د. منى فياض/صوت لبنان: نعيم قاسم ومعنى النصر والهزيمة الذل والكرامة

52

نعيم قاسم ومعنى النصر والهزيمة الذل والكرامة
د. منى فياض/صوت لبنان/07 تشرين الثاني/2024
بينما كانت آلاف الأسر من بعلبك، تنتشر على الطرقات، مكسورة وخائفة في مشهد مخزي تسبب به تحذري من أدرعي، كان الشيخ نعيم قاسم يكرر، في اول خطاب له بعد تعيينه أميناً عاماً، هدف حربه على اسرائيل: انها من اجل العزة والكرامة. وبصفته قائد جنود الله، يتوعد بإستكمال الدفاع عن الأرض، والصمود لأيام وأسابيع وأشهر واكثر!! بعد ان كان يعد بالهجوم على اسرائيل لتحرير القدس. في الاثناء تتوسع اسرائيل وتستكمل التدمير الممنهج.
عيّن الحزب، في اليوم التالي للخطاب، رئيس وحدة الارتباط بديلا عن وفيق صفا، اي الناطق الرسمي باسم الحزب، لكن هويته ستظل سرية حفاظا على أمنه؟!!!
دخلوا حربهم الاسنادية دون استعداد، جاهلين ما يحضر له العدو. يعترفون انه يستعد للحرب منذ 2006؟ صح النوم!! كيف استطاع مفاجأتهم اذن وإيذاءهم بهذا الشكل؟ بما انشغلوا هم؟ بمحاربة أعداء الداخل وتخوينهم. فهل شيعة السفارة او عملاء 14 آذار هم من اشترى البايجر من الاسرائيليين؟ وهم من عرف بأمكنة قياداتهم؟
الشيخ نعيم قاسم كلف نبيه بري بالتفاوض عنهم. يعني رئيس مجلس النواب يعمل تحت ادارة حزب أوجدته ايران. لا وجود للدولة اللبنانية ولا للشعب في قاموسهم. مهمة الدولة دعم الحزب ومشاريعه دون شروط.
فإلى اين سيذهبون بالمليون و400 الف لبناني المهجرين قسراً. ولم يتوقف العد. أإلى قراهم المدمرة ام بيوتهم التي ترمدت؟
هل يتابع الشيخ نعيم قاسم حقا ما يجري على الارض؟ هل يخاطب حقا اللبنانيين؟
يفاخر بال 90 قتيلا و750 جريحا و38 دبابة و4 مسيرات قتيلاً!! ولا يلقي بالاً لما يقارب الثلاث آلاف قتيل؟ والجرحى الذين فاقوا ال 12 ألفاً!! معظمهم من شيعته وحزبه؟
هل يعرف انه قبل يوم من خطابه، وصل عدد الغارات، الى 138 غارة جوية، وصار مجموعها منذ حوالي الشهر 11،478.
الفرق بين فهمنا وفهمهم لألف باء الخسارة والربح
هم منتصرون بالطبع كالعادة. تختلف مفاهيمهم عن مفاهيم سائر اللبنانيين.
بالنسبة لحزب الله العقائدي، الديني والمذهبي، لا يرتبط النصر بتحقيق مكاسب ملموسة، ولا يبالي بالخسائر. يكفيه شعوره المعنوي أو العقائدي. هم منتصرون بمجرد بقائهم، حتى وإن كان هذا البقاء مهددًا أو على حساب الشعب ولبنان.
فللبقاء عندهم قيمة مطلقة، ونصرهم، ليس سوى فكرة أنهم لم يستسلموا للعدو أو للفكرة المضادة.
بينما يعرّف النصر عادة، بأنه تحقيق أهداف شعبية أو مجتمعية، مثل السلام، الاستقلال، العدالة، أو وحدة الجماعة. النصر قد يكون في تحقيق الأمن والاستقرار، خاصة إذا كان يساعد في بناء دولة قوية ومستقلة.
والخسارة، تكون بفقدان الحقوق، تدهور الأوضاع، أو الخضوع لتأثيرات خارجية تؤثر على استقلالية القرار. وهو ما حصل للبنان بفضلهم.
في حرب 2006 وما تلاها، لم تكن الخسارة اللبنانيين هزيمة عسكرية؛ بل كانت تدمير الوطن، فقدان الأرواح بالاغتيال، وانعدام الامن وانهيار الدولة.
تُربط التضحية في الوعي لديهم بالنصر والكرامة. لذلك، بغض النظر عن الخسائر البشرية والمادية.يعتبرون الصمود، حتى في ظروف شبه مستحيلة، رمزاً للكرامة. غزة محيت وهم منتصرون. لبنان على طريق غزة.
ليس النصر العسكري، انتصار في المعركة أو الحرب، حيث يتم فرض شروط المنتصر؛ لأن النجاح الحقيقي قد يكون في تحقيق أهداف السلام والاستقرار دون اللجوء للحروب.
المعادلة بين البقاء والسيادة:
فإذا اعتبرنا أن مجرد البقاء هو مقاومة، انه واقع الأمر، “بقاءً من أجل البقاء” فقط، أي دون هدف حقيقي يخدم الشعب.
لذلك، نجد أن التمسك بمفهوم المقاومة أو النصر بغض النظر عن الخسائر لا يخدم الشعب، بل يساهم في تآكل المجتمع ككل. وهذا ما وصلنا اليه.
السيادة ليست مجرد كلمة، بل هي القدرة على صنع القرار دون تدخل خارجي. إذا كانت الأطراف الداخلية مستنزفة إلى درجة الاعتماد على الدعم أو التدخل الأجنبي، فإن هذه السيادة تصبح مجرد واجهة، لأن القدرة الفعلية على اتخاذ القرار تكون معدومة.
وفي هذه الحال، يفقد الشعب الأمل في القدرة على العيش بكرامة وأمان، ويفقد تدريجياً ارتباطه بالمشروع الوطني. في هذه الحالة، لا تظل السيادة مجرد استقلال سياسي، بل تصبح مرتبطة بقدرة الشعب على بناء حياة مستقرة ومستدامة. وهو الأمر المشكوك فيه.
وإذا عدنا الى “صان تزو”، مؤلف كتاب فن الحرب، نجد ان الهزيمة لا تتعلق فقط بخسارة المعركة، بل هي نتيجة مباشرة لسوء التخطيط، وعدم معرفة الذات أو العدو، أو عدم قراءة الظروف بشكل صحيح. والحزب هو المثال الصارخ على ذلك. فالهزيمة بحسبه تأتي عندما يتم تجاهل التفاصيل أو التقليل من شأن العدو.
ففي الثقافة الآسيوية، النصر الحقيقي هو الذي يحقق أهدافًا طويلة الأمد، ويجنب البلاد الدمار. لذا، يعتبر تحقيق الأهداف الإستراتيجية بشكل مستدام، دون استنزاف الموارد أو التضحية بالحياة البشرية دون داعٍ، نصرًا.
والهزيمة، بالمقابل، ليست فقط خسارة معركة بل فشل في بناء قوة أو مصلحة مستدامة.
البراعة تكمن في تجنب النزاعات المكلفة. فالقائد البارع هو من يحقق أهدافه دون الدخول في صراعات مكلفة. بينما الهزيمة تعني تحقيق مكاسب قصيرة المدى ولكن بثمن غالٍ يُفقد الجيش قدرته على الاستمرار.
خلاصة
بالنسبة لمجتمع مثل لبنان، حيث التنوع والاختلاف جزء من الواقع اليومي، يمكن أن يكون النصر في تحقيق تعايش سلمي بين كل الأطياف. هنا، النصر قد يعني إيجاد طريقة للتواصل والتعاون حتى مع وجود اختلافات.