رأى أن التوافق المسبق على رئيس تسلّط وإلغاء للآخرين
الطفيلي لـ«المستقبل»: «حزب الله» سيحمل إرث الكثير من الدماء في سوريا ولبنان
حاوره: علي الحسيني
المستقبل/21 شباط/16
حذّر الأمين العام السابق لـ»حزب الله» الشيخ صبحي الطفيلي من أن «حزب الله» الذي شارك في الفتنة السورية منذ بدايتها أي قبل ولادة التيارات المتشددة بسنوات تحت حجج وتبريرات متعددة ومتنوعة، سيحمل إرث الكثير من الدماء في سوريا ولبنان»، معتبراً أنه «حتّى الساعة يُمكن للحزب تجنّب الخسائر البرية المتزايدة في الحرب وتجنب تبعات الفتنة المذهبية على شيعة لبنان، من خلال إنسحابه من سوريا«، قبل أن يعود ويؤكد أن «قرار الإنسحاب هذا موجود في طهران التي تختلف حساباتها عن حسابات شيعة لبنان«.
ولفت في حديث إلى «المستقبل» إلى انه «اذا استمر النظام في طهران في سياسة القمع والتسلط وحجز الحريات والفساد، فإن الامور ذاهبة حتماً نحو انفجار ما قد يعيد مشهد سقوط الشاه»، وأكد أنه لم يكن يظن «ان البعض يُقّدم أهله وبلده طعمة للدول الكبرى لأن شعبه صرخ من الظلم وطلب بعض العدل». وتمنى «ان تُحوّل المساعدات التي كانت سترسلها السعودية إلى لبنان، للشعب السوري لكي يستطيع الدفاع عن نفسه».
وفي ما يلي نص الحوار:
[ هل تعتقدون أن الفرقاء اللبنانيين قادرون على انتخاب رئيس للجمهورية وتجاوز عقدة التوافق الخارجي؟
– يتنافس الزعماء اللبنانيون منذ قرون على خدمة الدول صاحبة النفوذ في المنطقة وخارجها، بهدف الاستقواء على اقرانهم المحليين. وبمفهوم الثقافة السياسية اللبنانية المعاصرة والقديمة، الزعيم العظيم والحاكم الفذ واللبناني الاول من يتحالف مع الشيطان ويغدر بأقرانه وأصدقائه وأعوانه فيثلم عيونهم ويمنعهم من الزواج والانجاب ويصادر املاكهم ويهدم بيوتهم ويقتلهم. هذه هي مدرسة زعماء لبنان الحديث والقديم، وما يشاهده اللبنانيون اليوم ليس اكثر من تكرار، مع تغيير بسيط في أسماء الأبناء والاحفاد الكرام.
لهذا رهنوا ارادتهم بإرادة الآخرين وخانوا المواطنين وسيبقى هذا حالهم، ولن يتمكنوا من انتخاب رئيس للبلاد بعيداً عن هذه المدرسة وبتقديري سيبقى البلد مشلولاً حتى نهاية الازمة في سوريا، وقد يستمر الشلل لأبعد من ذلك، حتى لو اتفقوا على رئيس.
[ كيف قرأتم معادلة السيد حسن نصرالله ضرورة التوافق المسبق على الجنرال ميشال عون رئيساً وإلا لا نصاب؟
– سياسة التوافق المسبق على الرئيس سياسة الخائف على مرشحه من عدم الوصول، والاصرار على التوافق المسبق على مرشح معين تسلط تعسفي والغاء لكل الآخرين والقبول بهكذا نوع من التوافق قبول بالإلغاء والتسلط.
[ ما هي قراءتكم للقرار الذي اصدرته المملكة العربية السعودية بإيقاف المساعدات العسكرية للجيش اللبناني؟
– في الحقيقة اتمنى ان تُحوّل المنحة التي كانت مُعدة لتسليح الجيش اللبناني الى تسليح الشعب السوري ليتمكن من الدفاع عن نفسه في مواجهة الغزو الروسي الاجرامي. كما اطالب كل الدول الاسلامية والمسلمين بأن يقدموا ما يستطيعون من السلاح والرجال للدفاع عن سوريا العزيزة وطرد الجيش الروسي منها.
[ هل تتوقعون استمرار «حزب الله« في سياسته الحالية في لبنان وسوريا في حال اصبحت المعارضة السورية جزءا من النظام؟
– هذا يختلف باختلاف حجم التغيير في النظام السوري وحجم تأثير حلفاء الحزب في سياسة النظام وان كنت اتوقع ان دمشق ستتحول تدريجياً لغير صالح الحزب مما سيضعف الحزب حتى داخل طائفته، وسيحمل ارث الكثير من الدماء التي سقطت في سوريا وفي لبنان، وسيكون لهذا التغيير بالغ الاثر على وجود الحزب فضلا عن سياسته الحاضرة .
[ لكن ثمة من يعتقد أن مشاركة «حزب الله« في الحرب السورية حمت لبنان من وصول التكفيريين الى جونية، هل اثبتت التجربة لا سيما الاوضاع الامنية في لبنان خلال الاعوام الماضية صحة هذا الرأي؟
– الحديث عن خطر التكفيريين فيه الكثير من التهويل والتضليل لاسباب كثيرة منها: ان الحزب شارك في الفتنة السورية منذ بدايتها أي قبل ولادة التيارات السنية المتشددة بسنوات، في حينها كان يبرر مشاركته في القتال في سوريا الى جانب النظام بحماية بعض القرى الشيعية او الاضرحة، ثم بعد ذلك بحماية نظام الممانعة، وبعد ان فقدت هذه التبريرات تأثيرها، حمل راية مواجهة الارهاب التكفيري واليوم بعد الدخول الروسي على خط القتال، تحول مع حلفائه الى فصيل صغير تابع للدب الروسي، ولم يبق لهم الا الموت وتدمير المنطقة خدمة لمشاريع الدول الكبرى. وما يثير الذهول فرح البعض وحديثه عن انتصاراته ببركة الغزو الروسي الصليبي لسوريا وقتله لكل شيء حتى للأطفال والنساء في المستشفيات.
أضاف «كان الحريّ بهذا البعض وبكل مسلم بل من واجبهم الدفاع عن الشعب السوري وقتال المحتل الروسي، لان المحتل محتل سواء كان اميركياً او روسياً او صهيونياً، في سوريا او في فلسطين او في اي مكان آخر من بلاد المسلمين«.
وتابع: «ما كنت اظن ان البعض يقدم اهله وبلده طعمة للدول الكبرى لان شعبه صرخ من الظلم وطلب بعض العدل. وليس في الدنيا مغفل فضلاً عن عاقل يمكن ان يصدق ان بوتين يحارب في سوريا حتى يثبت خط الممانعة فيها ، ويمنع سقوطها في حضن اسرائيل، ثم يودعنا لننعم بالخير«.
وأردف: «أيها المسلمون واجبكم الدفاع عن الشعب السوري، ومقاومة المحتل الروسي كما هو واجبكم في فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين . وحليف عدو الله الروسي في سوريا هو حليف عدو الله الصهيوني في فلسطين، اليست هذه بديهيات دين الله؟ ام ان هناك ديناً جديداً لم نسمع به يميز بين الاحتلالات، ويسمح بقتل اطفال المسلمين في سوريا واستباحة ارضها ويجب ان لا ننسى ان تنظيم الدولة الاسلامية ربيب حلف الممانعة ورضيعه خدم سياسته وسياسة الدول الكبرى وكان وبالاً على المعارضة السورية«.
[ بعد انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان، حصل انفتاح سني – شيعي في المنطقة نتيجة هذا الانتصار ثم عادت وتدهورت هذه العلاقة بعد تدخل الحزب في سوريا، برأيكم هل ممكن اعادة ترميم هذه العلاقة من جديد وكيف؟
– منذ قيام الجمهورية الاسلامية في ايران شهدت المنطقة فترات توتر مذهبي ملحوظ، لكن بعد تدخل مقاتلين شيعة من لبنان والعراق وايران في سوريا تحول التوتر الى فتنة خطيرة، وللخروج من هذه الفتنة على المقاتلين الشيعة الخروج فوراً من سوريا والوقوف الى جانب الشعب السوري المسلم الذي تسحقه آلة الحرب الروسية الصليبية.
وأوضح أنه «من المفيد معرفة أن المذهبيات، أو الفكر المذهبي ليس له ما يبرره في الاسلام ومن اراد ان يلتزم بحكم القرآن الكريم يجب ان يخرج من هذه المذهبيات ويلتزم بالاسلام دون زيادة او نقيصة احدثتها هذه المذهبيات، والقرآن الكريم يلزم المسلمين جميعاً ان يكونوا يداً واحدة تحكمهم نصوص القرآن الكريم.
[ برأيكم الى متى سيستمر «حزب الله« في الدفاع عن النظام السوري؟ وما هو مصيره في حال رحل الاسد ونظامه؟
– حتى تأتيه اوامر طهران بالانسحاب. ويمكن لتجنب الخسائر البرية المتزايدة في الحرب ولتجنب تبعات الفتنة المذهبية على شيعة لبنان، ان ينسحب الحزب من سوريا لكن كما هو معروف القرار في طهران، وحسابات طهران تختلف عن حسابات شيعة لبنان. ومن جهة اخرى فإن سياسة الحزب في السنوات الاخيرة ربطت بشكل غير منطقي بين مصير النظام السوري ومصير الحزب، وبات رحيل النظام السوري يشكل خطراً حقيقياً على استمرار الحزب في حين كان يمكن له ان يبقى منيعاً سواء بقي النظام او رحل.
[ هل تعتقدون ان سوريا ستعود الى ما قبل آذار 2011، ام أن سوريا الجديدة لا علاقة لها بسوريا القديمة؟ وهل ستتدخل الطائفة العلوية لمحاسبة الفاسدين الذين احتموا بها؟
– سوريا بعد سقوط اكثر من مليون قتيل، وبعد الدمار شبه الكامل لن تكون سوريا قبل آذار 2011، لا في السياسة ولا في غيرها، وطريقة التدخل الغربي تثير الرعب في المنطقة وقد تستنسخ نظام الفوضى العراقي في سوريا، لكن من الواضح ان نظام آل الاسد لن يبقى. ثانياً من المهم القول إنه وقبل التدخل الروسي كانت المعنويات في الحضيض، اليوم الوضع ليس بهذه الدرجة، لكن اصوات التغيير ما زالت موجودة، وبتقديري سيكون لها دور في فرض تعديلات على سياسة النظام.
[ بعد الكيماوي والبراميل المتفجرة واستخدام التجويع، وبعد مشاركة ميليشيات من لبنان والعراق فضلاً عن الطائرات الروسية للحؤول دون سقوط نظام الاسد، كيف ترون مستقبل الاوضاع في سوريا في ضوء الكر والفر بين المعارضة والنظام والمساعي الدولية لإنهاء الحرب السورية وآخرها جنيف3؟
– اثبتت الوقائع ان جنيف3 لم يكن للحل. والسياسة الاميركية في سوريا ما زالت سياسة تصعيد واشعال النار، بدليل التصعيد الروسي لدائرة العنف اثناء المفاوضات، والحديث عن حلف عسكري اسلامي يدخل سوريا للدفاع عن المعارضة. على اي حال هناك كلام عن حلول نأمل ان تكون صادقة لكن الوقائع تنذر بالشر.
[ هل ما زال النظام السوري مسيطراً على كامل سوريا كما يروّج الاعلام الحربي لـ»حزب الله«، ام ان هذا النظام انتهى الى غير رجعة؟
– سوريا ساحة حرب وجماعة النظام مثل كل الجماعات الاخرى، ولولا الدخول الروسي العنيف على خط المعارك لسُحق النظام وأعوانه، واذا استطاعت المعارضة التكيّف مع متغيرات المعركة وتمكنت من معالجة المتغير الروسي على الارض، وهو امر قد يحدث في اي لحظة، فسنشهد فصلاً مثيراً حقاً.
[ بعدما افشل النظام مؤتمر جنيف 3، الى اين تجنح الامور في سوريا؟
– الى مرحلة جديدة من عضّ الاصابع في الميدان.
[ كيف تنظرون الى مستقبل سوريا في ظل التدخل الروسي العسكري المباشر لصالح النظام، وهل بدأت فصائل الثورة تشعر بالهزيمة؟
– من الجيد هنا التذكير بأفغانستان التي تخوض حربها المستمرة منذ ثلاثة عقود ونصف مع السوفيات اولاً ومع الأميركان وأعوانهم ثانياً، ولم تركع بخلاف الآخرين، وسوريا ليست دون افغانستان، تستطيع ان تتعامل مع الغُزاة وتهزمهم بعون الله.
[ ما المطلوب عربياً لوضع حدّ للتدخلات الايرانية في الدول العربية ولإنقاذ اهالي الاحواز؟
– الضعيف يثير شهية الآخرين ويشجعهم على النيل منه والتدخل بشؤونه. وحتى نمنع الدول الكبرى من التدخل في شوؤن المنطقة، ونفرض على الدول الاقليمية احترام جيرانها، علينا ان نخرج من ضعفنا، واول خطوة في هذا الطريق هي ان نعمل لنوع من الفدرالية التي تجمعنا في كيان سياسي واحد مع حفظ خصوصية كل بلد، وكل كلام دون هذا عبث لا قيمة له ولا اثر.
[ هناك صراعات حقيقية بين المحافظين والاصلاحيين في ايران، هل يمكن ان تتحول هذه الصراعات الى ثورة على نسق ما شاهدنا في اكثر من دولة عربية؟
– اذا استمر النظام في طهران في سياسة القمع والتسلط وحجز الحريات والفساد، حتماً الامور ذاهبة نحو انفجار ما قد يعيد مشهد سقوط الشاه.
[ تبدو المنطقة على صفيح ساخن لصراع سني – شيعي لا سيما في اعقاب تدهور العلاقة بين طهران والرياض جراء الاعتداء على سفارة الاخيرة وقنصليتها في ايران.. هل من حلول تجنّب المنطقة انفجاراً مذهبياً لا يبقي ولا يذر؟
– الحلول معروفة لكن الرغبة غير موجودة والظاهر ان هناك من يرى من الحكام مصلحة أن تثبيت الانظمة لا يكون الا من خلال شد العصب المذهبي.
[ برأيكم هل أفاد التوقيع على الاتفاق النووي إيران؟
– حتما هناك فوائد اقتصادية وسياسية، لكن هناك ايضا خسائر سيادية.
[ لماذا لم تغير ايران سياستها في المنطقة العربية بعد هذا الاتفاق، وهل جرى تقاسم النفوذ معها في المنطقة؟
– ولماذا التغيير؟ التحالف بين ايران واميركا قديم بقدم التدخل الاميركي في افغانستان والعراق، والتوقيع على الاتفاق مجرد اعلان متأخر لزواج قديم.
[ هل تعتقدون ان قرار رفض ترشيح حفيد الخميني السيد حسن الخميني الى مجلس خبراء صيانة الدستور سيتم نقضه؟ وفي حال استمر في ترشيحه كيف ستكون تداعيات هذا القرار على الداخل الايراني؟
– رفض ترشيح السيد حسن الخميني لمجلس الخبراء خوف لا يبرره سوى الاحساس بالضعف وعدم الثقة بالنفس وهو نذير شؤم، آمل ان يستمر السيد حسن بالترشح، وآمل ان تخرج ايران من نفق الفساد والفتن المذهبية وان تكون عاملاً مفيداً تخدم وحدة المسلمين وقوتهم وآمل ان يلاقيها الاخرون في منتصف الطريق.