إلى المعارضة المخطئة بقوّة! نبيل بومنصف/النهار/22 تموز/2024
لعلنا لا نخفي دهشة ان نتساءلنا عن جدوى اثارة قوى المعارضة لامتناع كتلتي الثنائي الشيعي “أمل” و”حزب الله” او تراجعهما عن لقاء وفد المعارضة الذي يجري لقاءات مع سائر الكتل النيابية في شأن المبادرة الرئاسية .
نقول جدوى وأكثر ليس لان المحسوم سلفا بان لقاءين شكليين بين المعارضة والثنائي الشيعي لن يفضي الى أي نتيجة ، وليس لان مبادرة تنزع من يد الثنائي ورئيس مجلس النواب ورقة التعطيل والتلاعب بالأصول والقفز فوق الدستور لن ترى النور اطلاقا ، بل لان المعارضة لم تقنعنا أساسا بجدوى الاستمرار في التعامل مع الثنائي الشيعي بالنهج السياسي والسلوكيات الشكلية إياها منذ استفحلت وانكشفت الأهداف الانقلابية لهذا الفريق ولم يعد يقيم اعتبارا بالحدود الدنيا لوجود كل الأفرقاء الاخرين ، خصوما كانوا ام مستقلين ، في البلد .
وتبعا لذلك ترانا ندهش فعلا لماذا تثار هذه الواقعة السطحية في سلوكيات فريق يستقوي او يتسلط او يظهر امتهانا لكل الأعراف والتقاليد كما يمتهن الدستور ما دامت المعارضة تدرك سلفا ان الدوافع الحقيقية لهذا النهج النمطي هو التعمد في المضي نحو كسرها وكسر كل من “يشد على مشدها” في مناهضة الاستئثار الذي يمارسه الثنائي الشيعي كرأس حربة لمحور الممانعة في لبنان؟
تمضي قوى المعارضة منذ السنة الأولى وتباعا للازمة الرئاسية في نهج مواجهة يعتمد كشف الثنائي المعطل والتركيز على مخالفاته الفادحة للدستور خصوصا في مسألة ابتداع أعراف الحوار وألاعيبه ومناوراته لإرغام كل الافرقاء السياسيين والكتل النيابية على التسليم صاغرين تحت وطأة التعطيل المتمادي وتغييب الرأس المسيحي للدولة عن الانقلاب المنهجي الجاري بقضم الدولة بالكامل وتفريغها من أي نفوذ خارج عن نفوذ المحور الممانع .
نجح هذا النهج بطبيعة الحال في بلورة كل الأهداف الخطيرة لمؤامرة ضرب الدستور والطائف وتعطيل الدولة ومن ثم إسلاس القياد ل”حزب الله” لاعلان حرب من طرفه الواحد ضد إسرائيل من دون ان يقيم ادنى اعتبار للسلطة الشرعية ولكل الواقع الميثاقي للبنان فاستدرج لبنان برمته الان الى اخطر مدارك حرب شاملة تقترب معالمها يوما بعد يوم .
ولكن نهج المعارضة هذا بات أمام ضرورة وحتمية تجاوز ما صار عقيما ولا نفع منه ، في ظل معطيات واقعية شرسة يتعين مواجهتها بغير أسلوب تقليدي . اخطر هذه المعطيات والتداعيات ان الفريق الواضع يده والفارض سيطرته والذي لا يقيم اعتبارا لاي وزن للآخرين ما دام يتحكم بقوة الترسانة المسلحة الذي يمتلكها ويتحكم عبرها بالداخل كما على الجبهة التي فتحها مع إسرائيل ، لم يعد يجد في أي شكليات تراعي الميثاقية اللبنانية الا علامات ضعف إضافية لدى خصومه من المعارضين لا اكثر ولا اقل وتاليا سيمضي في سياسة التفرد ومحاولات فرض أحاديته على المجتمع الدولي كما فعل مع الموفدين الغربيين وسواهم .
بهذا سترتكب المعارضة خطأ جسيما ، ولعلها فعلت ، كلما حاولت ردم الانشطار الذي يحدثه الثنائي الشيعي خشية منها من ان تتهم بالتصرف الطائفي . هذا الفريق المعطل لم يستشعر بنفسه مرة انه يتسبب بواقع فرز طائفي خطير ولم يأبه لهذا العامل اطلاقا ، فما معنى ضخه بمزيد من التسليم بمشيئته ؟ ولماذا لا تتم مقاطعته من جانب المعارضين تماما ، في الشكل كما في المضمون ما دامت النتيجة إياها في التواصل ان حصل والمقاطعة ان حصلت ، اقله لجعل عنوان المواجهة منسجمة مع حقيقة الانقلاب الذي لا يعالجه لقاء شكلي.