نبيل بومنصف/النهار: أين صار ملف هذا الشهيد وذاك وذاك في قضاء لبنان ودولته وعدالته؟ لعل الافضل تجاهل العارف والأفضل لسمير قصير انه الان “عين لا تقشع وقلب لا يوجع” تماما كحال الذين ارتاحوا من الثورات

44

أين صار ملف هذا الشهيد وذاك وذاك في قضاء لبنان ودولته وعدالته ؟ لعل الافضل تجاهل العارف والأفضل لسمير قصير انه الان “عين لا تقشع وقلب لا يوجع ” تماما كحال الذين ارتاحوا من الثورات !

حين الذكرى “قلب لا يوجع”
نبيل بومنصف/النهار/03 حزيران/2024
لا يكفي مرور 19 عاما على اغتيال سمير قصير لدفعنا الى الوهم بان ما نستحضره في 2 حزيران لن نكرره حرفيا بعد اشهر في 12 كانون الأول في الذكرى ال 19 لجبران تويني . معنى ذلك ان “التمايز” الذي كان قائما بين ثورة سمير قصير العابرة للحدود العربية ونزوعه الشديد الى تجسيدها في “الربيع العربي” ونزوع جبران تويني الى تجسيد ثورته الوطنية العابرة للطوائف أولا بالربيع اللبناني ، لن يقينا حسرة الوقوف اليوم امام السؤال المخيب : أين نحن من الثورتين سواء بسواء ؟
يصادف ان تحل ذكرى استشهاد سمير قصير والزلزال الشرق الاوسطي ينهي كل ملامح ما كان يعزى الى ربيع واعد يطلق تلك الديموقراطية في سائر انحاء دنيا العرب . حتى في ظل الأهوال التي تخلفها أشرس المواجهات العربية – الإسرائيلية منذ “طوفان الأقصى” ، اندثر تقريبا هذا البعد الذي يفترض ان يتمركز حول الهوية القومية للصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل ، فاذا بنا أولا امام “الدلالة” الحصرية للصراع بين الدولة اليهودية و”المحور الإيراني”. نأى الصراع بنفسه كما نأى العرب بأنفسهم عن اقحام العنصر “القومي” العربي في هذه الحرب الوجودية بفعل تمدد ايران وبسبب متغيرات شديدة الأذى والضرر على هوية الصراع ، بما يثير السؤال الملحاح ماذا تراها نخب تغييرية كمثل ما كان يجسده سمير قصير لتنظر الى مآل مواجهة وحرب كهذه الجارية الان ومن أي منظار وبأي توقعات لذاك التغيير الجذري الذي نادى به لتعميم “ربيع” لم يبق من شتاته الا الشتات ؟
ولعلنا لا نجلد الذات ان اعدنا سمير قصير ومن مثله ممن انخرطوا حتى الشهادة وأقل بقليل في الانتفاضة السيادية اللبنانية على النظام السوري أولا وأخيرا سبيلا الى تعميم الانتفاضة لاحقا نموذجا استقلاليا سياديا امام سائر المجتمعات العربية . انهارت سوريا برمتها انهيارا زلزاليا تاريخيا تحت وطأة حربها المتدحرجة ولم يقو ذلك على تغيير نظامها حتى الساعة . بل ان ذروة سخرية هذه المعادلة وهذا الكابوس “الاستراتيجي” تمثلت وتتمثل في عودة لا تصدق للعرب الى التطبيع مع النظام الاسدي وإعادته معززا مكرما الى مقعده في الجامعة العربية ومن ثم الشروع في إعادة فتح السفارات على الغارب كأن لا دمار لسوريا ولا نزوح لأكثر من نصف شعبها إلى بلدان الجوار والنصف الاخر هجر داخل سوريا ولا من يحزنون .
ولئلا نتعامى عن واقع اخطر يتصل باهل الانتفاضة والثورة السيادية الاستقلالية إياها قبل كل الاخرين ، ترانا لا ندري باي مفردات محدثة نستذكر نبضا جارفا أطلقته تلك الثورة ، في 14 اذار ، وأين صارت الان وصار “المؤمنون” بها والمبشرون باستحالة زوالها وانهيارها ما دام ثمة حق وراءه مطالب لا يموت . أين تلك النزعة “المقدسة” الى حريات وتحرر وسيادة واستقلال فيما نعيش استعبادا غير مسبوق على ايد لبنانية وشركاء لبنانيين وأوصياء لبنانيين أجهضوا الثورة والانتفاضة والتغيير وأهل الثورة والسيادة الى ضمور وتراجع وتقهقر وانعدام وزن؟
من هنا وهناك ، عربيا ولبنانيا ، ترانا امام قتامة خانقة لا يبددها تكاذب على الذات ما دامت ذكرى الشهداء الاستقلاليين تمر من دون التفات الى السؤال الأبسط من البساطة : أين صار ملف هذا الشهيد وذاك وذاك في قضاء لبنان ودولته وعدالته ؟ لعل الافضل تجاهل العارف والأفضل لسمير قصير انه الان “عين لا تقشع وقلب لا يوجع ” تماما كحال الذين ارتاحوا من الثورات !