رابط فيديو مقابلة مهمة للغاية مع الكاتب والناشط د. حارث سليمان يقرأ من خلالها في زقاقية مسيرات الموتسيكلات قائلاً: هؤلاء ليسوا شيعة بل رعاع والبعض قال لي منستحي بعد اللي صار نقول عن حالنا شيعة/قراءة وطنية وجريئة في هرطقات وعنتريات وخزعبلات حزب الله وأمل في الجنوب وبيروت، آلية تأليف الحكومة، ضرورة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وفي خطورة وكارثية اعطاء بري وزارة المالية/مقالة لسليمان عنوانها: كنبة كانت شجرة
رابط فيديو مقابلة مهمة للغاية من محطة “ال بي سي” مع الكاتب والناشط د. حارث سليمان يقرأ من خلالها في زقاقية مسيرات الموتسيكلات قائلاً: هؤلاء ليسوا شيعة بل رعاع والبعض قال لي منستحي بعد اللي صار نقول عن حالنا شيعة/قراءة وطنية وجريئة في هرطقات وعنتريات وخزعبلات حزب الله وأمل في الجنوب وبيروت، آلية تأليف الحكومة، ضرورة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار، وفي خطورة وكارثية اعطاء بري وزارة المالية.
حارث سليمان: هؤلاء ليسوا شيعة بل رعاع! جنوبية/28 كانون الثاني/2025 عد المسيرة السيارة لعدد من مناصري حركة أمل وحزب الله منذ يومين في شوارع بيروت والتي اثارت استفزاز في المنطقة، رأى الباحث السياسي حارث سليمان اننا “نعرف من ارسل هؤلاء ومن ارسلهم اجهزة تابعة لشخص محدد في حركة “أمل” وشخص محدد في “حزب الله””. واضاف هلال لقاء تلفزيوني، “اتصل بي عشرات الاشخاص من عائلات شيعية محترمة تقول اننا بتنا نخجل ان نقول عن أنفسنا اننا شيعة”. وتابع متسائلاً: “ماذا يعني ان ترسل رعاع الى احياء بيروت لتهتف “شيعة شيعة”؟ ما الهدف من هذا التحرك”؟ واستكمل “قولهم هذا يثير اشمئزاز الناس وقرفهم، خاصةً وان المسيرة اثارت لا اشمئزاز السنة والمسيحيين انما الشيعة الذين باتوا يخجلون من القول انهم شيعة”.وختم، ةنحن شيعة ولكن لسنا مثل هؤلاء فهؤلاء ليسوا شيعة بل رعاع”!
كنبة كانت شجرة حارث سليمان/المدن/28 كانون الثاني/2025
تأسست تجربة الكفاح الشعبي المسلح كفعل ثوري تقوم به طليعة شعبية بعمل مسلح في مواجهة جيش احتلال اجنبي. وحفل القرن الماضي بعشرات التجارب التي خاضتها شعوب العالم في مواجهة محتليها.
في تجارب الشعوب وحركات التحرر الوطني على مستوى العالم، كانت التجربة رائدة في الصين ويوغوسلافيا وفرنسا وألبانيا خلال الحرب العالمية الثانية، ثم تكررت في الجزائر وفييتنام وبوليفيا ونيكاراغوا وأميركا اللاتينية في النصف الثاني من القرن الفائت، وتزامنت مع ذلك ثورة فلسطين وانطلاقة حركة فتح سنة 1965، والمؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا بقيادة نلسون مانديلا.
لم يكن حزب الله مقاومة من مقاومات هذا العالم وقتها، ولم يكن يوجد مقاومة في لبنان أيضاً، فالقتال الشعبي لإسرائيل من لبنان وعلى أرض لبنان تأسس منذ قيام إسرائيل عبر جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي، وهو جيش من المتطوعين شارك في حرب فلسطين سنة 1848.
المقاومة الفلسطينية
ثم قامت تجارب أخرى عديدة، مترامية الامتداد في الزمان والانتماء، كانت أهمها انخراط الآلاف من اللبنانيين في صفوف المقاومة الفلسطينية، من خليل الجمل الذي استشهد على الجبهة الأردنية، إلى عشرات الشهداء، الأموات والأحياء، على أرض الجنوب اللبناني، من مختلف المناطق والجهات اللبنانية، خصوصاً في الاجتياح الإسرائيلي سنة 1978 بعد عملية سافوي التي اقتحمت ساحل تل أبيب، بقيادة دلال المغربي. وعندما وقع عدوان حزيران 1982 تجسدت بطولة المدافعين عن الجنوب، لبنانيين وفلسطينيين، في قلعة شقيف أرنون وتلة مسعود ومخيم الأشبال في صيدا وفي محاور ميمس والخلوات وعين عطا على سفوح جبل الشيخ، كما في خلدة ومعبر المتحف وخط مطار بيروت. تلك كانت مقاومة لا تبغي لا منة ولا شكرا.
المواجهات تلك كانت أساساً لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، المستندة إلى بيان إطلاقها من منزل كمال جنبلاط، بقيادة جورج حاوي ومحسن ابراهيم.
في سنة 1967 بعد احتلال إسرائيل للقدس والضفة الغربية، أعلن جيش الاحتلال وقف حظر التجوال في المناطق المحتلة بعد أقل من شهر من الحرب، أما في بيروت فقد أضطر جيش الاحتلال أن ينادي بمكبرات الصوت “يا أهالي بيروت لا تطلقوا النار علينا، نحن ننسحب من مدينتكم” بعد أيام ثلاثة فقط من دخولها.
كانت تلك مقاومة ايضاً ومن دون أل التعريف الحصرية! ولم يكن حزب الله قد ظهر إلى الوجود والواقع.
جبهة المقاومة الوطنية
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية استمرت بعملياتها توجه ضرباتها لجيش الاحتلال مرحلة إثر أخرى، حتى أجبرته على الانسحاب من الدامور وصيدا وصور والنبطية والشوف وإقليم الخروب والبقاع الغربي إلى الشريط الحدودي سنة 1985.
تلك كانت مقاومة اشتركت فيها كل فعاليات شعبنا وقواه الحزبية والوطنية، ولم تدَّعِ عصمة ولا ميزة أو خصوصية، وصانعوها كانوا أناساً عاديين، لا قديسين بينهم، ولم يروا في أفعالهم إلا واجباً يؤدى.
حزب الله كان مقاومة مثل كل هؤلاء، حين أسهم بتحرير آخر قسم من أراضي لبنان المحتلة، مستمراً في صراعه لعقدين من الزمن. وتم تتويج مقاومته هذه، بانسحاب إسرائيل حتى الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة تنفيذاً لقرار مجلس الأمن رقم 425.
منذ تلك اللحظة فقدت المقاومة عنصرين اثنين من عناصر مشروعيتها؛ الأول تنفيذ القرارين الدوليين 425 و426 وإعلان الأمم المتحدة تنفيذهما بضمانتها. أما الثاني فهو إنهاء الاحتلال وإعلان لبنان يوم 25 أيار عيداً للتحرير والمقاومة.
ولعل المأزق اللبناني يندرج في هذا العيد واسمه، فإذا كنا نحتفل بالمقاومة التي تواجه احتلالاً، فعلام الاحتفال بالتحرير طالما الاحتلال لا يزال قائما!؟ وإن كنا نحتفل بمقاومة الاحتلال، فعلام الاحتفال بالتحرير؟
التعايش مع التناقض
كان ممكنا التعايش مع هذا التناقض المفهومي واللغوي، لولا حرب تموز سنة 2006 التي أدت إلى إرساء القرار الدولي 1701 وانهت العمليات الحربية عبر الحدود الجنوبية، وإلى نشر الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية جنوب خط الليطاني، معتبراً أن أي وجود مسلح آخر، بما في ذلك سلاح حزب الله، هو خرق للقرار الدولي وانتهاك لمندرجاته، وبذلك فقدت مقاومة حزب الله عنصراً ثالثاً من مشروعيتها، وهو حقَّها في الاندماج في عموم الأهالي وانتشارها في القرى الموالية لها جنوب نهر الليطاني (لا تستعاد المشروعية إذا كان الانتشار سرياً).
اليوم، وبعد المقتلة التي تعرض لها شعب لبنان عامة وأبناء الطائفة الشيعية على وجه الخصوص، خلال حرب الإسناد التي أطلقها حزب الله وأصر عليها بعد طوفان الاقصى، هل تستمر صفة المقاومة متلازمة مع دور حزب الله وسلوكه؟
صحيح أن حزب الله كان مقاومة حتى سنة 2000، لكنه منذ ذلك الوقت، لم يعد كذلك، فسلاحه أصبح سلاحاً حزبياً يعمل في خدمة استراتيجية إيران. وإيران ليست فلسطين، وأولويات إيران ومصالحها، ليست أولويات شعب فلسطين ومصالحه، ومن يقاتل من أجل إيران، حتى لو اشتبك مع إسرائيل ليس مقاومة من أجل فلسطين…
المقاومة حتى تكون لبنانية، قضيتها الحرية، حرية المواطن وحرية الوطن، فهل تبنى حزب الله قضايا حقوق الإنسان اللبناني وحريته وحقه بالتظاهر والاحتجاج في مواجهة منظومة الفشل والفساد والارتهان للخارج، أم أنه أرسل شبيحته يهتفون “شيعة شيعة” لمواجهة انتفاضة 17 تشرين وحرق خيم اعتصامهم وضربهم، فيما أرسل برّي (رئيس مجلس النواب) شرطة مجلس النواب لفقء عيون المتظاهرين وترويعهم!
حزب الله والتناقضات
أما استراتيجية المقاومة وأسلوب عملها، فيعتمد توحيد الشعب وحشده في مواجهة العدو، وتجاوز وتخطي التناقضات الثانوية في جبهة الاصدقاء، من أجل تصعيد المواجهة مع جبهة الأعداء، فهل اعتمد حزب الله هذه الاستراتيجية؟ وماذا عن اليوم المجيد في 7 أيار 2008، وماذا عن الإدانات التي صدرت عن المحكمة الدولية بجرائم اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسائر الاغتيالات الأخرى الممتدة من مروان حمادة حتى لقمان سليم؟ هل هذه استراتيجية مقاومة أم فرق اغتيالات دموية؟
والمقاومة لا تستحق اسمها إلا إذا كانت قضيتها تتمتع بتفوق أخلاقي سلوكاً وممارسة، وسُمُواً قِيَمِياً عالياً، فهل ممارسة الجريمة المنظمة من التهريب الجمركي وتجارة الكابتاغون وتبييض الأموال واستباحة أموال الدعم من مصرف لبنان والتربح منها في مخازن سجاد، هي أعمال مقاومة تربك اسرائيل وتهزمها أم هي ممارسات مافيوية موصوفة؟
منذ سنة 2011 تحول حزب الله من حزب حدود دوره في داخل لبنان، إلى حزب يمارس القتال في دول الإقليم خدمة لإيران؛ إذا أرادت ايران دعم نظام الاستبداد في سوريا ذهب حزب الله، لدعم نظام الأسد الإبن الوارث ليتنصل من مساندة حماس وحزب الله، بعد معركة طوفان الأقصى. فهل كان من الحكمة أن تهرق قيادة حزب الله دماء ومهج ضحايا وصلت أعدادهم إلى خمسة آلاف شاب وعشرة آلاف جريح، من أجل بشار الأسد الذي هرب في جناح الليل؛ يا حرام على أرواح وتضحيات ذهبت فعلاً سدى!
وإذا أرادت إيران أن تستثمر في فتنة سنية شيعية في العراق، ذهب حزب الله للاشتراك بهذه الفتنة، وإذا حدثت ثورة في اليمن ضد علي عبدالله صالح الديكتاتور الدموي الفاسد، ذهب حزب الله ليساند الأقلية الحوثية، وليستعمل اليمن كمنصة إطلاق صواريخ لقصف مكة والرياض. هل هذه الأعمال التي قام بها حزب الله في الحروب الأهلية في سوريا والعراق واليمن، هي أعمال مقاومة؟ لا أعتقد ذلك والتاريخ ينفي ذلك! وهل طريق القدس تمر في حلب والزبداني ومضايا؟ وهل جرائم الحرب الموصوفة التي ارتكبت هي أعمال مقاومة؟
وهل تنسيق القمع والاعتقال مع المخابرات الجوية وفرع فلسطين في مواجهة الثورة السورية وصولاً إلى مسلخ العار في صيدنايا، أعمال تتقبلها قيم المقاومة.
الشهداء ومنطق حزب الله
لا أعتقد ذلك، المقاومة بعيدة كل البعد عن ما فعله حزب الله منذ 2006 وحتى الآن.
أما قضية الشهداء الذين حين يفلس منطق حزب الله، ترفعونهم في وجه أية حجة، وتعتقدون أنها طريقة مناسبة لإسكات أي نقد أو نقاش. والسؤال البديهي هنا: من فَرَّط بهؤلاء الشهداء وأهرق دماءهم الزكية؟ فشتان بين من نصح بعدم القيام بحرب الإسناد، وبين من أصر عليها. وفارق جلي بين من بدد تضحياتهم واستباح حيواتهم من دون جدوى، وبين من نصح بالاستجابة للوساطة الدولية والتوصل إلى حل ديبلوماسي وسلمي، وبين من صم أذنيه عن كل نصيحة واعتقد نفسه مخطئاً أنه يستطيع ردع إسرائيل وتدميرها خلال دقائق! والبداهة تقضي بأن نسأل من يتوجب عليه تحمل المسؤولية؟
أرواح الشهداء الشجعان وتضحياتهم ليست رصيداً إيجابياً يسجل في رصيد خيارات حزب الله وقياداته، بل هو دَيْنٌ في رِقابِهم يجب أن يساءلوا عنه ويحاسبوا عن إضاعة نفوس في حرب لا فائدة منها وكان يمكن تلافيها.
أما شروط ممارسة المقاومة، فهي يقظة ثورية تحاذر الأفخاخ والكمائن والخديعة التي ينصبها العدو، ولا تُسَلِّم أمرها لمغفلين يتاجرون مع مخابرات إسرائيل في الموساد، فيشترون منها البيجرات وأجهزة الاتصال لتنفجر في عيون الجرحى وأصابعهم، فتخرج آلافاً منهم من المعركة بلحظة واحدة! فمن فرط بعيون هؤلاء غير قيادة حزب الله وإيران؟
وهل دماء الشهداء أُهرقت لحماية فساد وزير يتعرض لعقوبات دولية بسبب تبييض الأموال، أو لحماية المنظومة السارقة؟ أليس أشد أنواع الظلم والمهانة أن يموت الشهداء من أجل أن يهنأ هؤلاء الفاسدون برغد عيش وبطر لا ينتهي. هزيمة هؤلاء هو خير مبادرة وفاء لدماء الشهداء.
إن قوة المقاومة وأي حركة مقاومة هو في أن قضيتها هي الحرية، حرية الوطن والمواطن. وهذا ما يجعل قضيتها عادلة، وتتمتع بتفوق أخلاقي لارتباطها بوطنها، وتدافع عن ناسها لتحميهم، وليس لتدفعهم للانتحار جنوباً من أجل استثمار تضحياتهم شمالاً…
وحده حزب الله حوّل المقاومة من وظيفة فقدت كل عناصر مشروعيتها وقوتها وضوابط سلوكياتها وأجندتها إلى اسم علم مقروناً بـ”أل” التعريف …
يحكى أن امرأة في قرية جنوبية امتلكت شجرة جوز في دارها، كانت تقطفها وتُموّن ثمارها، شاخت المرأة وشاخت الشجرة ويبست، أتى نجار القرية قطعها وصنع منها كنبة تستقبل المرأة زوارها عليها، يتنادمون ويتحادثون، الناس تسمي الكنبة باسمها “كنبة”، وحدها عجوز الدار لا تزال مصرة على الادعاء أنها شجرة جوز تجني ثمارها وتتمون منها، فيما يصيح الجمع من حولها يا “حجي أنها كنبة”.
أخيراً، لا فائدة من الطواف بالعلم الأصفر، لا على حدود فلسطين والخط الأزرق، كذريعة تقدم لنتنياهو لإطالة أمد الاحتلال، ولا في شوارع بيروت الأبية، كتعبير عن غلبة تستفز الشركاء في الوطن.