورة أن يستمر ارتباط الانتشار اللبناني ببلده وتواصله مع أهله في لبنان، معتبرا ان الرقم المسجل للانتخابات إنجاز تاريخي، لذا لا يجوز حصره بستة نواب فقط.

وفيما تتخوف بعض القوى من إلغاء الانتخابات، تفتقد الساحة السيادية اللبنانية الى توافق سياسي بين القوى السيادية على مشروع وطني كبير، ويقول عبدالله: «اذا كان هناك قرار بتفريغ المؤسسات الدستورية لأسباب ولغايات أخرى، منها التحضير لمؤتمر تأسيسي وغيره، فموقف الحزب التقدمي الاشتراكي لا يقدم ولا يؤخر»، مذكّراً بأن «موقف الاشتراكي في كل هذه الفترة كان وسطياً ويحاول تدوير الزوايا في كافة المواضيع، مبتعداً عن المواقف المتطرفة، لأننا متيقنون من ان امكانية التغيير السريع في لبنان ليست سهلة ضمن موازين القوى الحالية وفي ظرف إقليمي كهذا. لذلك، موقفنا وسطي وسيستمر، ولكن ضمن ثوابت وطنية، أساسها اتفاق الطائف، والاستقرار، وعلاقة لبنان مع الدول العربية وغيرها من الثوابت.

وفي حين يعتبر البعض ان هذه الثوابت، اذا لم تُحصّن بتوافق سياسي بين القوى المصنفة سيادية معرضة للسقوط. يرد عبدالله: «من يتكلمون بهذا المنطق، أين كانوا؟ لسنا نحن من قمنا بالتسوية، نحن كنا ضد التسوية، وضد قانون الانتخابات». وسأل: «هل الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتركيبة والمعادلة الدولية والاقليمية اليوم تتحمل اعادة صوغ انقسام عمودي في البلد. عشنا الانقسام العمودي ونتائجه، وكان 7 أيار، والكلام الاقليمي والدولي اختفى بلحظة. ثانياً، ما جرى في مصير الشعب السوري ايضاً خير مثال. واذا كان المطلوب تنظير وشعبوية ومواقف عالية، فالحزب الاشتراكي حزب كبير ناضَل وقدم شهداء لكنه حزب واقعي، وعلّمنا كمال جنبلاط مفهوم التسوية على قاعدة حسن اختيار الطريق ووفق اي امكانات وضد اي مشروع وبأي وسائل».

«القوات اللبنانية» تقول إنها القوة السياسية الوحيدة التي سعت إلى إنتاج توافق سياسي يضم كل الفئات المصنفة سيادية. ويشرح عقيص: «منذ مطلع العام 2021، سعينا الى تحقيق هذا التوافق السياسي وعرضنا على كل القوى السيادية وعلى الشخصيات المستقلة تشكيل جبهة سيادية يكون عنوانها إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وتحرير لبنان من الهيمنة الايرانية. والدليل انخراطنا اليوم في «الجبهة السيادية من أجل لبنان» التي تألفت وفق هذه العناوين السيادية الكبرى. وبالتالي، اذا كان هناك من ندم، فيجب أن يشعر به الأطراف التي كانت تعمل بطريقة شعبوية وفي شكل منفرد من دون التنسيق مع غيرها من القوى، وتأتي لاحقاً لتلقي باللوم على هذا الغير بسبب قرارات ومواقف لم تسع يوما الى التنسيق فيها والتعاون بشأنها».

وأوضح ان «البديل عن العمل السياسي والمواقف السياسية والعمل ضمن جبهة تحمل الأفكار والخطابات نفسها، والتواصل داخليا وخارجيا لشرح وجهة نظرنا وطريقة هيمنة «حزب الله» على مفاصل الدولة، وعن ضرورة اقرار حياد لبنان، هو الشارع، والقوات اليوم لا تريد استخدام الشارع ولا تريد ان تخاطب الآخرين عبر لغة الشارع». وأكد ان «القوات تتحضّر لفرضية سقوط الانتخابات وتطييرها، ولكل السيناريوهات، إذ ان الفريق الآخر يعمل في السياسة على قاعدة «الأرض المحروقة». فهو يعطّل مجلس الوزراء، ويُحكى في هذا الإطار أنه لن يعود الى الانعقاد من الآن حتى الانتخابات. ويعمل على إمكانية تطيير الانتخابات بأعمال أمنية أو اي اعمال أخرى، وإمكانية عدم انتخاب رئيس وبقاء الرئيس الحالي في القصر الى حين تأمين انتخاب سلف له من دون ان يتم هذا الانتخاب. بمعنى آخر، القوات تتحضر للفراغ المطلق، على مستوى المؤسسات الدستورية الذي يقابله انهيار اقتصادي واجتماعي متزايد، مشيراً في المقابل إلى انه من المبكر الحديث عن الخطط التي بحوزة القوات لمواجهة هذا الموضوع. فلكل حادث حديث».

 

ميقاتي: مجلس الوزراء يناقش الموازنة الأسبوع المقبل... ولا تعيينات

ميقاتي أكد لـ ـ«الشرق الأوسط» أنه لا مقايضة بين تفعيل الحكومة والتحقيق في انفجار مرفأ بيروت

محمد شقير/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

أعاد «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) بالقرار الذي اتخذه بوقف مقاطعته لجلسات مجلس الوزراء اللبناني فتح الطريق أمام معاودة اجتماعاته وأصبحت سالكة على خط واحد يتعلق بمناقشة مشروع قانون الموازنة للعام الحالي وإحالته على المجلس النيابي للنظر فيه وإقراره والنظر في خطة التعافي المالي كممر إجباري للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لإخراج لبنان من التأزُّم الاقتصادي والاجتماعي الذي يحاصره، وذلك استباقاً لبدء المفاوضات الجدّية في الأيام المقبلة التي تتزامن مع دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لعقد جلسة في مطلع الأسبوع المقبل، كما قال لـ«الشرق الأوسط» تُخصّص لمناقشة الموازنة.

وكشف ميقاتي بأنه ينكبّ مع الوزراء بالتعاون مع وزير المالية يوسف الخليل بدءاً من اليوم لإعداد مشروع قانون الموازنة، على أن يكون جاهزاً في نهاية هذا الأسبوع لتوزيعه على الوزراء استعداداً لمناقشته في جلسات متواصلة تبدأ في مطلع الأسبوع المقبل، نافياً ما أخذ يُشاع، فور إذاعة البيان المشترك الصادر عن قيادتي حركة «أمل» و«حزب الله» بوقف مقاطعتهما لجلسات مجلس الوزراء، عن وجود صفقة تقضي بالإفراج عن الجلسات في مقابل مقايضتها بتعليق التحقيق القضائي في ملف انفجار مرفأ بيروت. وأكد ميقاتي عدم وجود أي شكل من أشكال الترابط بين معاودة الجلسات وبين التحقيق القضائي، وقال إنه لم يُطرح لا من قريب أو بعيد في الاتصالات التي مهّدت للبيان الذي صدر عن قيادتي «أمل» و«حزب الله»، و«أنا لا زلت عند رأيي بوجوب الفصل بين السلطات وعدم التدخّل في القضاء»، وإن كان المطلوب منه إعادة تصحيح وتصويب التحقيق في انفجار المرفأ بعيداً عن الاستنسابية والانتقائية والالتزام بالنصوص الدستورية، وهذا الأمر يُترك للقضاء لإيجاد المخرج الذي يعيد التحقيق إلى نصابه. واستغرب ميقاتي ما أخذ يتردّد بأن عودة الوزراء الشيعة لحضور جلسات مجلس الوزراء استجابة للبيان الصادر عن «أمل» و«حزب الله» جاء بناء لإيحاء خارجي يتصل بما يجري حالياً على الصعيدين الإقليمي والدولي، وقال بأن قرارهما ينمّ عن إحساسهما بأوجاع اللبنانيين وتجاوباً مع الدعوات التي تطالب بالالتفات إلى مطالبهم واحتياجاتهم لإخراجهم من الوضع المأزوم اقتصادياً ومالياً لأن لا طائفة لعوزهم بعد أن أخذ الجوع يدق أبوابهم، وعلينا جميعاً أن نتحمل مسؤولياتنا لإنقاذ بلدنا، وهذا ما حصل.

ورأى بأن الضغط الشعبي لا يستثني فريقاً دون الآخر، خصوصاً أن آلام اللبنانيين ليست محصورة بطائفة معينة، وإنما أخذت تطال السواد الأعظم منهم، وبالتالي فإن الأولوية يجب أن تُعطى لوقف الانهيار بتوفير ما أمكن من حلول للتخفيف من أوجاعهم.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» بأن التحضير للبيان الذي صدر عن قيادتي «أمل» و«حزب الله»، بدأ يوم الجمعة الماضي بتواصل ميقاتي مع المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل ونظيره المعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، حسين خليل، واستمر إلى يوم أول من أمس ليتوجّه لاحقاً باتصال ميقاتي برئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس بري. وقالت مصادر نيابية مواكبة للاتصالات بأن جميع الأطراف أصبحت مأزومة وأن المخرج الوحيد لتفادي التأزُّم يكمن في تحضير الأجواء أمام مجلس الوزراء لمعاودة جلساته كشرط وحيد لتفعيل العمل الحكومي، ولا يمكن وقف تعطيلها ما لم تأتِ المبادرة من الثنائي الشيعي ليرفع عنه المسؤولية في تعطيل الجلسات. ولفتت المصادر نفسها إلى أن ما أورده الثنائي الشيعي في بيانه الذي مهّد الطريق أمام الوزراء الشيعة للالتحاق بجلسات مجلس الوزراء يشكّل خريطة الطريق لتفعيل الجلسات، وقالت إن من يعتقد بأنه فَرضَ جدول أعماله على رئيس الحكومة سيكتشف لاحقاً بأن تهمته ليست في محلها، لأن ميقاتي كان أول من حدّد الأولويات فور نيل حكومته ثقة البرلمان بالالتفات إلى إقرار الموازنة، ليست لأنها استحقاق دستوري فحسب، وإنما لكونها وحدها تؤمّن للبنان جواز السفر المطلوب للتفاوض مع الصندوق في ضوء الضمانات الدولية التي يراهن عليها ميقاتي لإنقاذ لبنان ووقف تدحرجه نحو التدهور الشامل.

وأكدت أن الإفراج عن الجلسات يتيح للحكومة الانتقال بلبنان إلى مرحلة الانفراج السياسي من جهة، وتفكيك الألغام التي تعترض إصرار ميقاتي على التزامه بدفتر الشروط الذي وضعه المجتمع الدولي ويتعامل معه على أنه الوصفة الاقتصادية والمالية التي من دونها لا يمكن العبور بالبلد إلى مرحلة التعافي المالي، وقالت إن جدول أعمال الحكومة يبقى محصوراً بإقرار الموازنة وخطة التعافي لتسهيل التفاوض مع صندوق النقد وربطهما بتحسين الأوضاع المعيشية والحياتية للبنانيين، ومن أولوياتها إعادة تأهيل قطاع الكهرباء بزيادة التغذية بالتيار الكهربائي، إضافة إلى تحضير الأجواء لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها لتأمين الانتقال السلمي للسلطة بإعادة تكوينها حسب الأصول الدستورية.ولاحظت المصادر نفسها بأن موافقة الثنائي الشيعي على مناقشة خطة التعافي المالي وصولاً لإقرارها تنمّ عن استعداد «حزب الله» لإبداء مرونة في التفاوض مع صندوق النقد بخلاف مواقفه السابقة، وقالت بأن مجلس الوزراء سينصرف أيضاً إلى إعداد الخطة الإصلاحية لتأهيل قطاع الكهرباء باستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر سوريا، لأن من دونها لا يمكن الإفادة من استعداد البنك الدولي لتمويلها، ونقلت عن ميقاتي قوله إن زيادة التغذية بالتيار الكهربائي بـ10 ساعات سترى النور بعد 10 أسابيع في حال أن الأمور سارت بحسب المخطط المرسوم لها. لكن يبقى السؤال: أين يقف رئيس الجمهورية؟ وهل سيسهّل مهمة ميقاتي بحصر جدول أعمال جلسات مجلس الوزراء بالموازنة وإعداد خطة التعافي المالي وتأهيل قطاع الكهرباء من دون إقحامها بالتعيينات الإدارية والأمور السياسية التي ما زالت موضع خلاف بين الأطراف الداعمة للحكومة؟ أم أنه سيتجاوب مع وريثه السياسي النائب جبران باسيل الذي يصر على إدراج التعيينات كبند أساسي؟ وماذا سيكون موقف حليفه «حزب الله»، الذي بادر منذ ليل أول من أمس إلى التواصل مع عون؟ وعلمت «الشرق الأوسط» أن عون لا يملك القدرة التي تتيح له تعديل جدول أعمال الجلسات الحكومية لاسترضاء باسيل، خصوصاً أن فك أسر الجلسات يتجاوب مع طلبه ويشكل «تنفيسة» لإصراره على معاودتها لإقرار الموازنة والإصلاحات المالية والتفاوض مع صندوق النقد، وبالتالي سيواجه اعتراضاً من ميقاتي في حال أصر على إدراج التعيينات من خارج خريطة الطريق التي رسمها ميقاتي لنفسه.

فرئيس الحكومة كان ولا يزال على موقفه برفض إدراج التعيينات على جدول أعمال الجلسات، وهذا ما أعلنه في اليوم الأول بعد نيل حكومته ثقة البرلمان لقطع الطريق على ربطها بالمحاصصة والمحسوبيات الانتخابية، خصوصاً أنه هو من يدعو لعقد الجلسات ويضع جدول أعمالها وهذه من صلاحياته ونقطة على السطر. لذلك سيجد باسيل نفسه محشوراً في الزاوية إذا ما أصر على التعيينات، مع أنه يدرك بأن إصراره لا يُصرف في مكان، ويشكل تعدّياً على صلاحيات رئيس الحكومة الذي يرفض تقييده بوضع شروط عليه، إضافة إلى أنه لا مبرر لباسيل للدخول في قتال على كافة الجبهات السياسية للاستقواء بالتعيينات وتوظيفها في حملاته الانتخابية لعله يستعيد ما أصابه من تراجع في الشارع المسيحي. وعليه، فإن الكرة الآن في مرمى عون - باسيل، فهل يتناغمان مع ميقاتي؟ أم أنهما يدخلان في مواجهة سياسية غير محسوبة تأخذ البلد إلى مغامرة جديدة؟

 

من يحاسب “الحزب”؟

شارل جبور/الجمهورية/17 كانون الثاني/2022

القراءة التحليلية لخلفية تراجع الثنائي الشيعي عن قراره تعطيل جلسات مجلس الوزراء ضرورية، خصوصاً انّ هدفه المعلن من التعطيل لم يتحقّق، والمتعلِّق بإلزام الحكومة التدخّل لدى القضاء لكفّ يد القاضي طارق البيطار. ولكن، قبل هذه القراءة، لا بدّ من محاسبة أمام الرأي العام لمن شلّ الحكومة وفوّت على اللبنانيين فرصة فرملة الانهيار. من حقّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان يهلِّل لقرار الثنائي الشيعي الإفراج عن حكومته التي عطّلها الثنائي، بعد أسابيع قليلة على انطلاقتها، ولكن هل سأل رئيس الحكومة الحزب لماذا قرّر فجأة تعطيل الحكومة ومن ثمّ الإفراج عنها؟ وهل انتزع رئيس الحكومة الضمانات المطلوبة من الحزب بعدم العودة إلى نهج التعطيل؟ وهل يضمن رئيس الحكومة ألّا يعود الحزب إلى التعطيل مجدداً؟ وكيف يسمح مطلق أي فريق سياسي لنفسه أساساً ان يشلّ مؤسسة من مؤسسات الدولة ومن ثم يُفرج عنها وكأنّ شيئاً لم يكن؟ وهل يجوز التعامل مع خطوة الثنائي بالتهليل أم انّ المطلوب فتح باب المحاسبة والمساءلة بسبب ما تكبّده لبنان من خسائر من جراء القرار التعطيلي؟ وهل عجلة البلد ومصالح الناس تتوقّف لأنّ هذا الحزب قرّر الابتزاز وإخضاع الجميع لشروطه، وذاك التيار قرّر وضع الجميع أمام الأمر الواقع الذي يريده؟ وهل من خطة لرئيس الحكومة ومعه القوى السياسية الحريصة على البلاد، لمواجهة سياسة التعطيل في حال تجدّدت مع فريق يشكّل التعطيل نهجاً متأصّلاً في نهجه وممارسته؟ وهل الرأي العام سيحاسب في صناديق الاقتراع من أفقره وبدّل في نمط عيشه وحوّل وطنه إلى مساحة غير قابلة للعيش؟

فلا يجوز ان يبقى لبنان رهينة هذا الفريق او ذاك، ولا يجوز ان يبقى مصير الناس معلّقاً على مزاج هذا الحزب أو ذاك. فإذا استيقظ منزعجاً يعطِّل البلد، وإذا استفاق منشرحاً يُفرج عن البلد. وما حصل أخيراً في شلّ الحكومة هو جريمة بحق لبنان وخطيئة بحق اللبنانيين، ومن غير المسموح ولا المقبول ان تمرّ مرور الكرام، من دون محاسبة او أقلّه تعهُّد من قِبل المسؤولين وفي طليعتهم رئيس الحكومة، بعدم الخضوع لسياسة التعطيل، خصوصاً انّ الميثاق اللبناني يمنح المسيحيين أو المسلمين حصراً حق الفيتو، ولا وجود إطلاقاً للفيتو الماروني او السنّي او الأرثوذكسي أو الشيعي او الكاثوليكي او الدرزي، وبالتالي، الفيتو هو فيتو مسيحي او مسلم، وما يقوم به «حزب الله» هو مخالف للدستور ومحاولة لتكريس أعراف جديدة لا تمُّت إلى الديموقراطية التوافقية بصلة.

فما حصل مع التعطيل الأخير للحكومة لا يجوز ان يتكرّر مهما كان الثمن، لأنّ مصير وطن وشعب لا يجوز ان يكون رهن أجندة فريق سياسي ومصالحه، فإذا قرّر تعطيل الحكومة يعطّلها، وإذا قرّر الإفراج عنها يُحرِّرها، وكأنّ لا دستور ولا قوانين ولا انتظام للمؤسسات وعملها، وبالتالي ما حصل يشكّل أكبر إدانة لهذا الفريق السياسي الذي يجب ان ترفض كل القوى السياسية مواصلة العيش معه تحت سقف السلطة التنفيذية، ويفترض ان تكون الصورة لديها أصبحت واضحة، فإما ان تحكم من دونه، أو فلتتركه يحكم وحده، ولكن هذا التعايش المهزلة لا يجب ان يستمر ويتواصل كونه يمنح الغطاء لهذا الفريق التعطيلي.

فهل يُعقل التعاطي مع الناس بهذه الخفة وفي مرحلة تشهد انهيارات مالية متواصلة؟ وهل يُعقل ان تعاود الحكومة اجتماعاتها وكأنّ التعطيل الذي شهدته كان نتيجة ظروف مناخية او تدخُّل أجسام فضائية؟ وهل يُعقل ان يبقى مفتاح المؤسسات في حارة حريك بدلاً من أن يكون في صلب الدستور وفي قلب المؤسسات؟ وإلى متى السكوت عن هذا الواقع الذي شلّ البلد ويشلّه وعطّل الدولة ويعطّلها وعزلَ لبنان ويعزله؟ ومن يضمن ألّا يتكرّر مشهد التعطيل المتواصل، منذ ان سلّم النظام السوري حليفه الإيراني مفاتيح القرار السياسي على إثر خروجه من لبنان في العام 2005؟

وأهضم ما في البيان الذي أصدره الثنائي الشيعي، وضع عودته للمشاركة في جلسات الحكومة تحت عنوان «الاستجابة لحاجات المواطنين ومنعاً لاتهامه بالتعطيل»، فأين كان حرصه على استجابة هذه الحاجات في كل الفترة التي كان يعطِّل فيها الحكومة والتي لم يعرف لبنان مثيلاً كارثياً لها؟ وماذا يمكن ان يُسمّى عمله التعطيلي بتسمية أخرى طالما انّه يرفض اتهامه بالتعطيل؟ وكيف يمكن توصيف شلُّه لمجلس الوزراء بغير التعطيل؟ وهل من المسموح ان تشيد بعض القوى بحكمة قراره وقف التعطيل؟ وأين الحكمة في قراره التعطيلي أساساً؟ وهل من سأله لماذا عطّل ولماذا تراجع عن تعطيله؟

وأصحاب الاختصاص في مجالي المال والاقتصاد مطالبون بجردة دقيقة حول الخسائر التي مُني بها الاقتصاد اللبناني جراء التعطيل الأخير، من أجل ان يطالب الشعب اللبناني الثنائي الشيعي بالتعويض عليه وعلى البلد، لأنّ غياب المحاسبة حوّل البلد إلى غابة ومزرعة ومشاع، وما ينطبق على «حزب الله» ينسحب على حليفه «التيار الوطني الحر»، الذي «تميزّت» ممارسته بالتعطيل والتفريغ وشلّ الحكومات، وتباينه عن الحزب أمس هو مجرد استثناء بسبب خلافهما السلطوي، فيما القاعدة كانت ان يعطِّل الحزب الدولة لمصلحة التيار.

ومن هذا المنطلق، لم تعد أنصاف الحلول مقبولة، كونها أوصلت البلد إلى الانهيار والفشل والعزلة، وبالتالي حان الوقت لمواجهة سياسية حقيقية تنطلق مع الانتخابات النيابية ورفض تأليف اي حكومة مع الفريق المعطِّل وإنهاء كل الممارسات المخالفة للدستور بدءاً من الفيتو المذهبي، مروراً بهرطقة تخصيص حقائب وزارية لمكونات مذهبية وسياسية، وصولاً إلى تشكيل حكومة أكثرية، والشروع في تطبيق الدستور بعيداً من الاستنسابية وتدوير الزوايا، ولكن الأساس يبقى في ان يقول الشعب كلمته.

ولا أحد يتعامل مع الانتخابات وكأنّها نهاية المطاف وما قبلها غير ما بعدها، إنما كمحطة نضالية ومواجهة أساسية لتعبئة الناس بحدّها الأقصى، بعد النماذج السيئة التي لمستها وآخرها تعطيل الحكومة، وذلك من أجل ان تشكّل الانتخابات فرصة لتحسين ظروف المواجهة من داخل المؤسسات مع الفريق الخاطف للدولة والمعطِّل لها والمغطي له، والاستفادة من الدينامية الشعبية من أجل استجلاب التدخُّل الدولي لتطبيق الدستور والقرارات الدولية وإعلان حياد لبنان، ومنع طهران من مواصلة استخدامها لبنان كساحة من ساحات نفوذها ومواجهتها، والتدخّل الدولي أكثر من مطلوب، ليس لتغليب وجهة نظر داخلية على أخرى، لأنّ الخلافات الداخلية تُعالج بالاحتكام للدستور، إنما من أجل رفع اليد الإيرانية عن لبنان على غرار رفعه في العام 2005 اليد السورية عن لبنان. وفي حال لم تحقِّق الانتخابات النتائج المطلوبة، ولم تشكّل الدينامية المتوقعة على خط التغيير المطلوب، فيجب الانتقال إلى وسيلة أخرى للمواجهة السياسية، لأنّ الوضع اللبناني لم يعد يحتمل المراوحة القاتلة والانتظار وسط الانهيار. وللبحث صلة.

 

معبرة جداً صورة إذاعة لبنان الرسمية التي توقفت عن الإرسال، والعتم يلف مبنى وزارة الإعلام والوكالة الوطنية للإعلام! درك جديد أوصلوا إليه البلد!

حنا صالح/فايسبوك/17 كانون الثاني/2022

في صبيحة اليوم ال823 على بدء ثورةالكرامة

معبرة أكثر صورة السنترالات في العاصمة، كل سنترالات "أوجيرو" متوقفة كلية وخدمة الإنترنت مقطوعة، والإتصالات الأرضية شبه مستحيلة! والسبب عدم تزويد الإذاعة والسنترالات بمادة المازوت!

يوم أحد 16 كانون الثاني 2022 أدخلوا بيروت في غيبوبة؛ لا كهرباء ولا إتصالات ولا ماء! إنه السقوط الحر للبلد في  زمن "العهد القوي" وتسلط حزب الله الذي اتخذ من اللبنانيين رهائن في خدمة أجندة خارجية ينفذها! فيما الآخرين، "زعماء" متجبرين، وكتل نيابية فضفاضة، في موقف المراقب المستقيل: واحد وصف نفسه بالمرشح الطبيعي لرئاسة الحكومة أعجز من القدرة على تنظيم خروجه بعد إنكشاف إفلاسه السياسي، فيما الوريث لا يجد حليفاً ولا ضمانة بقدرته على الحفاظ على مقعده النيابي، والآخر يخبرنا عن معجزة آتية إذا نجح مخطط تكبير حجمه النيابي ولا يخبر أحد كيف صرف نوابه ويدلنا على بعض إنجازاته وقس على ذلك، والتغول مستمر والكل مرتاح لإختطاف الدولة بالسلاح والفساد والطائفية!

من الإذاعة المتوقفة عن البث إلى السنترالات المطفأة، تتالى المشاهد المهينة كإذلال الناس أمام المصارف للحصول على فتات من جني أعمارهم، ومشهد الطوابير أمام محطات الوقود، والذل الذي يتعرض له الباحث عن رغيف أمام الأفران، وهو المشهد عينه عندما يحاصر الموت البطيء المتكدسين أمام المستشفيات، إلى مشهد المافيات الإحتكارية المحمية تنطلق قوافلها دون توقف بحماية الدويلة تنقل عير الحدود المحروقات والطحين، ومعها تستنزف قدرات البلد من خلال مخطط إجرامي قضى بأولوية تمويل الدويلة وميليشيات النظاام السوري وبتهريب الأموال إلى الخارج وتكبر كرة الإنهيارات!

2- إفراج حزب الله وأمل عن جلسات مقننة لمجلس الوزراء تكمل المشهد المبرمج لتكريس الهزل! هذا الثنائي الذي يتوسل سياسة التعطيل لفرض الإملاءات، وصل مرحلة دقيقة من إستخدام سياسة التعطيل والشلل العام، حاجته ماسة إلى رشوة جمهور من الموظفين والأجراء والمياومين، و"النجاح" في الوصول إلى مرحلة تجميد مسار العدالة لتفجير المرفأ وبيروت، نتيجة فقدان نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ما عطل كلية عمل المحقق العدلي طارق البيطار، فيعلن بري المشرع الأول" ورمز التعطيل: "جاءت العودة (إلى جلسات مجلس الوزراء) بعد تحميلنا مسؤولية إرتفاع سعر صرف الدولار وتدهور الأوضاع واتهامنا من أكثر من جهة بأن الحق يقع علينا جرّاء ما وصلت إليه الأمور"! ما عاز الله!

لكن مهلاً، مجلس الوزراء لن يدعى إلى إجتماعٍ هذا الأسبوع، وهو لم يجتمع منذ 105 أيام (آخر إجتماع وكان الثاني للحكومة تم في 12 تشرين الأول)، ووفق ميقاتي لإغنه سيدعو إليه الأسبوع الذي يلي بعد إنجاز الموازنة، فهل يعني ذلك أن الأمور بخير ؟ الحقيقة تم الإفراج جزئياً عن مجلس الوزراء، وبيد الثنائي نصرالله – بري تحديد جدوا أعماله وليس بيد ميقاتي- عون، فالجلسات ستنحصر ببحث الموازنة، ودرس "خطة التعافي" التي تتم من وراء الناس أصحاب العلاقة والودائع(..) ولا جلسات تتصل بأمور عاجلة وإستثنائية  متأتية عن كرة الإنهيارات أو تفشي الوباء في إعتداء سافر موصوف على الدستور ومندرجاته وفي إصرار على حكم البلد بالبدع والفتاوى والهرطقة التي تضرب صلاحيات حصرها الدستور بمجلس الوزراء ورئيس الحكومة على وجه الخصوص! تخيلوا فقط أن موظفاً معني بالتوقيع على العقود في وزارة الإتصالات طلع إلى التقاعد وما من آلية للتوقيع والحصول على المازوت..في بلد تتمركز فيه السلطة في يد مجلس الوزراء قرر الثنائي الطائفي المسار والمنحى والأولوية فيما الاخرين يسجلون المخالفات!

لقد سلب الثائي الطائفي صلاحيات رئيس الحكومة بوضع جدول أعمال مجلس الوزراء المحددة في المادة64 من الدستور، وهذا السلب عملية متراكمة مع تخلي شاغلي موقع رئاسة الحكومة عن صلاحياتهم الدستورية! ميقاتي بات في موقع من ينتظر جدول الأعمال من الثنائي الطائفي على أن يطلع عليه عون في مرحلة لاحقة وكل كلام آخر مغاير لا قيمة له!

3- فيما ينفي مكتب ميقاتي ما أوردته "الأخبار" من أن رئيس الحكومة "طلب سراً من بعض الجهات التنسيق مع أهالي شهداء المرفأ لتقديم دعاوى جديدة ضد المحقق العدلي طارق البيطار (لاستنسابيته)"! وقال مكتب ميقاتي أن الخبر مفبرك ورئيس الحكومة لا يتدخل في عمل القضاء ويدعو إلى إحقاق الحق..لإغن مجلس القضاء الأعلى مطالب اليوم قبل الغد ومهما كانت الظروف وحجم المداخلات أن يبادر إلى خطوة رفع الملامة عنه بالتعطيل، بالإقدام على إجتراح إقتراح تشكيلات جزئية لتكملة الهيئة العامة لمحكمة التمييز.. وليتحمل دعاة الشلل مسؤولية تفجير بيروت مرة ثانية وقتل الضحايا مجددا!

4_ وبعد، أشرقت شمس عكار عن إعلان قيام إئتلاف قوى التغيير. لقاء حاشد ضم المئات من كل جهات عكار وعد بتحالف واسع شفاف ثوري معبر عن حالة نوعية جديدة مثلتها بقعة الضوء التشرينية، وأكد أن التغيير المرتجى لا يكون مع أي طرف من مكونات السلطة الفاسدة، ووعد الإئتلاف بأن تحمل الأيام الاتية الآليات والمعايير لتقديم الحيثيات الأفضل والأصلب الملتصقة بأبناء عكار والتي ستفخر عكار بأن يكونوا ممثلين لها. وردة لهذا الإئتلاف!

وكلن يعني كلن وما تستثني حدن منن.

 

الثابت الوحيد… إيران دولة طبيعية أم لا

خيرالله خيرالله/العرب/17 كانون الثاني/2022

لن يكون من معنى لأي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة يتم التوصل إليه في فيينا أو في أماكن أخرى من دون معالجة جذرية للموضع الأهمّ المتمثل في سلوك إيران خارج حدودها.

ثمة أمور كثيرة يمكن الربط في ما بينها في ظلّ المزيد من الكلام عن احتمال وارد هو التوصّل إلى اتفاق أميركي – إيراني في شأن الملف النووي لـ”الجمهوريّة الإسلامية” مطلع الشهر المقبل. من بين هذه الأمور أنباء مصدرها وسيلة إعلام إسرائيلية عن قرب عودة العلاقات الدبلوماسيّة بين المملكة العربيّة السعودية وإيران. كذلك، هناك ربط بين سماح “حزب الله” بعقد جلسة للحكومة اللبنانيّة، التي يرأسها نجيب ميقاتي، من أجل “مناقشة إقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي” من جهة والانفراج الأميركي – الإيراني من جهة أخرى.

كان الحزب، الذي يمون على حركة “أمل” الشيعية، مصرّا في الماضي القريب على تعطيل عمل الحكومة في حال لم يجر “قبع”، أي اقتلاع، القاضي طارق بيطار المكلف بملفّ تفجير مرفأ بيروت. كان استمرار هذا التحقيق بشكل طبيعي، بعيدا عن التفاصيل التي تلهّى بها القاضي، سيؤدي إلى كشف من خزّن نيترات الأمونيوم في أحد عنابر مرفأ بيروت طوال سنوات وجهة استخدام هذه المادة في صنع البراميل المتفجرة التي كان يلقي بها النظام السوري على شعبه بغية إخضاعه. في الواقع، لم “يُقبع” القاضي بيطار بعد، لكنه جرى بطريقة أو بأخرى تعطيل مهمّته ولن يتمكن من إصدار قرار ظنّي في جريمة تفجير مرفأ بيروت. مثل هذه الصيغة تساعد في جعل جمهور “حزب الله” يبتلع إفراجه عن قرار يقضي بعودة الحكومة اللبنانيّة إلى الانعقاد في وقت عمّ البؤس كل لبنان، بكل طوائفه ومناطقة، بما في ذلك المناطق الشيعيّة.

تظلّ هذه الأمور في باب الافتراضات والتحليلات السياسيّة في وقت يبدو واضحا أن وضع إيران في اليمن لم يعد كما كان عليه في الماضي. فقدت “الجمهوريّة الاسلاميّة” القدرة على المبادرة في ظلّ الهزائم التي لحقت بأداتها المحليّة في محافظة شبوة المجاورة لمأرب التي استطاعت قوات “العمالقة” تطهيرها من الحوثيين (جماعة “أنصارالله”). لم تستطع إيران الذهاب إلى النهاية في استخدام الحوثيين في تثبيت وضع دائم في اليمن عن طريق السيطرة على مدينة مأرب ذات الأهمّية الاستراتيجية. بكلام أوضح، لم تستطع إيران، أقلّه إلى الآن، إقامة كيان سياسي قابل للحياة في اليمن، كيان يدور في فلكها، يمتدّ من مأرب إلى ميناء الحديدة مرورا بالعاصمة صنعاء التي تسيطر عليها منذ الحادي والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. يبقى الثابت، بعيدا عن الربط بين أمور معيّنة مثل عودة العلاقات بين السعودية وايران، وهو ربط قد يكون في محلّه أو قد لا يكون، أنّ السؤال الذي سيطرح نفسه في نهاية المطاف هل تريد إيران أن تعود دولة طبيعيّة أم لا؟ معنى ذلك، بالعربي الفصيح، هل “الجمهوريّة الإسلاميّة” قادرة على التخلّي عن أوهامها، في مقدّمها وهم دور القوّة الإقليمية المهيمنة ودور تصدير الثورة وتصدير نموذج آخر إلى جيرانها، نموذج لا ارتباط له بغير البؤس والميليشيات المذهبيّة؟

لن يكون من معنى لأي اتفاق بين إيران والولايات المتحدة، يتم التوصل إليه في فيينا أو في أماكن أخرى تجري فيها محادثات سرّية مباشرة بين إيرانيين وأميركيين، من دون معالجة جذرية للموضع الأهمّ المتمثل في سلوك إيران خارج حدودها. هذا كلّ ما في الأمر. البقية تفاصيل لا أكثر في إطار أكبر. إنّه إطار يشمل ما الذي ستفعله “الجمهوريّة الإسلاميّة” بالأموال التي ستحصل عليها في حال إلغاء بعض العقوبات الأميركية. ليس سرّا أن من الصعب إزالة كلّ العقوبات الأميركيّة دفعة واحدة. مثل هذه المسألة في غاية التعقيد في بلد مثل الولايات المتحدة حيث لا تستطيع الإدارة، مهما كانت قويّة، تجاوز الكونغرس بمجلسيه (مجلس الشيوخ ومجلس النواب). توجد في الكونغرس مجموعات تنتمي إلى الحزبين الديمقراطي والجمهوري ترفض أيّ تساهل مع ايران. يضاف إلى ذلك أدوات الضغط الإسرائيلية على الإدارة.

من الواضح أنّ الإدارة الأميركيّة، على الرغم من كلّ العاهات التي تعاني منها، بما في ذلك تولّي روب مالي الملفّ الإيراني، لن تقبل الاستسلام لإيران ولشروطها. حسنا، هناك إدارة جو بايدن التي يؤمن عدد لا بأس به من النافذين فيها بمن في ذلك الرئيس نفسه، بأنّ دونالد ترامب أخطأ عندما مزّق في العام 2018 الاتفاق الذي وقّع صيف العام 2015 بين مجموعة الخمسة زائدا واحدا و”الجمهوريّة الإسلاميّة” في شأن الملفّ النووي الإيراني. لكنّ هذا كلّه ليس كافيا لافتراض أن اتفاقا جديدا سيعني العودة إلى اتفاق 2015 من دون تعديلات تأخذ في الاعتبار ما تغيّر في العالم. ما تغيّر أن “الجمهوريّة الإسلاميّة” استخدمت الأموال التي أفرجت عنها إدارة باراك أوباما لدعم مشروعها التوسّعي في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

ليست إيران في السنة 2022 مشروعا نوويا، أي مشروع التحوّل إلى دولة نوويّة، فقط. صارت أكثر من ذلك بكثير بفضل صواريخها الباليستية وطائراتها المسيّرة وأدواتها المتمثلة في ميليشيات مذهبيّة موجودة في العراق وسوريا ولبنان واليمن. كان يمكن لهذه الميليشيات أن تهدّد بلدا مسالما مثل مملكة البحرين أيضا.

توجد افتراضات كثيرة، لكنّه يوجد ثابت واحد. الثابت الوحيد يختزله سؤال هل تستطيع إيران أن تكون دولة طبيعية أم لا؟ الجواب أنّ الإجابة عن مثل هذا السؤال في غاية الصعوبة. يعود ذلك إلى سبب واضح. يتمثّل هذا السبب في أن النظام الإيراني فشل داخليا على كلّ صعيد. النجاح الداخلي الوحيد الذي حقّقه كان في مجال قمع الشعب الإيراني. مشكلة هذا النظام أنّه لا يستطيع البقاء على قيد الحياة من دون تصدير أزماته الداخليّة إلى خارج حدوده. ما العمل مع مثل هذا النظام الذي لا يعرف أنّ ليس أمامه سوى التعاطي مع الواقع؟ الواقع هو الاقتصاد ولا شيء آخر غير الاقتصاد. لا يمكن لأيّ دولة لعب دور خارج حدودها من دون اقتصاد قوي. لا تستطيع “الجمهوريّة الإيرانية” أن تشذّ عن هذه القاعدة لا أكثر ولا أقلّ. هل من مجال لاقتناع “الجمهوريّة الاسلاميّة” بذلك؟

 

بايدن... حصاد قليل وتركة ثقيلة

سام منسى/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

في العشرين من الشهر الجاري، يُكمل الرئيس الأميركي جو بايدن السنة الأولى من ولايته، ما يستدعي مراجعة حصيلتها، ومحاولة استشراف ما تبقى منها. ومن باب الموضوعية أكثر منه من باب الدفاع عن بايدن، لا بد من الإشارة إلى أنه وصل إلى البيت الأبيض غداة جرح عميق تسبب فيه الهجوم على مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، في حادثة يمكن - لخطورتها - وصفها بأنها النسخة المحلية لأحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001. ولعل ذرائع الهجوم أكثر حراجة، وأبرزها التشكيك في نزاهة الانتخابات الرئاسية، واتهام القيّمين عليها بتزويرها، في مواقف غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة القريب والبعيد. الحادث وأسبابه أصابا الديمقراطية الأميركية في الصميم، وجعلاها محط سخرية وتندُّر لدى من جرت العادة أن تتهمهم واشنطن بعدم الالتزام بالاستحقاقات الدستورية، والانتقال السلمي للسلطة، وتشويه العملية الانتخابية وإفراغها من مضمونها، أي الدول ذات الأنظمة الشمولية والاستبدادية.

ولا نستطيع التغاضي عن شبه التشظي والإرباك الذي يمر به الحزب الديمقراطي، مع تنامي دور نشطاء اليسار الأميركي الشعبويين، واعتمادهم سياسة الهوية التي جعلت كل شريحة من شرائح المجتمع الأميركي تنكفئ إلى هوياتها الفرعية، مؤججين التجاذب الشديد الذي تمر به أميركا راهناً.

يضاف إلى ذلك تداعيات جائحة «كورونا» على الاقتصاد الأميركي ودورته، كما على مستقبل العولمة ببعدها الاقتصادي القائم على مصطلح «انضغاط المسافة والوقت»، أي تدمير الحواجز والمسافات المكانية، وتحرك رأس المال بوتيرة أسرع. الجائحة شلت سلاسل التوريد عبر القارات، ودفعت كبريات الدول - وعلى رأسها أميركا - إلى إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية الاستراتيجية، والحد من الاعتماد على الدول الأخرى - وتحديداً الصين - في توفير المنتجات والخدمات. يبقى الأخطر بين هذه القضايا الداخلية هو قطعاً تراجع الديمقراطية الأميركية، الذي وصفه محللو مؤسسة «فريدم هاوس» بأنه ملحوظ ومتسارع بين عامي 2010 و2020؛ إذ انخفضت درجة الحرية بمقدار 11 نقطة من 94 إلى 83 على مقياس 100. هذا التراجع يحصل في وقت تتصاعد فيه الشعبوية في أوروبا التي بدورها تعاني أزمة في ديمقراطياتها، وتتمكن النزعات الديكتاتورية في الصين وروسيا من دك قواعد النظام العالمي الذي أُرسي بعد الحرب؛ لا سيما قواعد احترام عدم التعدي الإقليمي. إن استقطابات الوضع الداخلي كافية لشغل سنوات إدارة بايدن الأربع، وليس الأولى فقط، فماذا عن هموم الخارج وتحدياته؟ دخل الرئيس بايدن المكتب البيضاوي وهو يحمل تركة صعبة ومعقدة، لأكثر من إدارة غيرت كل منها المبادئ التقليدية التي قامت عليها تاريخياً السياسات الخارجية، بدءاً من سياسة إدارة جورج بوش الابن التي قامت على مبدأ أن العمل الأحادي الجانب من شأنه أن يؤسس لتفوق أميركا، فظهرت مفاهيم «الفوضى الخلاقة» و«تصدير الديمقراطية»؛ ناهيك عن الحرب على الإرهاب ومحور الشر التي خاضها، مروراً بإدارة باراك أوباما التي انتهجت مبدأ «القيادة من الخلف»، مع ما استتبعها من نهج التردد والتخبط وخذلان الحلفاء، وصولاً إلى إدارة دونالد ترمب التي اعتمدت مبدأ «أميركا أولاً»، وتميزت بالتأرجح في السياسات تجاه الملفات الداخلية، وعدم الاستقرار والاتزان في السياسة الخارجية.

إن ردود الفعل الأميركية الباهتة والمترددة على الأحداث الجسام التي شهدها العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، خير دليل على أن تعثّر الديمقراطية الأميركية الذي لفتنا إليه آنفاً، لا يؤثر على الولايات المتحدة فحسب؛ بل إن عواقبه دولية مأسوية وعميقة تطال العالم بأسره. نبدأ بمنطقة الشرق الأوسط وزلزال الربيع العربي الذي لم يكتمل، فأزال بعض ديكتاتوريات لكنه عجز عن تحقيق الانتقال الديمقراطي، فتفككت بعض دوله، وسقط البعض الآخر في دوامة الحروب، أبرزها الحرب السورية عام 2011، بين شعب انتفض ونظام ديكتاتوري استدعى الروس لحمايته عام 2015، بعد أن أعطى إيران ووكلاءها في المنطقة الضوء الأخضر لمقاتلة شعبه، وحتى اقتلاعه.

دولياً، نذكر اختراق الصين لوضع هونغ كونغ الخاص، وقمع الحركات الطلابية والناشطين، ومحاولة محاكاة الحالة الصينية الاستبدادية فيها، ومواصلة مساعي بكين لفرض سيادتها على بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه مع دول أخرى في شرق وجنوب شرقي آسيا، وتهديدها تايوان وتمددها الاقتصادي عبر «مبادرة الحزام والطريق»، بهدف التحكم في البنية التحتية للنقل، والهيمنة على الدول من خلال الإقراض. ولا يغيب مشهد احتلال روسيا للقرم سنة 2014، وحشدها اليوم أكثر من 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية والتهديد باجتياحها، أو في كازاخستان؛ حيث استدعت قوات حفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي أداة روسية بامتياز، لقمع احتجاجات شعبية ضد النظام، وراؤها مطالب معيشية واقتصادية، هذا علاوة على محاولة اختراق موسكو للديمقراطيات الغربية والعبث بها، بتدخلها في الانتخابات؛ لا سيما الأميركية. ونستذكر أخيراً البعبع الإيراني برؤوسه الثلاثة: البرنامج النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، والتوسع الإقليمي عبر دك مفاصل الدولة الوطنية، كما هي الحال في لبنان وسوريا واليمن والعراق، بمزاعم مذهبية فجة، وتهديد أمن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، كما أمن الممرات المائية الدولية.

كل ذلك ما كان ليحصل لو اتُّخذ في واشنطن قرار مبني على رؤية واضحة وسياسة استراتيجية بعيدة المدى، وما كان ليحصل لو لم تُنهِ إداراتها المتعاقبة دورها كضابط للنظام العالمي، متيحة للآخرين اللعب في فراغه. اليوم، وبعد فك الارتباط مع العالم العربي، والخروج المخزي من أفغانستان، والتسويات مع المنظمات الخارجة عن الدولة والمتشددة العنيفة، والسماح لروسيا والصين بكل التجاوزات، تخطو واشنطن باتجاه اتفاق نووي جديد مع إيران بأي ثمن؛ اتفاق يحاكي الأول، وستكون نتائجه تسعير النزاعات والمشكلات في المنطقة؛ لا سيما إذا رُفعت العقوبات الأميركية، وتدفقت الأموال على إيران، بما سيعزز أدوار حلفائها وأذرعها في أكثر من بلد ونزاع. لا شك في أن مستوى رد الفعل الأميركي على التعدي على سيادة الدول، وعلى دوس حريات الشعوب وقمع انتفاضها على الاستبداد بأشكاله كافة، قد هبط، في دليل على أنه عندما أصيبت الديمقراطية في الداخل الأميركي بزُكام، دخلت الديمقراطية في أكثر من مكان غرفة الإنعاش.

صحيح أن الولايات المتحدة تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، إلا أن ذلك لا يعني أبداً أن يشهد العالم تراجعها عن المبادئ والقيم التي قامت عليها منذ أكثر من مائتي سنة، والأدوار الحميدة التي لعبتها، لا سيما في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ودحر النازية والفاشية، وما قامت به في أوروبا واليابان بعد الحرب، مثل محاصرة الستالينية وخطة مارشال.

وبالعودة إلى سنة بايدن الأولى، يصعب الحكم عليها من دون الحكم على أداء السياسة الأميركية على مدى أكثر من عقد ونصف العقد، وهو حُكم سيئ يصيب أصحاب القرار أكثر مما يصيب أميركا. وللإنصاف، ينبغي الإشارة إلى أن ما نقوله عن أميركا ينسحب على حلفائها الأوروبيين «المسكونين» بهاجس الاستقرار والرفاهة والرغبة في الحفاظ على التعاون الاقتصادي؛ لا سيما في مجال الطاقة مع روسيا، ولو على حساب الديمقراطية. هل إدارة بايدن قادرة فيما تبقى من عهدها على مراجعة كل هذه السقطات في الداخل والخارج، واستنهاض سياسة مستقبلية مع الحلفاء الأوروبيين، في وجه صعود الاستبداد في أكثر من مكان؟ سنتلمس معالم الإجابة عن هذا السؤال في شقه الداخلي مما ستسفر عنه الانتخابات النصفية المقبلة والرئاسية بعد ثلاث سنوات، ولعلها الأهم في التاريخ الأميركي، وفي شقه الخارجي مما ستسفر عنه محادثات فيينا؛ لأنها البوصلة التي تؤشر إلى ما ينتظرنا في المقبل من الأيام.

 

الحرب مع إيران... الاحتمال الأقرب

عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

قد يأتي يوم تقتنع فيه طهران بأن تتحول إلى دولة مسالمة، تلتفت إلى التنمية وخدمة شعبها، وتتخلى عن مشروعها العسكري وتهديد المنطقة، وتصبح بلداً صديقاً لنا.

المؤسف أن هذا الاحتمال هو الأبعد. الواقع يقول إن إيران توشك أن تصبح نووية عسكرياً، وتضخم ترسانتها الباليستية، وتتمادى في تمددها الإقليمي. هذا تفكير دولة تنوي وتخطط لخوض حروب أكثر وأخطر.

لهذا السبب، وأسباب أخرى، أرى أننا، في المنطقة، سندخل مكرهين في حرب مباشرة مع إيران، وعلينا أن نفكر دفاعياً لليوم الصعب. هذا الاستنتاج ليس عن انطباع شخصي، بقدر ما هو تلخيص لما يحدث أمام العالم. استمرار إيران في التخصيب وإصرارها على المضي في عملياتها العسكرية الخارجية متحملة العقوبات رغم أضرارها، لا يمكن إلا أن ينتهي بصدام عسكري معها. وتبنيها لسياسة العسكرة ليس عن خوف أو مواجهات مفروضة عليها بل مشروع واضح الصورة، استخدام القوة للسيطرة على دولنا ومنطقتنا، وليست لمواجهة أميركا أو إسرائيل، كما تقول، والدليل ماثلٌ للعيان حيث تدير حروباً في ثلاث دول عربية.

دائماً هناك أمل في حل سياسي مع إيران والتوصل إلى سلام شامل، بما ينهي الحروب ويعيد الأمن للمنطقة. إنما هذا التفكير الوردي لا يمكن المراهنة عليه، برنامجها العسكري وسلوكها المستمر يفرضان علينا أن نقرأ بواقعية ما يحدث.

ما هي احتمالات قيام النظام الإيراني بهجوم عسكري مباشر؟ سابقاً، كان من المستبعد حدوثه تماماً، فمعظم الذين يتناولون شؤون المنطقة على قناعة بأن طهران لن تخوض معارك مباشرة، وتفضل عليها استخدام الوكلاء، وإن هذه استراتيجيتها منذ نهاية حربها المدمرة مع العراق التي كانت درساً قاسياً عليها. ووفقاً لهذا التصور كانت سياسات دول المنطقة تكتفي بمواجهة وكلاء إيران. امتناع إيران عن خوض الحروب بنفسها مباشرة كان لأسباب منها، وجود دولة عظمى تواجهها قادرة على تدميرها، وذلك قبل نضوج المشروع النووي، وعجزها على مواجهة دول مثل إسرائيل والخليج. في رأيي، هذا التصور أصبح قديماً، مع المتغيرات التي طرأت، فقد تضخمت طموحاتها الإقليمية الكبرى مع تضخم قوتها، ونحن نرى كيف تحاول مد نفوذها على مساحة كبرى من طرطوس، على البحر المتوسط، إلى باب المندب، جنوب البحر الأحمر، إلا أن استثمارها مواردها في مشروعها السياسي العسكري الخارجي وضع اقتصادها على حافة الانهيار، وتسبب في تزايد الانتفاضات التي لم تتوقف ضد النظام داخل البلاد، ولم تعد تقتصر على القوى الانفصالية، بل تسللت إلى عمق النظام وبين عصبته في قم وطهران. لهذا قد يعتبر النظام أن الانتصار الخارجي هو المنقذ الوحيد له في أزمته مع شعبه، والخطر الداخلي أعظم تهديد وجودي يواجهه اليوم، وتعيين إبراهيم رئيسي رئيساً يؤكد أن الإصلاح الاقتصادي ليس ضمن أولويات النظام بل الحرب فقط. وفي الوقت الذي تتزايد النزعة العدوانية في طهران لا نرى ما يقابلها في المنطقة بتشكيل تحالف عسكري مضاد لتعويض الفراغ المقبل، ولا سياسات تردع إيران عن فكرة الحرب المقبلة. للحديث بقية.

 

طريق سليماني وطريق الحرير

غسان شربل/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

قبل أيامٍ من زيارة رئيسها إلى روسيا وبعد أيام من زيارة وزير خارجيتها إلى الصين، تبدو إيران مهتمةً بتعميق سياسة التوجه شرقاً، أكثر من اهتمامها بنتائج المفاوضات في فيينا. وقد يكون السبب أنَّها تنظر إلى العلاقة مع الصين وروسيا كورقة تحميها في مجلس الأمن إذا اختارت سياسة المراوحة الدائمة في الاشتباك الطويل مع أميركا. ورقة تساعدها أيضاً في الالتفاف على العقوبات. وربما تطمح طهران في أن تلعب دور الممر الإلزامي للصين إلى الدول التي باتت تسيطر فيها على القرار أو تملك حق النقض حياله. في موسكو يتوقع أن يهتمَّ الرئيس إبراهيم رئيسي بتجديد الاتفاق الذي وقعه الرئيس محمد خاتمي في 2001 لمدة عشرين عاماً. وثمة من يلمح إلى أن طهران مهتمة بالذهاب أبعد في العلاقة مع موسكو، خصوصاً بعد الصفحة الجديدة مع بكين وبعد الانضمام إلى معاهدة شنغهاي. تموضع إيران في المثلث الذي يضمها مع روسيا والصين ليس بسيطاً. فلكل من الدولتين حسابات كبيرة ومعقدة في المنطقة تمنعهما من الالتزام بالجسر الإيراني كمعبر إلزامي للدخول إلى الإقليم أو بعض أجزائه. مراجعة بسيطة لعلاقات الصين وروسيا مع السعودية وتركيا ومصر والإمارات تساعد في طرح السؤال: هل تستطيع إيران الذهاب بعيداً مع الصين وروسيا من دون أن تتغير؟ يذكر السؤال بثلاثة أضرحة في ثلاث عواصم.

بماذا يشعر صحافي إذا أتاحت له المهنة الوقوف أمام ثلاثة أضرحة في ثلاث عواصم تعذّبها ذكريات تاريخ إمبراطوري أو أحلام مستقبل يتوهَّم القدرة على استعادة بعض ما كان؟ في موسكو يستطيع الزائر الوقوف أمام ضريح لينين. الانتظار في الصف لا يشير بالضرورة إلى استمرار دور الرجل المسجَّى. إنَّه في الأغلب فضول السياح. هذا لا ينفي إمكان أن يأتي شيوعي يرفض التقاعد للبكاء على الرفيق الذي غدرته الأيام. يستطيع زائر آخر البحث عن أسباب للتعزية. كأن يقول إنَّ البلاد هي الآن في أيدٍ أمينة، وإنَّ صاحب القرار في الكرملين «سوفياتي» الهوى والأساليب، ويبذل ما في وسعه لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

لا يحتاج الزائر المحايد إلى جهد للتأكد أنَّ الرجل الذي هزَّ بدايات القرن الماضي قُتل فعلاً. قُتل حين تجرَّأ وريث له اسمه ميخائيل غورباتشوف على فتح النافذة فسارعت الرياح إلى الهبوب، وكان الانهيار الشامل للاتحاد السوفياتي وحزب لينين والإمبراطورية التي أوكلت إلى «الرفاق» الأمناء العامين حراسة قاموسها ونموذجها وحدودها. لا مبرر للذهاب أبعد. تحول فلاديمير لينين مجرد صفحة من تاريخ قديم. نحن نعيش الآن في ظل فلاديمير بوتين الذي قد يسمى لاحقاً فلاديمير الكبير أو فلاديمير الرهيب.

في بكين يستطيع الزائر الوقوف أمام ضريح «الربان العظيم» ماو تسي تونغ. نجت الصين من انهيار على الطريقة السوفياتية. ونجا ماو من عقاب قاتل كالذي تعرض له لينين. هذا لا يعني أبداً أنَّ ماو يدير البلاد من ضريحه. ولا يعني أيضاً أنَّ هذه القارة المصابة بحمى التقدم والإنتاج لا تزال تتوقف عند العقاقير القديمة التي تضمنها «الكتاب الأحمر» الذي كان يعد القلعة والمفتاح في أيام القائد المؤسس. لقد دفع «الكتاب الأحمر» إلى التقاعد من دون قرار رسمي. سمح له بالاستمرار شكلياً في مقابل امتناعه عن عرقلة الصين الجديدة.

ثمة رجل أنقذ ساكن الضريح وبلاد الضريح. إنَّه دينغ هسياو بينغ. رفيق القائد الكبير والمطلع على ضعفاته ومغامراته التي تسببت في إنجاب شعب من الضحايا والمقابر. رفض دينغ تقديس الأشياء والانحناء أمام أصنامها. لا بد من اللحاق بالعصر ومكافحة الفقر والجوع والتخلف. لون الهر ليس مهماً. المهم أن يصطاد الفئران. لا بد من التصالح مع العصر ومحاولة اللحاق به. لن يسمح لماو بإدارة البلاد من ضريحه. يستحيل على الأموات قيادة الأحياء. أنقذ دينغ بلاده من انفجار الفقر. وأنقذ الثورة من صدام حتمي بمئات ملايين المهددين بالجوع. ماو العظيم مجرد صفحة في التاريخ. البلاد والحزب والمصنع الهائل في عهدة زعيم جديد يمتلك حق الشطب والتصحيح إذا خطر بباله فتح «الكتاب الأحمر».

يختلف الشعور إذا وقف الصحافي أمام ضريح الخميني في طهران. طبعاً لا بد من الالتفات إلى أنَّ ثورة الخميني جاءت من قاموس يختلف تماماً عن ذلك الذي استرشد به ماو ولينين. قاموس يتَّهم من يخرج عليه بالكفر أو الزندقة أو الردة وعقوبات هذا النوع من الاتهامات معروفة. تخوض الثورة الإيرانية حالياً في الأربعينات. يلعب المرشد دور حارس جمر الثورة ويعدها بمزيد من العقود الشبيهة من دون تبديل أو تعديل. يبدو مهتماً بـ«إجهاض العقوبات» لا بإعادة تقويم السياسات. لم يظهر في طهران الخمينية غورباتشوف أو ما يشبهه. ثم إنَّ التجارب أوضحت أنَّ جوهر القرار موجود في مكتب المرشد وأنَّ بعض قادة الحرس أكثر رسوخاً من ابتسامات الرؤساء المتعاقبين أو قبضاتهم. لم يظهر غورباتشوف ولم يظهر دينغ أيضاً. لا توحي تصريحات المسؤولين الإيرانيين بأن لديهم شعوراً بالحاجة إلى العصرنة والمصالحة مع العالم المتغير. يمكن القول إنَّ المفاعل الإيراني ما زال يرسل الإشعاعات نفسها. أهل المنطقة يختصرون سياسة إيران في الإقليم بعنوان «تصدير الثورة». ويستند هذا الانطباع إلى الانقلابات الأربعة التي قادها الجنرال قاسم سليماني في كل من لبنان والعراق وسوريا واليمن. انقلابات أدَّت إلى تصدع الخرائط وتعميق نزاعات وإطلاق أخرى. لم تشهد مسارح هذه الانقلابات تجربة انتصار يفتح باب الاستقرار والازدهار. وكأنَّ ما حققته سياسة «تصدير الثورة» يفوق قدرة طهران على إدارته أو هضمه. مع زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان إلى بكين قبل أيام، أعلن رسمياً بدء سريان اتفاقية التعاون الاستراتيجي الشامل المبرمة لمدة خمسة وعشرين عاماً. كلام عن استثمار 400 مليار دولار. عن سكك حديد وموانئ وتعاون اقتصادي وسياحي وإنمائي ودفاعي. اندفاعة جديدة لمبادرة «الحزام والطريق» التي ستحكم أيضاً ربط المصالح الإيرانية بالممر الباكستاني. هل تستطيع إيران الانخراط تماماً في هذه الورشة مع الصين من دون أن تتغير؟ وهل يمكن إنجاز ورشة استثمار على فوهة بركان؟ وهل تستطيع إيران أن تسلك في الوقت نفسه طريق سليماني و«طريق الحرير»؟ أوليسَ لدى طهران ما تتعلَّمه من دروس الضريحين الروسي والصيني؟

 

اليمن... في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل!

مشاري الذايدي/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

قائد القوات المشتركة في اليمن، القائد العسكري السعودي، الفريق أول مطلق بن سالم الأزيمع، شرح أسباب الانتصارات الأخيرة ضد الميليشيات الحوثية المدارة من طرف النظام الإيراني. انتصارات متتابعة بوتيرة عالية في مأرب وشبوة، والآن البيضاء، على يد تشكيلات ومجموعات مختلفة، من ألوية العمالقة الجنوبية إلى الجيش الوطني ورجال القبائل وأهالي المحافظات... طبعاً كل ذلك بسند وعمل ورعاية عسكرية ولوجيستية وسياسية واستخبارية من قوات التحالف بقيادة السعودية. هذا القائد العسكري هو الأدرى بمجريات الميدان ومن عمل ومن تخاذل، ومن يدعي أنه عمل. الفريق أول ركن مطلق بن سالم الأزيمع، قائد القوات المشتركة، لدى اجتماعه بالقيادات الميدانية وقيادات التحالف قبل أيام قليلة، عبّر عن شكره لمأرب «الأبية»، التي وصفها بـ«قلعة الصمود العصية»، مشيداً بتضحيات الجيش الوطني والمقاومة وقبائلها وما قدمته ألوية العمالقة «إعصار الجنوب»، مؤكداً أنهم «أهل المبادئ والعهود».

كما شكر «أهالي شبوة الكرام الذين تضافرت جهودهم مع أشقائهم لتطهير شبوة من رجس الحاقدين وعار المتخاذلين»، وضع تحت كلمة المتخاذلين وعارهم، العديد من الخطوط! كما ثمّن القائد السعودي «موقف الشقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة (إمارات الفزعة) من خلال ما تقدمه من تضحيات بطولية، مشاركة بذلك شقيقتها المملكة العربية السعودية وشقيقاتها دول التحالف لدعم الشرعية في اليمن». وهذا الكلام يلغي كل وسوسات وهمهمات المرجفين في المدينة، إلا إذا ادعى بعض عباقرة السوشيال ميديا أنهم أدرى من هذا القائد الكبير!؟

لماذا حصل هذا النصر، ونحن للتو في بداياته؟ لا غنى طبعاً عن الدور السياسي والاحتضان الاجتماعي في تحصيل النجاح العسكري الميداني. وهذا ما لا حظه الجنرال الأزيمع، في تصريحاته، ولذلك قال: «نتطلع إلى ترك المصالح الضيقة والمنافع الذاتية إكراماً للشهداء ولمستقبل اليمن السعيد». والرسالة تعرف طريقها وعنوانها: «والناس تُعرف بالجدايد والأسمال»، كما جاء في الموروث الشعري الشعبي النجدي. نحن أمام مشهد يمني جديد، مشهد انتظرناه طويلاً، وهو ماضٍ باتجاه إنجاز المهمة، التي هي استعادة الدولة اليمنية ومنع نجاح المشروع الإيراني في خاصرة الجزيرة العربية. لكن هذا مشروط ببقاء الأسباب التي خلقت هذا المشهد، والحيلولة دون عودة «المتخاذلين» وأصحاب المصالح الضيقة، الذين أشار لهم حديث قائد القوات المشتركة. نحن نبصر عياناً مظاهر النصر في اليمن، والهزيمة لأتباع إيران، ويكفي مطالعة هذا الرقم، فوفق تقديرات عسكرية يمنية، خسرت الميليشيات الحوثية في الأسبوعين الأخيرين، فقط، أكثر من أربعة آلاف قتيل. هذا هو المشهد الحقيقي، أما دعايات الحوثي ومناصري دعاياته، من داخل اليمن وخارجه، وسموم أتباع الإخوانية توكل كرمان وأمثالها، ودعاة الفتنة بين دول التحالف، فهؤلاء وهم وسراب.

يكفي حديث أهل الشأن، الذين يصدق فيهم وفي كلامهم قول المتنبي: خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل!

 

أميركا تخادع نفسها بشأن السياسة العالمية؟

بيتر بينارت/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

في قلب الأزمة الحالية بين واشنطن وموسكو، حشد فلاديمير بوتين القوات على حدود روسيا مع أوكرانيا ولمَّح إلى أنه قد يشن غزواً ما لم يتلق ضمانات بأن أوكرانيا لن تنضم أبداً إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو). لكن إدارة بايدن رفضت هذا المطلب على الفور، وأصرَّت على أن الدول القوية لا يمكنها أن تطالب بأن يقع جيرانها داخل «مناطق نفوذها». وبحسب وزير الخارجية أنتوني بلينكن «ليس لدولة ما الحق في إملاء سياسات دولة أخرى، أو إخبار ذلك البلد بمن يمكنه الارتباط به، ولا يحق لدولة ممارسة تكوين مجال نفوذ. يجب أن تُذهب هذه الفكرة إلى مزبلة التاريخ»، فهذا مبدأ نبيل، ليس فقط مبدأ تلتزمه الولايات المتحدة.

مارست الولايات المتحدة مجال نفوذ في نصف الكرة الأرضية الخاص بها لما يقرب من 200 عام، منذ أن أعلن الرئيس جيمس مونرو، في رسالته السنوية السابعة إلى الكونغرس، أن الولايات المتحدة «ينبغي أن تنظر في أي محاولة» من جانب القوى الأجنبية «لتوسيع نظامها إلى أي جزء من هذا النصف من الكرة الأرضية يشكل خطراً على أمننا وسلامتنا». عند الاستماع إلى السيد بلينكن، قد تعتقد أن الولايات المتحدة قد ألقت منذ فترة طويلة هذا الامتياز على السياسات الخارجية لجيرانها الجنوبيين في مزبلة التاريخ. لكنها لم تفعل شيئاً من هذا القبيل. ففي عام 2018، وصف وزير خارجية دونالد ترمب، ريكس تيلرسون، «مبدأ مونرو» بأنه «ملائم اليوم كما كان في يوم كتابته». في العام التالي، تفاخر مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، بأن «عقيدة مونرو حية وبصحة جيدة». من المؤكد أن الولايات المتحدة لا تطبق «مبدأ مونرو» بالطريقة نفسها التي فرضتها في النصف الأول من القرن العشرين، عندما نشرت بانتظام مشاة البحرية في أميركا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، أو أثناء الحرب الباردة، عندما ساعدت وكالة «الاستخبارات المركزية الأميركية» (سي آي إيه) في إسقاط الحكومات اليسارية. لقد تغيرت أساليب واشنطن وباتت تفضّل الآن استخدام الإكراه الاقتصادي لمعاقبة الحكومات التي تتحالف مع الخصوم وتتحدى هيمنتها الإقليمية.

لنتأمل هنا الحظر الذي تفرضه واشنطن على كوبا منذ عقود. قد يزعم المسؤولون الأميركيون أن هدف الحظر هو الترويج للديمقراطية، ولكن تقريباً كل حكومة أخرى على وجه الأرض - بما في ذلك الديمقراطيات - تعتبره عملاً من أعمال البلطجة السياسية. ففي العام الماضي، أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة الحظر بأغلبية 184 صوتاً مقابل صوتين، ونددت «هيومن رايتس ووتش» بالحظر لفرضه ما اعتبرته «مشقة عشوائية على السكان الكوبيين».

لا يحتفل مسؤولو بايدن بمبدأ مونرو كما فعل أسلافهم في إدارة ترمب، لكنهم ما زالوا يهاجمون جيران أميركا. وبايدن لم يخفف الحظر المفروض على كوبا، كما أنه لم يضع حداً لجهود ترمب لعزل فنزويلا عن التجارة العالمية، ذلك على الرغم من أن لها حكومة استبدادية تغازل أعداء أميركا. لا تزال الولايات المتحدة، بحسب تعبير أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي، على استعداد لـ«تجويع الفنزويليين حتى تستسلم قيادتهم أو يطردهم شعبهم». فهذه السياسات تنبّه حكومات أميركا اللاتينية الأخرى إلى أن تحدي واشنطن يمكن أن يؤدي إلى تكاليف باهظة. تمارس الولايات المتحدة أيضاً نفوذاً كبيراً من خلال «قوتها الناعمة». ولأن الولايات المتحدة لديها اقتصاد ديناميكي ومجتمع مفتوح، فإن العلاقات الوثيقة مع واشنطن أكثر جاذبية لجيران أميركا من العلاقات الوثيقة مع موسكو بالنسبة لروسيا.

لا يزال داخل القفاز المخملي قبضة حديدية، بحسب تعبير إيريكا باني، مؤرخة السياسة الأميركية والمكسيكية، بقولها «لقد أوضحت الحكومة المكسيكية تاريخياً، أنها لا تستطيع فعل أي شيء تريده على الإطلاق» في الشؤون الدولية لأنه «إذا كنت تعيش بجانب الفيل، عليك أن تعلم أنه من الأفضل عدم استفزازه». يمكن للمكسيك، التي تشبه في قرب حدودها الطويلة مع الولايات المتحدة قرب الحدود بين أوكرانيا وروسيا، أن تختلف علناً مع السياسة الخارجية للولايات المتحدة، لكنها لا تستطيع الانضمام إلى تحالف عسكري مع خصوم الولايات المتحدة. كذلك من المستحيل تخيل حكومة مكسيكية تدعو القوات الروسية أو الصينية إلى جانبها في «ريو غراندي». لا يعني أي من هذا أن لروسيا الحق في السيطرة على أوكرانيا. إذا كانت البلطجة الأميركية الإقليمية خاطئة، فإن نسخة موسكو الأكثر فظاظة - والتي تتكون حالياً من قوات محتشدة على الحدود الأوكرانية - أسوأ من ذلك. لكن المشكلة مع السذاجة المتعمدة لإدارة بايدن بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه أميركا اللاتينية، هي أنها تعزز سذاجة متعمدة حول الطريقة التي تعمل بها السياسة الدولية. بالطبع، لأوكرانيا الحق في صياغة سياسة خارجية مستقلة. لكن السياسة الخارجية ليست ممارسة في الأخلاق المجردة، فهي تنطوي على أسئلة السلطة. وتفتقر الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إلى القوة لحرمان روسيا من أن يكون لها رأي في مستقبل أوكرانيا لأنهم ليسوا على استعداد لإرسال أبنائهم وبناتهم للقتال هناك. ضمنياً، أقرّت إدارة بايدن بالفعل بأن: «الناتو» ليس لديه خطط لقبول أوكرانيا في أي وقت قريب؛ لأن القيام بذلك سيلزم الولايات المتحدة وأوروبا الدفاع عن أوكرانيا. وليس هناك فرصة لأن تلتزم الولايات المتحدة وأوروبا هذا الالتزام إذا كان ذلك يعني محاربة القوات الروسية.

مادامت موسكو مستعدة للتهديد بالحرب، يمكنها إبعاد أوكرانيا عن «الناتو». فإدارة بايدن لا تريد الاعتراف بذلك علناً خوفاً من إضعاف معنويات الحكومة الأوكرانية، وتشجيع فلاديمير بوتين على توجيه تهديدات أكبر. وبحسب اقتراح توماس غراهام وراجان مينون، قد يكون الحل الأفضل هو لغة دبلوماسية بارعة تسمح لموسكو بالادعاء بأنها منعت أوكرانيا من دخول «الناتو» وتسمح للولايات المتحدة وأوكرانيا بالإصرار على أنه لا يزال بإمكانها الانضمام إلى مستقبل نظري بعيد.يجب أن تكون أولويات أميركا القصوى منع نشوب حرب أوسع، وضمان بقاء أوكرانيا مجتمعاً حراً في الداخل. إن الصفقة التي تعترف ضمنياً بحق النقض الروسي على التحالفات العسكرية لأوكرانيا تستحق البلع من أجل تحقيق ذلك، حيث إن روسيا تمارس حق النقض بالفعل عملياً. إنه أفضل بكثير من غزو روسي واسع النطاق، والذي يكشف حدود التزام أميركا تجاه أوكرانيا ويحول البلد بأكمله إلى ساحة معركة.

لكن هذا النوع من التسوية، الذي يعترف بالحقائق القاسية للقوة الجيوسياسية، يكون أكثر صعوبة عندما يتظاهر المسؤولون في واشنطن بأن الطغاة فقط يتوقعون رأيا في سلوك جيرانهم الأضعف. يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن الكذب على نفسها، وكلما كانت إدارة بايدن أكثر استعداداً للاعتراف بأنها تتوقع أيضاً وجود مجال نفوذ في ركنها من الكرة الأرضية، كانت أكثر قدرة على ضمان أن مجال نفوذ روسيا لن يدمر أوكرانيا أو يغرق أوروبا في الحرب.

* خدمة «نيويورك تايمز»

 

الشماتة في الموت والمرض

طارق الشناوي/الشرق الأوسط/17 كانون الثاني/2022

نيران الحقد والتشفي أراها مجسدة أمامي بقسوة بعد أن تم توجيهها لعدد كبير من الأصدقاء الذين سبقونا ورحلوا للعالم الآخر، أغلبهم كانوا من ضحايا «كورونا» وتوابعها اللعينة، وُجِّهت إليهم تلك الضربات السوداء. شعرت أنني بوداعهم أشيّع جزءاً من نفسي وزمني وذكرياتي. من البدهيّ أن كل إنسان له ما له وعليه ما عليه، الله وحده فقط هو الذي يحاسبنا وعنده تجتمع الخصوم. ساحة القصاص من المرضى والموتى ليست أبداً على الأرض، البعض منح نفسه مفاتيح الجنة والنار، كثير من الكتابات عبر «السوشيال ميديا» تراها مغموسة بحبر الفرحة باعتبار ما ألمّ بهؤلاء عقاباً مستحقاً من الله عز وجل على البشر الآثمين.

لا أدري كيف يستقبل العقل السليم هذه الترهات. كل كائن حي يمضي إلى الموت في ساعة يعلمها فقط العلي القدير، وفي مشوارنا قد نواجه المرض أكثر من مرة، فهو ابتلاء على الإنسان أن يرضى به، مع الأسف نتابع مجموعة تعودت أن تتدثر عنوة بالإسلام، وتمارس كل ما ليس له علاقة بصحيح الدين، وهكذا مثلاً نال الصحافي والإعلامي الصديق العزيز وائل الإبراشي الكثير من الهجمات، منذ أن تمكن منه الفيروس وظل أكثر من عام يقاوم هذا الغازي العنيد. رأوا أنه قد أُصيب بسبب ما يقدمه في برنامجه «التاسعة مساء» منتقداً تسييس الإسلام، ولهذا فهو عقاب سماوي مستحق. في أثناء مرحلة التعافي التي دامت أكثر من عام كانوا يتوجهون جهاراً بالدعاء لله عز وجل أن يتمكن منه الفيروس. إنهم أيضاً يكرهون الفن بكل أنماطه، رأوا أن كل من يمارسه ارتكب معصية والعقاب المستحق هو المرض ثم الموت، وهكذا تكرر الأمر مع سمير غانم ودلال عبد العزيز ونادية لطفي ويوسف شعبان ورجاء الجداوي وغيرهم، معتبرين أن مجرد عملهم بالفن إثم لا يُغتفر. الأمر ليس قطعاً وليد هذه الأيام، تراكم عبر عشرات من السنوات، يكفي أن البعض لا يزال يدعو في بعض المساجد المصرية في أثناء صلاة الجمعة «اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين» رغم أن الدعاء ينبغي أن يعم كل البشر، مرضانا ومرضى العالم. فيروس «كورونا» أثبت أن نجاة الإنسان لن تتحقق ما دام هناك من البشر من هو معرّض للإصابة، أياً ما كانت ديانته أو جنسيته، وهكذا أصبحت مواجهة الفيروس تتطلب الدعاء للمرضى أجمعين. عدد من المتشددين دينياً وعلى مدى عقود يتوجهون بالدعاء بالموت ضد من يخالفونهم الرأي، أتذكر فنان الكاريكاتير والشاعر صلاح جاهين عندما أُصيب قبل رحيله بغيبوبة دامت عدة أيام، كان الدعاء في عدد من الجوامع قبل صلاة الجمعة وذلك في منتصف الثمانينات ألا يُخرجه الله من الغيبوبة.

الأمر له جذور متعددة في الأسرة والمدرسة والشارع. تغيير مناهج التعليم في المرحة الابتدائية أراها البداية، أشار المخرج عمرو سلامة قبل سنوات في فيلمه «لامؤاخذة» إلى أن حصة الدين هي أول ما يواجه الطالب الصغير ليكتشف أن هناك مسلمين وأقباطاً ولكلٍّ منهم طقوس دينية مختلفة، وأن دينه الإسلامي فقط هو الصحيح، وهكذا ينمو داخل هذا الطالب كراهية للدين الآخر تدعمها أحياناً الأسرة والشارع، والخطاب الديني الذي يتناثر في عدد من البرامج لمن نطلق عليهم دعاة، ولهذا يجب أن يعلم الطالب أن هناك في الكون أدياناً أخرى تعبد الله بطقوس مختلفة. المواجهة أبداً ليست سهلة على الإطلاق، إلا أنها أيضاً ليست مستحيلة. الشامتون في الموت هم في الحقيقة المرضى، وعلينا أن ندعو لهم بالشفاء من أسوأ مرض يصيب البشر واسمه «الشماتة» في من أصبحوا بين يدي الله!

 

تفاصيل المؤتمرات والندوات والبيانات والمقابلات والمناسبات الخاصة والردود وغيرها

تقريرٌ أميركي عن الطائرة اليونانية: لا رصاص

 أو تي في/17 كانون الثاني/2022

كشف رئيس مطار بيروت فادي الحسن، عن “أننا تلقينا اليوم البريد الرسمي من أميركا ويتضمن تحليلا لكل ما حصل مع الطائرة اليونانية، ويؤكد أن ما حصل من المستحيل أن يكون ناتجا عن رصاصة بل عن الاصطدام بمعدات كبيرة”. وقال الحسن في حديث للـOTV: الجانب اليوناني كان ينتظر نتائج التحقيق، والتقرير الأميركي قال إنه يفضل أن يتواصل الطيران المدني اللبناني مع اليوناني والاستيضاح منه كيف كان وضع الطائرة قبل وصولها الى بيروت”. وتابع الحسن: قبل الحادثة التي حصلت مع الطائرة اليونانية أبلغنا المعنيون بالطيران اليوناني أنهم سيقومون بإلغاء عدد كبير من رحلات كانون الثاني وشباط لأسباب تجارية نتيجة تدني عدد الركاب على متن رحلاتهم خلال تلك الفترة”. عن المطالبة بمطار آخر محايد، قال: أستغرب كيف لا يتم الحديث إلا بسلبية عن مطار بيروت ولا يتم النظر بإيجابية للأرقام التي سجلها المطار مع زيادة الحركة 70 بالمئة عن العام الماضي.

 

“أمل”: لن نقبل بهذا الأمر!

وطنية/17 كانون الثاني/2022

جدّد المكتب السياسي لحركة أمل التأكيد “على ضرورة ايلاء الدولة كل الاهتمام والإستجابة لمطالب القطاعات العاملة في ظل تدهور الاوضاع الاقتصادية والحياتية والمعيشية والمالية التي تضغط على الجميع، وننتظر من الحكومة تقديم ورقة عملها لتصحيح هذه الاوضاع كي يتسنى اقرارها وفق خطة التعافي الاقتصادية”. واضاف المكتب السياسي للحركة في بيان بعد اجتماعه الدوري: تجدد الحركة موقفها من الأداء المنحرف للقاضي طارق البيطار في جريمة مرفأ بيروت، وتأكد الرأي العام من انحيازه وتسييس عمله انطلاقاً من أجندة موضوعة له لتصفية حسابات سياسية وفي محاولة يائسة لوضع اليد ومصادرة دور وصلاحية المجلس النيابي، وهذا ما لا يمكن القبول به بأي شكل ومهما حاول المتوهمون في الغرفة السوداء اياها التي تحرك هذا القاضي، والذي اصبح عبئاً على هذا الملف بشهادة عوائل الشهداء واهالي الموقوفين وكل من يتصل بهذه القضية وبعمله الذي نسي فيه التحقيق لكشف المسؤولين عن الجريمة واتجه لمحاكمات سياسية وتجاوز الدستور بما يفقده المشروعية في متابعة هذه القضية. وتابع البيان: مرة جديدة، نؤكد على مسألة إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية بمواعيدها، كما اشار بالأمس غبطة البطريرك الراعي، ونشدد على اهمية هذه الاستحقاقات للحفاظ على العملية الديمقراطية وإعادة الثقة بين الدولة والمواطنين. وختم: توقف المكتب السياسي عند التلاعب الخطير بالدولار، وترى أن انخفاضه يجب أن ينعكس على اسعار السلع وهذا يتطلب استنفار كافة الاجهزة الرقابية والقضائية المختصة مع تحميلهم كامل المسؤولية في لجم هذا المسار.

 

التيار”: عودة “الثنائي” إلى مجلس الوزراء لا تكفي

وكالة الانباء المركزية/17 كانون الثاني/2022

وأخيراً، أفرج “الثنائي الشيعي” عن أسر الحكومة، مع إعلانه القبول بالمشاركة بجلسات مجلس الوزراء لدراسة الموازنة ‏وخطة التعافي الإقتصادي وإقرارهما، بعد ان كان قد ربط عودته إلى مجلس ‏الوزراء بحلّ مشكلة التحقيقات في قضية تفجير مرفأ بيروت ومن المتوقع أن يدعو رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الى اجتماع قريباً. فكيف يقرأ “التيار الوطني الحر” قرار “أمل – حزب الله”، وهل يعتبر ان عودته جاءت حرصًا منه على معيشة المواطنين وكي لا يتمّ ‏تحميل الثنائي “باطلا” مسؤولية تعطيل الحلّ، خاصة مع بدء تململ بيئة “الثنائي” من الاوضاع المعيشية المتردية واقتراب الاستحقاق الانتخابي، ام جاء قراره نتيجة تحد، وقرر العودة مع وضع شروطه والبنود التي سيتم طرحها، مقابل الشروط التي تم وضعها لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب؟ عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ادي معلوف يقول لـ”المركزية”: “البيان الصادر عن الثنائي الشيعي يتحدث عن تسهيل لاجتماع الحكومة ويربط السبب الاساسي بالموضوع المعيشي. وهذا هو مطلبنا منذ البداية، أولاً، لأننا اعتبرنا ان الربط بين اجتماع مجلس الوزراء والموضوع القضائي، بغض النظر عن أحقيته من عدمه، لا يجوز، لأن الدستور اللبناني ينص على الفصل بين السلطات، ولا احد يمكنه في مجلس الوزراء اتخاذ قرار يتعلق بموضوع انفجار مرفأ بيروت. ثانيا، من الواضح اننا سعينا كي تتشكل هذه الحكومة لأننا كنا نريد ان تعمل على مواضيع عدة، اهمها الوضع الاقتصادي والنقدي والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي وخطة التعافي الاقتصادي، لهذا لا يمكننا الا ان نرحب بعودة اجتماعات مجلس الوزراء”. يضيف معلوف: “لكن هنا يجب ان نقول ان العودة الى مجلس الوزراء فقط لا تكفي لأن الهدف ليس فقط الاجتماع للاجتماع بل كي يُنتج. فهو وسيلة وليس غاية، وعليه البحث في الملفات الكبيرة التي تنتظره على الطاولة، من وضع خطة تعافي وحل الملف النقدي وارتفاع سعر الدولار وترسيم الحدود… والتي نأمل ان يتخذ مجلس الوزراء إجراءات بصددها في المرحلة المقبلة”.

الناس حذرة خائفة، لم تعد تصدق، هل من آمال، يجيب معلوف: “اليوم جرى ضخ كذا مليون دولار في السوق فانخفض سعر الدولار، هذا غير كاف. لقد أعطينا المواطن جرعة دواء صغيرة لكننا لم نجد حلا للمرض، هذه حبة بانادول ضرورية كمسكن في مكان ما والمسكن افضل من الوجع، لكنها غير كافية ما لم تكن مرتبطة بخطة اقتصادية ومفاوضات وموازنة واضحة وقرارات صعبة ستتخذها هذه الحكومة، لأن هذه الاموال ستتبخر”. هل السبب في هذا التطور تغييرات في المنطقة والاقليم ام وعي بأن الوقت قد حان للتعالي عن المصالح الشخصية وايجاد الحلول للخروج من الازمة، يقول معلوف: “لا احد يمكن ان يقول ان هناك بيئة متضررة واخرى غير متضررة. البلد كله متضرر، وكنا على شفير الانفجار الاجتماعي مع دولار وصل الى 33 الف ليرة والحديث حتى عن إمكانية بلوغه الـ 40 وخمسين الفاً. على سعر الـ15 كان هناك من يجوع. الوضع يتفاقم يوماً بعد يوم، ولا نعرف كيف يمكن الاستمرار اذا لم يتم اتخاذ اجراءات سريعة”.ويختم: “مجلس الوزراء وجِد كي يعمل ولا يجب ان تكون هناك ضوابط، ولا يجوز ان يتأخر عن اتخاذ أي قرار ممكن لتحسين وضع المواطنين، واحد هذه القرارات التي طرحتها اليوم مع الرئيس ميقاتي هو موضوع استباق مشكلة النفايات التي يمكن ان تحصل بعد شهر ونصف في مكب الجديدة في المتن، في حال لم يتم معالجته واتخاذ قرارات بشأنه، هذا الموضوع يحتاج الى جلسة مجلس وزراء واجتماع لجنة وزارية ومجلس انماء واعمار وتكاليف. هناك الكثير من الامور والقرارات التي تنتظر مجلس الوزراء ولا يمكننا ان نقول ان الدنيا بألف خير او أنه يمكننا العيش من دون حكومة”.

 

الفصل الرابع والأخير من كتاب د. رندا ماروني: “لبنان في علاقته بسوريا”/اعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية

http://eliasbejjaninews.com/archives/105590/105590/

اعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية

لقد تعددت المحاولات لاعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية، الا أنه لم يكتب النجاح لأي من هذه المحاولات ما عدا المحاولة الأخيرة منها نظراً لارتباط بناء نموذج الدولة اللبنانية واعادة تركيب السلطة فيه بتوازنات اقليمية ودولية. هذه  المحاولة الأخيرة، أتت مصاغة  كاتفاق حصل على الدعم الدولي والاقليمي والمحلي. الا ان النمذجة الجديدة لم تأتِ مطابقة للنصوص المتفق عليها ، بل انحرفت عنها نتيجة لظروف دولية واقليمية مستجدّة، مهدت لدخول لبنان الى نمذجة  جديدة نحاول تقصّي انتماءها

القسم الأول: اختلاف الطروحات

اذا كانت بعض المحاولات التي جرت لاعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية بعد ميثاق 1943، ركّزت على اعادة التركيب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فان المحاولة الاخيرة التي أُقرّت في الطائف ركّزت على  الجانب السياسي اي على اعادة  النظر في موضوع المشاركة في الحكم. واذا كانت هذه التغييرات قد أُقِرّت على صعيد النصوص فان الوضع على الارضي يتميز بواقع مغاير نتيجة استمرار التأثير الاقليمي على الواقع المحلي المشرذم هذا  التأثير الاحادي هذه المرة انعكس هوّة وعدم توازن بين الاطراف اللبنانية.

ومن ينظر الى هذه النصوص يراها تعكس الصورة الطائفية ذاتها وكأن شيء لم يتغير بعد خمسة عشر سنة من الحرب، الا بالاخذ من هذه الطائفة واعطاء تلك بعض الصلاحيات. ولكن الواقع اللبناني، بدأ يتغير، حيث تسير الامور ليس لمصلحة هذه الطائفة او تلك بل في اتجاه استيعاب سوري كامل للبنان واختصار كافة المؤسسات والهيئات والنقابات والاحزاب بنظام الاجهزة الامنية التي اطلق عليها في الاونة الاخيرة ” بالاشباح”.

وليس فقط اختصارها، بل اعادت تركيبها وتشكيلها وصياغة خطابها الاحادي وصبغ وسائل الاعلام، وهي المثقف للرأي العام، بهذا الخطاب وخلق العدو الوهمي كعدة عمل ايديولوجية لمعاقبة كل من عاكس الرأي او الموقف او التصرف او التطلع ونشهد اليوم تراجع القوى المعارضة لهذا الوضع السائد، اما لمنفعة مادية او لطموح قيادي وإمّا للخوف من العقاب وخاصة بعد سلسلة من الاغتيالات، لم تُكشف اسبابها ولا مرتكبيها، وسلسلة من الاعتقالات تخنق الاصوات المعارضة لهذا الواقع شيئا فشيئا وبعد قوانين وممارسات انتخابية تحاصر الارادة الشعبية وتلغي قرارها، فتصبح بهذا اقرب الى التوتاليتارية الستالينية التي رُكّبت في مجتمع اقطاعي، فهل المطلوب تحويل نموذج الدولة اللبنانية الى نموذج مشابه لنماذج محيطه من الدول العربية وبالتحديد الى  نموذج الدولة السورية حيث  حكم الحزب الواحد والرجل الواحد والرأي الواحد، وكل من خالف الرأي عاقبته الايديولوجيا وبالرغم من ان الديمقراطية اللبنانية لم تبلغ المستويات السياسية الفضلى، الا انها حافظت على درجة من الحرية والانفتاح لم يبلغها معظم بلدان العالم الثالث فهل المطلوب خنق هذه الحرية واغلاق هذا الانفتاح.

ان الحرية والانفتاح اللذين إتّسم بهما لبنان كانا في نظر الانظمة العربية، في واقع الامر فراغا سياسيا يمكن استغلاله لسبب او لاخر، وانعكس هذا بصورة او بأخرى في طرح افكار او محاولات جادة لاعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية بمسعى داخلي وخارجي يعكس صورة الاهداف الفئوية والتوازنات الاقليمية. وهكذا تكاثرت الاقتراحات والمشاريع الصادرة عن شخصيات وهيئات مختلفة بمبادرة خاصة ما عدا البعض منها الذي صدر اما عن رئاسة الجمهورية كالوثيقة  الدستورية لعام 1976 في عهد الرئيس فرنجية و”المسلمات الوفاق” التي عرضها الرئيس الياس سركيس فوافق عليها مجلس الوزراء في 5/3/1980،  او نتيجة لموافقة مجلس الوزراء كالبيان الوزاري ” لحكومة الوحدة الوطنية” الذي عُرض على المجلس النيابي في 31/5/1984 ونالت الحكومة الثقة على اساسه، او نتيجة لمناقشة من قِبل النواب وتبنّيه من قبلهم كوثيقة الوفاق الوطني التي اقرها مجلس النواب في مدينة الطائف السعودية في 22/10/1989 وبناء على دعوة اللجنة العربية المكلفة تسهيل حل الازمة اللبنانية.

لم يكتب الحياة لاي من هذه المشاريع المعروضة ما عدا الاخير منها نظراً لارتباط بناء نموذج الدولة اللبنانية واعادة تركيب السلطة فيه بتوازنات اقليمية ودولية. فنجاح اي مشروع يستند الى مقولة اساسية في فهم بنية السلطة في لبنان، الذي يشكل دولة كيان، لا دولة قطب، وهي ان الكيان اللبناني لا يمكن قراءة بنية  السلطة فيه من داخله فقط وبمعزل عن صراع الدول الاقطاب في محيطه القريب، فالسلطة في جبل لبنان كانت تعكس عبر التاريخ الحديث، توازن القوى الاقليمية بين كل من مصر وسوريا وعكا، على الاقل منذ القرن الثامن عشر، هذا اذا لم نرجع الى التاريخ القديم.

وهذا يعود الى طبيعة الفئات اللبنانية المتنافسة دائما والتي تبحث عن الدعم الخارجي لتحقيق لبنانها الداخلي، فكل يحلم بلبنان على طريقته الخاصة وكل له لبنانه. فالتركيبة السياسية التي تقوم عليها الدولة، والتوازنات في داخلها من جهة، وامتدادات الطوائف الخارجيّة من جهة ثانية، وموقع لبنان في قلب منطقة خاضعة للتجاذبات نظراً لأهميتها الستراتيجية من جهة ثالثة،، تجعل التوازن الذي تقوم عليه السلطة وبالتالي الدولة، متعدد الابعاد: داخلي، اقليمي، دولي.

أولاً: طروحات ما قبل اندلاع الحرب في العام 1975.

ان اقتراحات اعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية بدأت منذ فترة تزيد على الثلاثين سنة اي منذ اندلاع حوادث نيسان عام 1969 وعلى اثر ازمة  الستة اشهر التي سادت علاقات رئيس الجمهورية ورئيس الوزارة في اواخر ولاية الرئيس شارل حلو حيث حاول كل منهما اثبات صحة اتجاهه وتدعيم موقفه بالتوجه الى الشعب فلنقل الى فئة معينة من المواطنين وقد شكل ذلك مناسبة لاظهار شعور المرارة وعدم الرضا الذي يكنه “الشارع الاسلامي”، وحتى بعض الفئات الاخرى المسيحية، عن حصر الرئاسة الاولى بالموازَنة وضرورة تعديل الدستور وهكذا تقدمت بعض الشخصيات والفئات باقتراحات لاعادة تركيب نموذج الدولة، اقتصر بعضها على اعادة النظر في التوزيع الطائفي وتضمن بعضها الآخر أفكار خجولة كالغاء الطائفية المقتصرة على الناحية السياسية ، فكافة المشاريع جاءت تعكس المصالح الخاصة لكل فئة وتعكس نظرتها في بناء نموذج جديد للدولة يتطابق مع توجهاتها الروحية والنفعية معا، ما عدا البعض القليل المعتدل منها.

لقد خلت كل هذه المشاريع من الفهم الحديث لبناء الدولة، وعكست الصورة المشوّهة والنظرة الضيقة التي لا مكان للمساواة فيها بين المواطنين، فمن هذه  الطروحات من ركّز  على الغاء الطائفية السياسية دون استحداث مجلس للشيوخ مع اعتماد الاكثرية العددية وانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب وطبعا مجرد ذكر هذه البنود او الشروط نعرف للتو من هي الفئة المستفيدة من هكذا طرح او هكذا نموذج للاصلاح ونعرف مسبقاً ما هي صورة النموذج المنتظر الذي يحقق الحلم باقامة دولة اسلامية .

ومنهم من ركّز على الغاء الطائفية السياسية مع استحداث مجلس للشيوخ واعتماد  النسبية وذلك ضمانا له لكسب مواقع اكثر على صعيد السلطة او على الاقل ان تشرّع له ابواب المنافسة للوصول الى السلطة مع الاحتفاظ بضمانة طائفية له من خلال مجلس  الشيوخ.

ومنهم من ركز على  اعتماد  التعددية ومشاريع الفيدرالية واللامركزية ضمانا لمستقبله الطائفي.

ومنهم من عدّل في التوزيع الطائفي واعتبره الصيغة  الاقرب الى الواقعية باعطاء نوع  من التوازن في التوزيع.

لقد تعددت المشاريع الداخلية ولم يؤخذ في الحسبان المشاريع الخارجية ودورها في  اعادة تركيب نموذج الدولة اللبنانية، كما تراوحت هذه المشاريع بين المتطرف اليساري والمعتدل اليساري والمتطرف اليمني والمعتدل اليمني مع تراجع ملحوظ للمشاريع العلمانية اللاطائفية التي تعتمد على دور الفرد بانتمائه المباشر الى الدولة اكان اجتماعيا ام ثقافياً او اقتصاديا وسياسياً وحتى نكون اقرب الى  الواقعية سنتناول مشاريع اعادة تركيب الدولة اللبنانية التي تعكس الاهداف الفئوية ومن ذلك نذكر :

-اقتراح الرئيس صائب سلام بجعل الرئاسة جماعية يتولاها مجلس رئاسي يتألف من ستة اعضاء : ماروني، سنّي، شيعي، ارتوذكسي، درزي وكاثوليكي وتكون مدة الرئاسة 6 سنوات يتناوب عليها بالمهمات الدستورية كل من اعضاء المجلس سنة فسنة.

-اقتراح النائب عدنان الحكيم بتصريحه بتاريخ 21 ايلول 1969 جعل الرئاسة تناوبية بين المسيحيين والمسلمين. يعكس هاذان الاقتراحان، اي، اعادة توزيع الكوتا الطائفية والمطالبة بحصص اضافية، الشعور بالغبن.

-اقتراح النائب الشيخ بهيج تقي الدين في الخطاب الذي القاه في مجلس النواب بتاريخ 4 كانون الاول 1969 بجعل انتخاب الرئيس يتم من قبل الشعب مباشرة كما هي الحال في فرنسا. ويتضمن هذا الاقتراح اعادة رسم الصورة  اللبنانية على قاعدة الاكثرية. ولم تتوقف الاقتراحات ومشاريع التغيير مع  حلول ولاية الرئيس سليمان فرنجية لاسيما في الفترة التي  اعقبت خلافه مع رئيس وزارته صائب سلام في ايار من عام 1973 واستقالة هذا الاخير اثر الغارة الاسرائيلية التي ذهب ضحيتها ثلاثة زعماء للمقاومة الفلسطينية في بيروت.[1]

وفي مقال منشور في 25/7/1974 حول “لبنان وازمة النظام” دعى المحامي عصام نعمان  لقيام جبهة راديكالية شمولية تعتمد : فصل الدين عن الدولة، انتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع الشعبي المباشر، انشاء مجلس للشيوخ يمثل كافة الطوائف ويشارك البت في القضايا المصيرية كإعلان الحرب وعقد الصلح والمعاهدات وتعديل الدستور، انتخاب مجلس النواب على اساس لا طائفي من قبل  كافة  المواطنين  البالغين 18 سنة من العمر وانطلاقا من جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد الطريقة النسبية في توزيع المقاعد ناهيك عن انشاء محكمة دستورية عليا للمراقبة ومحاكمة  الرؤساء والوزراء.[2]

ولا يخلو هذا المشروع من التناقض، فمن جهة يدعو الى فصل الدين عن الدولة ومن جهة اخرى يثبت حقوق الطوائف عن طريق انشاء مجلس للشيوخ تتمثل فيه الطوائف. اذ اعتبر ان  مجلس الشيوخ ضمانة لكل الفئات في القضايا المصيرية. لكنه لم يتطرق الا للشق  السياسي في بناء هذه الدولة فيصبح لعبارة ” فصل الدين عن الدولة” معنى الغاء الطائفية السياسية ولا علاقة لهذا الطرح بنموذج الدولة الحديثة فعدم اعطاء المواطن حتى حق الاختيار بالانتماء لدولته وليس لطائفته يعطي هذا الطرح طابعاً مشبوهاً.

ثانياً: الطروحات بعد اندلاع الحرب في العام 1975.

تكاثرت الاقتراحات في فترة الحرب[3] ففي عام 1975 طُرِح المشروع الذي انبثق عن المؤتمر الوطني للقوى الشعبية في 19 ايار مركزا على وحدة لبنان، ورفض التقسيم، وهويته العربية وتقدمه الاجتماعي. ولم تتاخر “الاحزاب والقوى الوطنية” في طرح مفاهيمها العامة التي  عرفت “بالبرنامج  الوطني المرحلي للاحزاب والقوى الوطنية والتقدمية ” المعلن في 17 آب 1975 والمتضمن لاهم المبادئ التالية:

-الغاء الطائفية السياسية في التمثيل الشعبي وفي الادارة والقضاء والجيش

-اعتماد قانون جديد للانتخاب يجعل من لبنان دائرة واحدة ويأخذ بالطريقة النسبية

-تحديد حالات حل مجلس النواب وحصرها بثلاث: امتناع المجلس عن الاجتماع بعد دعوته ثلاث مرات، ردّه الموازنة برمتها، واسقاطه الحكومة مرتين في السنة الواحدة.

-تسمية رئيس الوزراء من قبل مجلس النواب

-اعتبارها نافذة المراسيم والقوانين التي يوقعها رئيس الوزراء خلال مدة معينة

-انشاء محكة عليا لمراقبة دستورية القوانين ومحاكمة الرؤساء والوزراء

-حصر حق السلطة التنفيذية اعلان حالة الطوارئ بحالة الحرب واقتصارها على وضع المرافق العامة في خدمة الدفاع الوطني دون مساس بالحريات العامة الاساسية. وفي عام 1976 شغلت الوثيقة الدستورية كافة الاوساط[4]، وهي البيان او النداء الذي وجهه الرئيس سليمان فرنجية الى الشعب اللبناني في 14 شباط 1976 على اثر زيارة له الى دمشق ونصت هذه الوثيقة على اعادة النظر في توزيع الكوتا الطائفية مع تكريس العرف بتوزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف مع بعض التعديلات في صلاحياتها وبالرغم من تبني سوريا لهذه الوثيقة الا انها لم تمرّر من قبل القوى اليسارية والفلسطينية، فلبنان، آنذاك كان ساحة حرب بين سوريا والفلسطينيين المؤثرين في السياسة الداخلية كما ان معادلة ميزان القوى في السلطة السياسية قد امست غير ذات مفعول في دولة لم تعد تمارس سيادتها. ومن الاطلاع على الوثيقة المذكورة والتي وافق عليها مجلس الوزراء اللبناني يمكن الاستنتاج بانها تضمنت نمطين من الاحكام العامة والاحكام الخاصة بممارسة  السلطة وتنظيمها.

الاحكام العامة تتلخص بـ

-التأكيد على عروبة لبنان واستقلاله بالقول : ” بأن لبنان بلد عربي، سيد حر مستقل” .

-اعتراف العرب وسوريا باستقلال لبنان وسيادته

-الاهتمام بالمسائل الاجتماعية وضرورة مسايرة التطور ” في سبيل عدالة اجتماعية، احسن توزعاً عدالة تقوم على الانصاف والمساواة وترتكز الى الجهد او النشاط ” فلكل حسب ما يعمل ويكدّ … وخيرات هذه الارض لهم جميعا – اي للمواطنين – وبالسواء كل بمقدار ما يقسم لنفسه بالعمل والكد والاجتهاد. [5]

وفي ذلك نزعة نحو الاشتراكية، أتت كمحاولة للرد على الحركة المطلبية الاجتماعية والانمائية المتزايدة ولاشباع بعض الحاجات المعيشية.

-اعادة الاعتراف بالميثاق الوطني وتجديد الاخذ به كصيغة للتعايش بين اللبنانيين ولكن مع التسليم في نفس الوقت بضرورة تطويره وتطوير الدستور بعيدا عن الاعتقاد بالقدسية الدستورية.

-التمسك بالنظام الليبرالي التحرري ” فنظامنا-تنص الوثيقة- هو النظام الذي ارتضيناه جميعا، وفي ظله كان لنا ازدهار وصفاء”. ولا ضير من التمسك المذكور في اطار التركيز على الحقوق الاجتماعية للمواطنين وواجباتهم والعناية بالتعليم والتوجيه الوطني. وانطلاقا من تلك المبادئ التي تؤلف الاطار العام لتنظيم السلطات تعود الوثيقة الدستورية لتسطر بعض الاحكام التي تتناول هذا التنظيم:

-محاولة تدوين العرف والممارسة القائمة بتوزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف الثلاث الكبرى : رئيس الجمهورية مارونيا، رئيس مجلس النواب شيعيا، ورئيس الوزراء سنياً. وفي ذلك انتقاص من حقوق الطوائف الاخرى والصغرى.

-توزيع مقاعد المجلس النيابي بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين مما يعني تعديلا لقاعدة 6/5 السابقة في التوزيع والموضوعة عام 1943 . وفي ذلك مراعاة لمطالبة المسلمين بضرورة تمثيلهم بنسبة تتفق مع عددهم المتزايد.

-انتخاب رئيس الوزراء من طرف المجلس النيابي بالاكثرية النسبية وقيامه  والوزراء بقسم اليمين الدستورية امام رئيس الجمهورية، وهذا لتدعيم مركز رئيس الحكومة الذي يصبح نابعا من الانتخاب مما يسمح بمقارنته بمركز رئيس الجمهورية من ناحية ولا يخلو الامر من بعض التعقيد اذ يجعله في ولائه موزعا بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب. اما فيما يتعلق بالقسم ففيه طمأنة وتعهد، كتعهد رئيس الجمهورية بالعمل في سبيل لبنان  ومصلحته  العامة.  وفي ذلك ولاء للبنان وابعاد لاي انتقاد او تهمة الى رئاسة الوزارة ومفادها العمل عموما على تقديم قضايا الوطن العربي ووحدته على قضايا الاستقلال اللبناني والحفاظ عليه.

-اعتماد اكثرية 2/3 في المجلس لاقرار القضايا المصيرية. وهنا يظهر غموض عبارة القضايا المصيرية. فكيف يمكن ان نصنف هذه القضايا ؟ ومن  هي الهيئة الصالحة للقيام بالتصنيف المذكور ؟ بالطبع انها المجلس النيابي ولكن في أية اجماع وطني للبت في القضايا المهمة والمصيرية التي كان من الواجب اعطاء بعض الامثلة عليها كاعلان الحرب وعقد معاهدات الصلح والسلام والمسائل التي تمس وحدة الاراضي اللبنانية او اي تعديل في الحدود وشكل الحكم او الدستور…

-اعتماد اكثرية 55% لانتخاب رئيس الجمهورية في الدورات التي تلي الدورة الاولى وفي ذلك تعديل لقاعدة الاغلبية المطلقة التي تنص عليها المادة 49 من الدستور هذا عدا عن التعزيز الجديد  لمبدأ المشاركة بمعنى ان على المرشح الذي يود ان يفوز برئاسة  الجمهورية ان يؤمن  التأييد لترشيحه ليس فقط في اوساط نواب طائفة من الطوائف بل وفي اوساط نواب الطائفة الاخرى حيث انه لو افترضنا بان النواب المسيحيين او المسلمين قد اجتمعوا  حول نصرة احد المرشحين للرئاسة، فإن هذا الاجتماع يبقى عاجزاً عن إنجاح المرشح  اذ انه لن يشكل سوى اكثرية 50% اي دون الاكثرية المطلوبة.

-توقيع المراسيم ومشاريع القوانين من قبل رئيس الوزراء الى جانب رئيس الجمهورية وفي ذلك تدعيم آخر لمبدأ المشاركة واقتسام مسؤولية الاضطلاع بالسلطة التنفيذية وتعزيز لمركز رئيس الوزراء تكريساً للعرف المعتمد منذ 1943.

-الاخذ بمبدأ المراقبة الدستورية على القوانين وانشاء محكمة دستورية عليا للعمل على تطبيق هذا المبدأ. وفي ذلك استكمال للحياة الدستورية وتوطيد لحكم القانون.

-ازالة الطائفية الوظائفية ما عدا على مستوى وظائف الفئة الاولى.

لقد قدمت الوثيقة الدستورية، بالاضافة الى احتوائها لكثير من المبادئ المسلمات، طرحا شبه مفصل لحل مسألة المشاركة في الحكم على الصعيد الدستوري وهي جاءت لو اخذ بها لتكمل المبادئ التي يقوم عليها الميثاق الوطني وتُعمّق مبدأ المحاصصة في الحكم وتكرَّسها في نصوص دستورية وهذا ما تعبر عنه كلمات الرئيس فرنجية في معرض التدليل على مختلف الاحكام التي تؤلف الوثيقة: ” وستكون – اي الاحكام المذكورة – ركيزة جديدة  تضاف الى ركائز الحياة الوطنية في لبنان، وتستمد قوتها من الولاء اللبناني ومن الاخلاص في خدمته”.

وبالرغم من محافظة  الوثيقة على مبدأ المحاصصة الطائفية، فهي لم تكن بأسوا من الصور الطائفية التي تقترحها كافة المشاريع المطروحة. الفرق يتمثل في ان الوثيقة لا تفعل اكثر من تكريس العرف القائم بينما تأتي المشاريع المذكورة بمؤسسات طائفية جديدة قد لا تتلاءم بتاتا مع الطبيعة  اللبنانية واطارها السياسي.

اما في عام 1977 فقد عقدت “الجبهة اللبنانية” خلوة سيدة البير التي استمرت من 21 حتى 23 كانون الثاني لتعلن اعتماد  تعددية المجتمع اللبناني بتراثه وحضاراته الاصلية كأساس للبنيان  السياسي الجديد للبنان  الموحّد، وفي ذلك تعزيز للولاء المطلق للوطن ومنع للتصادم بين اللبنانيين بحيث ترعى كل مجموعة حضارية فيه شؤونها الثقافية والتربوية والمالية والامنية والاجتماعية وعلاقاتها الروحية والثقافية مع الخارج وفقا لخياراتها الخاصة. ومن نفس المنطلق ستتدخل الوثيقة الصادرة عن الجبهة نتيجة خلوتها في دير مار  عوكر لتؤكد في 23/12/1980 كون لبنان دولة مستقلة عبر العصور برفض الاندماج باي كيان اخر او ان يُنعت بغير ذاته مع الدعوة لتعديل صيغة 1943 وتحويلها نوعا  من اللامركزية السياسيّة او الفيدرالية في اطار لبناني واحد موّحد.[6]

1-وفي هذا الطرح نرى خوف المسيحيين على مصيرهم في محيط مسلم حيث يطالب فيه الشريك المسلم بتطبيق الديمقراطية   العددية، مع تغير الوضع الديمغرافي الذي يتجه عكس مصالحهم.

وهذا خوف بديهي في وطن لا يوفر فيه اي فريق، التعامل مع اطراف خارجية لتحقيق مكاسب داخلية وفي ظل التنافس للاستئثار بالسلطة اما نتيجة هذا الطرح فهي :

-تكريس الولاء للطائفة لا الولاء للوطن وهذا يحول دون بناء وطن حديث

-تكريس التمايز والاختلاف والتقسيم.

 وفي 11 ايار من نفس العام 1977 صدرت ورقة العمل عن المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى متضمنة اهم المبادئ التالية : لبنان سيد حر عربي ملتزم بقضايا العرب لاسيما القضية الفلسطينية ورفض التقسيم بجميع صوره، القبول باللامركزية الادارية، رفض سياسة المحاور، الغاء الطائفية السياسية في جميع المرافق، جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة واعادة بناء الجيش وتطبيق التجنيد الاجباري.[7] وبعد ايام قليلة اي في 16 ايار اذاعت “الجبهة القومية” “المبادئ الاساسية لوحدة لبنان” متضمنة استنتاج سقوط الضمانات الاجنبية، تثبيت الوحدة اللبنانية، انتماء لبنان العربي اللاطائفي، رفض الكيانات الطائفية وضرورة الغاء الطائفية السياسية وتحديث النظام الديقمراطي البرلماني.

 وازدحمت المشاريع عام 1980 “وكان اتحاد قوى الشعب العامل” اول المبادرين حيث اذاع مشروعه للتفاهم الوطني في شهر شباط مركزا فيه على تحرّر لبنان من خلال فك ارتباط بعض الفئات مع العدو ووحدة لبنان من خلال الغاء كافة المؤسسات الانفصالية وتحقيق السيادة من خلال العدالة الاجتماعية وكون عروبة لبنان حضارية مستقلة لا طائفية وفي 18 شباط قدم نقيب الصحافة اقتراحات وفاقية من عشر نقاط اهمها : اعتبار لبنان دولة مستقلة بنظام ديمقراطي برلماني، الانتماء العربي، منع اي وجود مسلح عدا القوات الشرعية، وضع نظام لامركزي على غرار ما تتبعه الدول المتقدمة وانشاء الجيش وقوى الامن على اساس وطني سليم[8] .

وفي الخامس من اذار 1980 وافق مجلس الوزراء على “المبادئ المسلمات للوفاق”[9] التي طرحها الرئيس الياس سركيس بعد استشارته لمختلف الاوساط. انها مسلمات لانها مقبولة من كافة الاطراف وتشكل قواسم مشتركة لمعظم المشاريع التي طُرحت. صيغت على شكل عموميات كمنطلق لوفاق لا بد ليكتمل من ان تجسده مشاريع اكثر تفصيلا وتناول :

-التأكيد على وحدة لبنان ارضا وشعبا ومؤسسات وعلى استقلاله وبالتالي على وجوب فرض سلطة الدولة على كافة الاراضي في اطار خطة امنية شاملة. ولسنا بحاجة للتذكير بأن هذا التأكيد مضمّن لكافة الطروحات السابقة.

-التمسك بالنظام الديمقراطي البرلماني الحر مع الاخذ بواجب تعزيزه وتطويره. وفي ذلك اعتراف بضرورة تعديل الدستور ليساير التطورات التي عرفها المجتمع اللبناني.

-التمسك بالنظام الاقتصادي الحر مع التأكد على دور الدولة في التنظيم والمراقبة والتخطيط الشامل بهدف اعمار لبنان وتطوير انتاجه وفي ذلك اعتراف بملاءمة الاقتصاد الليبرالي مع الوضع اللبناني ومبادراته الفردية وتطمين للفعاليات الاقتصادية في البلد.

-التأكيد على ضرورة الاخذ بمقومات الاستقرار الاجتماعي وبالتالي على اعتماد المساواة وتكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الشاملة بوصفها تحضِّر المناح المناسب لمعالجة موضوع الطائفية مستقبلا ومثل هذا الوعي للمعضلات الاجتماعية كان لا بد منه بعد ان اصبح المواطن مهددا بمعيشته وهو على كلٍّ حاضر في كافة اقتراحات الحلول.

-لبنان بلد عربي وعضو فاعل في الاسرة العربية ملتزم بميثاق الجامعة العربية، وليس في ذلك من جديد بل تأكيد على هوية لبنان العربية وتناولته كافة الحلول المطروحة

-ارساء علاقات لبنان مع الدول العربية على اساس مبدأ الحياد وعدم التدخل والابتعاد عن سياسة المحاور، اتقاء لعدم الوقوع في الخلافات العربية

-دعم القضية الفلسطينية ورفض مشاريع التوطين وسياسة كمب دايفيد طالما انها لا  تحقق اقامة وطن للفلسطينيين في ارضهم وتعمل على توطينهم في الدول المستضيفة لهم.

-العمل على تنفيذ قرارات مجلس الامن المتعلقة ببسط الحكومة لسلطتها على كامل ترابها الوطني ومن ضمنه الشريط الحدودي. وهذه نتيجة منطقية لمبدأ السيادة المنصوص عنه في البند الاول.

-رفض كل اشكال التعاون والتعامل مع العدو الاسرائيلي

-علاقات لبنان بسورية خاصة تقوم على الاحترام المتبادل لاستقلال وسيادة كل من البلدين وهي تستند الى عامل التاريخ المشترك  والقربى بين الشعبين ومن الواضح ان توقيت هذا النص قد جرى بالاستناد الى ما يسود من ظروف سياسية

-ضرورة تنفيذ الاتفاقات المعقودة مع منظمة التحرير الفلسطينية، إنقاذاً للسيادة اللبنانية وصيانة للمقاومة الفلسطينية

-انفتاح لبنان على المجموعة الدولية في محيط الصداقة والتعاون في اطار الامم المتحدة مبتعدا عن سياسة المحاور. ويفسّر التركيز على دور الامم المتحدة بقيام هذه الاخيرة بعدة مبادرات لدعم استقلال لبنان ومنها ارسال قواتها الى الجنوب.

-تنمية الصلات مع المغتربين اللبنانيين وتعزيز جامعتهم إعترافا بما يقدموه من خدمات لوطنهم الاصلي.

 وهكذا يتبين بأن الصيغة التي اطلقها الرئيس سركيس ليست بأكثر من اطار عام قصد منه وضع اللبنانيين على طريق التفاهم بهدف مناقشة مختلف جوانب مشكلاتهم وايجاد المخارج المناسبة لها. ونستطيع تصنيفها بالمبادرة التوفيقية علّها تخفف من قسمة اللبنانيين حول الخيارات وتحد من تحالفاتهم الخارجية، على عكس بعض الطروحات التي تعكس وجهة نظر فئة معينة وطموحها الشخصي.

وفي 20 تشرين الثاني القى الرئيس سليم الحص محاضرة بعنوان لبنان والتجربة الديمقراطية اقترح فيها: اعتماد النظام الرئاسي بكل ابعاده وبعيدا عن استئثار اي طائفة بمنصب الرئاسة، الغاء الطائفية السياسية والادارية، تحقيق العدالة الاجتماعية والانمائية، تنمية النشاط الحزبي والنقابي اللاطائفي، تطوير صيغة عام 1943 وتعزيز الديمقراطية باعتماد اللامركزية الادارية الموسّعة. علماً ان الرئيس الحص استمر في التعاطي مع الموضوع وحاول تعميق طروحاته وتفصيلها في عدة محاضرات وبحوث لاحقة.[10] لاسيما من خلال اقتراح فتح نافذة باتجاه الغاء الطائفية حيث يتم تحديد الاكثرية الواجبة

(90%) لانتخاب احد المرشحين مهما كانت طائفته في الدورة الاولى لاحد المراكز السياسية الثلاث. اما في الدورة الثانية فتراعي الاكثريات المتبعة والقاعدة  العرفية في توزيع الرئاسات. ومن ثم تخفيض نسبة الـ 90% على مستوى الدورة الاولى الى 80%  ثم 70% ، وحتى النسبة المطلوبة حاليا في الدورات الثانية وذلك كلما انحسر الشعور الطائفي وقوي الشعور الوطني.

وكما في الرئاسات الثلاث كذلك في المجلس النيابي ناهيك عن اسقاط حق رئيس الجمهورية في اقالة الحكومة وضبط علاقة مجلس النواب بالحكومة اذ يحظر عليه اسقاطها اكثر من مرتين كل 3 سنوات وفرض اغلبية موصوفة. ( غير انّ مجلس النواب لم يسقط الحكومة اي مرّة، والمطلوب  اسقاط الحكومة ولو لمرّة واحدة من قبل مجلس النواب.)

وفي عام 1981 تكاثرت اقتراحات الحل وكان اهمها مشروع الـ 35 بنداً الذي اذاعه الرئيس سليمان فرنجية في 24 شباط وهو يعتمد الوثيقة الدستورية لعام 1976 بشكل اساسي ويضيف اليها بعض الاقتراحات ومنها : الحفاظ على النظام الاداري القائم مع اضافة ملاحق تنظيمية تحدد لا مركزية ادارية موسّعة، الحفاظ على الحريات وتعزيزها، وضع قانون جديد للانتخاب يتلاءم مع المستجدات، التأكيد على العرف القائم بتوزيع الرئاسات الثلاث واعتبار كل من الرؤساء الثلاث ممثلا لكل اللبنانيين واشتراك رئيس الوزراء والوزير المختص بتوقيع المراسيم وضمان سرعة اصدارها لدى رئيس الجمهورية.[11] كذلك قدم الرئيس صائب سلام  ورقة عمل للحوار في 3 ايار من نفس العام تدعو لصياغة ميثاق وطني اجتماعي واقتصادي جديد تحت شعار ” ان لا ديقمراطية سياسية بدون دييمقراطية اجتماعية ترافقها وتلازمها” ولاقامة هيئة وطنية عليا برئاسة رئيس الجمهورية هدفها وضع الميثاق الوطني الجديد المكتوب، وفي 29 تشرين الثاني 1989 حمل البند الرابع من مقترحات بشير الجميل رئيس الجمهورية المرتقب لعام 1982 ” تأكيد توافق اللبنانيين على ان اي خلاف فيما بينهم لا يستدعي البتة اللجوء الى السلاح… انما اعتماد التفاوض السياسي وسيلة لارساء صيغة الاتفاق اللبناني، وهي صيغة مرشحة لان تظل موضع تجدد وتداول مستمرين وعلى ان تستند الى ثوابت ضامنة هي : وحدة الارض، الامن والحرية والعدل لكل اللبنانيين والمساواة فيما بينهم، الانتماء الطبيعي للبنان الى محيطه وانتساب الدولة اللبنانية الى الجامعة العربية.

 وفي عام 1982 وقع الغزو الاسرائيلي للاراضي اللبنانية في محاولة لاعادة بناء نموذج الدولة اللبنانية وعزل الاطراف الاقليمية المؤثرة وصولا الى اتفاقية سلام بين لبنان واسرائيل في ظل  غياب الاهتمام السوفياتي عن مشاكل المنطقة وفي هذا  السياق تم التوقيع على اتفاقية 17 ايار الذي اتى متأخراً نظراً الى التراجع في الاهداف الاسرائيلية المرسومة خاصة بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل وبعد عودة الاهتمام السوفياتي ودعمه لسوريا بعد وصول اندروبوف الى الحكم ولا نستطيع الغوص كثيراً بما كان سيكون عليه هذا النموذج فيما لو كتب له الحياة نظراً لأن المشروع اسرائيلي، ويتضمن موافقة للاطراف اللبنانية منها معلنة ومنها غير معلنة ومنها ايضا الرافضة، فلقد تم انتخاب الرئيس بشير الجميل على يد نفس النواب الذين كانوا عشية الاجتياح يدورون في فلك سوريا والذين لا مانع مبدئي لديهم ان يغيروا مواقفهم في مرحلة لاحقة مع تغير موازين القوى كما ان انهاء العمل العسكري الفلسطيني من لبنان كان يستند الى مواقف مؤيدية من كافة الطوائف والقوى السياسية اللبنانية، نتيجة ممارسات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان على امتداد سنوات، وتحولها الى سلطة امر واقع تستند الى تواجد عسكري “داخلي” يلغي دور الدولة اللبنانية على القسم الاكبر من الاراضي اللبنانية، كما يلغي دور هذه القوى في مناطقها داخل مجتمعها الاهلي : مما ادى الى سكوت هذه القوى بكتلها الاساسية عن اقتلاع الوجود العسكري الفلسطيني من لبنان.

وفي 11/8/1983 قامت الهيئة العليا للطائفة الدرزية بالتقدم بمذكرة سياسية وامنية مؤلفة من 23 بنداً أهمها : احداث مجلس للشيوخ يشارك مجلس النواب التقرير في القضايا المصيرية وبعض القضايا المحددة كتعديل الدستور، الصلح والحرب، المعاهدات، تنظيم السلطات العامة والقوى المسلحة واعلان الطوارئ….، تسمية رئيس الوزراء من قبل مجلس النواب، اعتماد اللامركزية الادارية، زيادة عدد المحافظات( لكي يكون للدروز محافظة ) واحداث محكمة لمراقبة دستورية القوانين ومحاكمة الرؤساء والوزراء. [12]

 وفي 22/9/1983 صدرت الثوابت الاسلامية بعشرة بنود اهمها : استقلال لبنان وانتمائه العربي، اعتماد التخطيط والعناية الكاملة بالشأن الاجتماعي رفض اي شكل من اشكال اللامركزية السياسية والترحيب باللامركزية الادارية والغاء  الطائفية السياسية بكل وجوهها.[13]

وهنا نلاحظ استمرار التضارب في مواقف القوى المحسوبة عل اليسار حول نظرة كل فريق من اعادة بناء نموذج الدولة اللبنانية، ففي حين يصر الدروز على انشاء مجلس الشيوخ كضمان للاقليات نلاحظ ان المسلمين بشكل عام لا يأخذون هذا الطرح بعين الاعتبار ويترافق هذا مع غموض في الموقف من قبل بعض الاحزاب القومية التي تدعو للعلمنة في حين ان بيانها في 16 ايار 1977 اكتفى بذكر لالغاء الطائفية السياسية. كما نلاحظ الجزئية في كافة الطروحات الاصلاحية، التي قصرّت عن اعتماد الحداثة وأبقت على عصبياتها المعكوسة من خلال مشاريعها.

وفي الاول من تشرين الاول من عام 1983، انعقد مؤتمر الحوار الوطني، برعاية سورية، بعد حرب الجبل التي اعادت خلط الاوراق وبدّلت مواقع التحالفات، وانتفاضة 6 شباط، التي فرزت المناطق وقلصت من سلطة الرئيس امين الجميل، وبعد استجماع سوريا كافة الاوراق التي فقدتها في لبنان منذ الاجتياح الاسرائيلي، وبالرغم من الانتصارات العسكرية التي سجلتها القوى اليسارية بعد اعادة تشكيل تحالفاتها مع القوى السورية اقتضت المصلحة السورية بالابقاء على نموذج الدولة اللبنانية وعلى الامتيازات المارونية مقابل الغاء  اتفاق 17 ايار فمن شعار اسقاط امين الجميل الذي اطلقه جنبلاط وبري الى مشاركتهما في حكومة وحدة وطنية، أجّلت الاصلاحات المنشودة ووضعتها رهن الاعتبارات السورية وفي جدول اولوياتها وتطلعاتها.

انعقد مؤتمر الحوار الوطني [14] في سويسرا وضم معظم الفعاليات السياسية والمسلحة وذلك على مرحلتين : الاولى في جنيف في الفترة الممتدة ما بين 31/10/1983 و 4/11/1983 والثانية في لوزان في الفترة الممتدة ما بين 12 و 20/3/1984

وقد توزعت المناقشات في جنيف حول ثلاثة عناوين كبيرة : الوفاق والهوية،  الاصلاح السياسي والاجتماعي والاحتلالات وتواجد الجيوش الغريبة على الاراضي اللبنانية. وشهدت الجلسات من هذا المنطلق مداخلات وارواق عمل متعددة فيها إعادة لما سبق على العموم لمختلف الاطراف ان اقترحته في مناسبات متعددة ومنها نذكر على سبيل المثال : مداخلة الرئيس كميل شمعون باسم الجبهة اللبنانية مؤكدا على اسقتلال لبنان وتحريره واستمرار النظام البرلماني والالتزام بالنمط الاقتصادي الحر وتعزيز اللامركزية الادارية وزيادة عدد المحافظات وتوسيع صلاحياتها ناهيك عن إلغاء الطائفية الوظائفية. بينما استعاد الرئيس صائب سلام في طرحه “الثوابت الاسلامية” لعام 1982، وخلصت جلسات جنيف بتحديد هوية لبنان واسفر المؤتمر على اتخاذ قرار في هذا الشأن بتاريخ 4/11/1983 على الشكل التالي : ” لبنان بلد سيد ومستقل وواحد ارضا وشعبا ومؤسسات في حدوده المنصوص عليها في الدستور والمعترف بها دوليا وهو عربي الانتماء والهوية وعضو مؤسس وعامل بجامعة الدول العربية وملتزم بكافة مواثيقها على ان تُجسد هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء ان  تمحور المناقشات حول تحديد الهوية العربية للبنان استهدف حسم هذه المسألة بعد ان ساد اللغط كثيراً، حول كون اعتبار الميثاق الوطني لعام 1943، ان لبنان ذو وجه عربي ومحاولة البعض الرجوع عن الانتماء العربي. ومع ذلك لم تخلو المناقشات المذكورة من السجال حيث ان مضمون وروحية الميثاق الوطني (البند الثاني) واضح لجهة الاقرار بعروبة لبنان.

كذلك اتخذ المؤتمر قرارا بتأليف لجنة لمتابعة البحث في مشاريع الاصلاح المقترحة وقد اعتمدت اللجنة في اجتماعاتها الممتدة ما بين 5-10/11/1983 ” الوثيقة الدستورية” كمرجع وورقة عمل واظهرت توافقا ما حول ما جاء في الوثيقة ومنها : توزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف الثلاث الكبرى، المناصفة في عدد اعضاء مجلس النواب، انتخاب رئيس الحكومة من قبل المجلس النيابي بالاكثرية النسبية، الاسراع في اصدار المراسيم والقرارات، استقلالية القضاء وانشاء محكمة عليا، تقرير اللامركزية الادارية، ازالة الطائفية من الوظائف مع المحافظة على المساواة في موظفي الفئة الاولى واجراء تشكيلات دورية لهم، تعزيز دور الجيش ووضع سياسية دفاعية وطنية، تكريس حرية الصحافة ووضع قانون جديد للجنيسة….واضيفت الى هذه البنود مواضيع اخرى في ما مجموعه 25 بندا تقريبا منها : حرية تأليف الاحزاب السياسية والجمعيات والنقابات، اقامة مجلس للشيوخ، انشاء نيابات لرئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس، اعتماد الاستفتاء في القضايا المصيرية، فصل النيابة عن الوزارة، تعديل قانون الانتخاب، زيادة على عدد النواب واطالة مدة ولاية رئاسة المجلس….

وبعد حوالي الشهر أي في 8/12/1983 وقبل ان تستأنف مفاوضات جنيف، في لوزان، جاءت الوثيقة الدستورية التي أذاعها البطريرك خريش،  باسم البطاركة الكاثوليك، متقاربة جداً من الثوابت الاسلامية التي طُرحت في 22/9/1983. ولكن دونما تحديد هوية لبنان العربية. ولم تشذ عن هذا التوجّه العام للثوابت الاسلامية ووثيقة البطاركة الكاثوليك، توصيات المؤتمر المسيحي العام المنعقد في بكركي بتاريخ 31/1/1984.

استؤنفت مفاوضات جنيف،  في لوزان في الثاني عشر من شهر آذار 1984 واستمرت حتى العشرين منه. وكان من المفترض ان تتم المفاوضات في جو سياسي وعسكري أقل تأزماً نتيجة لإلغاء الحكومة اللبنانية في 5/3/1984، قرارها بالموافقة على الاتفاق اللبناني الاسرائيلي الموقع في 17/3/1983. وكان من المفترض ان تطرح البنود الاصلاحية التي وضعت في جنيف في جلسات المرحلة الثانية للمؤتمر الوطني. بيد ان هذه الموضوعات لم يجري التذكير بها سوى عرضاً في كلمة الرئيس الجميّل في اليوم التالي لعمل المؤتمر، عن طريق إشارته الى ضرورة القيام بإصلاحات تستند الى “الوثيقة الدستورية” و “قرارات لجنة المتابعة” وقرارات “جبهة الخلاص الوطني” (جمعت الرئيسين فرنجية وكرامي ووليد جنبلاط).

ثم شرع كل فريق بطرح تصوّره الذاتي للحلّ،  فالرئيس عادل عسيران تلا ورقة عمل أهم ما تضمنته عدا عن المساواة التامة وإلغاء الطائفية على جميع المستويات، جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة والاخذ بنظام التمثيل النسبي والفصل في صحة النيابة من قِبل القضاء بالاضافة الى انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب.  وقدّم المحامي نبيه برّي مشروعاً للحلّ اهم ما احتواه من جديد،  انتخاب رئيس الجمهورية من قبل المجلسين،  بأغلبية 55% ولمدة 3 سنوات قابلة للتجديد،  انتخاب رئيسي المجلسين ونائبيهما لمدة الولاية التشريعية، اعتبار القوانين والمراسيم المحالة الى الرئاسة للنشر نافذة حكماً في مهلة الثلاثين يوماً المحددة لذلك… بينما وضحت التوجهات الفيدرالية مع المشروع المشترك لحزبي الكتائب والاحرار الذي ينطلق من تعددية المجتمع اللبناني لينتهي بجعل لبنان جمهورية عربية مستقلة اتحادية تتكون من مقاطعات عدّة مع تفصيل وتحديد لصلاحيات السلطات الاتحادية….. وبالمقابل وزّع الرؤساء عسيران، سلام، كرامي والاستاذان برّي وجنبلاط ورقة عمل مشتركة تنسّق بين ما اقترحه هؤلاء انفرادياً وتجعل من مجلس الوزراء “في إطار المشاركة الفعلية والثابتة”  السلطة الاجرائية والادارية العليا للدولة عن طريق إيلائه الكثير من الصلاحيات التي يمارسها رئيس الجمهورية، كعقد الاتفاقات الدولية والتصديق عليها، إقرار الحرب والسلم واعلان التعبئة العامة وحالة الحرب… ناهيك عن توسيع قاعدة التمثيل بتخفيض سن الاقتراع الى 18 سنة وانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه لمدة سنتين وإطلاق حرية العمل الحزبي وإخضاع الجيش لسلطة وزير الدفاع ووضع سياسة دفاعية تتلاءم مع عروبة لبنان… وبعدها تتالت المداخلات والاقتراحات نذكر منها ورقة عمل تقدم بها رئيس الجمهورية كخلاصة لعدة ورقات وتعتمد “مركزية سياسية تضمن وحدة الشعب والارض ولا مركزية إدارية موسّعة تُشرِك الشعب مباشرة في تنمية مناطق البلاد كافةً، ومشاركة الطوائف في الحكم والادارة من خلال توزيع المناصب السياسية عليها: رئاسة الجمهورية، مجلس النواب،  الحكومة، واستحداث نيابة لرئاسة الحكومة للشؤون الانمائية، ومحكمة دستورية (وإمكانية إضافة مجلس للشيوخ)[15].

وتم في الجلسة التاسعة للمؤتمر وضع ورقة عُرضت كقاسم مشترك لمختلف الاوراق والمداخلات وكان من المفروض ان يوافق عليها بالنظر لتفصيلاتها ومزاوجتها مختلف الطروحات[16] بيد ان شيئاً من هذا لم يحدث واتجه المؤتمرون في نهاية الجلسات لتأجيل موضوع الاصلاح باعتمادهم في 20/3/1984 لبيان نهائي يقول بأن مؤتمر الحوار الوطني… وقد قطع شوطاً بعيداً في دراسة المواضيع الدستورية والاجتماعية التي عُرضت عليه…. يقرر بالاجماع- تشكيل هيئة تأسيسية لوضع مشروع دستور جديد للبنان مكوّنة من 32 عضواً يختارهم رئيس الجمهورية بالتعاون مع أعضاء هيئة الحوار الوطني،  على ان تتقدم بتقرير عن نتائج اعمالها خلال ستة أشهر “هذه المهمة الاصلاحية التي ستعاود محاولة السير بها” حكومة الوحدة الوطنية التي تمّ التوافق على إنشائها، لا سيما من خلال الاتفاق، اتفاق اعضائها على نص بيانها الوزاري وعرضه على المجلس النيابي لنيل ثقته في 31/5/1984، هذا البيان الذي وصف على انه ميثاق وطني جديد.

وقد تأثر البيان الوزاري بمشروع 13/3/1984 الذي تضمن ملخصاً لورقتي عمل الكتائب والاحرار من جهة وورقة عسيران – سلام – كرامي – بري جنبلاط من جهة اخرى والذي كان من المنتظر ان يعتمده مؤتمر لوزان.

وقد شرعت الحكومة المؤلفة في محاولة تنفيذ بنود البيان الوزاري وقرارات لوزان بتأليفها في شهر أيلول 1984 ثلاث لجان[17] الاولى “استشارية دستورية” لوضع دستور جديد للبنان، الثانية للجنسية، والثالثة للمراسيم. بيد أن تطور الاوضاع على الارض حال استمرار اللجنتين الاوليين في عملهما وثم على إثر توقيع اتفاق دمشق الثلاثي في أواخر عام 1985 تم  تجاوز إطار البيان الوزاري.

ولكن قبل توقيع هذا الاتفاق أي خلال عام 1985 تجددت دعوات الاصلاح وإعادة تركيب نموذج السلطة في لبنان.

فجاء البيان الختامي للمؤتمر التأسيسي “لجبهة الاتحاد الوطني” الصادر في شتورا في 6/8/1985 ليرفض التعددية المجتمعاتية (الجبهة اللبنانية) ويطالب بإنهاء الطائفية لاسيما السياسية والتشديد على الحقوق الاجتماعية وإقامة التوازن الصحيح بين السلطتين وبالخصوص إيلاء السلطة الاجرائية برئيس الوزراء كونه المسؤول وحده امام المجلس والشعب، وضع قانون انتخابي جديد على أساس النسبية وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة، الاصلاح الاداري واعتماد الكفاية والنـزاهة ووضع قانون جديد للجنسية….

وكان قد سبق للشيخ محمد مهدي شمس الدين ان طرح في كرّاس صادر عن مكتبه في 12/6/1985 جملة من المقترحات تحت عنوان “الديمقراطية العددية”.[18]

فبعد ان يلاحظ ضياع اللبنانيين امام المشكلات والمفاهيم الطائفية وكون اللبنانيين المنتمين الى طائفة او مذهب واحد لا يدينون بمذهب سياسي واحد وبأن ليس في لبنان مناطق طائفية صافية وبأن انتماء المواطن اللبناني الى دولته لا يتم سوى من خلال طائفته وبأن النظام الطائفي قضى على المساواة وعطّل العدالة وعمل القانون والمؤسسات…

يدعو الشيخ شمس الدين الى إلغاء الاسس والتمايزات الطائفية في جميع مواقع النظام بدءاً برئاسة الجمهورية وانتهاء بأصغر وظيفة وجعل لبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد الاستفتاء الشعبي في القضايا المصيرية وصولاً للأخذ بنظام الديمقراطية العددية القائمة على مبدأ الشورى (والمبنية على مفهوم الاكثرية العددية واعتبار الوحدات السياسية تتكون من مواطنين أفراد وليس من طوائف او مذاهب،  هذا عدا عن اقتراح إنشاء واستحداث بعض المؤسسات لاسيما مجلساً للشيوخ. واقترح الدكتور ادمون نعيم في محاورة معه في 18/11/1985 إبراز المجموعتين المسلمة والمسيحية داخل المجلس النيابي وانتخاب رئيس الجمهورية كذلك اختيار رئيس المجلس وإعطاء الثقة للحكومة بأكثرية كل من هاتين المجموعتين ناهيك عن تعديل الدستور (ضرورة توفر غالبية الثلثين).

وفي اواخر العام 1985 جرت محاولة سورية جادة وحازمة لإعادة بناء نموذج الدولة اللبنانية من خلال ما عرف بالاتفاق الثلاثي في وقت كانت سوريا فيه تسيطر على كافة الاراضي اللبنانية ما عدا بيروت الشرقية معقل المسيحيين، والهدف الاخير لسوريا لاستكمال سيطرتها على كافة الاراضي اللبنانية.  لقد استطاعت ان تخرق المنطقة المسيحية من خلال المسؤول عن الامن في القوات اللبنانية،  إلا أنها لم تستطع ان تفرض إرادتها في تمرير الاتفاق وباءت محاولتها في إعادة بناء نموذج الدولة عن طريق الاتفاق الثلاثي بالفشل.

وكان هذا الاتفاق يحمل تغييراً جذرياً لنموذج الدولة فيما لو طُبِّق.[19] لقد شمل مجموعة من المبادئ العامة التي تهتم بتحديد هوية لبنان ووحدته ونظامه السياسي وتحريره، فلبنان بلد سيد حر مستقل… عربي  الهوية والانتماء (وتجسد الدولة ذلك في جميع الحقول والمجالات) موّحد يرفض الطروحات اللامركزية السياسية كالفيدرالية والكونفدرالية والكانتونات واللامركزية الانمائية والامنية.

ويضع مبادئ النظام السياسي، داعيا الى استبدال الصيغة الطائفية بصيغة وطنية ووضع دستور جديد يستند الى 10 احكام ومبادئ اساسية اهمها : النظام الجهوري الديمقراطي البرلماني، السيادة الشعبية، والمساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، صيانة الحرية الشخصية والدينية وحرية الرأي والتعبير واقامة الجمعيات والاحزاب…، الاقتصاد الحر المنظم والمخطط، تعميم اوسع وافضل تمثيل ويعتمد المحافظة دائرة انتخابية صوناً للانصهار الوطني وللتعبير الصحيح عن ارادة العيش المشترك وتعميم الانتخاب عند اتمام السن الثامنة عشرة، استحداث مجلس للشيوخ يتولى مع مجلس النواب البت في القضايا المصيرية كتعديل الدستور، الحرب والسلام المعاهدات والاتفاقات الدولية، انظمة الاحوال الشخصية المذهبية وقانون الجنسية وانتخاب مجلس الشيوخ.

بعدها ينتقل الاتفاق للتحدث عن مرحلة انتقالية يتم فيها انجاز الاصلاحات والتخلص تدريجياً من النظام الطائفي بعد مرور سنة واحدة لانهاء حالة الحرب بدءاً من تشكيل حكومة جديدة، وإذ يجري توسيع المجلس النيابي بتعيين نواب جدد وفقا لمبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين والمثالثة بين الطوائف الثلاث الكبرى (الموارنة – السُنَّة – الشيعة). اما المرحلة الانتقالية المذكورة فتنتهي بقرار من مجلس النواب بمجرد بدء العمل بالغاء الطائفية كليا ووفقا لما يلي:

-تطرح الحكومة خلال النصف الثاني من اول مجلس نيابي منتخب مشروعا تحدد فيه تاريخ البدء بالغاء الطائفية في التمثيل النيابي، الرئاسات الثلاث والوزارات ووظائف الفئة الاولى وتكون الاغلبية المطلوبة لاقراره ثلثي اعضاء المجلس النيابي.

-اذا لم يقُر المشروع تصبح الاكثرية اللازمة لاقراره 55% ابتداء من النصف الثاني من ولاية المجلس النيابي الثاني المنتخب.

-واذا لم يُقر المشروع عندئذ يتقرر حُكماً إلغاء الطائفية في المناصب المذكورة خلال النصف الاول من ولاية المجلس المنتخب الثالث.

اما في المرحلة الانتقالية، فرئيس الجمهورية ينتخب في الدورات التي تلي الدورة الاولى بأكثرية 55% من عدد اعضاء المجلس الذي يستوجب لانعقاده اكثرية 10/7 عدد الاعضاء. وهو يتولى دون حق التصويت رئاسة مجلس الدفاع الاعلى، اجتماع مجلس الوزراء في حالات محددة كحالة اقرار البيان الوزاري، اعلان حالة الطوارئ، حل مجلس النواب، وإقرار أي مشروع قانوني دستوري او انتخابي. انه يصدر مرسوم استقالة اي من الوزراء بعد موافقة رئيس الورزاء، ولا تتم الاقالة الا بعد موافقة المجلس الوزاري.

أمّا مجلس الوزراء فيتألف من رئيسه وعدد من وزراء الدولة والوزراء ويعقد جلساته باغلبية الثلثين ويتولى السلطة الاجرائية بوصفه المسؤول امام السلطة التشريعية. والى جانبه إرتؤي إقامة مجلس وزاري يتألف من رئيس مجلس الوزراء ومن وزراء الدولة، ويتخذ قراراته بالاجماع ويتولى اقتراح الخطوط الكبرى لسياسة الدولة وتحديد خياراتها الاساسية والموافقة على المراسيم التي لا تحتاج الى موافقة مجلس الوزراء وقد أُفرِدت فقرة خاصة بصلاحيات رئيس مجلس الوزر اء من ترؤس الجلسات وإدارتها الى الاشراف على تنفيذ مقررات مجلس الوزراء والمجلس الوزاري ومتابعة أعمال الوزارات والادارات.

وفي هذا الاطار تتشكل الحكومة بعد استشارات الزامية يجريها رئيس الجمهورية ووضع لائحة باسماء الوزراء من قبل الرئيس المكلّف. وفي حال إمتناع رئيس الجمهورية عن توقيع مراسيم التأليف خلال اسبوعين يحتكم رئيس الحكومة الى المجلس فإذا نال اغلبية 55% يصبح واجب الرئيس اصدار المراسيم.

وفي حال امتناع رئيس الوزراء عن تقديم التشكيلية الوزارية الى الرئيس خلال شهر يعتبر معتذراً ويعاد فتح باب الاستشارات. علماً ان جميع المراسيم ومراسيم احالة القوانين يجب ان توقّع من قبل الرئيس ورئيس مجلس الوزراء والوزير المختص وتحدد مهلة 30 يوماً لتوقيعها من قبل الرئيس وعند إنقضاء المهلة دون توقيع او ردّ معلّل يصبح المرسوم نافذاً للحكم. اما فيما يتعلق بالسلطة التشريعية فارتؤي زيادة عدد النواب ضمن المناصفة بين المسلمين والمسيحيين والمثالثة بين الطوائف الثلاثة الكبرى بانتظار إلغاء طائفية التمثيل.  كذلك اقتراح انتخاب رئيس المجلس واعضاء مكتب المجلس لمدة سنتين قا بلتين للتجديد الى ما هنالك من اشارة لاقامة المجلس الاعلى والمحكمة الدستورية ومجلس اقتصادي واجتماعي ووضع قانون جديد للجنسية.

ولقد تعرض الاتفاق للانتقاد الشديد من حزب الكتائب والقوات اللبنانية الذين اعتبروا انه يضع لبنان تحت الانتداب السوري من خلال نصوص الفصل الرابع الذي يتناول العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا.  علماً ان الاتفاق يكرّس الطائفية ويجسّدها بأوج صورها قبيل التنازل عنها بعد انتهاء الفترة النتقالية. ناهيك عن بعض سمات الازدواجية والتعقيد على مستوى إقامة مجلس وزراء ومجلس وزاري الغاية منه التحكّم بالسلطة الاجرائيّة.

والواقع ان اللبنانيين قد اختلفوا على القسمة ولم يدركوا ان البساط قد سحب من تحت أقدامهم،  فما نفع الاصلاحات إذا لم تكن السلطة في يد اللبنانيين وهذا ليس تقليلاً من أهمية الاصلاح وإعادة بناء نموذج حديث طبعاً ولكن المنافسة وصلت الى درجة الانتحار والاندحار.

وفي عام 1986 انشغل الرأي العام بما روّج له ودُعي “بالمشروع المسيحي وفيه دعوة لتكريس العُرف القائم بالنسبة للرئاسات الثلاث واعتماد المناصفة في توزيع مقاعد المجلس النيابي وفي الوظائف الهامة واقتراح استحداث 6 نواب لرئيس الجمهورية يمثلون الطوائف الست الكبرى ما عدا طائفة الرئيس ويشكلون مجلسا استشارياً للرئيس ويحلّون محلّه مجتمعين في حالة خلوّ سدّة الرئاسة ناهيك عن الأخذ. بانتخاب رئيس الحكومة من قبل المجلس النيابي واللامركزية الادارية الموسّعة…

وفي العام 1987 استفتيت عشرات الشخصيات  السياسية والمعنية بالوضع في إطار “حوار من أجل الوحدة”[20] بمناسبة مرور 12 سنة على بدء الاحداث فجاءت مداخلاتهم على العموم إعادة لما سبق وقيل ما عدا البعض منها وعلى الخصوص المشروع الذي تقدّم به نبيل خليفة[21].

فبعد مقدمة تُظهر الاهمية الجيوبوليتكية للبنان وضرورة تحقيق طمأنة المسيحيين وإرضاء المطالب المادية والنفسية للمسلمين في توازن قائم على معطيات أربع: الضمانات، الحقوق، الوحدة والحرية، وبعد الاقرار بالواقع الطائفي والتنوّع الثقافي للبنان يستخلص خليفة وجوب كون الحكم توافقياً يرتكز بدوره على أربع أسس مترابطة:  حكم الائتلاف الواسع بمشاركة الجميع، النسبية في التمثيل على مختلف المستويات، اللامركزية دون الإضرار بالوحدة والمؤسسات المستحدثة كضمانة للجماعات وحفظ مصالحها الحيوية.

وينعكس مثل هذا الحكم التوافقي بإيلاء السلطة التشريعية الى جمعية وطنية مؤلفة من مجلس للنواب    (120 عضواً)[22] ومجلس للشيوخ (68 عضواً) موزعين بالمناصفة على المسلمين والمسيحيين[23] ومنتخبين عن طريق الاقتراع العام الاكثري لمدة 4 سنوات وبالاستناد الى المحافظة كدائرة انتخابية بالنسبة للنواب ومن قبل كل طائفة ولمدة 6 سنوات بالنسبة لمجلس الشيوخ.  ويشارك هذا الاخير في التشريع لا سيما في القضايا المصيرية مثال: تعديل الدستور، الحرب والسلم، المعاهدات، مسائل الاحوال الشخصية مع حق النقض لصالح كل طائفة حيال القوانين المتعلقة بمعتقداتها الروحيةوالثقافية.  تولى السلطة التنفيذية الى مجلس رئاسي من 6 أشخاص يمثلون الطوائف الست الكبرى في البلاد وينتخبون من قبل الجمعية الوطنية لمدة خمس سنوات وبأغلبية لا تقل عن 55% في كلا المجلسين. ويضطلع أعضاء المجلس الرئاسي بمجموعة من الشؤون: رئاسة الجمهورية، الداخلية والامن،  السياسة الخارجية، الدفاع، العدل والاقتصاد والتربية. ويرتبط بهذه الشؤون بالاضافة الى الامانة العامة للمجلس  الرئاسي مجموعة من الامانات (الوزارات المساعدة) المناطة بأشخاص ينتمون الى بقية الطوائف.

ونرى هذا المشروع قد تأثر بالنظام السويسري واتى في سياق سلسلة من الطروحات التي تعتمد التعددية للمجتمع اللبناني. وعادة ينادى بهذه الطروحات نتيجة ردات فعل تجاه احداث معينة وفي الاوقات الحرجة المتسمة بالخطر المداهم على الوجود المسيحي في لبنان. ولكن من المستبعد ان يتحول هذا الى نموذج علماني كونه لا يدرح فيه اي اقتراحات او تدابير لهذا التحول (اي ازالة كل المؤسسات الطائفية وعلى كافة الصعد) تربط المواطن مباشرة مع الدولة  وليس عبر الدخول الى الدولة بواسطة الطائفة .

وما يصحّ لنقد هذا المشروع، يصح لنقد المشاريع الاخرى المنادية بالآحادية او لنقل بالآحادية الطائفية اي المنادات بالغاء الطوائف لحسابها الخاص وليس لحساب الدولة. وفي هذا نرى الفيدرالية الطائفية اخف شراً من الآحادية الطائفية. اذ لا تلحظ في طروحاتها اي تدابير لنقل المواطن من الانتماء الطوائفي على كافة المستويات الى الانتماء المدني، فتصبح بهذا كلها طروحات مشبوهة متسمة وممعنة في التطرف. وما يثير التعجب ان المواطن في لبنان ليس له الخيار الا بالانتماء لطائفته.

اذ لا يوجد له الحق بالخيار المدني والانتماء  الوطني، فكيف تنتقد الفيدرالية الطائفية، وهي واقع مفروض في ظل غياب الخيار المدني.

أما في عام 1988 وعلى الرغم من انشغال الاوساط السياسية وتحضيرها لعملية الانتخابات الرئاسية التي لم تتم في موعدها، لم تخلوا الساحة من عرض بعض المشاريع الاصلاحية نذكر منها خصوصاً مقترحات للرئيس أمين الجميل عرضها في آذار ، أهم ما جاء فيها إلغاء للطائفية على مراحل  وبتصويت يستوجب توفّر أغلبية 95% من أعضاء المجلس النيابي الاول و 75% من المجلس النيابي الثاني و 3/2 من المجلس النيابي الثالث . وفي ذلك إعادة لمقترحات من نفس الطبيعة، ولكن بأكثرية أقل،  أدلى بها الرئيس سليم الحص وأخذ بشيء منها الاتفاق الثلاثي لعام 1985.

ومع اضطلاع اللجنة العربية السداسية[24] بمهمة للاتصال والمساعي الحميدة في الازمة اللبنانية وعودة الاشتباكات العنيفة بين المنطقتين الشرقية والغربية من بيروت وتأزم الوضع لا سيما ابتداء من 14/3/1989 صدر عن الاجتماع الدرزي الموسع المنعقد في 25/3/1989 في خلدة بيان “الوثيقة الوطنية” – يعرض للمصاعب اللبنانية وأسباب استجداد النـزاع المسلح واستمرار الازمة والتأكيد على سلسلة من المواقف التي تعتمدها الطائفة الدرزية واقتراح جملة من التدابير السياسية،  الاقتصادية والاجتماعية[25] بعدها يعود لطرح “صيغة لبنان الوطن والمجتمع والدولة” فيرى في 16 بنداً ضرورة الحفاظ على وحدة الشعب والارض ورفض كافة الطروحات التعددية من فيدرالية وكونفدرالية ولامركزية إنمائية…. ومطالبة بفصل السلطات والمساواة التامة والانتقال من الصيغة الطائفية الى النظام الوطني اللاطائفي عن طريق وضع قانون جديد للانتخاب، إقامة مجلس للشيوخ ذي صلاحيات أساسية محددة ويعمل على تحقيق التوازن في الانماء والوظائف الاساسية، إناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً ورئاسة الدولة برئيس للجمهورية لا تتعارض صلاحياته مع قيام الحكومة بمهتها السياسية الاجرائية كاملة بوصفها المسؤولة امام الرأي العام والسلطة التشريعية … ولم يتأخر الرئيس صائب سلام مرّة جديدة من التقدم الى اللجنة العربية السداسية بمشروع مفصّل أهم ما فيه تحديد وموازنة علاقة رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء عن طريق تقصير الولاية الرئاسية الى 4 سنوات، وانتخاب رئيس الحكومة من قبل المجلس النيابي وجعل هذا الاخير الحكم النهائي في تشكيلة الحكومة وعدم سحب الثقة منها سوى بتوفر أغلبية 55% من الاصوات وإيلائها السياسة العامة للدولة في كافة المجالات ناهيك عن تخطيط لإلغاء الطائفية تدريجياً في فترة تقارب الـ 15 سنة[26] وكان أهم ما تضمنته مذكرة المحامي عمر كرامي الى اللجنة رفض كافة أشكال التقسيم والأخذ بسلطة مركزية قوية وإلغاء تام وعلى كافة المستويات للطائفية السياسية في لبنان.[27]

القسم الثاني: اتفاق الطائف والنموذج المغاير.

لقد كانت هذه آخر المقترحات قبل الدخول في النمذجة المرسومة في الطائف فأتت النمذجة الجديدة حصيلة تحركات عربية مكثفة ودعم دولي شبه مطلق اعقبت انفجار الوضع العسكري والقصف المدمر، فعلى إثر الجهود العربية التي قامت بها اللجنة السداسية والتي ترأسها وزير الخارجية الكويتي، إتخذ مجلس الجامعة العربية في 27/4/1989 قراراً قضى بوقف شامل لاطلاق النار وتأليف قوة مراقبين عرب (بقيت في حيّز التنظير[28] للاشراف على تنفيذه. غير ان عدم تجاوب الاطراف المعنيين بالازمة أوقف المسعى مما دفع لانعقاد مؤتمر القمة العربي الاستثنائي في الدار البيضاء لحل الازمة في الفترة الممتدة بين 23-25/5/1989. وتألفت بنتيجته ما بدأته اللجنة السداسية والاتيان بتسوية للازمة في فترة اقصاها 6 اشهر يتم خلالها تحضير الاتصالات اللازمة مع المسؤولين اللبنانيين، لاسيما النواب، وتسهيل اجتماعاتهم في الخارج تخفيفاً للضغوط الداخلية عليهم، وذلك لمناقشة امور الاصلاح ومن ثم الاجتماع في لبنان لانتخاب رئيس لمجلس النواب ورئيس للجمهورية وتأليف حكومة موحدة تتخذ  القرارات بشأن تواجد القوات السورية فضلاً عن مطالبة الاسرة الدولية المساعدة في جعل إسرائيل تنسحب من جنوب لبنان تنفيذا لقرارات مجلس الامن الدولي لاسيما القرار رقم 425 .

وعلى رغم تجميد عمل اللجنة بإعلانها في 1/8/1989 عدم تمكّنها من بلوغ الغاية المنشودة ووصولها الى الحائط المسدود[29] بيد أنها عاودت بتشجيع ودعم دولي مجدد وكامل، استئناف نشاطاتها واتصالاتها المكثفة مع كافة القوى المعنية داخليا وخارجيا وتمكّنت في 16/9/1989 من إصدار بيان من نقاط سبع قبلته الاطراف اللبنانية وفيه وقف شامل لاطلاق النار وفك للحصارات ودعوة لاعضاء المجلس النيابي للاجتماع في 30/9/1989 لإعداد ومناقشة وثيقة الوفاق الوطني التي سبق وأعدتها اللجنة الثلاثية وأذاعها ونصّها وزير الخارجية السعودي رسمياً في 18/9/1989، وهكذا كان، إذ اجتمع النواب في مدينة الطائف السعودية واعتمدوا الوثيقة العربية كأساس لمناقشاتهم التي استمرت ما يزيد عن الثلاثة اسابيع وأقرّوا الوثيقة المذكروة مع ادخال بعض التعديلات عليها، وصدقوا عليها رسمياً في جلسة المجلس النيابي التي انعقدت في مطار القليعات العسكري اللبناني قبيل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية في 15/11/1989 والسؤال الذي نطرحه، هل استحق هذا النموذج الجديد الذي أُقّر، خمسة عشرة سنة من الحرب.

فالنصوص اعادة صياغة نفس النموذج، واعادت النظر في موضوع المشاركة الطوائفية على صعيد السلطة لارساء التوازن، وهو بالامر الحسن فيما لو اقتنعت كل طائفة بحصتها من المشاركة دون الجنوح الى الرغبة في الهيمنة السياسية. الا ان المشكلة الاكبر من النموذج الطوائفي هو التنافس الدائم بيت الطوائف للحصول عل امتيازات أكثر على حساب بعضها البعض مما يؤدي الى مردود سيء على الديمقراطية واستثارة العصبيات الطائفية. اما التطبيق، فأتى انقلاباً على الطائف نتيجة لاستكمال السيطره السورية على لبنان للأسباب التي ذكرناها في مقدمة هذا البحث. وإن نصّت الوثيقة والقانون ببرمجة الخروج السوري بمدة أقصاها السنتين، وإن نصّت أيضاً بإناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء، وإن نصّت ببعض الامور الاصلاحية الاخرى، فإن النصوص لم تعد ذي معنى في ظل هذه الهيمنة. فأصبح هناك هوّة كبيرة بين نص اتفاق الطائف وبين ممارسة اتفاق الطائف.

وبدل ان يسير لبنان باتجاه النموذج الديقمراطي الحديث، وان يتغلب على نمذجة ليبرالية – طائفية ، سار في اتجاه نمذجة توتاليتارية طائفية، لا تحتويها النصوص، انما ساهم في تركيبها النموذج السوري وبعض المنافع الضيّقة الداخلية، حتى بدا النموذج القديم والنموذج النصِّي الجديد، أشبه بالانجاز  العظيم اذا عُمِل على تنفيذه، حيث ظهرت هوّة كبيرة بين النصوص والممارسة. فأتت الاصلاحات تعيد صياغة نفس النموذج، وأتت إستكمال الوصاية السورية لتضفي نموجاً مغايراً.

فما هي هذه الاصلاحات التي اعادت صياغة نفس النموذج ؟ وما هو النموذج المغاير التي عملت سلطة الوصاية على تمريره ؟

اولا : اعادة صياغة نفس النموذج.

تركّزت الاصلاحات السياسية على رئيس الجمهورية، مجلس الوزراء، الوزير، مجلس النواب، وصولاً الى الغاء الطائفية السياسية.

في مجلس النوا ب، ظهرت جلياً إرادة أعضائه في إعطاء مجلسهم أرجحية على بقية الهيئات  من حيث الشكل من خلال تقديم الحديث عنه في النص،[30] وهذا طبيعي في نظام برلماني. وجرى جعل ولاية رئيس المجلس ونائبه لمدة ولاية هذا الاخير ( يعني 4 سنوات بدلا من سنة واحدة كما تنص المادة 44 من الدستور اللبناني) . وهذا جديد في المشاريع الاصلاحية[31] وفيه تدعيم لمركز رئاسة المجلس[32] ويتعلق هذا الامر بالتوازنات الطوائفية في النظام، وباعطاء الشيعة موقع موازن للموارنة والسنة، أمّا اختيار المحافظة كأساس للدوائر الانتخابية (بعد تعديل التوزيع الاداري القائم) فسبق للاتفاق الثلاثي أن اعتمده، حيث تُوزّع المقاعد النيابية بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين ونسبياً بين الطوائف والمناطق. أضف الى الاخذ بفكرة تعيين حكومة الوفاق الوطني[33] بعض النواب استثنائيا لملئ المراكز الخالية والمستحدثة في المجلس[34] وكان هذا الامر قد نوقش في المرحلة الثانية من مؤتمر الوفاق الوطني المنعقد في لوزان عام 1984 وتضمنه  البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية لعام 1984 تمكيناً للمجلس من الاستمرارية في تأدية مهامه وتوسيع المشاركة فيه عن طريق ضم الفاعليات السياسية والميليشياوية المستجدة والنافذة ومحاولة تدجينها بتحويل صراعها المسلح على الارض الى صراع سياسي داخل الندوة في وقت لا تسمح فيه الظروف باللجوء الى مقولة الانتخاب الركن الاساسي في  الانظمة الديقمراطية. وأخيراً، أردف تعزيز مركز المجلس النيابي بالنص على استحداث مجلس للشيوخ مستقبلا ًعندما يجري انتخاب مجلس نواب على أساس لا طائفي، وبالتالي بمسألة الغاء الطائفية السياسية وهي مسألة غير مبرمجة في الوثيقة، مع الملاحظة ان استحداث مجلس للشيوخ لم ترتأيه وثيقة اللجنة العربية وأضيف في الطائف كرفع للعتب وبناء على الحاح من قِبل ممثل الطائفة الدرزية في الاجتماعات وفي سياق عرض المطالب المذهبية والعمل بسياسة “المحاصصة” وتأكيداً لدور الطائفة الدرزية كطائفة أساسية في التركيبة لها ما لغيرها من رئاسات. وهكذا حُشر واستلحق النص عليه في نطاق التحدث عن مجلس النواب ودون اي تنسيق او تكيّف مع بقية النصوص او إيضاح لتركيب وصلاحية هذا المجلس المستحدث.

ولكن من الطبيعي ان تُقابل الطروحات الطائفية، طروحات طائفية أخرى، فالغاء الطائفية السياسية وحدها، قد يلائم طائفة معينة ولكنه لا يلائم الطائفة  الدرزية التي لديها طموحات سياسية وبنفس الوقت تريد الحفاظ على كيانها الدرزي وفي الحقيقة لا نستطيع انتقاد هذه المطالب في ظل استمرار اللعبة التنافسية بين الاطراف اللبنانية حيث يبقى مشروع الدولة الحديثة غائب كلياً عن المداولة.

اما في موضوع رئاسة الجمهورية، فلقد استحوذ البحث في هذه المسالة على قدر كبير من المناقشة. وقد بدأ التكلم عنها بصيغة توفيقية لا تخلو من الابهام، بالنص على ان رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة… وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة التي تخضع لسلطة مجلس الوزراء. وإذا كان المقصود بهذا النصّ إظهار التوجّه في جعل رئيس الجمهورية قائداً فخرياً للقوات المسلحة في الوقت الذي يعطى فيه مجلس الوزراء حق تسيير شؤون القوى المسلحة من حيث العديد والتجهيز واشغالها في وقت السلم والحرب والتصرف بها. ولكن هذا المقصود ليس بالاكيد ولا يخلو هذا النص من اللبس لجهة التفسير اذ لو كان المقصود إبقاء رئيس الجمهورية قائداً فخرياً، كان بالأحرى الاكتفاء بالنص تحت بند رئيس الجمهورية على انه القائد الاعلى للقوات المسلحة، بينما يصار النص على خضوع هذه الاخيرة لسلطة مجلس الوزراء تحت بند مجلس الوزراء.

بعدها تعدد الوثيقة صلاحيات رئيس الجمهورية بـ 16 عدا النص عن عدم تبعية ومسؤولية الرئيس حال قيامه بوظائفه الا في حالتي خرقه للدستور وخيانته العظمى. ان اهم هذه الصلاحيات التي اعتبرها البعض[35] تتجاوز حتى ما يتمتع به الرئيس بموجب نصوص الدستور القائم  وما كانت ترتأيه الوثيقة الدستورية لعام 1976  وهذا طبعا لا يتطابق مع الواقع ، هي :

-ترؤسه مجلس الوزراء متى يشاء دون ان يصوت. والمقصود على ما يبدو بهذا النص، دعوة رئيس الجمهورية الى عدم ترؤس جلسات مجلس الوزراء سوى في بعض الحالات الهامة والمسائل المصيرية.[36]

-ترؤسه مجلس الدفاع الاعلى، وهذا منطقي طالما انه القائد الاعلى للقوات المسلحة.

– إصدار ونشر المراسيم واعادتها الى الحكومة خلال 15 يوما من إيداعها له، فاذا ما أصرّ عليها مجلس الوزراء او انقضت المهلة المذكورة اصبحت نافذة حكما، كذلك القوانين التي يستطيع الرئيس ان يعيدها الى مجلس النواب ضمن المهل المحددة في الدستور (30 يوماً و 5 ايام)، واذا انقضت هذه المهل اصبحت القوانين المحالة الى الرئاسة نافذة حكما ووجب نشرها.

تسمية رئيس الحكومة المكلّف بناء على استشارات نيابية ملزمة يطّلع عليها من رئيس مجلس النواب وبالتشاور معه[37] ويصدر مرسوم التكليف منفرداً بينما يصدر مراسيم تشكيل الحكومة بالاشتراك مع الرئيس المكلّف. وفي ذلك نقل الصلاحيات من رئاسة الجمهورية الى المجلس النيابي وزيادة في تفعيل دور رئيس المجلس النيابي.

– إصدار مراسيم استقالة الحكومة والوزراء وإقالتهم واعتماد السفراء واستقبالهم ومنح الاوسمة، وكلها من الاختصاصات التي يأخذ بها الدستور والمقررة لرئيس الدولة في الانظمة البرلمانية.

– تولّي المفاوضات لعقد المعاهدات الدولية وابرامها بالتعاون مع رئيس الوزراء.

إن هذه الصلاحية اعيدت الى الرئيس إثر مناقشات الطائف بينما أناطتها الوثيقة العربية بمجلس الوزراء ولكن أضيفت إليها لازمة التعاون مع رئيس الحكومة وضرورة توفر توقيع رئيس الحكومة الى جانب توقيع رئيس الجمهورية على المعاهدة.

او على الاقل مثل هذا التوقيع المزدوج على رسائل تفويض الممثلين اللبنانيين القائمين بالمفاوضات والموقعين للمعاهدة المعنية.

– توجيه الرسائل الى مجلس النواب عند الضرورة ودعوته للانعقاد في دورات استثنائية بالتعاون مع رئيس الحكومة ( يعني بمرسوم موقّع من قبله وقِبل هذا الاخير كما تعود وتوضح الوثيقة في الترتيب رقم 4 من رئيس الوزراء – ج 4) وهذا مستحدث

– الاطلاع على جدول اعمال مجلس الوزراء من رئيسه وعرض اي امر من الامور الطارئة على المجلس من خارج جدول اعماله.

-دعوة مجلس الوزراء للاجتماع استثنائيا كلما راى ذلك ضروريا ولكن هذه  المرة بالاتفاق مع رئيس الحكومة.

ان هذه الصلاحيات بالاضافة الى حق منح العفو الخاص وهو مكرّس لرؤساء الدول في النظم البرلمانية، اصبحت اقل مما تتمتع به الرئاسة بموجب نصوص الدستور، بعد تعديل المادة 17 منه التي كانت قد اناطت السلطة الاجرائية بكاملها برئيس الجمهورية.

لقد ارتبطت ممارسات رئيس الجمهورية لقسم كبير من اختصاصاته إما برئيس الحكومة او بمجلس الوزراء الذي اصبح صاحب السلطة التنفيذية.

 وهذا ما يضعف من السلطة التنفيذية في المجتمعات التعددية خاصة في الحالات التي لا يكون فيها اكثرية برلمانية متجانسة. أما في لبنان فأتت الاكثرية البرلمانية متجانسة من حيث التحالف مع السلطة المهيمنة. حيث تمّ اللجوء الى استعمال البدع الانتخابية، التي تُهمش الارادة الشعبية وتفبرك مجالس على قياس مصلحة سلطة الوصاية وحلفاؤها. وطبعاً هذا تشويه للواقع اللبناني وإلغاء طوائف بكاملها، لحسلب طوائف أخرى أو بالاحرى لحساب سلطة الوصاية في ظل اعتماد النظام الطوائفي.

اما رئيس مجلس الوزراء في النموذج المعدل، قد خصّص بعنوان مستقل في الوثيقة الوفاقية، وجرى ايضاح اختصاصات رئيس الحكومة على الشكل التالي :

-ترؤس جلسات مجلس  الوزراء وهذه المرة بصورة اصلية ومبدئية كما يفهم من سياق  النص لاسيما وان هذه الجلسات ستعقد في مقر خاص بالمجلس (كما تنص الوثيقة لاحقاً) ومنفصل عن مقر رئيس الجمهورية الذي يحتفظ بحقه في ترؤس الجلسات المذكورة (عند  الضرورة وبصورة استثنائية).

-اجراء الاستشارات النيابية وتوقيع مراسيم تشكيل الحكومة مع رئيس الجمهورية وتقديم بيان حكومته الى مجلس النواب وطلب ثقته في مهلة لا تتعدى 30 يوما، وفي ذلك قطعاً للاستمرار غير المحدّد في ممارسة السلطة لحكومة شُكِّلت حديثاً دون نيلها ثقة المجلس، وعلى ان لا ترقى مثل هذه الممارسة لاكثر من تصريف الاعمال بمفهومه الضيق مما يحسم الوضع لجهة عدم صلاحية الحكومات، قبل نيلها الثقة وبعد تقديم استقالتها، بممارسة الاختصاصات ذات الصفة التقريرية وقصرها على الاعمال الادارية العادية.

-توقيع جميع المراسيم ( ما عدا مرسوم تسمية رئيس الحكومة وقبول استقالة الحكومة او اعتبارها كذلك) ومنها مراسيم دعوة مجلس النواب للانعقاد في دورات استثنائية، ومراسيم اصدار القوانين واعادة النظر فيها.

-دعوة مجلس الوزراء للانعقاد ووضع جدول اعماله وتوقيع المحضر الاصولي للجلسات

-متابعة اعمال الادارات والمؤسسات العامة والتنسيق بين الوزراء واعطاء التوجيهات العامة لضمان حسن سير العمل، وعقد جلسات عمل مع الجهات المعنيّة في الدولة بحضور الوزير المختص.

-اعتباره حكماً نائباً لرئيس مجلس الدفاع الوطني .

وعلى العموم فان الصلاحيات التي أنيطت برئيس  الحكومة والتي كرّست لصالحه قدراً كبيرا من المشاركة على مستوى الرعاية والادارة والتمثيل، قد شاركه فيها مؤسسة مجلس الوزراء.

اضحى مجلس الوزراء حسب وثيقة الوفاق، مركز السلطة الاجرائية. فهو الذي يضع السياسة العامة للدولة في شتى المجالات ويضع مشاريع القوانين والمراسيم ويتخذ القرارات المناسبة لتنفيذها بعد اصدارها ومتابعة هذا التفنيذ

-يشرف على اعمال كافة اجهزة الدولة  المدنية والعسكرية دون استثناء

-يتصرف بالقوات المسلحة ويتدبر شؤونها

-يعيّن موظفي الدولة، ويصرفهم ويقبل استقالتهم وفق القانون ( وهو ما يمارسه فعلاً وعرفاً)

-يقوم بحل مجلس النواب بناء على طلب رئيس الجمهورية. [38]

ان هذه الاختصاصات ، تدعمت بجملة من الاحكام المساعدة في ترسيخ النزعة التأسيسية لمجلس الوزراء الذي يتعين عليه ان يعقد اجتماعاته في مقر خاص به (بينما تعقد الاجتماعات عادة في مقر رئيس الجمهورية) ووفق اصول وقواعد وإجراءات توفر اغلبية 2/3 الاعضاء والقرارات تتخذ مبدئيا بالتوافق، وإذا تعذّر ذلك فبأكثرية الحاضرين بالنسبة للمسائل العادية وبأغلبية الثلثين للمسائل الاساسية. [39]

وكان بالتالي منطقيا ان تعتبر الحكومة مستقيلة عند فقدها اكثر من ثلثي عدد الاعضاء المحدد في مرسوم التشكيل ( طالما ان ذلك يفقدها النصاب القانوني وينتقص بالتأكيد من كثافة مبدأ المشاركة) او عند وفاة او استقالة رئيسها ( عملا بمبدأ المسؤولية الجماعية ومفهوم المشاركة) او عند بدء ولاية رئيس الجمهورية وولاية مجلس النّواب او عند نزع الثقة منها من قبل المجلس النيابي.وبالاجمال فإن هذا التحوّل بالصلاحيات وإناطة السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء من شانه ان ينتقل بهذا الاخير من مجلس اداري للبنان الى مؤسسة جماعية للحكم في لبنان يعكس  الصورة التعددية اذا عمل بقانون انتخاب يحقق تمثيلاً صحيحاً يقوم على اسس علمية معروفة ومتبعة في النماذج الحديثة حيث يترادف فيها النظام الاكثري مع الدائرة المصغّرة وحتى الفردية، ويترادف فيها النظام النسبي مع الدائرة الموسّعة. هذا اذا توافق اللبنانيون على الاستمرار في النظام الطائفي دون السعي لتجاوز الطائفية.

اما المطالبة بالغاء الطائفية السياسية فقد  أُجّلت ولم تُسّجل تحديد مهل معينة لبلوغ هذا الالغاء (عكس ما يرتأي الاتفاق الثلاثي لعام 1985) تاركاً المسألة، لاختصاص اول مجلس نيابي ينتخب بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين ويتخذ الاجراءات المناسبة تحقيقا للالغاء على اساس الاقتراحات والدراسات التي تقدّمها هيئة وطنية يرأسها رئيس الجمهورية وتضم رئيس الحكومة والمجلس وبعض الشخصيات السياسية والفكرية الاجتماعية. وعلى ان يسبق الغاء الطائفية مرور فترة إنتقالية هي أيضاً غير محددة، يتم خلالها تجاوز قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الكفاءة والاختصاص في مختلف الوظائف والقضاء والمؤسسات المدنية والعسكرية العامة والمختلطة والمستقلة ما عدا وظائف الفئة الاولى وما يعادلها حيث تكون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين دون تخصيص اية وظيفة لاية طائفة. اضف الى الغاء ذكر الطائفة والمذهب من بطاقة الهوية.

كما ارتأت وثيقة الطائف اعادة النظر بالتقسيم واعتماد اللامركزية الادارية الموسعة على مستوى الوحدات الصغرى ( القضاء وما دون) عن طريق انتخاب مجلس لكل قضاء يرأسه القائمقام.

كما دفع هاجس اخضاع الحكام كما المحكومين الى سيادة القانون والحرص على استمرار التعاون بين السلطات من خلال الحفاظ على التوازن فيما بينها، الى التذكير بجملة من المقترحات التي سبق وتضمنتها معظم الورقات الاصلاحية المطروحة ومنها :

-تشكيل المجلس الاعلى المنصوص عنه في المادة 8 من الدستور لمحاكمة الرؤساء والوزراء بعد سنّ القانون الخاص بأصول المحاكمة أمامه

-إنشاء مجلس دستوري مهمته تفسير الدستور والمراقبة الدستورية على القوانين والبت بالطعون الانتخابية مع توسيع اطار الجهات الصالحة لمراجعته. فبالاضافة الى رئيس الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، مُنح الحق بمثل هذه المراجعة لعشر نواب، ولرؤساء الطوائف، وهذا جديد  ويجسد ما لرجال الدين من تأثير وما للنظام الطوائفي من جذور وترسّخ وإن حدّدت مسائل مراجعة هؤلاء بالاحوال الشخصية، حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وحرية التعليم الديني.

والى ما هنالك من اصلاحات تتناول وضع قانون جديد للانتخاب وانشاء مجلس اقتصادي واجتماعي تنموي ذي صلاحية استشارية، وتوفير العلم للجميع مع احترام حرية التعليم الخاص وتعزيز التعليم الرسمي وتطوير المناهج وتوحيد مادتي التاريخ والتربية تدعيماً للانصهار الوطني مؤيداً باعلام حرّ ومسؤول. ناهيك عن تعزيز قوى الامن الداخلي والقوّات المسلحة وتحديد مهامها بالدفاع عن الوطن، وعند الضرورة، حماية السلامة العامة بناء على قرار من مجلس الوزراء، حل مشكلة المهجرين والدعوة لتحرير لبنان من الاحتلال الاسرائيلي بتنفذ القرارات الدولية لاسيما منها القرار رقم 425 وتنظيم العلاقة الاخوية والمميزة  بين لبنان وسوريا.

ثانياً: النموذج المغاير.

لقد وافقت سوريا على هذه الاصلاحات، التي اندرجت في نفس السياق والتوجه العام للوثيقة الدستورية لعام 1976 والبيان الوزاري لعام 1984 وبالتالي لميثاق عام 1943 والتي عملت على إعادة توزيع الكوتا الطائفية والى تغيير قواعد اللعبة السياسية في اطار المؤسسات الدستورية ولكن الممارسة انحرفت عن القواعد، تحت تأثير الوصاية السورية واستمرار النزعة التنافسية اللبنانية حتى جعلت نموذج 1990 الواقعي، بعيداً عن النصوص، اقرب الى التوتاليتارية او بالاحرى على طريق التوتاليتارية التي يُعمل على تركيبها في نموذج ليبرالي طوائفي، فهل هذه المحاولة ستكلل بالنجاح ؟

مع العلم ان النصوص لم تكن بالمثالية بل اعتراها شوائب كثيرة حيث فُصِّلت على قياس المشاركة وحصة كل طائفة فأتت العلاقة بين السلطتين الاشتراعية والتنفيذية غير متوازية نصاً، نتيجة تعزيز رقابة المجلس على الحكومة، في حين قيدّت حق السلطة الاجرائية في حل المجلس بشروط من الصعب جداً توافرها، فأدى ذلك، من حيث النصوص، الى خلل في التوازن بين السلطتين  لمصلحة السلطة الاشتراعية، لان صلاحية حل المجلس من قبل السلطة الاجرائية، في النظام البرلماني، تعادل حق المجلس في ممارسة رقابة مستمرة على الحكومة وسحب الثقة منها عند الاقتضاء. كما ادى ذلك الى تقليص دور رئيس الجمهورية كضابط لعمل المؤسسات الدستورية.

هذا في النصوص اما في الممارسة فقد طغت التوازنات الطائفية على الاصول والقواعد البرلمانية فالاتجاه الذي سلكته المشاركة الطوائفية في السلطة حصر عملية اتخاذ القرار بالرؤساء الثلاثة. فكانت النتيجة

” ترويكا طائفية”. فرئيس الجمهورية  وجد في الترويكا تعويضا لصلاحيات فقدها، ورئيس المجلس وجد فيها ما يمكّنه من توظيف نفوذه بحكم موقعه الجديد، ورئيس الحكومة رأى فيها وسيلة لتوفير الاستقرار لحكومته في مجلس ليس فيه اكثرية برلمانية ثابتة مستقرة داعمة للحكومة.

فكانت النتيجة، تتنافى وتتناقض جذرياً مع مبادئ النظام البرلماني ضاربة بعرض الحائط أسس وعمل المؤسسات ولزوم الفصل بينها.

فعلى صعيد أسس المؤسسات وعملها، أثرّت سلبا على دور المجلس في مراقبة الحكومة. وأدت الى مصادرة دور مجلس الوزراء الذي أنيطت به السلطة الاجرائية.

أما على صعيد الفصل بين السلطات، فلقد أدت الترويكا الى ربط العلاقة بين السلطتين الاشتراعية والاجرائية بالعلاقة بين اعضاء الترويكا. والعلاقات هذه متقلبة تستبد بها الاهواء والمصالح الخاصة ولا تقوم على قواعد دستورية مستقرة وثابتة.

فرئيس الحكومة يجد نفسه غير قادر على ممارسة الحكم الا بدعم رئيس المجلس له، لان لا وجود لأكثرية برلمانية يعتمد عليها، وهذا الدعم لا يحصل عليه إلا بإشراك المجلس في اتخاذ القرارات الاجرائية. فكيف يعقل ان يشارك رئيس المجلس في اتخاذ قرارات تصدر عن الحكومة، في حين انه مفروض بالمجلس مراقبة اعمالها وتصويب سياستها ومحاسبتها، واذا كان التعاون بين السلطتين الاشتراعية والاجرائية من خصائص النظام البرلماني، فالتعاون لا يعني مشاركة سلطة في إتخاذ قرارات السلطة الاخرى، إنما يعني تسهيل عمل كل سلطة من جانب السلطة الاخرى، في اطار التكامل والانسجام ومن ضمن الصلاحيات والقواعد التي رسمها الدستور .

 وهنا لا بد من طرح السؤال الاتي : هل الترويكا خروج على وثيقة الطائف ام هي نتاج طبيعي له ؟

إذا ما نظرنا الى المبادئ الدستورية العامة التي نص عليها اتفاق الطائف من حيث التأكيد على فصل السلطات والنظام الديمقراطي البرلماني، وتشديد رقابة المجلس  النيابي على الحكومة، ومن حيث تحول مجلس الوزراء في نصوص  الطائف مؤسسة قائمة بذاتها، تتخذ فيها القرارات الاجرائية وتوسع في اطارها المشاركة الطوائفية في السلطة، نرى ان الترويكا تتناقض جذريا مع ما جاء في اتفاق الطائف، فهي تقضي على دور مجلس الوزراء كمؤسسة، وتقلص عمليا قاعدة المشاركة الطوائفية في السلطة الاجرائية، وتقف حاجزاً  في وجه ممارسة المجلس رقابة فاعلة على الحكومة. أما إذا  اخذنا في الاعتبار الموقع الذي خصّ به إتفاق الطائف رئيس المجلس والنفوذ الواسع الذي منحه اياه من دون ان يقيده عمليا بأي محاسبة، في الوقت الذي قلّصت صلاحيات رئيس الجمهورية، وفي غياب اكثرية برلمانية منظمة وفاعلة داعمة للحكومة، نرى ان الترويكا جاءت كنتيجة طبيعية لاتفاق الطائف واذا ما اعتبرت الترويكا خروجاً عن اتفاق الطائف او نتاجا له تبقى النتيجة واحدة هي قيام دولة بثلاثة رؤوس، تخطف فيها الترويكا دور المؤسستين الاشتراعية والاجرائية وتنعكس سلبا على عملها وتتأثر فيها العلاقات بين المؤسسات الدستورية بالعلاقات بين اعضاء الترويكا، وتتجذر فيها الطائفية والمذهبية  في الوقت الذي يُرفع شعار الغاء الطائفية السياسية ويتم صوغ الوحدة الوطنية على اساس تقاسم الحصص والنفوذ[40] واذا ما اعتبرت الترويكا خروجاً عن اتفاق الطائف او نتاجاً له، فمن المؤكد ان ممارسات كثيرة اتت خروجاً عن اتفاق الطائف منها ما يتعلق بالمجلس الدستوري ومنها ما يتعلق بالقوانين الانتخابية وغير الانتخابية التي لا تراعي النصوص والمبادئ الدستورية بحجة ان المجلس سيد نفسه، ووضع نصوص قانونية تخدم مصالح خاصة وضيقة، وذلك تحت العبارة الشهيرة “بصورة استثنائية ولمرة واحد وخلافاً لاي نص آخر…”

وغيرها الكثير من التجاوزات التي لا تعد ولا تحصى وطبعاً  لا نستطيع تجاهل دور السلطة الوصية في كل هذه التجاوزات والممارسات بعد استكمال سيطرتها على كافة الاراضي اللبنانية واستجماعها كافة الاوراق، هذه السلطة التي عملت على تقويض المعارضة واعداد رموز ونخبة جديدة تظهر ولائها. واذا ما عدنا الى الاسس التوتاليتارية التي وضعتها HANNA Rent، نرى صدى لهذه الاسس في ممارسات السلطة الوصية فمباشرة بعد استكمال السيطرة بدأت بالاعتقالات والاغتيالات والامساك بكافة خيوط السلطة بالرغم من ان هذه السلطة الوصية تعتمد على عدة حلفاء داخليين.

_عملت على ضرب الطبقات الاجتماعية اللبنانية، فغابت الطبقة الوسطى وتضررت الميسورة، باقتصاد مشلول اغرقه الهدر والفساد واتفاقيات مُلزِمة له لا تخدم مصالحه.

_عملت على خلق عدو وهمي ورفع شعار الوطن في خطر ومارست اعمال العنف تحت رآية هذا الشعار  لضرب الاعداء الحقيقيون، وهم كل من عارض وانتقد. فالعنف هو وسيلة لانقاذ الوطن من العدو الصهيوني.

نقل مركز السلطة الفعلي الى سلطة الوصاية وتفريغ الدولة من مركز القرار Deplacement du pouvoir  . فالجهاز الحكومي ليس سوى واجهة تتوارى خلفها السلطة الحقيقية التي تفرض الخضوع الاعمى في تنفيذ الاوامر. حيث ان سلطة الوصاية كانت قد كلّفت اللواء غازي كنعان بالاشراف على السياسة اللبنانية طوال عشرين عاماً.

كما تم القضاء على التسلسل الهرمي في اجهزة الحكم فمورست سياسة عزل الافراد والمسؤولين وضرب عمل الحكومة  اللبنانية وعمل المجلس النيابي وتم الاكتفاء بالترويكا والنظام الشخصاني.

كما عملت على إزالة قيادات كل الاحزاب المعارضة القائمة والابقاء على قيادات كل من يخضع لهذه السياسة او بالاحرى قيادات الحلفاء.

كما عملت على اطلاق الدعاية للحكم وهو نسق كلي او شمولي لا يتسامح مع وجود اي حزب معارض وهذا ما تم من خلال القضاء على القيادات الحزبية المعارضة وإعادة فبركتها بشكل يتلاءم وينطق بما تقوله السلطة. كما لا يتسامح هذا النسق الشمولي مع اي حرية للرأي العام وهكذا عمل على محاربة وسائل الاعلام وفرض قوانين واستخدامها في تسكير بعض الوسائل الاعلامية لتكون عبرة لغيرها فتسهل عملية التدجين.

كما انه خلف واجهة الحكم الظاهري، نجد نواة السلطة في الدولة بيد الشرطة السريّة التي عُمِل على تسميتها ” بالاشباح” التى لا تحمل اسماء، وتمارس كل التجاوزات من تهديد وضرب وخطف وتصفية جسدية اما المهمة السياسية ” للاشباح” تكمن في الابقاء على الاعداء الموضوعيين ” العدو الصهيوني” لاحكام القبضة على الحكم من خلال الايديولوجيا، فكل من خالف الرأي، أُلصقت به تهمة التعامل مع العدو الصهيوني.

 وبعد، هل نحن على طريق التوتاليتارية، طبعاً بالرغم من كل الذي يحدث لا نستطيع القول اننا بتنا نموذجاً مشابهاً للنموذج السوري، فالبرغم من إحكام سلطة الوصاية قبضتها على الوضع الداخلي اللبناني، فهي تعتمد  على حلفاء داخليين مستفيدين من هذه السياسة، والعدو الحقيقي الذي يتم ضربه باسم العدو الموضوعي هم فئة واحدة لا بل نصف فئة واحدة من اللبنانيين، والسؤال الذي يطرح هل اذا امتد العدو الحقيقي ليشمل اكثر من فئة من اللبنانيين، هل يبقى هذا الإحكام في السلطة موجود، وهل اذا ضربت مصالح أكثر من فئة من اللبنانيين تبقى المعادلات كما هي. وهل اذا انتفت الصيغة التنافسية بين اللبنانيين تبقى سلطة الوصاية على حالها.

ان ارتكاز السلطة الوصية على حلفاء داخليين، مستفيدة من التنافس فيما بينهم لتركيز وصايتها لا يعني ان هذا التركيز هو هدفها النهائي بل الاحتواء الكامل وهذا الاحتواء لا يتم فقط من خلال تأمين مصالح حلفائها او من خلال علاقة قائمة على المنفعة بل من خلال السيطرة الكاملة ولا يتم ذلك الا من خلال ضرب كل فئة على حدة، وواحدة تلو الاخرى مستخدمة الطبيعة التنافسية اللبنانية للوصول الى مآربها النهائية. فتركيب التوتاليتارية في النموذج اللبناني وقف على نجاح هذه السياسة وعلى استمرار التنافس بين الفئات اللبنانية، فلنكن لها بالمرصاد، أمّا الاستمرار في السياسات الحاضرة والموروثة، فان مآله المزيد من تداعي الدولة اللبنانية والنجاح في تركيب التوتاليتارية.

1- اعتبرت رئاسة الجمهورية ان قضية السيادة هي مسؤوليتها الاو لى واتخذت مواقف ومبادرات مهمة بمعزل عن رئاسة الوزراء، فاختار رئيس الوزراء التخلي احتجاجا وتأزم الوضع تماما وكاد ان يتحول الى اعمال عنف. اضف  الى تحوّل الهمس الذي كانت تتناقله بعض القيادات الاسلامية الى احتجاج علني وشديد ضد “اختلال التوازن الوطني والديقمراطي لمصلحة فئة معينة”.

انظر : ” الوثيقة الاولية للعمل الوطني في المرحلة القادمة من تاريخ لبنان ” الصادرة  عن  الاجتماع الوطني” المنعقد في نادي جمعية متخرجي المقاصد الاسلامية في بيروت بتاريخ 19/5/1972 (جريدة المحرّر 20/5/1973)

2 – عصام نعمان : الى اين يسير لبنان، دار الطليعة بيروت 1979، ص 33 وما بعد

وتجدر الاشارة الى ان نعمان عدل موقفه لاحقا لجهة القبول بانتخاب رئيس الجمهورية من قبل مجلس النواب واقترح عدة مشاريع  ” للتغيير والتطوير الديمقراطي” تستند الى مبادئ اهمها : تحديد هوية لبنان على اساس كونه وطن عربي كامل السيادة اعتماد تقسيم اداري جديد للبنان ( 14 محافظة تكون الدوائر الانتخابية)  واللجوء الى الاستفتاء، لتقرير المسائل الهامة ووضع قانون جديد للاحزاب  السياسية (نفس المرجع، ص 88 وما بعد و 214 وما بعد).

3- كان هناك اكثر من 15 صيغة وفاق في فترة 5 سنوات (1975-1980) راجع موجز لهذه المشاريع في مجلة ” الموقف اللبنانية” بيروت، 25 شباط 1980، ص 8 وما بعد . ولمجمل المشاريع المطروحة وبالتفاصيل راجع ملف مشاريع و فاقية لدى المركز العربي للمعلومات، (بيروت) انظر ايضا : يسوف قزما الخوري : مشاريع الاصلاح والتسوية في لبنان ( 1927-1980) ، الدار الحمراء،  بيروت.

4- مراجعة مبادئ الوثيقة في القسم الوثائقي، انظر نص الوثيقة في صحيفة النهار او السفير او الانوار تاريخ 15/2/1976

5- ومثل هذه  الصيغة لا تختلف كثيرا عن الصيغة الماركسية اللينينيه ” من كل حسب مقدرته ولكل حسب عمله”

6- راجع نص الوثيقة في الصحف اللبنانية تاريخ 24/12/1980 وهناك تعليقات كثيرة علهيا راجع مثلا صحيفة النهار تاريخ 26-27-28-29/12/1980

7  سيعاد طرح هذه الورقة بخطوطها العريضة في 3/10/1983

8    وفي 19/2/1980 اقترح المحامي محسن سليم مشروعاً للوفاق يحتوي على بعض المبادئ المتضمنة لمشاريع سابقة مع التشديد عل مسألة الولاء للبنان وطابعه المميز وإن شكّل جزءاً لا يتجزأ من الوطن العربي. اما الرئيس الاسبق شارل حلو الذي تقدم بصيغة للوفاق في نفس اليوم فقد اظهر الروح والعاطفة والمصلحة المشتركة التي تجمع بين اللبنانيين معتبراً بأن المجلس النيابي هو الميدان الطبيعي للمحاورة مقترحاً اقامة مجالس استشارية في= الميدان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والدستوري ومطالبا بخدمة العلم من خلال جيش متماسك مشدود القوى والقوات. وفي 20/2/1980 جاهرت رابطة النواب السابقين بصيغتها للوفاق المؤلفة من 5 نقاط هي :  لبنان دولة مستقلة سيدة وموحدة، إنه عضو في الجامعة العربية، وهو يتابع دعمه للقضية الفلسطينية، وعليه واجب تعزيز الجيش وقوى الامن، كذلك اجراء إصلاحات دستورية وتعديل قانون الانتخاب على أساس المحافظة وارساء قواعد ديمقراطية اجتماعية واقتصادية سليمة.

 9- انظر نص المبادئ المسلمات في صحيفة النهار تاريخ 6/3/1980

10- راجع على الخصوص سليم الحص : نافذة على المستقبل، دار العلم للملايين، بيروت 1981.

وايضا نقاط على الحروف، المركز الاسلامي للاعلام والانماء، بيروت 1987

11- بعدها توالت اقتراحات الرئيس فرنجية اللاحقة في مختلف مؤتمراته وندوا ته الصحفية الدورية على نفس النسق مع بعض التفاصيل والاضافات النابعة من الظروف والتطورات المستجدة. ونذكر منها على الاخص مشروعه للحل السياسي تاريخ 5/9/1985 الذي ينطلق بدوره من الوثيقة الدستورية لعام 1976 ويضيف عليها بعض البنود.

راجع ايضا الوثيقة الدستورية في الملحق الوثائقي.

12- منير ابو فاضل ( لبنان القضية ، بيروت ، 1984

13- اصدر اللقاء الاسلامي اللبناني الموسع المنعقد في دمشق في 8/7/1985 بياناً تضمن : تحقيق المساواة  الكاملة في الحقوق والواجبات، تحقيق المشاركة الفعلية في ادارة الحكم، وضع دستور جديد ينهي الى الابد حالة التركيب الطائفي ليقيم مكانها  حالة الوحدة الوطنية، اعادة النظر في السياسات التربوية والانمائية والاجتماعية…

14- راجع جورج بشير، امراء الطوائف، دون ناشر، بيروت، 1984

15- اعتبرت هذه الورقة ملخصاً لخطاب رئيس الجمهورية في 14/2/1984 .

16- راجع النص لدى طلال سلمان:  جنيف لوزان : المحاضرات السرية الكاملة،  المركز العربي للمعلومات ، بيروت 1984.

17  بينما انهت لجنة المراسيم عملها بتقرير رفعته الى مجلس الوزراء.  علماً ان هذا الاخير اتخذ قراراً في 22/3/1985 بإلغاء 29 مرسوماً وتعديل 24 من تلك التي صدرت عامي 1982 و 1983.

18  وفي هذا الوقت تمّت الدعوة الى اعتماد الديمقراطية التوافقية للأزمة في لبنان.  وكان الدكتور انطوان مسرّة على رأس دُعاة هذا النمط من الحكم  بمعنى الائتلافي التوافقي وإعطاء كل مجموعة حق النقض لحماية نفسها من قرارات الاكثرية التي قد تتعارض مع مصالحها وتوجهاتها.

19-  يمكن مراجعة نص الاتفاق الثلاثي في الملحق الوثائقي.

20 – انظر جريدة السفير اللبنانية ابتداء من 13 نيسان 1987.

21-انظر نص المشروع كالماً في صحيفة السفير اللبنانية تاريخ 19/5/1987.

22 – اقترح لملئ المقاعد الشاغرة في المجلس وإكمال عدده حتى 120 ، اختيار هؤلاء النواب من قبل المجلس نفسه مع مراعاة الاتجاهات السياسية السابقة للنواب المتوفين وما استجدّ من اتجاهات سياسية (بالنسبة للنواب الجدد).

23 -وزع اعضاء مجلس الشيوخ كالتالي: 16 موازنة، 5 روم ارثؤذكس ، 3 روم كاثوليك ، 2 أرمن ارثوذكس وواحد لكل من الارمن الكاثوليك، السريان ارثوذكس، وكاثوليك، الكلدان، النساطرة، اللاتين، الانجيليين والاقليات مع العلمانيين، 14 سُنّة ، 14 شيعة، 4 دروز وواحد لكل من العلويين والاسماعليين.

24- انبثقت اللجنة العربية السداسية من اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول العربية المنعقد في تونس ابتداءً من 13/1/1989 وترأسها وزير خارجية الكويت،  وقامت باتصالات ومباحثات مكثفة مع الشخصيات اللبنانية الرسمية،  والدينية والسياسية الحزبية والاوساط العربية بهدف تسهيل حل الازمة اللبنانية.

25- سبق ان  تضمنت المذكرة الدرزية تاريخ 11/8/83 قسما كبيرا من هذه البنود

26  راجع نص المشروع في السفير 29/3/1989 و 5/4/1989 .

27- vراجع نص المذكرة في السفير 8/4/1989.

[28] وضع جهاز المراقبين العرب الذي ارتؤي تأليفه من دول اعضاء اللجنة العربية السداسية تحت قيادة العميد الكويتي على المؤمن. بيد ان التهديد الذي وجه الى المراقبين ولاسيما الى هذا الاخير، أخّر وصولهم الى لبنان في مرحلة اولى ليصرف النظر عن مهمتهم في مرحلة لاحقة علما ان الاخضر الابراهيمي، الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية والمبعوث الخاص للجنة الثلاثية العليا الى لبنان يستعين بوصفه رئيسا للجنة الامنية التي نصّ عليها اعلان وقف اطلاق النار ببعض الضباط الجزائريين.

[29]  اعتبر هذا البيان غير صريح للسلطات السورية كون تعليل وصول اللجنة الى “الحائط المسدود” يعود الى تعارض وجهات النظر بين هذه الاخيرة وسوريا حيال فهم السيادة اللبنانية.

[30]  احتل التكلم عن مجلس النواب في وثيقة اللجنة الثلاثية العربية الفقرة (د) بينما احتل الفقرة (أ) في النص ا لذي اقرّه النواب في الطائف

[31]  ارتأى الاتفاق الثلاثي جعل مدة ولاية رئيس المجلس سنتين، علما ان المجلس اعطي في اتفاق الطائف حق طرح الثقة برئيسه ونائبه بعد مرور سنتين على ممارسته مهمامه، ولكن هذا الحق اخضع لضوابط مشددة تتمثل بتوقيع عريضة لحجب الثقة من 10 نواب على الاقل وموافقة ثلثي الاعضاء موافقة يصعب توفرها عموماً

[32]  هناك نصوص اخرى واحكام تالية في الوثيقة تساهم في تعزيز مكانته وأبويته لمختلف السلطات، مثال استشارة  رئيس المجلس في تسمية رئيس الحكومة واعتبار المجلس حكماً في دورة استثنائية عند استقالة او اقالة الحكومة وحتى تشكيل حكومة جديدة وقصر حل المجلس على حالتي التقاعس عن القيام بدوره التشريعي رغم دعوته المتكررة للانعقاد ورده مشروع الموازنة برمته مع اشتراط اتخاذ قرار الحل بأغلبية ثلثي عدد اعضاء ملجس الوزراء.

[33]   ساهم انقضاء 17 سنة على انتخاب اعضاء المجلس النيابي في تضاءل تمثيليته للرأي العام واعتبر من غير المنصف اناطته امر التعيين في وضعه الراهن وهو يجدد لنفسه دون انتخاب. وبذلك اصبحت ” حكومة الوفاق الوطني” الجهة الاكثر صلاحية لتولي امر التعيين طالما انها تعكس في تشكيلها الواقع القائم على الارض بالاضافة الى تمتعها بثقة مجلس النواب وله فيها اكثر من ممثل

[34]   تناقص عدد اعضاء المجلس النيابي لاسيما بسبب الوفات ليصبح في نهاية عام 1989 حوالي 71 نائبا اي بنقص حوالي 28 نا ئبا عن العدد الاصلي

(99 نائبا)  لمجلس النواب. وكانت الوثيقة العربية للوفاق الوطني اللبناني  قد أرتأت جعل عدد اعضاء المجلس 128 نائبا في حين لم يوافق النواب المجتمعون في الطائف على ذلك وخفضوا العدد الى 108 نواب. وفسر اصرار النواب على التخفيض المذكور وقصر الزيادة على العدد الاصلي للمجلس على 9 نواب لاثكر من سبب نذكر منها :

-الحفاظ  على  حد ادنى من التوجهات السائدة في المجلس اذ ان اعتماد العدد 128 (يعني بالاضافة الى المراكز الشاغرة) تعيين حوالي 55 نائباً جديدا اي ما يزيد  عن 3/4 العدد الباقي من النواب مما قد يؤدي الى انتهاج سياسة مغايرة للسياسة القائمة وفقدان المجلس لشخصيته.

-ابقاء عدد النواب المسيحيين كما هو ( 54 نائبا) مما يوفر على الطائفة خلافات بين مختلف مذاهبها عند اقتسام نسبة المقاعد الجديدة، وبالتالي استمرار الطائفة الما رونية في امتلاك عدد من النواب (30 نائبا) يفوق مجموع نواب بقية المذاهب المسيحية ويتعدى عدد نواب اية طائفة اخرى كالطائفة السنية او الشيعية مثلا وهما اكبر الطوائف الاسلامية وسينالان عددا متساويا من النواب. علما ان الاتفاق الثلاثي لعام 1985 يرتأي اعطاء  الموارنة عددا متساويا من النواب مع كل من السنة والشيعة.

[35]  قارن موقف المكتب السياسي من الوثيقة الوفاقية في اجتماعه تاريخ  6/11/1989 (جريدة السفير اللبنانية في 7/11/1989) وسبق للدكتور سمير صباغ ان ابدى رأيا قريبا من ذلك ( راجع السفير 6/10/1989) بينما جاء ما قيل انه ملخص موقف لمصلحة الاعلام في حزب الكتائب اكثر اعتدالا وقربا من القراءة الموضوعية لاحكام وثيقة الطائف (راجع السفير 18/11/1989)

[36]  يقول الرئيس الياس الهراوي ” قد تكون هناك في بعض الاحيان قضايا  لا تستدعي حضور الرئيس فليناقشها الوزراء  بعضهم مع بعض”… ( مقابلة في جريدة الديار اللبنانية تاريخ 10/12/1989)

[37]  لم تكن القيادات السنية متحمسة لما سبق وورد في الوثيقة الدستورية لعام 1976 وفي الاتفاق الثلاثي لعام 1985، لجهة اختيار رئيس الحكومة بالانتخاب في مجلس النواب قبل تكليفه من قبل رئيس الجمهورية بتكشيل الحكومة. واعتبرت ان في ذلك مزيداً من  القيود على تحرك رئيس  الحكومة ازدواجية في ارتباطه (برئيس الجمهورية وبرئيس المجلس) وان كان من شأن  انتخابه ان يزيد من تمثيليته ويدعم بالتالي مركزه في وجه رئيس الجمهورية. وهكذا استعيض عن طرح الانتخاب بالمشاورات النيابية الملزمة التي يتبلغها رئيس الجمهورية من رئيس المجلس.

[38]  علماً ان قرار الحل تعلق وانحصر بحالتي رفض مجلس النواب، الالتئمام طوال عقد عادي او طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدّة كل منهما عن شهر. وحالة ردّه الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل. اضف الى عدم جواز الحل للاسباب نفسها التي دعت الى حله المرّة السابقة. وفي ذلك، تحصين لمركز المجلس النيابي.

[39]  عددت الفقرة الاخيرة من ترتيب رقم 6 تحت عنوان مجلس الوزراء المسائل الاساسية كالتالي :

-حالة الطوارئ والغاؤها الحرب والسلم – التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة، الخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الاولى وما يعادلها، التقسيم الاداري، حل مجلس النواب، قوانين الانتخابات، الجنسية، الاحوال الشخصية واقالة الوزراء.

[40]  د. عصام سليمان، الجمهورية الثانية بين النصوص والممارسة، دون ناشر، بيروت، 1998، ص 23

 

 

/New A/E LCCC Postings for todayجديد موقعي الألكتروني ليومي 17-18 كانون الثاني/2022

رابط الموقع

http://eliasbejjaninews.com

#نشرة_أخبار_المنسقية_العربية

#LCCC_English_News_Bulletin

 

 

نشرة أخبار المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية باللغة العربية ليوم 17 كانون الثاني/2022

جمع واعداد الياس بجاني

http://eliasbejjaninews.com/archives/105658/%d9%86%d8%b4%d8%b1%d8%a9-%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%b3%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d9%84%d9%84%d9%85%d8%a4%d8%b3%d8%b3%d8%a7%d8%aa-1304/

 

#نشرة_أخبار_المنسقية_العربية

LCCC English News Bulletin For Lebanese & Global News/January 17/2022

Compiled & Prepared by: Elias Bejjani

http://eliasbejjaninews.com/archives/105660/lccc-english-news-bulletin-for-lebanese-global-news-january-17-2022/

#LCCC_English_News_Bulletin

 

 

سجعان قزي يقول للثنائية الشيعية: لا تربحونا جميلة بعودتكم للحكومة

فيديو مقابلة من تلفزيون الجديد مع الوزير السابق سجعان قزي يتطرق من خلالها للملفات الخلافية الخطيرة التي تقسم اللبنانيين حالياً، ويشرح اهمية اللامركزية التي هي الحل الطبيعي للأزمات، وزيارة الموفد الفاتياني، وخلفات الأحزاب المسيحية، وأكد لمن يعنيهم الأمر أن الموارنة هم ام وأب الدولة الموحدة وهم من أسسها، وقال للثنائية الشيعية: تربحونا جميلة بعودتكم للحكومة

17 كانون الثاني/2022

أمّةٌ في النَظارةِ وشعبٌ في الانتظار

سجعان قزي/افتتاحيّةُ جريدةِ النهار/13 كانون الثاني 2022

http://eliasbejjaninews.com/archives/105662/%d8%b3%d8%ac%d8%b9%d8%a7%d9%86-%d9%82%d8%b2%d9%8a-%d9%8a%d9%82%d9%88%d9%84-%d9%84%d9%84%d8%ab%d9%86%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%8a%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%a7-%d8%aa%d8%b1%d8%a8/

17 كانون الثاني/2022