الرئيس المقبل في صفوف “اتفاقيات إبراهيم” مروان هندي/01 تشرين الثاني/2024
شهدت العقيدة العسكرية للجيش الإسرائيلي تحولًا جذريًا، حيث انتقلت من استراتيجية الحروب الخاطفة والسريعة ذات الخسائر المحدودة، إلى الحروب المتوسطة أو الطويلة الأمد، المستندة إلى نظرية “الصبر العسكري”. تتميز هذه النظرية بالخسائر المفتوحة ولكن بنتائج فعّالة ومستدامة، كما حصل ويحصل في غزة. تنطبق هذه الاستراتيجية العسكرية الجديدة على الأساليب المستخدمة في الحرب ضد حزب الله، مما يدل على قدرة الجيش الإسرائيلي على التكيف مع طبيعة حرب العصابات غير التقليدية. تأتي هذه الاستراتيجية العسكرية الجديدة بالتكافل والتضامن مع مجتمع إسرائيلي أصبح أكثر تقبلًا للتضحيات البشرية والمادية بعد “طوفان الأقصى”.
في المقلب الآخر، يتبنى حزب الله معادلة عسكرية عنوانها “إيلام العدو”، والتي ترتكز على الالتحام البري والصواريخ والطائرات المسيّرة. تعد هذه الاستراتيجية مشابهة لتلك التي اعتمدها الحزب خلال حرب تموز 2006، ولكن بظروف مختلفة تمامًا عن حرب 2024. وذلك على أمل أن يجلس الإسرائيليون على طاولة المفاوضات لوقف الحرب. علاوة على ذلك، لا يملك الحزب هذه المرة سوى القتال حتى الرمق الأخير، إذ إن الأمر يتعلق بالموت الذليل أو الموت المشرف.
بعد الإجهاز على حماس في غزة، تبدو إسرائيل مصممة على القضاء على الترسانة العسكرية للحزب من خلال استراتيجية “تفريغ المشط” و”الأرض المحروقة”، التي تهدف إلى تقويض وتجفيف قدراته العسكرية والقيادية والمالية وغيرها من عناصر القوة. كما تستهدف هذه الاستراتيجية قطع الممرات والمنافذ البرية والبحرية والجوية عن الحزب. الإمكانيات لتحقيق هذه الأهداف متوفرة، خصوصًا مع التفوق الشاسع في التكنولوجيا المتطورة جدًا وحرفية الاستخبارات المبهرة. في ظل هذا المشهد، يبدو أن القضاء على حزب الله هو مجرد مسألة وقت.
ما يحدث في لبنان ليس معزولًا عن خريطة الشرق الأوسط الجديد، التي تهدف إلى ازدهار المنطقة خالية من كل عناصر زعزعة الأمن والاستقرار الدوليين، والتي تمثلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأذرعها الإرهابية في المنطقة. حيث يمثل المرتكزان الأساسيان لازدهار المنطقة: الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، واستكمال حلقة التطبيع العربية الإسرائيلية عبر “اتفاقيات إبراهيم”. في السياق ذاته، رئيس جمهورية لبنان المقبل لا يمكن أن يكون خارج إطار الشرق الأوسط الجديد وقواعده ومستلزماته، وأمام الموازين الجديدة ستكون وظيفته الأساسية عقد اتفاقية سلام مع إسرائيل للانضمام إلى قافلة التطبيع الإبراهيمي.
(نقلاً عن موقع “Transparency News”)