“خيارنا المواجهة بقرار موحد خلف الجيش والقوى الأمنية ولن نتنازل للإرهابيين عن أي شيء”. هل المتحدّث الحقيقي هو رئيس الحكومة “تمام سلام” أم الحزب الإرهابي الذي يتحكم بقرارات الحكومة ويسُوق اللبناننين الى الموت بالتقسيط تارة بإرهابه الشخصي وتارة باستجلابه الإرهاب الخارجي الى لبنان.
نقولها بأسف وحسرة، لا يزال لبنان يدفع ثمن دخول الحزب الى سوريا نُصرة للإمبراطورية الفارسية (مقطّعة الأوصال) وللعميل المزدوج لإيران وإسرائيل “بشار الأسد”. لا يزال بلدنا يدفع ثمن استدراج الحزب التنظيمات المقاتلة والمتقاتلة في سوريا الى لبنان وإقحام الجيش اللبناني في معركة ليست معركته لمساندته في معركة القلمون الثانية بعد تبخُّر الانتصار المزعوم والموهوم في الأولى من جهة ثانية… هذه المعركة التي لم تُحسَم منذ تفجرّها في 2/8/2014 ومن غير المعلوم كيف ولمصلحة مّن ستُحسَم. لن نطيل في شرح الأسباب والمسببات لما آل إليه حالنا اليوم، فعقارب الساعة لن تعود الى الوراء وقد بات الجيش في قلب المعركة وفي عين العاصفة وله في قبضة الجماعات الخاطفة من “داعش” و”النصرة” عددًا من العسكريين ذبحت منهم “داعش” اثنين وأعدمت “النصرة” واحدًا رميًا بالرصاص بعد عدم تجاوب الحكومة مع مطالب تحريرهم، والسكّين على الرقاب. مدار البحث النافع اليوم هو كيف ستنقذ الحكومة اللبنانية حياة جنودها الباقين في الأسر؟
كل المؤشرات تدل بما لا يقبل الشك أن من يُكبِّل أيدي الحكومة في عملية التفاوض هو “حزب الإرهاب المنظم” أما “المسكين” “تمام سلام” العاجز عن مصارحة الشعب اللبناني بالحقيقة فلم يجد أمامه سوى الكلام الدبلوماسي والإنشائي كالتعبير عن أن “قوة الحكومة في التفاوض هي في وحدة الشعب”، وتطمين أهالي العسكريين من أن الدولة تملك “أوراق ضغط في التفاوض مع الإرهابيين”، فيما الحقيقة أن لا أوراق “ضغط” ولا حتى “سُكّري” فلو كان ثمة أدنى توازن رعب بين الطرفين لما كان أقدَم الخاطفون على إعدام ثلاثة عسكريين؛ الحكومة ببساطة لا تملك قرارها فالحزب هو من يمنعها من التفاوض ويرفض أي بحث في مقايضة العسكريين ببعض المعتقلين الإسلاميين في السجون اللبنانية كما تطلب الجماعات الخاطفة… أما دليل “تحريم” المقايضة فقد وجده “سلام”: “المقايضة تمس بهيبة الدولة”!!
هيبة الحزب أم الدولة؟ وهل للدولة المحتلّة من هيبة؟! هل لدولة يسيطر حزب إرهابي تكفيري على كافة مفاصلها ويشارك في اجتماعات أجهزتها الأمنية أدنى هيبة؟ هل لدولة تدّعي مكافحة الإرهاب فيما هي تفرّق بين إرهاب وإرهاب وتسمح لحزب أن يستبيح حدودها لغزو بلد آخر مِن هيبة؟ هل لدولة يفرض عليها حزب ارهابي تأخير محاكمة معتقلين إسلاميين -منهم مرتكبون وأكثرهم مظلومون- مدة تزيد على 8 سنوات مِن هيبة؟ هل لدولة تصنّف العملاء استنسابيًا بين عميل بزيت يشدَّد حُكمه لتعامله مع إسرائيل دون تغطية من أحد أحزاب 8آذار، وعميل بسَمْن يُخفّف حكمه لتعامله مع إسرائيل بتغطية من 8آذار، و”عميل بقشطة” يُكرَّم ولا يُعترف بعمالته أصلاً لتعامله مع إيران والأسد، هل لهذه الدولة من هيبة؟ والأمثلة أكثر من أن تُحصى.
المقايضة هي الحل، نعم، المقايضة والتبادل، هذا ما تدعمه مواقف الحكومة وأفعال الحزب المهيمِن -وإن أعلنا رفضهم له- بدليل الآتي: لبنان في حالة حرب والمقايضة من مستلزمات الحروب؛ أليست الحكومة بناء على أوامر الحزب تدعي أنها في حرب على الإرهاب وتكافح الإرهاب التكفيري؟ ثم ألم يُقايِض الحزب نفسه في “حروبه” المسرحية الدعائية -التي لم تنطلِ علينا يومًا- مثل صفقة تموز 2008 التي كان الغرض منها محاولة محو آثار غزوات أيار الإرهابية وإعادة إظهاره بمظهر البطل القومي المقاوم لتثبيت دعائم الهلال الفارسي؟ فلماذا يُمنَع على الحكومة التفاوض والمقايضة لإنقاذ عسكرييها فيما يحق للحزب أن يفاوض إسرائيل بمعزل عن الحكومة ويتبادل معها الأسرى والمعتقلين؟ أم للحزب مآرب فتنوية يكتمها؟
نكرّرها، إذا كانت المقايضة تعيد لنا أسرانا فلتكن، وإلا فلا نجد مفرًا من القول إن من أقحم الجيش في أتون معركة القلمون -لا عرسال-، ومَن عرقل وعطّل جهود “هيئة العلماء المسلمين” في التفاوض وحاول قبل ذلك أثناء المعركة تصفية وفدها بكامله أثناء توجهه الى البلدة سعيًا الى وقف القتال، وإن من يمنع الحكومة اليوم من التفاوض الجدي ومن المقايضة… هذا الطرف المجرم ليس فقط سبب أسر الجنود اللبنانيين إنما هو أيضًا شريك في ذبحهم الواحد تلو الآخر وعن آخرهم (لا قدّر الله)، مع ما قد يستتبع ذلك من تهديد للسلم الأهلي بدأت معالمه الخطرة تظهر مع الخطف على الهوية التوعّد بالثأر والتحريض على أهالي عرسال وآل الحجيري… فهل يريد الحزب الإرهابي من مأساة العسكرين وذُيولها أن تكون حلقة جديدة يستخدمها في الجزء الثالث من مسلسل الإرهاب الفارسي لفرض رئيس فارسي للجمهورية؟