سياسة الفستق الإيرانية، والتشييع ومهمات الميليشيات الملالوية في العراق ولبنان وسوريا والبحرين د. رندا ماروني/24 تشرين الثاني/2024
عندما وصف معالي الشيخ حمد بن جاسم ٱل ثاني طريقه اكل الفستق عند الإيرانيين عندما كان يتواجد مع الوفود الإيرانية في ضيافتهم حيث يقدمون الفواكه والفستق للزائراين، بإنها تختلف عما يفعله الوفد العربي الذي كان يأخذ كميه كبيره في يده ليلتهمها بسرعه ويأكلها على عجل فيما كان الإيراني من أعضاء الوفد المستقبل، يأخذ حبه ليتفحصها ويطول هذا التفحص ويقلبها ثم لينظفها ثم ليقشرها ببطئ ثم بعدها ليتناولها على مهل شديد الأمر الذي كان يستغرق وقتا طويلا. ولربما يعكس هذا السلوك سياسة النفس الطويل الذي يتمتع بها الإيرانيون وسياسة التقية التي يعتمدونها للوصول إلى الهدف ببطئ شديد، هذه الأهداف التي تتمحور في عدة نقاط لتظهر من خلالها السياسة الفستقية الإيرانية.
ايران دوله نفطيه مصدره للنفط شانها شان كل دول الخليج لديها نفط وتريد تسويقه للاسواق الخارجيه، ايران تعتمد على هذا النفط اعتمادا تقريبا كلي، وتعلم بأن الممر الوحيد لهذا النفط هو مضيق هرمز، ولذلك هي تهتم بأمن المضيق وبالأمن الطاقي، والتهديد الايراني الذي يتكرر بين عام وٱخر لا يمت الى حقيقه ما تعلنه بصله، من أنها تريد إغلاق المضيق، إنما تعتمد هذه السياسة للمراوغة والضغط لحماية أهدافها الأخرى والأكثر خطورة، ولتأمين الإستمرار في السير ببطئ نحو الأهداف المنشود تحقيقها، من خلال المردود المالي الذي يؤمنه تصدير التفط، فالذي سيتأثر وينكسر إقتصاديا من اغلاق هذا المضيق هو ايران نفسها، حيث لا تمتلك منفذا ٱخر لتسويق هذا النفط إلا منفذ المضيق، وهذا ما يعكس إهتمام إيران بأمنها الطاقي لأنها تعتمد في بنيانها الاقتصادي على الطاقة، وهذا هدف طبيعي شانه شان اهداف كل دول المنطقة في الازدهار والتنمية، إنما ما تريد إيران تحقيقه من خلال العائد الاقتصادي النفطي هو التوظيف في تحقيق اهدافها على الطريقه الفستقيه.
فإيران تريد أن ترسم لها دور عالمي، تريد ان ترسم لها دور استراتيجي كبير وخطير، دور يصل الى امريكا اللاتينيه، لها نشاط في تشيلي وفي الارجنتين وفي البرازيل وفي افريقيا وفي السنغال وفي مالي وفي موريتانيا وغيرها من الدول الافريقية، وعينها على قلب الجزيرة العربية. تريد احتواء الضفه الغربيه من منطقه الخليج، فالذي يحرك النشاط الايراني الخارجي هو استهداف الجزيره العربيه، وهناك اهتمام تفصيلي من قبل وزارة الخارجية الإيرانية في شؤون الخليج والجزيرة.هناك مجلات متخصصة في شؤون الخليج والجزيرة في اقتصاد الخليج والجزيرة وفي سياسة الخليج والجزيرة، لانه يمثل استهداف ذو طبيعة خاصة، حيث أن للصفويين نزوع تاريخي للثأر من العرب والعروبة وفرض القومية الفارسية على العرب والعروبة، ولا عجب أن تخرق أي دولة حين تجد لذلك سبيلا.
ففي مصر ياسر الحبيب الشيعي المنتمي الى ايران يقول لا احد يستطيع ان يوقف المد الشيعي الذي ينتشر ويتنامى بقوه في مصر والمقصود بالمد الشيعي هو الدخول الى الدول التي يتواجد فيها الشيعه والتي ترفض التدخل الايراني وتقوم باستخدام هذا التواجد الشيعي، وتزويد الشيعه التابعين لها بالدعم والسلاح والمجاهدين واستخدامهم في تدمير هذه الدول تدريجيا.
فمشروع ايران السياسي باسم الدين هو خطه سياسيه محكمه من ايران والهدف السيطره على المنطقه العربيه وينفذ بذكاء للانتقام من العرب واسترجاع نفوذهم القديم المرتبط بالثأر الذي يعود لهزيمه الفرس على يد عمر ابن الخطاب عندما انتصر على كسرى، والتشيع هو ستار للغطاء على هذا الهدف الفستقي حيث تسوق نفسها بأنها المدافع عن أهل البيت، لكن الحقيقة مختلفة.
أما في السعودية وجود الشيعه له اهميه كبيره ويشكلون حوالي 15% من عدد السكان الاجمالي، ومع وصول الملك سلمان للحكم بدا بازاحه السلفية والشيعه من اي امور فقهيه أو سياسيه وارسى دعائم نهضه شامله في البلاد مما جعلتهم يشعرون بالرضا على نظام الحكم، أما في سوريا كان الوضع كارثي، رغم ان صعود الشيعه في سوريا كقوه مؤثره وفاعلة في الصراع العسكري والسياسي تزامن مع مع بداية الثوره السوريه وتحالف بشار الاسد مع ايران، الا ان البدايه الفعلية لتحضيرهم كطائفة قوية ومؤثره كانت منذ وصول حافظ الاسد الى السلطه.
كانت سوريا نقطه فصل بين مرحلتين لصعود الشيعه، مرحله ما قبل ومرحله ما بعد، فعند وصول حافظ الاسد الى السلطه كانت المشكله انتمائه الى الطائفه العلويه حيث كان المسلمين السنه يعتبرون الطائفه العلويه خارجه عن المذهب السني، ولتثبيت حكمه حاول أن يخلق تقارب بين العلويين والشيعه، مستغلا وجود مبادئ مشتركه بين العقيدتين، ولم يكن هناك وعي بالاعتقاد الشيعي عند السوريين لان عدد الشيعه كان قليل جدا.
ومع وصول موسى الصدر الى سوريا للقاء مشايخ الشيعة كان حافظ الأسد يمهد لهدفه فصدرت فتوى من ٱيه الله الشيرازي تقول بان الطائفه العلويه هم جزء من المذهب الشيعي الاثني عشري، ولتعزيز العلاقه بين العلويين والشيعه، جميل الاسد اخ حافظ الاسد وبدعم من ايران اسس جمعيه المرتضى التي تهدف الى نشر التشيع بين العلويين ومهدت الطريق لمئات العلويين بالذهاب الى مدينه قم الايرانيه لدراسه المذهب الشيعي الاثني عشري والعوده به الى سوريا لنشره بين العلويين، فبدا بناء الحسينيات وأتت الائمه الشيعه من ايران الى المساجد العلويه السوريه كما حدث في مسجد فاطمه الزهراء وهو اكبر مسجد للعلويين في سوريا، واستطاع حافظ الاسد ان ينشر المذهب الشيعي في طائفته العلويه وعمل على توسيع هذا المذهب وتاثيره ليشمل الطائفه السنيه، فاستغلت ايران هذا لتعزيز نفوذها في سوريا.
انما الاسد كان يعلم ان اللعب في عقيده الطائفه السنيه موضوع خطير فبدا بخطوات صغيره دون ان يبدو هذا بانه موضوع طائفي، وكان يحاول ان يظهر الدعوه الشيعيه بانها جزء من الاسلام الشامل الذي يجمع كل المذاهب، فبدا العمل على ارض الواقع وبدات جمعيه المرتضى تفتتح فروعا لها موزعه على الاراضي السوريه وتستخدم العمل الخيري والخدمات المجتمعيه كوسيله لجذب المسلمين السنه من الفقراء، اما سياسة بشار الاسد فكانت واضحه من مساله تقويه الشيعه واستفزاز السنه حيث شكلت منعطفا عن سياسه حافظ الاسد، هذا لان في عهد بشار اضحت التبعيه السوريه لايران اكثر تجذرا ووضوحا واضحت اقرب للتبعيه وليس تحالف كما كان في عهد حافظ الاسد، واصبحت ايران هي المسيطره على ملف الشيعه في سوريا ونشر الفكر الشيعي، واصبح دور بشار فقط هو تنفيذ هذه السياسات المناسبه للاجنده الايرانيه.
والدور الذي لعبه حزب الله في التمدد الشيعي في سوريا كان كبيرا، خصوصا بعد ان ظنت سورية وايران بأن حزب الله سيساهم في نشر فكر التشيع نتيجة للشعبية التي حققها في سوريا بعد انتصاره عام 2006، ورغم قله اعداد الشيعه في سوريا إلا أنه الفريق الأكثر قوة ونفوذ، ففي سوريا 24 فصيل شيعي من المحاربين الابرز منهم: حزب الله، الذي قاد احتلال القصير ورفعوا اعلامهم هناك واتهموا بارتكاب مجازر في درعا والبيضه، كما هناك فيلق القدس وهو ميليشيات ايرانيه كان يقودها الجنرال قاسم سليماني ومهمتها الاساسيه هي حمايه بشار الاسد وعائلته، وهم يظهرون بملابس مدنيه وعددهم حوالي 1200 شخص، اما لواء ابو فضل العباس اول الفصائل التي دخلت سوريا بحجه حمايه مقام السيده زينب، وكان هذا اللواء بقياده ماهر عجيب كظه، ولقبه ابو عجيب يضم عدد كبير من العراقيين والسوريين واللبنانيين ومقاتلين من جنسيات اخرى عددهم حوالي 4800، كما من الأبرز لواء صعده، يضم ميليشيات حوثيه من اليمن وعددهم حوالي 750 معظمهم عاد الى اليمن اما الباقي فانضم للواء ابو فضل العباس، ومن الفصائل البارزه ايضا كتيبه قمر بني هاشم الجواله. هؤلاء انشقوا عن لواء ابو فضل العباس وإعدادهم ليست كبيرة إلا أنهم يشكلون مؤازره للاعلام الموالي للاسد، من البارزين ايضا لواء اليوم الموعود وهو فصيل شيعي تابع للتيار الصدري في العراق وهم شاركوا في معارك القلمون. اما المد الشيعي في العراق كان له ابعاد سياسيه واقتصاديه واجتماعيه، فاتهم الحشد الشعبي في العراق بشن سلسله من الهجمات العنيفه ضد السنه لدرجه وصفت بالتطهير العرقي من قبل عده منظمات حقوقيه دوليه، ومن بينهم الامم المتحده وهيومان رايت واتش وهدمت المساجد بالمئات.
الميليشيات الشيعيه العراقيه بدات تظهر في العراق بعد العام 2003 في محافظه ديالا التي تقع على الحدود بين العراق وايران، وكانت مترابطه مع السلطات الحكوميه في العراق، وبعد العام 2014 كان تاسيس الحشد الشعبي بناء على فتوى صدرت عن المرجعيه الشيعي علي السيستاني لمواجهه تنظيم الدوله الاسلاميه، واصبح الشعبي الغطاء الرسمي والقانوني للميليشات العراقيه التي زادت اعدادها والتي وصلت الى اكثر من 40 ميليشيا. من ابرز الميليشيات العراقية التي اتهمت بارتكاب جرائم قتل كانت عصائب اهل الحق التي انشقت عن التيار الصدري، والتي اعلنت ولائها لايران بشكل صريح، وتلقت الدعم المباشر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني كما حزب الله اللبناني، ومن ابرز الميليشيات ايضا منظمه بدر، كانت مسؤوله عن التحقيقات مع اسرى الجيش العراقي وهي متهمه بتصفيه الكوادر والشخصيات العراقيه البارزه كالعلماء والاطباء العسكريين، وهي من اكبر الداعمين لنظام بشار الاسد في سوريا.
ومن الميليشات البارزه ايضا سرايا السلام وهو الاسم الجديد لجيش المهدي والجناح المسلح للتيار الصدري بقياده مقتدى الصدر، كما برز حزب الله العراقي وهو مجموعه مسلحه عراقيه اخذ طابعا مستقلا في العام 2010 بقياده واثق البطاط وكان يعتبر جيشه امتدادا لحزب الله في العراق، وغيرهم الكثير في البحرين فلقد اتهمت السلطات البحرينيه ايران بدعم شيعه البحرين والهدف زعزعة النظام البحريني، وتحاول البحرين الرد على التدخل الايراني بالتعاون مع الدول العربيه المجاوره كالسعوديه والامارات ومصر، فكان الرد الايراني على الدعم الخليجي للبحرين بالتخطيط لقتل السفير السعودي في واشنطن سنه 2011 ومضاعفة دعمها للمقاتلين البحرنيين من الشيعه وانشات لهم معسكرات تدريب في إيران والعراق تحت رعاية وحدات الحشد الشعبي العراقي.
أما قصة لبنان مع سياسة الفستق كانت الأطول والأصعب على الإطلاق، ذلك ان لبنان هو المناره والحضاره والحريه والانفتاح على مر تاريخه وهو التعدديه الثقافيه الاجمل في الشرق، هو الفن والشعر والادب، هو التألق والمجد بكل بساطه، هو المذكور بالانجيل 77 مره، هو وقف الله هكذا قال الله لموسى، لم يعتد الخنوع ولا الخضوع لسياسات من هنا واطماع من هناك يصبو إليها أخوت مجنون هوسه في هذه الحياة ممارسة سياسة الفستق.