المتغيرات الجيوسياسية الداهمة المرتقبة إيران لن ترد الآن قبل أن ترسي قاعدة الدفاع بمساعدة الروس، وقد تستغرق حوالي الأسبوعين، تداركا” للرد الإسرائيلي المؤكد والموضعي والمؤلم على ردها المحتمل
العميد الركن المتقاعد يعرب صخر/موقع أكس/06 آب/2024
لا ‘يفهم من قدوم شويغو سكرتير مجلس الأمن الروسي أمس إلى طهران، إلا أنه دفع روسي محموم لإيران لتحضير الأرضية الدفاعية عبر تزويدها بكافة التقنيات الروسية للدفاع الجوي والأرضي قبل أن تقدم على ردها على إسرائيل، لتكون جاهزة بالحد المقبول لتلقي الرد على الرد، أو للتهيؤ للرد الاستباقي الإسرائيلي المتوقع قبل ردها هي.
الجدير بالذكر أن روسيا تحاول جهدها منذ اندلاع ٧ أوكتوبر، جر أميركا لتغرق في مستنقع الشرق الأوسط كما هي غارقة في أوكرانيا كي تسخر أميركا قدراتها في المنطقة ويخف بالتالي تقديمها للمساعدات العسكرية والمليارية لأوكرانيا.
ومن هنا ندرك إصرار أميركا دوما” على إسرائيل أن لا توسع الجبهات منعا” لمخاطر حرب شاملة تضطرها للانخراط دفاعا” عن أمن إسرائيل وهي الإستراتيجية الثابتة المتعاقبة عند كل الإدارات الأميركية جمهورية كانت أم ديموقراطية.
كذلك العقيدة الأميركية لهذه الإدارة بالذات، وهي امتداد لعهد أوباما، أن تبقى منطقة الشرق تحكمها الثنائيات المتضادة (إيران والعرب ينشغلون ببعضهم لتحييد إسرائيل وتحقيق أمنها، وكلما قوي أحدهما تضعفه والعكس بالعكس)، وتتفرغ أميركا لاستراتيجيتها المكرسة منذ ٢٠٠٩ وهي الإحاطة بالصين المهدد الأول لأميركا في القيادة العالمية.
لكن في ظل الانهماك الأميركي بالانتخابات الرئاسية الوشيكة، وفترة الفراغ أو الغموض_الاستراتيجي
وضبابية توجهات السياسة الخارجية الأمريكية للمرحلة القريبة القادمة، تستشرس إسرائيل وتجتهد بظل ذلك مستغلة” خفة الضغط الأميركي، كي توسع جبهة الحرب وتمنع بالنار إمكانية حدوث طوفان أقصى آخر لبناني أو جولاني بدفع إيراني، لتسترد عقيدة التفوق وتضمن أمنها للسنوات والعقود القادمة، حيث فعلا” ٧ أكتوبر كاد أن يحطم وجودها.
ومن ذلك، نتوقع:
١- أميركا سوف تجتهد لإيجاد مخرجات تسووية ما تحافظ على ماء الوجه الإيراني الذي بددته الضربات الإسرائيلية الفاصلة وكسرت هيبتها المزعومة، وتضمن لإسرائيل تطبيق حزبللا للقرار الدولي١٧٠١ وتراجعه ١٥ كلم عن حدودها، وتكسير أجنحته في سوريا والعراق بموافقة ايرانية وتحجيم الحوثية في اليمن… لكن هل تنجح أميركا في ذلك؟ أشك!!
٢- لذلك؛ إيران لن ترد الآن قبل أن ترسي قاعدة الدفاع بمساعدة الروس، وقد تستغرق حوالي الأسبوعين، تداركا” للرد الإسرائيلي المؤكد والموضعي والمؤلم على ردها المحتمل.
٣- إسرائيل- وهنا الأهم- تشتهر بحروبها الوقائية والاستباقية، وقد شرحتها في مقال سابق (ضرب الخصم قبل أن يبني قوته ويصبح جاهزا” ومهيأ” للرد).. سوف نشهد في أي لحظة ضربها لمواقع الدفاع الجوي الإيرانية الموجودة بالمئات والتي تعتزم روسيا بناءها وتزويدها لإيران الآن وابرزها منظومات S400، فضلا” عن مواقع ومنصات إطلاق الصواريخ البالستية ومراكز إطلاق المسيرات والمطارات العسكرية ومواقع التخصيب النووي ومخازن الذخيرة واللوجستية والإمداد المختلفة….
٤- لسوف تضطر أميركا، وهاجسها أمن إسرائيل، أن تشغل منظوماتها وحاملات طائراتها وبوارجها ومدمراتها.. بكامل الجهوزية والاستعداد، والدخول وفق حساباتها هجوما” أو دفاعا”.
٥- لسوف يتحقق غرض روسيا لكن ليس بالقدر الذي تتوخاه لاغراق أميركا في الشرق الأوسط، لأن القصد الأميركي والإسرائيلي سوف يكون خاطفا” وموضعيا” وقاصما” بشكل يجبر حليفتها إيران على الجلوس إلى الطاولة لتحافظ على ما تبقى.
٦- لكن هل ستقف روسيا متفرجة؟ أم ستجتهد لإطالة أمد النزاع؟ لتحقيق رؤية وزير خارجيتها بما معناه: “الحرب الشاملة هي الطريق الوحيد لإعادة تركيب خريطة النفوذ في الشرق الأوسط”.
الأمور لا شك متجهة سلبيا”؛ بتنا نعرف كيف تبدأ، لكننا لن نعرف كيف ستنتهي.