قد يكون تقرير “التلغراف”، حول سلاح حزب الله في مطار بيروت، مغلوطاً بكامله، لكن من ذا الذي يمنع “حزب الله” من ارتكاب ذلك بالفعل في أي منطقة لبنانية، بما فيها أرض المطار أو ما حولها؟، وماذا عن مخازن السلاح الأخرى التي تقصفها إسرائيل ؟
سارعت الدولة اللبنانية إلى نفي ما ورد في تقرير لصحيفة “التلغراف” البريطانية نَقل عن مصادر أن “حزب الله” يستخدم مطار رفيق الحريري الدولي لتخزين الأسلحة في معركته مع إسرائيل في جنوب لبنان.
وسارع وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية إلى نفي ما ورد في الصحيفة البريطانية، داعياً كل وسائل الإعلام والسفراء إلى جولة ميدانية في مرافق مطار بيروت.
وأعلن حمية عن تواصل قام به مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وذلك من أجل الادعاء قضائياً على “التلغراف” لأن “التقرير يشوّه صورة مطار بيروت”.
إنها تصرّفات ترقى إلى تصرّفات رجال الدولة، ولكن إذا كانت “التلغراف”، تمثّل “الشر المطلق” و”الغرب الإمبريالي”، وتضمر الشر للبنان ومطاره، ماذا عن مخازن الأسلحة والصواريخ التي لا نعرف أين هي مخبأة وكم حجمها وخطرها؟ ماذا عن مصنع الصواريخ الذي تفاخر به أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله في كلمته الأخيرة؟
هذا النوع من الأنشطة والمواقع العسكرية التي يتحدث عنها نصر الله ومسؤولو الحزب بشكل علني، كما لو كانت إنجازاً، ألا تشكّل برأي السيّد حمية خطراً على لبنان وناسه وعلى هيبة الدولة؟
منذ بداية الحرب الإسرائيلة على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ودخول “حزب الله” كجبهة مساندة لـ”حركة حماس”، وإسرائيل لا تتوانى عن استهداف مواقع عسكرية تابعة للحزب، في الجنوب والبقاع، وهي مواقع لا يُزرع فيها الورد والحبق بطبيعة الحال، بحيث لا يهمّ إسرائيل أن تستهدف حدائقَ بل مخازن للأسلحة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، بتاريخ 20 حزيران/ يونيو، شنَّ الجيش الإسرائيلي غارات على مخزنين للأسلحة تابعين لـ«حزب الله» في منطقتيْ حولا وتلوسة في جنوب لبنان، إضافة إلى منشآت عسكرية تابعة لـ«حزب الله» في مناطق ميس الجبل وعيترون ويارون في الجنوب.
وفي 24 نيسان/ أبريل، قصف الجيش الإسرائيلي 40 هدفاً في عيتا الشعب جنوب لبنان جميعها تابعة لحزب الله، شملت هذه الأهداف مخازن أسلحة وبنى تحتية للحزب.
في 26 آذار/ مارس استهدف الجيش الإسرائيلي مهبط طائرات ومباني ضمن مجمع عسكري تابع لحزب الله في منطقة زبود في جنوب لبنان كما نفذ غارات على مهبط ومنشآت عسكرية لوحدة جوية لحزب الله في منطقة تل وردين، إضافة إلى قصف مخازن أسلحة للحزب في حنين ومجمعاً عسكرياً في بيت ياحوم جنوب لبنان.
وفي 19 شباط هاجم الجيش الإسرائيلي مخازن أسلحة لـ”حزب الله” في الغازية جنوب لبنان.
وقبل الحرب عام 2020، تم استهداف موقع تابع لـ”حزب الله” في بلدة عين قانا الجنوبية، وفرض الحزب وقتها طوقاً أمنياً مشدداً، وتمت لفلفة الملف وطي الصفحة من دون توضيح ما حصل بالفعل، علماً أن كل التحليلات كانت تؤكد أن الانفجار الذي أدى إلى إصابات، استهدف مخرناً للسلاح.
دولة كاملة انتفضت لتثبت للعالم والسياح والمغتربين أن مطار بيروت آمن وأنه ليس واحداً من مخازن السلاح التابعة للحزب، دولة كاملة انتفضت من أجل السيادة ورفضاً لتدخل إعلام “الاستكبار العالمي” في شؤوننا، وطبعاً حتى لا تخسر ما بقي من الموسم السياحي الذي دمّرته حروب “حزب الله”، الحريص الآن على السيادة.
لكنّها دولة يصيبها نومٌ مفاجئ وعميق حين تقصف إسرائيل مخزناً أو مستودعاً تابعاً لـ”حزب الله” ويسقط فيه جرحى وقتلى. تسهل محاكمة “التلغراف”، ويستحيل طرح سؤال السيادة على الحزب ووزرائه، علماً أن وزير الأشغال العامة والنقل علي حميّة الغاضب من الجريدة البريطانية لتعريضها المطار للخطر، هو وزير تابع للحزب.
صحيفة “تلغراف” البريطانية نقلت معلومات مفادها أن “حزب الله” يقوم بتخزين “كميات هائلة من الأسلحة والصواريخ والمتفجرات الإيرانية في المطار المدني الرئيسي في بيروت”، بحسب مصادر من مطار بيروت.
قد يكون التقرير مغلوطاً بكامله، إنما في مطلق الأحوال، من ذا الذي يمنع “حزب الله” من ارتكاب ذلك بالفعل في أي منطقة لبنانية، بما فيها أرض المطار أو ما حولها؟.
في النهاية إنه طريق المطار الذي حين أزال بعض صور قاسم سليماني (قائد فيلق القدس الإيراني) عن لافتاته، رفع مكانها صور حسين عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني الذي قضى في حادث طائرة، وقبلهما كان “حزب الله” ملأ طريق المطار بصور الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاة مرفقة بعبارة “خوش أمديد”.