رابط فيدية تعليق للصحافي مروان الأمين من “موقع البديل” تحت عنوان: ما هو مصير سلاح حزب الله بعد الحرب الإيرانية؟
نظام الملالي فوق أطلاله مروان الأمين/نداء الوطن/26 حزيران/2025
في تطوّر مفصليّ على صعيد الصراع الإقليميّ، شكّلت الضربة الأميركية التي استهدفت المشروع النووي الإيرانيّ نقطة انعطاف حاسمة في الحرب التي أطلقتها إسرائيل ضد إيران. الضربة الأميركية حقّقت الهدف المعلن من جانب تل أبيب: القضاء على القدرات النووية الإيرانية. وهو إنجاز لم يكن ليتحقّق لولا التدخّل العسكري الأميركي المباشر.
وفي أعقاب العملية، أطلّ الرئيس ترامب بخطابٍ أعلن فيه تدمير البنية التحتية للمشروع النووي، وأنّ الوقت قد حان لوقف الأعمال الحربية. تلاه موقف إسرائيلي جاء منسجمًا تمامًا مع طرح ترامب. بذلك، تكون كلّ من واشنطن وتل أبيب قد ألقتا الكرة في الملعب الإيراني، واضعتين طهران أمام مفترق طرق حاسم. كان الجميع ينتظر ردّة الفعل الإيرانية كونها العامل الحاسم في رسم ملامح المرحلة المقبلة.
غير أنّ ما أقدمت عليه إيران كان ردًّا رمزيًا ومنسّقًا مسبقًا، أتاح لها حفظ ماء الوجه. وجاء تصريح الرئيس ترامب الذي شكر فيه طهران على “إبلاغهم المسبق” بطبيعة الرد، ليؤكد أن الردّ الإيراني كان على درجة عالية من التنسيق، وأتى كاستجابة للمبادرة الأميركية، ما فتح الباب أمام التهدئة والوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
مع انقشاع دخان الحرب، تبدو إيران اليوم في موقع بالغ الهشاشة، سياسيًا وعسكريًا واستراتيجيًا. فقد خسرت طهران الجزء الأكبر من نفوذها الإقليمي الذي كانت ترتكز عليه لتثبيت حضورها كلاعب مؤثر في ملفات الشرق الأوسط.ففي قطاع غزة، تبدو حركة “حماس” شبه منهارة، ولم يتبقَّ منها سوى جيوب عسكرية محدودة، ويبدو أنّ دورها المتبقّي محصور بإمساكها ببعض الرهائن الإسرائيليين. وفي اليمن، تلقّى الحوثيون ضربات موجعة، سواء من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل، ما أضعف فعاليّتهم العسكرية. المشهد ذاته يتكرّر في العراق، حيث تجد الميليشيات الموالية لإيران نفسها محاصرة وتفتقر لأي تأثير فعلي في المشهد العام. أما الضربة الكبرى فكانت في لبنان. “حزب اللّه”، الذراع الأقوى لطهران، والركيزة الأمامية لوجودها على الحدود الإسرائيلية، خرج من الحرب الأخيرة مثخنًا بالجراح، بعد أن مُني بخسائر غير مسبوقة أفقدته قدرته على المبادرة.
وجاء سقوط بشار الأسد، ليشكّل ضربة قاصمة لهذا الحليف المركزي، ويقطع شريان الدعم الرئيسي الذي كان يتنفس من خلاله. في السياق ذاته، جاءت الحرب الإسرائيلية على إيران، والضربة الأميركية التي استهدفت برنامجها النووي لتضع نهاية فعلية لهذا المشروع الذي لطالما شكّل مصدر قلق إقليمي ودولي، وعاملًا محوريًا في استراتيجية الردع الإيرانية. وبهذا، تفقد طهران إحدى أهم أوراق قوتها.
الخسارة لم تقتصر على نفوذها في المنطقة ومشروعها النووي، بل طالت الحرب الإسرائيلية مشروع إيران البالستي، الذي تعرّض لخسائر جسيمة شملت البنى التحتية من مصانع ومخازن، ومنصات الإطلاق، ما أفقده جزءًا كبيرًا من قدرته العملياتية.
لكن الأخطر من كل ذلك، هو ما طال هيبة النظام الإيراني نفسه. فاغتيال عدد كبير من القادة العسكريين والأمنيين البارزين سيهزّ تماسك النظام، ويفتح الباب واسعًا أمام احتمالات صراع داخلي بين مراكز القوى في بنية السلطة. وفي هذا السياق، تعود الأنظار مجددًا إلى الحركات الشعبية والمعارضة الإيرانية، التي سبق أن أظهرت حضورًا وازنًا في محطات تاريخية مفصلية، من الثورة الخضراء إلى انتفاضة النساء. اليوم، وبعد أن انتهت تقريبًا أوراق إيران الخارجية وسقط المشروع النووي، يصبح الداخل الإيراني مرشحًا لأن يكون ساحة الصراع الأبرز في المرحلة المقبلة. نظام ضعيف، ومعارضة كامنة، ومجتمع يغلي… معادلة تضع مستقبل الجمهورية الإسلامية على المحكّ.